رغم العمل بمنظومة الرقم القومي لتفادي حالات تشابه الأسماء بين المواطنين الأمر الذي يقود العديد من الأبرياء إلي السجن أو حرمانهم من بعض الوظائف حتي يتسني لهم إثبات الحقيقة وأنهم مظلومون وليس لهم ذنب في عملية التشابه، فإن هناك العديد من الأبرياء الذين مازال يطاردهم شبح السجن.. "آخرساعة" استطلعت آراء بعض خبراء الأمن والقانون لتوضيح أسباب هذه المشكلة وكيفية النجاة منها.. إلي التفاصيل. من أبرز شكاوي تشابه الأسماء التي عرفناها من واقع بعض الملفات الأمنية في وزارة الداخلية وفضلنا عدم نشر صور وأسماء أصحابها استجابة لرغبتهم، ورود شكوي من مواطن تفيد أن والدته محبوسة من عدة أيام علي ذمة عدد من الأحكام غير خاصة بها، بسبب تشابه الأسماء وبإجراء البحث وتكثيف التحريات بمعرفة ضباط تنفيذ الأحكام تم التوصل إلي أنه يوجد سيدة بنفس الاسم رباعياً وتقيم في نفس الشارع إلا أنها تركت السكن للهروب من الأحكام وتم تحديد سكنها الجديد وضبطها وعرضها علي النيابة وباقي النيابات الأخري وإخلاء سبيل والدة الشاكي وكان يصعب تصديق الشكوي لأنه نفس الاسم والعنوان لولا جدية ونشاط ضباط تنفيذ الأحكام بقطاع مصلحة الأمن العام استجابة لتوجيهات وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار بفحص كل الشكاوي بدقة وإعلاء قيم حقوق الإنسان. بينما وردت شكوي أخري من سيدة تفيد وجود تشابه بين اسمها وأخري رباعياً علي الحاسب الآلي بمناسبة الاستعلام عنها لترشحها لدرجة عليا وهذا الحكم منذ سنوات بالحبس في قضية آداب عامة، وأن البيانات في النيابة نفس الموجودة علي الحاسب الآلي، وتم تكليف ضباط تنفيذ الأحكام بتكثيف البحث وتبين عدم إقامة أحد بهذا الاسم إطلاقا سواء قبل الحكم أو بعده مما يدل علي أنه عنوان وهمي وأثناء استمرار البحث وتكثيف التحري بالمنطقة، تم تحديد السيدة المطلوبة وتبين أنها زوجة فنان مشهور وتم الاتصال به وحضر ومعه زوجته وقدم شهادة حديثة تفيد بالمعارضة وأن القضية تتمثل في دخول كازينو قمار في الفندق بدون ترخيص للمصريين وتم إثبات رقمها القومي علي الحاسب لعدم التشابه وحصلت الشاكية علي الدرجة العليا في منتهي السعادة قبل إحالتها للمعاش. مشكلة تشابه الأسماء تتكرر في المطارات ومنافذ الدخول إلي البلاد وأحياناً الشخص الذي يقف في المطار أكثر من مرة لتشابه اسمه مع آخر مطلوب أمنياً أو ممنوع من دخول أو مغادرة البلاد، يلجأ إلي إضافة اسم العائلة تفادياً لحالات التشابه. بدوره كشف مدير الإدارة العامة للمباحث الجنائية بمديرية أمن سوهاج اللواء خالد الشاذلي أن معظم من يقعون ضحايا لعملية تشابه الأسماء ويتم القبض عليهم ليست بسبب تعنت ضابط المباحث أو تنفيذ الأحكام ضدهم، ولا دخل لوزارة الداخلية بهذا الأمر لأن دورها تنفيذ القانون أو قرار النيابة، موضحاً أن معظم مشكلات تشابه الأسماء تكون في قضايا الجنح المباشرة، حيث يقوم المحامي برفع دعوي قضائية في محكمة الجنح، ويتم إدراج الاسم في الدعوي والعنوان فقط وهنا في حالة حصول الشاكي علي حكم يتم تسجيله رقم حصر في النيابة المختصة والنيابة ترسل كشفاً لقسم الشرطة التابع لعنوان المحكوم عليه، من هنا تضطر الشرطة إلي تنفيذ قرارات النيابة بضبط وإحضار الشخص المطلوب وقد يتم ضبط أكثر من شخص نظراً لتشابه أسمائهم ولا يستطع رجل الشرطة التأكد من الشخص الحقيقي حتي إذا تم الكشف علي اسم الأم أو الرقم القومي لأنه ليس مدرجاً في الدعوي سوي اسمه فقط، وبعد القبض علي الشخص المطلوب يتم عرضه علي النيابة وهو بدوره يقوم بعمل معارضة للحكم. ويقترح اللواء الشاذلي أن يتم سن تشريع قانوني يلزم الشاكي أو المحامي الذي يقوم برفع دعوي قضائية بإثبات الرقم القومي للمشكو في حقه في الدعوي وذلك في قضايا إيصالات الأمانة والشيكات علي وجه التحديد لأنها أكثر القضايا التي يكون فيها تشابه للأسماء، وهناك حالات كثيرة يتم القبض عليها في هذه القضايا وفي النهاية تحصل علي البراءة ويخلي سبيلها لأنهم ليسوا المطلوبين. فيما يقول اللواء معز الدين السبكي مدير الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام الأسبق والخبير الأمني، إن تلك الوقائع تتكرر باستمرار نظراً لصدور معظم الأحكام اعتماداً علي الاسم الثلاثي أو الرباعي، والتي غالبا ما تكون متكررة بشدة وحتي العناوين المذكورة والتي ينفذ عليها قرار الضبط، في كثير من الأحيان تكون متشابهة أيضا، وكما أن القائمين بتنفيذ الأحكام يعتمدون علي الاسم في المقام الأول دون العنوان، نظرا لأن بعض المتهمين يغيرون محل إقامتهم بعد صدور أحكام ضدهم. وأشار اللواء السبكي إلي أن الخطأ في المقام الأول يكون من المحكمة أو من النيابة العامة، إذ يجب أن تكون الأحكام الصادرة أو قرارات الضبط والإحضار مرتبطة بالرقم القومي للأشخاص، ما يقلل فرص ضبط شخص بريء، لكن ما يحدث عكس ذلك، موضحاً أنه في حالة ضبط شخص بدلا من أحد المتهمين يتم عرضه علي النيابة العامة وأثناء التحقيق يواجه النيابة بوضعه وأنه ليس المتهم المقصود، وبعد مراجعة بيانات المحضر الأصلية والتي يكون مذكورًا فيها بيانات المتهم الأصلي، ومقارنتها ببيانات الشخص المضبوط، سواء الرقم القومي، أو فارق السن بين المطلوب والمضبوط، وبعد ثبوت صدق كلامه تأمر النيابة في تلك الحالة بصرفه ويتسلم بعد ذلك مستندًا يستخدمه في محاولة استيقافه مرة أخري من قبل رجال الشرطة، ويجب علي الشخص ضحية "تشابه الأسماء" أن يتقدم بطلب لوزارة الداخلية لرفع اسمه من أجهزة الكشف "الكمبيوتر" وتبدأ تحقيقات جديدة في الواقعة وبناءً عليها وإذا ثبت أنه ليس علي صلة بالواقعة يتم رفع اسمه من كشوف المطلوبين. قانونياً، يقول رئيس محكمة النقض الأسبق المستشار عادل قورة، إن موضوع تشابه الأسماء مسألة متعلقة بالتحقق من الشخصية، والاسم هو السمة الرئيسية للشخصية وأعتقد أن الرقم القومي أصبح يحدد كثيراً من شخصية الإنسان مما يقلل بشكل كبير عمليات تشابه الأسماء، لكن معظم الحالات التي يتم ضبطها لتشابه اسمها غالباً لم يكن معهم بطاقات الرقم القومي وقت الاشتباه أو الاستيقاف في الأكمنة. ويضيف المستشار قورة: ومعظم الحالات التي يكون فيها تشابه هم من صدر بشأنهم أحكام غيابية لأن الاسم لم يكن مكتملا ولم يدرج فيها الرقم القومي للمتهم، لكن واجب إدارة تنفيذ الأحكام أن تتحقق من هوية الشخص وحقيقتها خلال المدة التي سمح بها القانون للتحري وهي 24 ساعة طبقاً لما ورد في قانون العقوبات الجنائية، لأنه في حالة الحبس وتبين أنه ليس الجاني فإن من حق الشخص رفع قضية تعويض علي وزير الداخلية بصفته ممثلاً للدولة. في السياق ذاته، يؤكد وزير العدل الأسبق المستشار محمد عبدالعزيز الجندي أن الرقم القومي هو الفيصل في حالات تشابه الأسماء، وإن لم يكن مدرجا الرقم القومي فإن تفاصيل وبيانات الحكم المطلوب تنفيذه هي الفيصل حيث يوجد بها الاسم والمهنة والسن التي يمكن مقارنتها مع الشخص الذي تم ضبطه وفي حال عدم مطابقتها فإنه يصبح بريئاً، لذلك لابد أن تكون إجراءات التحري سريعة في إدارة تنفيذ الأحكام عند ضبط المشتبه فيهم، وأن يكون لدي ضباط التنفيذ بيانات عن الحكم الجاري تنفيذه، وفي حالة عدم وجود تفاصيل الحكم فإن الضابط يطلبها خاصة وإذا تم ضبط المتهم في محافظة والحكم الصادر من دائرة محافظة أخري بعيدة عن مكان الضبط، حتي لا يتم الانتظار إلي أن يتم ترحيله لسرعة البت في أمره. ويوضح المستشار الجندي أن عملية الضبط في البداية عند الاشتباه لا تسمي »قبض» ولكن تسمي »تحفظ» لحين مطابقة الحكم عليه، لأن القبض يكون في حالات معينة إما التلبس أو بقرار من النيابة أو بحكم محكمة، ومراعاة لحقوق الإنسان ووفقاً للقانون أنه لابد من عرض المشتبه فيه علي النيابة المختصة الصادر منها الحكم خلال 24ساعة من الضبط، موضحاً أن هناك مقترحا مقدما حالياً في قانون الحبس الاحتياطي الجديد بأن يتم التعويض للشخص الذي تم ضبطه كمشتبه فيه عن فترة الحبس في حالة صدور حكم ببراءته من الواقعة.