انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الأخيرة، وصفات الأعشاب "السحرية" التي يدّعي أصحابها أنها تعالج كل شيء، لكن في الحقيقة هذه الصيحة الغريبة في التعامل مع الأمراض تفتح الباب لمشكلات صحية لا تُغلق بسهولة. ويحذّر الدكتور محمد علي عز العرب، أستاذ الكبد والجهاز الهضمي ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، في الوقت الذي يزداد فيه إقبال الناس على استخدام الأعشاب والمكمّلات الطبيعية كبدائل آمنة للأدوية الكيميائية، من خطورة هذه الممارسات. وقال "عز العرب"، ل"الشروق"، أن الاعتقاد بأن الأعشاب آمنة لأنها طبيعية اعتقاد خاطئ تمامًا. * ليست كل الأعشاب صالحة للاستخدام وأضاف أستاذ الكبد والجهاز الهضمي ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، أن الأعشاب لكي تكون صالحة للاستخدام الآدمي، يجب أن تكون نقية وخالية تمامًا من السموم والملوّثات الكيميائية أو البيولوجية أو الإشعاعية. وتابع أن كثيرًا من الأعشاب المتداولة في الأسواق ربما تتعرض أثناء التخزين للفطريات السامة مثل "أسبرجيلوس فلافوس"، الذي يفرز سمًّا خطيرًا يُعرف باسم الأفلاتوكسين، الذي يعد أهم مسبّبات سرطان الكبد، خاصة لدى المصابين بفيروس B. * الدواء في الجرعة.. والأعشاب ليست استثناء وأوضح أن أي عشب لم يُحفَظ في درجة حرارة ورطوبة مناسبة، فضلًا عن عدم تناوله بالجرعة الصحيحة والمدة المناسبة، ربما يتحول إلى سمّ قاتل، مسببًا فشلًا في الكبد أو الكلى أو القلب أو الأوعية الدموية. وتابع: "يجب أن تُؤخذ الأعشاب في شكل صيدلي معتمد، كمكمّل غذائي مُصرَّح به من هيئة سلامة الغذاء، وتحت إشراف طبي فقط، وليس من أماكن مجهولة أو ما يُعرف ب"مصانع بير السلم". * أعشاب تضر أكثر مما تنفع وأكد أن هناك أنواعًا من الأعشاب ربما تسبب التهابات كبدية حادة أو تليفًا على المدى الطويل، يأتي من بينها: "الشاي الأخضر الذي قد يسبب أضرارًا شديدة للكبد عند الإفراط في تناوله، الكوهوش السوداء (أعشاب سن اليأس) التي قد تؤدي إلى التهاب كبدي حاد". وأشار إلى بعض الأعشاب الصينية التي تحتوي على مواد تسبب التهابات كبدية مزمنة، بجانب الأعشاب المنشطة جنسيًا التي تحتوي على مشتقات التستوستيرون، والتي قد تؤدي إلى التهابات كبدية انسدادية خطيرة، بالإضافة إلى مكملات بناء العضلات غير الموثوقة التي ترفع ضغط الدم وتضر الكلى والدورة الدموية. ولفت إلى أن الإفراط في تناول فيتامينات مثل "A أو B3 ضمن بعض المنتجات العشبية قد يؤدي إلى تلف خلايا الكبد وتصلّب أنسجته، بل وقد تحدث تفاعلات مناعية حادة تصل إلى الصدمة العصبية في بعض الحالات الحساسة". * علامات الخطر وقال إن المريض يمكن أن يلاحظ تأثر الكبد بمكمّل عشبي عند ظهور الأعراض التالية بعد تناوله: "إرهاق شديد، ألم في الجهة اليمنى العليا من البطن، اصفرار العينين والجلد، بول داكن أو براز فاتح اللون، غثيان وفقدان شهية". وشدد على أنه في هذه الحالة تكشف التحاليل ارتفاع إنزيمات الكبد واختلال وظائفه، ما قد يتطور إلى فشل كبدي حاد. * ليست كل الأعشاب ضارة.. لكن الإفراط خطر ونوه بأن هناك أعشابًا مفيدة بالفعل مثل "البقدونس، الزعتر، الكمون، الكركم"، إذ تحتوي على مضادات أكسدة وفيتامينات مهمة، لكن تناولها بكميات كبيرة وبصورتها الخام يمكن أن يجعلها سامة للكبد والكلى، بل قد تسبب تليفًا كبديًا أو صدمة عصبية في بعض الحالات. وأضاف أن الأدوية الحديثة نفسها تحتوي على مستخلصات عشبية، لكن يتم تحضيرها داخل مصانع خاضعة للرقابة، وبنسب وتركيزات دقيقة وآمنة. * قبل الوصفة الشعبية.. تأتي الرقابة والوعي واختتم عز العرب، بالتأكيد على ضرورة إخضاع جميع محال العطارة والمكمّلات العشبية للرقابة الصحية، مع تكثيف حملات التوعية بخطورة تناول الأعشاب من مصادر مجهولة، خاصة مع انتشار الترويج الإلكتروني لمكمّلات مجهولة تحقق مبيعات ضخمة رغم مخاطرها: "الأعشاب قد تكون علاجًا إذا أُخذت بعِلم، لكنها تصبح سمًّا إذا أُخذت بجهل".