ولد الشاعر توجارا موزانين هامو في زامبيا لأبوين من موزمبيق عام 1975، وعاد إلي وطنه بعد سنوات ليُكمل تعليمه الأساسي. ودرس توجارا إدارة الأعمال في باريس وأكمل دراسته في هولندا، قبل أن يعود إلي زمبابوي مرة أخري، ليعمل صحفياً ويلتحق بمؤسسة لإنتاج الأفلام الأفريقية. وفي عام 2001، سافر إلي بريطانيا وبدأ تدريس الكتابة الإبداعية في جامعة مانشستر. ظهرت قصائد توجارا في عدة مجلات أدبية عالمية، ونشر ديوانه الأول »عرائس الروح» عام 2006، ووصل إلي القائمة القصيرة لجائزة شعر عالمية. ونشر ديوانه الثاني »شهر أكتوبر» عام 2014، وتبعه بديوانه الثالث »نسيج» في نهاية العام. ووصف النقادة شعره بالعذوبة والنزعة الغنائية، والقدرة علي رسم مشاهد خارجية دقيقة لعالم القصيدة، من أجل تصوير عمق الصراع الإنساني، علي المستويين الاجتماعي والنفسي. وعلي الرغم من إقامته لفترات طويلة في أوروبا، تسيطر المشاهد الريفية الإفريقية وحياة القرويين القاسية في زمبابوي علي قصائد توجارا، ويستخدمها في بلوّرة معني الشقاء الإنساني في مواجهة الطبيعة القاسية والقدر العنيد. يحكي –وخصوصاً في ديوانه الثاني- عن الجفاف والمواسم الزراعية وصعوبة الحياة في القري أو علي تخوم الغابة، ومدي ارتباط حياة النباتات والحيوانات والبشر بسقوط المطر. ولهذا السبب، سيطرت الدراما علي أشعاره، وتسرد كل قصيدة مشهداً من حياة رجال ونساء وأطفال من أعمار مُختلفة، في لحظة مواجهة مع الطبيعة أو القدر، التي تُنذر بالشر والموت والخراب والضياع مع كل لحظة. وغالباً ما تنتهي القصيدة بأن يتقبّل البطل مصيره، ويواصل حياته في إصرار بطوليّ. في قصيدة »موسيقي العمل»، يقدم لنا توجارا فلاّحاً أفريقياً يعمل في قطع الأعشاب بالمنجل، وهو يُفكر في زوجته النكدة واحتضار ابنه الوليد وانتظار وفاته كل صباح. لا يستسلم الرجل لعذاباته، ويقرر مواصلة العمل والإنصات إلي الموسيقي الناجمة عن حركة يده السريعة بالمنجل بين الأعشاب، ويستغرق في تلك النغمات هرباً من مرارة الواقع. وفي قصيدة »لوحة للماء المتدفق»، يقدم لنا توجارا صورة مشابهة عن الشقاء الإنساني، إذ يرسم لنا صورة رجل طاعن في السن يبحث عن عِجل صغير هارب. وكما يرفض الرجل الاستسلام في القصيدة السابقة، يرفض العجوز أن يتوقف عن مطاردة العِجل رغم وهنه الظاهر، كأنه يحاول اللحاق بما فاته من الزمن أو يطارد ذكرياته الضائعة في الوديان. »ويهمس الشباب لبعضهم البعض/ إن ذلك الظل العجوز المُحدودب لن يستسلم بسهولة، ولن ينسي». تتحول المشاهد الحياتية شديدة الواقعية في قصائد توجارا إلي ملاحم إنسانية خاصة وعميقة، كما تحيل القارئ بذكاء إلي عذابات شعوب أفريقيا في مواجهة الاستعمار علي مدي النصف الأول من القرن العشرين. يُظهر الشاعر قدرة الشعوب الأفريقية علي مواجهة المأساة بكبرياء، عندما يرصد جوانب هذا الصمود الجبار في مواجهة الغرب، ببساطة شديدة ودون التباكي علي تاريخ القمع والتمييز ضد أبناء جنسه من ذوي البشرة السمراء، سواء في أوطانهم أو في الأمريكتين، لدرجة أنه يصف ضربات السياط بأنها »ترنيمة سوداء»، وتعتبر الدم النازف »عصير الفاكهة المدارية». ويختلف توجارا في تناوله لتاريخ أفريقيا المأساوي عن شعراء الجيل السابق من مبدعي القارة السمراء، والذين تأثروا بالحقبة الاستعمارية علي نحو مُباشر، وغلبت علي أعمالهم النزعة البكائية، ويختلف كذلك عن أغلب أبناء جيله؛ الذين طرحوا قضايا التاريخ جانباً وحرصوا علي تناول قضايا اللحظة الراهنة فقط. وتنبع براعة توجارا في تناول تاريخ ذوي البشرة السوداء من قدرة في التعبير عن عمق المأساة، دون كلمات مأساوية أو مشاهد شديدة الدرامية. نري بين سطور قصائده رجالاً مهزومين، ولكنهم لايقبلون الهزيمة ولا يعرفون طعم الاستسلام. يتأملون في صمت وكبرياء، دون أن يتوقفوا عن ممارسة أدوارهم في الحياة.