لاحديث فى كواليس مجتمع المحامين والقضائيين إلا عن تصاعد الخلافات والصراعات بين فريد الديب وبهاء أبوشقة على قيادة فريق الدفاع عن هشام طلعت مصطفى، وتندر الكثيرون حول تدخل المتهم من زنزانته لتهدئة الأجواء بين الاثنين، رغم أنه من المفروض أن يكون مهتما الآن بالاستفادة بالفرصة الاستثنائية التى حصل عليها للنجاة من حبل المشنقة، وهناك حالة من الإجماع على أن هذه الخلافات تسىء لكل المحامين ويجب مواجهتها حتى لو بتدخل النقابة بمعاقبة الطرفين، وليس غريبا على المحامين مثل هذه الصراعات فى فرق الدفاع بالقضايا الشهيرة صاحبة الأتعاب المليونية والأضواء الإعلامية.. فهى معتادة منذ أيام قتلة السادات وثوار مصر والحباك وتوظيف الأموال والرشوة الكبرى وحتى العبَّارة، لكنها لم تصل لهذا المستوى من قبل، مما أدى إلى طرح العديد من الأسئلة حول اختيار أعضاء فريق الدفاع وكيفية التوفيق بينهم، خاصة لو كانوا كلهم على مستوى متقارب من الشهرة والقدرة. أشهر هيئات الدفاع عن المتهمين كان فى قضايا قتلة السادات وثورة مصر وقادها أحمد الخواجة نقيب المحامين الراحل وجلال رجب وعبدالعظيم المغربى وعبدالله خليل، وهناك أيضا قضايا النفوذ والمال مثل توظيف الأموال التى شهدت تكالب عدد كبير من المحامين المشاهير عليها، وقضايا الفاسدين أمثال الحباك ومنى الشافعى وتوفيق عبدالحى، وقضايا الرشوة الكبرى، وممدوح إسماعيل مالك العبَّارة والرشوة الجنسية راندا الشامى ويوسف عبدالرحمن وغيرها من القضايا التى جعلت المحامين الكبار يلهثون على الأتعاب المليونية والأضواء الإعلامية،والأصل أن يختار المتهم المحامى الرئيسى له ثم يطلب منه إضافة بعض الأسماء لمساعدته، وأحيانا يقوم المحامى الموكل بجمع بعض المحامين معه وكشف دور كل فرد فى لجنة الدفاع، والأهم أن يكون هناك اتفاق تام وثقة كاملة من جانب المتهم فى أفراد هيئة الدفاع عنه، ونادرا ما يحدث جدل أو تناحر بين أعضاء هذه الهيئة كما هو الحال خلال هذه الأيام. أغلب القضايا من هذه النوعية المثيرة يحدث فيها جدل بين المحامين أعضاء هيئة الدفاع إلا قضايا الجماعات الدينية والإخوان فلهم فريق منظم يديرها بقيادة د.سليم العوا وعبدالله رشوان وغيرهما من الجيل الجديد وكان حضور نبيل الهلالى معهم مدعما فقط، ومن أشهر صراعات المحامين فى كواليس القضايا الكبرى ما شهدته قضية الحباك عام 96 وتسببت فى جدل كبير شغل الرأى العام وقتها عن نظر القضية، وقد بدأت أسرة المتهم فى مطالبة محام شهير بالإسكندرية بتولى الدفاع، لكنه رفض لخوفه على منصبه السياسى ورشح لهم أستاذا «ع.م» ومحاميا «س.ح» كان مستشارا سابقا بالقضاء، وكانت المفاجأة الأولى لأسرة المتهم أن أستاذ الجامعة كان يدرس القضية بالجامعة وقت نظرها بالمحكمة والمفاجأة الثانية كانت موقف «ر.ع» المحامى الشهير جدا الذى طلب 250 ألف جنيه للنزول للمحكمة وحصل على 80 ألف جنيه ولم يفعل شيئا أو حتى يرد المبلغ الذى حصل عليه حتى الآن! وكان الخلاف مستمرا بين فريق الدفاع لأن كل فرد من أسرة المتهم جاء بمحام ومنهم «م.ب» محام إخوانى سكندرى كان كل دوره مهاجمة الشخصيات العامة الكبرى، والمحامون الثلاثة الآخرون حصلوا على أتعاب ولم يفعلوا أى شىء وكان هدف هؤلاء جميعا الصالح الشخصى والبحث عن الشهرة الإعلامية والحصول على أكبر قدر من أموال الحباك الذى توفى منذ سنوات فى محبسه لإصابته بمرض خطير. ولم يكن صراع المحامين فى قضية منى الشافعى أقل من صراعات محامى الحباك، ففريق الدفاع الذى كان يقوده الراحل أحمد شوقى الخطيب وضم معه محاميا معروفا ما لبث أن تنحى بعد أن تركه هذا المحامى لأنه لم يشعر بتقدير مكانته وشهرته فى ظل وجود «الخطيب» الذى تصادف إصابته وقت نظر القضية ووفاته ومازالت هذه القضية بالمحاكم منذ أكثر من عشر سنوات، ونفس المحامى المثير للأزمات والمشاكل وسط فريق الدفاع لم يتوقف عن أزماته وأحد أهم مشاكله دائما هو الإصرار على الانفراد بكل شىء باعتباره «العبقرى» والأكثر فهما للقانون والأكثر حصولا على الأتعاب الكبيرة وهو ما يعرف عنه وسط المحامين بالأنانية وتضخيم الذات أكثر من اللازم. وتعليقا على هذه المشاحنات وهيئات الدفاع يرى لبيب معوض المحامى بالنقض أن هذه الأمور مسألة معيبة من حيث الشكل والموضوع لأن المحامين فى الأصل زملاء فى نقابة واحدة ولهم الحق فى الحضور عن بعضهم البعض دون توكيل فى إطار قانونى، لكن المؤسف أن العلاقة الإنسانية غير جيدة وفى حاجة إلى إعادة نظر. مؤكدا على ضرورة أن يكون رئيس فريق الدفاع الأكثر خبرة وتميزا وقادرا على القيادة، وعن صراع فريد الديب وبهاء أبوشقة فى قضية هشام طلعت مصطفى، علق د.حسنين عبيد أستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة بأن الدفاع عن المتهم أخذ أكثر من مرحلة وأنه انضم مؤخرا مع د.آمال عثمان، والجميع قدم مذكرات لنقض الحكم إلى المحكمة وهذا الأهم وهذه الخلافات واردة أن تحدث لكن يجب ألا تأخذ أكثر من حجمها الطبيعى من أجل صالح العدالة، خاصة أن الفريق يضم كبار المحامين والأكاديميين، وأقل محام بيننا حاصل على رسالتى دكتوراه، ولابد أن نراعى أن هناك محامين شبابا يدرسون القضية ويراقبون المرافعات، وقال إن هناك إعادة ترتيب للأوضاع داخل الفريق لاستمرار أداء دوره المنوط به. فيما أوضح المستشار حسنى عبدالحميد المساعد السابق لرئيس جهاز المدعى الاشتراكى أن حكم النقض لم يكن مستبعدا ولكن ما كان مستبعداً هو خلافات المحامين لأن المسلم به وجود مواثيق وعهود للمحاماة والمحامين فى أداء المهنة تلزم احترام الزملاء وتقديرهم وعدم الإساءة لبعضهم البعض. ووجه عبدالحميد اللوم إلى نقابة المحامين لأنه كان عليها أن تتدخل لوأد هذه الخلافات لأن هناك تجاوزات يعاقب عليها قانون الإجراءات الجنائية نفسه، إلا أن المتهم يشغل نفسه بمحاولة التوفيق بين أعضاء الدفاع للاستفادة من الفرصة الأخيرة، ويرى أن المحامين تحولوا إلى سلع، وهو أمر يسىء للجميع. وحول دور نقابة المحامين فى مواجهة هذه الخلافات مع تعاظمها يقول سعيد عبدالخالق وكيل أول النقابة: إن هذه الصراعات لم تصل لدرجة تقديم شكوى أو حتى درجة الخروج عن اللياقة وأدبيات المهنة، وهناك قضايا ضربت المثل فى فريق الدفاع وضمت جميع الاتجاهات والأجيال منها ثورة مصر وإضراب عمال السكة الحديد وتواجد فيها أحمد الخواجه، ود.جلال رجب، ونبيل الهلالى وسامح عاشور وسيد شعبان وسعيد عبدالخالق وسيد عبدالغنى وصابر عمار وأرجع هذه الخلافات المتفاقمة إلى الخلفيات المهنية وضخامة الأتعاب والاهتمام الإعلامى.