المسألة فيها «استكراد» ولا مؤاخذة.. والحكومة تتشطر علينا لضعفنا فى علوم الحساب والجمع والطرح.. فترفع أسعار السلع والمنتجات والخدمات بحجة زيادة الأسعار العالمية.. وعندما تحكم المحكمة بضرورة زيادة الأجور لتتناسب مع الأسعار العالمية التى يتحججون بها.. تغضب الحكومة.. ويدعو «الجنرال» عثمان محمد عثمان لمجلس حرب اسمه الحركى مجلس الأجور.. لبحث الاستشكال والطعن والالتفاف حول حكم المحكمة ..!! ومع إننا دهنا الهوا دوكو وخرمنا التعريفة.. إلا أننا نضع الفيونكات والضفائر فى مواجهة الحكومة التى سقتنا حاجة أصفرا ففقدنا القدرة على المواجهة والمحاسبة.. وبالله عليك كيف نصدق الحكومة التى تبيع لنا السكر بخمسة جنيهات للكيلو وسعره فى البورصات العالمية لا يزيد على جنيه واحد.. وسعر الدقيق فى البورصة نصف جنيه للكيلو تبيعه لنا الحكومة بأربعة جنيهات.. والمكرونة تباع فى جميع دول العالم بدولار واحد للعبوة التى تزن كيلو جراما.. فى حين يباع الكيلو عندنا بعشرة جنيهات .. ويتكرر الأمر مع العدس والفاصوليا والذرة.. وحتى الجبن البراميلى صناعة دمياط تبيعه لنا فى الأسواق بخمسة وعشرين جنيها .. أقصد أن الحكومة تبيع لنا بأضعاف ما تبيعه حكومات الخواجات لمواطنيها.. ولا تعرف لماذا.. فهل المسألة فيها استكراد.. أم أن الزيادة فى الأسعار سببها الضرائب القاسية التى تفرضها علينا حكومة الجباية تحت إشراف الوزير المتلذذ بتعذيب الناس يوسف بطرس غالى.. فهل تستوى الضرائب يا دكتور يوسف.. يعنى هل تطبق الضرائب على الجميع عمال على بطال.. على الفقير والغنى.. على سائق التاكسى وصاحب المرسيدس؟ ! الخيبة أن الحكومة تصدر لنا فى المواجهة الرجل الطيب وزير التموين.. وهو طيب فعلاً.. يفتقد القدرة على التعامل مع الجماهير.. لم يقف يوماً فى طابور للعيش.. ومع هذا يتحدث ويصرح كثيراً على أعتبار أن الكلام من ذهب والسكوت لا يصح ولا يجوز .. المهم أن وزارة التموين بالذات هى اختراع من اختراعات الحروب.. تشكلها الدول المتحاربة بشكل مؤقت من أجل ضمان توزيع المواد الضرائبية على المواطنين فى أوقات الأزمات والكوارث.. وفى بلاد الخواجات وبفضل غياب وزارة التموين.. السلع متوافرة والحمد لله وبأسعار معقولة وكل شىء تمام التمام !! علمتنى الفيلسوفة خالتى أن الذى أوله شرط آخره نور.. وقد صبرنا طويلاً على خطة الإصلاح الاقتصادى.. ومن غير المعقول أن نتحملها طوال العمر.. ولكل شىء نهاية.. والخطة يمكن أن تكون ثلاثية أو خماسية.. أو حتى عشرية.. ولكن لا يمكن أبداً أن تكون الخطة دهرية تستمر العمر كله ..!! لقد حكم القضاء منذ أيام بضرورة تعديل هياكل الأجور لتتناسب مع الزيادات الرهيبة فى الأسعار.. وكنت أتصور أن الحكومة سوف تهلل لقرار المحكمة.. على اعتبار أنها تنتمى لنفس الشعب الذى نعرفه.. فإذا بها وعلى لسان الجنرال عثمان تدعو لمجلس حرب للالتفاف على حكم المحكمة.. إنه استكراد مع سبق الإصرار والترصد..