أسوء ما قد يتعرض له أي شخص في هذا العالم هو أن يقع فريسة للظلم، والأسوء من ذلك أن يكون "اسمه" فقط هو السبب لذلك الظلم، لا لشئ إلا لأنه تشابه مع اسم شخص أخر، صادر ضده حكم قضائي بالحبس أو أمر من النائب العام بضبطه وإحضاره. كل ما عليك فعله حتى لا تتعرض للإهانة والحبس والظلم دون وجه حق هو أن تخطو قدماك داخل كمين أمني، أو تحاول استخراج فيش جنائي أو حتي بطاقة شخصية، وبعد الكشف عن بطاقتك تجد أنك محكوم عليك بعدة سنوات من السجن لا تعرف لماذا، أو أي جرم ارتكبت، تحاول جاهدا أن تثبت عكس ذلك لكنك كمن يحرث الماء، سيضيع كل مجهوده سدى، وإلي أن يتم اثبات أنك لست ذلك المجرم ستظل قيد الحبس. نرصد في هذا التقرير كل ما تريد أن تعرفه في حال وقعت ضحية ل"تشابه الأسماء" وكيفية التصرف حيال ذلك، كما نرصد أبرز الحالات التي وقع أصحابها ضحية أسمائهم. وعن وقائع تشابه الأسماء، يقول اللواء معز الدين السبكي مدير الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام سابقا، إن تلك الوقائع تتكرر باستمرار نظرا لصدور معظم الأحكام اعتمادا علي الاسم الثلاثي أو الرباعي، والتي غالبا ما تكون متكررة بشدة وحتي العناوين المذكورة والتي ينفذ عليها قرار الضبط، في كثير من الأحيان تكون متشابهة أيضا، وكما أن القائمين بتنفيذ الأحكام يعتمدون علي الاسم في المقام الأول دون العنوان، نظرا لأن بعض المتهمين يغيرون محل إقامتهم بعد صدور أحكام ضدهم. وأضاف "اللواء السبكي" أن الخطأ في المقام الأول يكون من المحكمة أو من النيابة العامة، إذ يجب أن تكون الأحكام الصادرة أو قرارات الضبط والإحضار مرتبطة بالرقم القومي للأشخاص، ما تتبدد معه فرص ضبط شخص برىء، لكن ما يحدث عكس ذلك. وأوضح مدير الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام السابق أنه في حالة ضبط شخص بدلا من أحد المتهمين يتم عرضه علي النيابة العامة وأثناء التحقيق يواجه النيابة بوضعه وأنه ليس المتهم المقصود، وبعد مراجعة بيانات المحضر الأصلية والتي يكون مذكورًا فيها بيانات المتهم الأصلي، ومقارنتها ببيانات الشخص المضبوط، سواء الرقم القومي، أو فارق السن بين المطلوب والمضبوط، وبعد ثبوت صدق كلامه تأمر النيابة في تلك الحالة بصرفه ويتسلم بعد ذلك مستندًا يستخدمه في محاولة استيقافه مرة أخري من قبل رجال الشرطة. وتابع اللواء السبكي أنه يجب علي الشخص ضحية "تشابه الأسماء" أن يتقدم بطلب لوزارة الداخلية لرفع اسمه من أجهزة الكشف "الكمبيوتر" وتبدأ تحقيقات جديدة في الواقعة وبناءً عليها وإذا ثبت أنه ليس علي صلة بالواقعة يتم رفع اسمه من كشوف المطلوبين. وأنهي اللواء معز الدين السبكي بأن بلاغات إيصالات الأمانة والشيكات ووقائع التبديد وقضايا السرقة هي أكثر ما يتسبب في أزمة تشابه الأسماء، لذلك يجب علي المبلغ في تلك الحالات أن يستخدم الرقم القومي في البلاغ لمنع اللبس الذي من الممكن أن يؤدي بشخص برىء إلي الحبس، وليساعد في ضبط المتهم الحقيقي مرتكب الجرم. أبرز وقائع تشابه الأسماء يقول "ع. أ"، صحفي، إنه تشابه اسمه مع شخص آخر كاد أن يوقعه في كم كبير من المشكلات لولا أنه استطاع الخروج منها بصعوبة، البداية حينما حاول الزميل استخراج فيش جنائي ليستخدمه في السفر خارجًا لدواعي العمل، ليفاجئ أنه صادر ضده حكم بالحبس 6 أشهر، بتهمة التشاجر مع آخرين، في خلاف علي ملكية شقة في منطقة الطالبية بالهرم. وأضاف أنه لم يحدث مثل ذلك الخلاف بينه وبين أي شخص إطلاقا، الغريب أن القضية مسجلة باسمه الرباعي، وفي مكان قريب من مكان سكنه، لكنه اتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بان طلب من النيابة العامة أن تكلف أجهزة البحث الجنائي بالتحري عن تشابه الأسماء في الواقعة، وبعدما وردت التحريات أكدت بالفعل أن الزميل الصحفي لا علاقة له بالواقعة من قريب أو من بعيد لكنه "تشابه أسماء". ومن أشهر وقائع تشابه الأسماء، والتي أثارت الرأي العام المصري في الفترة الماضية هي واقعة الطفل أحمد منصور قرني، البالغ فقط 4 سنوات، والذي فوجئ بأنه مطلوب لتنفيذ حكم قضائي بالسجن 28 عاما لاتهامه باختطاف 4 أفراد من محافظة الفيوم، وحرق مبنى المخابرات العامة، ومديرية الصحة بالمحافظة، وحرق عربة شرطة، وبعد التحري والبحث عن الخطأ الإجرائي، تبين من جديد أنه "تشابه الأسماء"، وثبت أن المتهم الحقيقي أحمد منصور قرني شرارة، 16 سنة هو المقصود بالحكم القضائي. العديد من الوقائع المماثلة تنتشر بطول مصر وعرضها، مثل "محمد. م"، طالب جامعي، والذي فوجئ بتوقيفه أعلي الكوبري الدائري من قبل كمين أمني وبالكشف عن بطاقته الشخصية ، تبين أنه مطلوب للتنفيذ حكم بالحبس، وألقي القبض عليه لتنفيذ الحكم الصادر ضد شخص آخر لتعاسة حظه يحمل نفس اسمه. شخصية مهمة أخري بالمجتمع المصري "رفض ذكر اسمه"، تعرض لمثل تلك الوقائع، بعدما حل نزيلا بأحد فنادق مدينة الإسكندرية، وبعدها غادر الفندق لقضاء بعض الأعمال الخاصة به، ليفاجئ بمدير الفندق يهاتفه، ويخبره بأن قوات من شرطة السياحة، حضرت للفندق للقبض عليه بتهمة إصدار شيك دون رصيد، علي الرغم من أنه لم يتعامل مع أي شخص بشيكات مطلقا، ليكتشف بعد عدة اتصالات بجهات أمنية مختلفة أنه وقع ضحية ل"تشابه الأسماء". ويقول صاحب الشخصية المرموقة، إن تلك الوقائع متكررة بشكل كبير، وأن حظه الجيد ساعده في أن يكون قد غادر الفندق قبل ضبطه، وإلا كان قد تعرض لإحراج كبير وسط مرتادي الفندق بحكم أنه شخصية معروفة، ويضيف أنه في حالة وجود خطأ مماثل، فإن مدة الإجراءات المطلوبة لإنهاء هذا الوضع المأساوي تتطلب عدة أيام قد لا يتحملها، خاصة إذا كان مريضا أو وضعه الصحي لا يحتمل، لذلك يجب أن تكون بيانات المطلوبين واضحة وكاملة لا تقبل اللبس أو الخلط.