مهما حاولتم التكفير عن خطيئتكم فى حق الوطن.. لن يغفر لكم التاريخ.. فمصائر الأوطان ليست عرضة للاستخفاف أو التهاون.. ولايليق أن تكون ملعباً للمكائد السياسية، أو تصدير المتنطعين للمشهد السياسى المصرى والحالمين والعابثين بوحدة الصف.. لن يجدى الآن أن يخرج المبشرون بابن تويتر البار د.«محمد البرادعى» ويعلنوا كفرهم به متصورين أن ذلك يعفيهم من تحميلهم المسئولية، وإيهامهم الناس بقدراته الافتراضية حتى أنه صدق نفسه! لا أدرى أى عقلية تلك التى تحكم رجلا صوروه قيمة وقامة، أن يتصور بضعة آلاف من الرسائل الإلكترونية وصلته على حسابه على «الفيس بوك» و«تويتر» تمجده، كافية لجعله يحلم برئاسة مصر لدرجة تصور معها أنه بمجرد أن تلمس قدماه أرض مصر سيصبح على النظام الحاكم أدبيا مغادرة البلاد لكى لا يصطدم بالرئيس الجديد.... وصل الرجل بر مصر... ولم يجد الحشود فى انتظاره على مهبط المطار ولا فى الطريق إلى الفندق وربما فكر وقتها أن هذه التريليونات من الرسائل ربما أرسلها شخص واحد أو اثنان على الأكثر! أعفى نفسى أن أزيد، وأترك القول للمبشرين به من حوارييه، الذين انقلبوا عليه مؤخرا فى مقدمتهم «حمدى قنديل» وما ذكره فى مقال شهير له بعنوان: «أسرار الخلاف والاتفاق مع البرادعى» والذى أشار فيه إلى جذرية الخلاف مع البرادعى، ودلل على ذلك بتمسكه بمواقيت حضوره وغيابه إلى مصر، وزاد بقوله: أما نواياه فقد ازدادت غموضا على نحو مقلق وأشار أيضا إلى عدد من التصرفات التى أقدم عليها الرجل وأقلقت من حوله، مثل زيارته إلى جامع عمرو والكنيسة المعلقة والمعبد اليهودى، والتى تم استغلالها للتذكير باتهامات قديمة له بأنه غريب عن مصر ويزورها كالسياح. التدقيق واجب فى كلام «قنديل» فيما يخص نوايا «البرادعى» والتى تكشفت فى رغباته التفكيكية للدولة المصرية، والقصد والتعمد من محاولة إضعافها والسعى إلى تمزيق وشائجها بما يحقق مصلحته ومصلحة قوى خارجية على جثة الوطن.. فما صدر منه فى تعليقه على حادث الإسكندرية عبر نافذته الافتراضية «تويتر» وإصراره وترصده وتعكيره للماء المعكر أصلا، ومحاولته إضعاف الجبهة الداخلية والهجوم على نظام الدولة، يكشف عن مخطط ضخم لإحاطة وتوريط مصر فى عدد من الأفخاخ السياسية والسير بها نحو الهاوية.. وأصبح «البرادعى» هو «عراب» هذا السيناريو الذى وصل به إلى نقطة الذروة بالعبث الخطير فى ملف النوبة الشائك فى توقيت لا يخلو من دلالة! كثيرون وصفوه بالسائح لاغترابه وبعده عن الشارع المصرى، وأكثر شككوا فى انفصاله عن قضايا الوطن.. أما ما جرى منه مؤخرا فى لقائه مع 17 نوبياً جميعهم من المهمشين والباحثين عن أدوار فى هذا الملف، وطالبهم فيه بإرسال خطاب بتوقيعاتهم إلى منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «فاو»، يتضررون فيه من مشروع المنظمة التى تتولى تسكينهم فى أراضيهم، ليكونوا مبادرين بالمطالبة بحقوقهم، وأن يرسلوا إليه صورة من الخطاب ليقدمه بنفسه إلى المنظمة. «البرادعى» طالبهم بألا يخافوا من اللجوء إلى المنظمات الدولية وقال لهم: مفيش حاجة اسمها استقواء بالخارج، وأن من حقهم اللجوء للمحكمة الدولية وتدويل قضيتهم!! كل ذلك يوجب مساءلة «البرادعى» قانونيا فيما يخص تكدير السلم والأمن العام والمساس بسيادة الدولة.. وسياسيا بخصوص الحض على التدخل الأجنبى فى شئون الدولة المصرية.. فقضية النوبة تخص مواطنين مصريين يتم نقاشها وحلها داخل حدود الوطن عبر الحكومة المصرية! فى كل مرة ينطق أو يظهر الرجل ينتقص من قيمته، ويشكك فى قدراته العلمية وهو الحاصل على دكتوراه فى القانون الدولى والذى فاته أن يستظل بغطاء شرعى إذا أراد أن يمارس العمل السياسى العام لكنه من الوهلة الأولى وهو يرفض العمل تحت راية أى حزب شرعى ويدعو للعصيان المدنى على الدولة، ويحض المواطنين على الانقلاب على النظام العام فهو يتبنى خطاباً واستراتيجية هادمة وخطيرة توجب محاكمته أمام الرأى العام وتفنيد أقواله والرد عليه ومحاسبته! «البرادعى» لا هو رجل دولة ولا رجل سياسة.. لا يملك أى مفتاح من مفاتيح مصر وشعبها ولا حرفا واحدا من حروف هجاء لغتها... لكن «البرادعى» وحده وقع عليه اختيار شباب الفيس بوك لينصبوه رئيسا لمجرد أن اسمه معروف ولديه صفحة على الفيس بوك مثلهم ولديه بريد إلكترونى يرد على مريديه من آن لآخر! الرجل فى نظر مريديه الذين ارتدوا عنه يحتقر النخبة المصرية، ويعتقد أنها لم تفعل شيئا بما فى ذلك حركة كفاية وحركات الاحتجاجات الأخرى، وهو فى ذلك موقن أنه هو الذى حرر المصريين من الخوف، ويتعامل كأن أى معارضة للنظام الحالى بدأت من لحظة نزوله فى المطار، إضافة إلى أنه لايثق فى أحد إلا فى اثنين هما شقيقه «على البرادعى»، والسفير «شكرى فؤاد» الذى كان زميلا له فى وزارة الخارجية، والاثنان ليس لهما علاقة بالشارع السياسى فى تفاعلاته، واللافت ذلك التناقض فى حديثه عن التغيير، لكنه فى حقيقة الأمر يريد أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، وإذا كان هذا حقا سياسيا له، فلماذا يجعله غاطسا فى تصرفاته، ويجعل من التغيير معركة «الظاهر»! حاول البعض خطأ صنع هالة حول «رجل التويتر» ونفخوا فى حالته وضخموه وصنعوا منه أسطورة وهمية صدقها وحده، ومنها روجوا أن أى انتقاد للرجل يأتى فى إطار اغتياله معنويا للخوف من قوة تأثيره وأنه سوف يزعزع نظام الحكم وحاولوا إقناع الجميع بذلك.. رغم أنهم يعلمون أنه صنيعتهم لحرقه فى إطار تصفية الحسابات وممارسة الكيد السياسى الذى احترفوه. تلك الصبيانية السياسية انفجرت فى وجوههم بعد أن امتطى الرجل جوادهم وانطلق وحده واضعا قدماً معهم فى مخططهم والأخرى فى وجوههم وانقلبت المزحة إلى شرر قد تلحق ضررا بالوطن. المعارضة عليها استحقاقات توجب لم الشمل وتستوجب فى اللحظات المفصلية أن تتوحد على قلب رجل واحد فمهما كانت الخلافات أو الاختلافات لا يجوز شق الصف وفتح جبهات جانبية وتعطيل النظام عن القيام بواجباته.. أما ما يلجأ له البعض من اعتماد خطاب ممجوج يصور الدولة المصرية ضعيفة وأن قبضتها ضعفت ودورها تراجع سواء فى مقالات سياسية أو روايات أدبية أو أعمال فنية ترسخ حالة من الإحباط وتكرس لليأس فى النفوس وتبرر العنف تحت وطأة الفقر. اللافت أن أصحاب ذات الأفكار والأعمال كثير منهم مبشرون بالبرادعى يتقدمهم ناظر مدرسة تصدير الإحباط «علاء الأسوانى» الذى تحولت على يديه الرواية من تصنيف الأدب إلى «قلة الأدب» وأقصد هنا ندرة الفنيات والاستغراق فى الجنس والشذوذ والفساد على حساب الحبكة والمستوى الأدبى والفنى والبنائى! إنتاجه الفنى الشحيح لم يبرز منه سوى ملهاة «عمارة يعقوبيان» التى خلقت تيارا أدبيا وفنيا يمجد العنف والانقلاب على الدولة ويطلى الحاضر والمستقبل بالسواد المعتم بلا أمل. لا عجب أن يكون «الأسوانى» ممن بشروا بالبرادعى.. فالخطاب واحد والتوجه واحد والأساليب منوعة، جميعهم يقودون الدولة إلى مصير مفكك ومظلم كل بطريقته.