سبعة أيام قضيتها متنقلة من موقع عمل لآخر كانت عيونهم تبتسم وكأنهم يسجلون لحظة للتاريخ ليستكملوا عملهم مرة أخرى.. ملامحهم تكاد تختفى خلف قناع من الأتربة المتصاعدة من تخريم الجبل سواء بواسطة آلة التخريم العملاقة ذات الصوت المدوى أو الآلة الصغيرة التى يمسكونها بأيديهم المرتعشة لتفتيت الصخر أو من تفريغ سيارات النقل العملاقة لحمولتها فى الوادى لاستكمال ردمه. المشهد الأول منذ أكثر من ستة وعشرين عاما وضع دكتور (فؤاد محيى الدين) رئيس مجلس الوزراء (حينئذ) حجر أساس لطريق يربط بين محافظات الصعيد والبحر الأحمر وانتظر الطريق حتى ديسمبر 2006 ليضع دكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء حجرا جديدا للأساس، ليبدأ العمل فى شهر يوليو 2007 ويتابع د. محمود محيى الدين وزير الاستثمار العمل على مدار ثلاثين شهرا. المشهد الثانى وضع الاستشارى ثلاث مسارات مقترحة للطريق وبدراستها تم اختيار المسار الحالى ويبلغ طول الطريق 412 كيلو مترا يربط محافظات أسيوطوسوهاجوقنا بمنطقة سفاجا على البحر الأحمر وتبلغ التكلفة للمرحلتين الأولى - والتى تم افتتاحها يوم الخميس (أول أمس) - والثانية 8,2 مليار جنيه. المشهد الثالث لم يكن من السهل استكشاف الطريق إلا بواسطة السير على الأقدام وحمل العمال والمهندسون طعامهم وشرابهم الذى يكفيهم لمدة أسبوعين لهذا الاستكشاف. المشهد الرابع جبال مرتفعة وهضاب ووديان سحيقة.. طبيعة قاسية اكتسب منها الجنوبى صلابته وكان لابد من مواجهة هذة الصعوبة والتى تمثلت فى اجتياز الجبال فى أسيوطوسوهاج. المشهد الخامس نفذت الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة أعمال التفجيرات بالجبال والتى وصلت لعمق 70 مترا وبطول يترواح من 500 الى 700 متر واستخدم المشروع 7000 طن ديناميت تم توريدها من المصانع الحربية وكانت منطقة وداى كيمان أولى المناطق التى تم تفجيرها وبلغت الكمية المستخدمة 40 طن ديناميت أما أكبر كمية تفجير فكانت فى وادى حبيب فى أسيوط وتم تفجير 70 طن ديناميت. المشهد السادس تابعت يد المهندس رمزى لاشين مدير المشروع، وهو يشير الى العمق السحيق لوادى حبيب بأسيوط أحد الأودية الثلاثة التى كان لابد للطريق من اختراقها وهي وادى حبيب ويبعد عن أسيوط ب47 كيلو مترا وتم ردمه بارتفاع 77 مترا ووداى كيمان ويبعد حوالى 23 كيلو من سوهاج وتم ردمه بارتفاع 75 مترا ووادى جوردى ويبعد 103 كيلو مترات عن سوهاج وهو أقرب لقنا من سوهاج وتم ردمه بارتفاع 80 مترا. المشهد السابع تم استخدام 901 معدة متنوعة مابين هراس «يقوم بتسوية الدبش على الطريق» وبلدوزر وتنك مياه وتريلات نقل أتربة وخلاطات أسفلت وكسارات وهى معدات تكفى لإنشاء عشر شركات مقاولات. المشهد الثامن الوقت ظهرا فى وادى جوردى بوصلة سوهاج وسيارات النقل تتابع العمل بصورة شديدة لاختصار الوقت وإتمام مهمتها حيث تقوم بتحميل الأتربة من على بعد 10 كيلو مترات لاستكمال أعمال ردم الوادى فالسيارة يتم محاسبتها ماليا على حسب عدد الحمولات التى قامت بها فى اليوم وتستأجر الشركة السيارات من مقاولين ويقوم المقاول بمحاسبة السائق ماليا فى نهاية كل شهر وفجأة جاء أحد العمال ليبلغ المهندس أحمد أمين أحد مهندسى التنفيذ «مرافقى فى الرحلة» بأن هناك حادثة تصادم بين سيارتين نقل على بعد عدة كيلو مترات.. كانت كابينة السائق فى السيارتين مهشمة تماما وأثار الدماء واضحة حيث اصطدمت سيارة محملة بالأتربة والزلط بأخرى كانت قد أفرغت لتوها حمولتها ويستعد قائدها ومرافقه للعودة لحمولة أخرى ولم ينج أحد من الحادثة فقد توفى الثلاثة ولم أستطع التقاط أى صورة للحادثة. ويطلق العمال ببساطة على ضحايا الحوادث الناجمة عن العمل فى الطريق «شهداء الطريق» وقد بلغ عددهم حوالى 10 عمال. المشهد التاسع يعمل فى الطريق حوالى 5340 عاملا مابين مهندس وإدارى وفنى وعامل وتم تقسيم العمل على أربع قطاعات ويتكون القطاع من مدير تنفيذى ونائب وعدد من المهندسين والإداريين والعمال أما العمالة غير المباشرة فتصل إلى 15 ألف عامل.. وأنشأت الشركة معسكرات فى كل قطاع تضم مسجدا وعنابر لغرف النوم للمهندسين والإداريين والعمال الذين زرعوا فولا وقصبا وجرجيرا وبعض أنواع من الزهور. المشهد العاشر هذا المشهد سيظهر للوجود بعد عدة سنوات فهو صورة للطريق بعد عملية التنمية التى تم وضع استراتيجة لها يوضحها دكتور محمد حسنى رئيس شركة الصعيد البحر الأحمر للتنمية والاستثمار بأنه سيتم الاستعانة بموارد الشركة لتسديد فاتورة إنشاء الطريق وقد تم حصر 200 ألف فدان بالطريق منها 23 ألف فدان حول الطريق وهو مايسمى حرم الطريق سيتم تخصيصها للخدمات الرئيسية مثل نقاط الإسعاف (20 نقطة) و7 محطات بنزين و20 استراحة و113 ألف فدان للمناطق الصناعية فى قناوأسيوطوسوهاج وسفاجا ومنها إنشاء 3 موانئ جافة لخدمة ميناء سفاجا و7500 فدان للنشاط السياحى فى سوهاج وسفاجا و50 ألف فدان للاستثمار الزراعى وإنشاء 11 منطقة سكنية يتم إسنادها لمطورين عقاريين لإنشائها.. وليس من طبيعة عمل الشركة بيع الأراضى بل سيتم تمليك الأراضى المخصصة للاستثمار العقارى فقط أما باقى المشروعات فيتم مشاركة الشركة للمستثمرين فيها حتى يكون هناك عائد دائم ومستمر.؟