عاصمة النور تدخل عصر الظلام: هل غزت الاشباح باريس بالفعل ؟ هل أصبحت عاصمة النور علي مقربة من أن تتحول الي عاصمة للظلمة بعد أن انتشر النقاب والفكر السلفي بين العديد من المسلمين الذين يعيشون هناك! كانت هذه هى التساؤلات التى طرحتها مجلة لوفيجارو الفرنسية الأسبوع الماضى، فى تحقيقها الرئيسى، والذى تصدر غلاف المجلة حول الإسلام الأصولى فى فرنسا! فوفقا ل لوفيجارو يشهد الشارع الفرنسى جدلا واسعا بسبب انتشار النقاب بدرجات متفاوتة بين المسلمين هناك، خاصة أن رؤية ما وصفوه ب الأشباح التى تتحرك فى العديد من الشوارع بات يزعج البعض.. ويفاجئ البعض الآخر.. ويسبب الرعب للأغلبية!.. فالنساء المنقبات هن الأكثر وضوحا بين أنصار التيار السلفى الذى يغزو باريس الآن! فعلى مدار أسابيع عديدة استطاعت محررتان من المجلة أن تخترقا هذا المجتمع الغامض والغريب على الطبيعة الفرنسية.. اقتربتا منه بعمق لتحليل هذا الوضع المختلف.. رغم أن نساء هذا التيار نادرا ما يتحدثن لوسائل الإعلام ! ورغم أن بعض السلفيين قد قبل مبدأ التعامل بشفافية إلا أنهما قد قوبلتا بوابل من الشتائم عندما حاولتا التقاط عدد من الصور بجوار مسجد يسيطر عليه هذا التيار وتم طردهما من قبل بعض النساء ! الجولة بدأت فى إحدى القرى الصغيرة التى لا تبعد كثيرا عن باريس، ورغم بساطتها إلا أنها مشهورة، وبحسب المحررتين استقبلتهما فاطيمة - وهى إحدى أتباع المذهب السلفى - وهى ترتدى الجلباب ..فهى لا ترتدى النقاب كاملا إلا إذا كانت فى كامل زينتها أو عند التصوير، ولكن حين استقبلت الصحفيتين كانت فى أبهى ثيابها وترتدى الحلى! فاطيمة تبلغ من العمر 23 عاما، وأم لطفل عمره 6 شهور.. وبيتها لا يحتوى على أى صور أو لوحات أو حتى أى شىء يدل على أنه بيت شخص مسلم سوى بعض الكتب الدينية التى وجدت على الأرفف. المنزل به ستار كبير يفصل جزءا كبيرا منه عن الغرفة الرئيسية التى يتم بها استقبال الضيوف مما يسمح لها باستقبال صديقاتها بدون أى حرج بعيدا عن زوجها.. وهي من أسرة مالية.. لكنها ولدت وتربت بفرنسا في أسرة مسلمة مكونة من 8 أطفال.. كان النقاب بالنسبة لها هو التطور الطبيعى للتقرب إلى الله! ووفقا لما ذكرته الصحيفة منسوبا لفاطيمة: أنا الوحيدة فى الأسرة التى اختارت هذا الطريق بعد أن قرأت القرآن ودرست السيرة النبوية وسيرة زوجات الرسول اللاتي أصبحن مثلا أعلى لى!.. لقد وجدت أن فى الإسلام ردودا على جميع الأسئلة، كما وجدته واضحا وبسيطا وتحريماته واضحة، وليس علينا سوى اتباع النصوص! لكن البيئة الأوروبية كان لها تأثير مباشر على فاطيمة.. فهى لا تتجاهل التعامل مع الإنترنت وحتى التسوق والتنزه مع صديقاتها - على حد قولها - حتى أنها لا تخشى أن تتحدث معهن فى الجنس فليس هناك ما يدعو إلى التحفظ مادمنا فتيات! تقول فاطيمة: أنا راضية تمام الرضا وغير نادمة على شىء غير استبعادى من مجال العمل والنظرات الحادة والساخرة التى توجه لى أحيانا.. وهو أمر غير مفهوم بالنسبة لى.. فأنا لم أخرج عن قوانين الدولة ولم أعتد على حرية الآخرين.. فلماذا كل هذا العداء.. والشىء الوحيد الذى يؤرقنى وأراه غير متوافق معى هو المدارس العامة، لأنها تتعارض مع مبادئى الدينية.. ولذلك بدأت فى تعليم ابنتى من المنزل وتحفيظها بعض سور القرآن، ثم سألحقها فيما بعد بمدرسة إسلامية! وفيما يتعلق بزوجها فإنه عانى من طفولة صعبة حيث نشأ فى أسرة فرنسية عادية، وكان يشرب الخمر وبعد ذلك أسلم منذ 8 سنوات على النهج السلفى، معتبرا السلفية ملجأ للضائعين! تزوج هو وفاطيمة منذ أربع سنوات بعد مقابلة وحيدة كانت تحت رقابة مشددة المقابلة الشرعية للزواج!.. والمهم - بحسب روايتها - فى هذه المقابلة ليس الحب ولكن القيم والعادات التى يتمنى الزوجان تطبيقها فى حياتهما بعد الزواج! فى قرية مجاورة كانت كنزى - فتاة أخرى منقبة - تمشى مسرعة حتى تقابل صديقتها التى تعلمها طهى الكسكسى لتسرع بعد ذلك لإحضار أطفالها من المدرسة لتلحق بصلاة الجماعة مع زوجها فى المنزل! تقول كنزى أنها اختارت الزى لأنها مقتنعة من داخلها أنه يحقق السنة النبوية، وهى ما تذكره لأطفالها قبل النوم فى حواراتها معهم عن الإسلام والرسول والقرآن! بعد عدة أسابيع، تم افتتاح مسجد فى إحدى الضواحى الفرنسية، وكان هذا اليوم بمثابة العيد للجماعة الإسلامية، لأنهم كانوا ينتظرون بناء هذا المسجد بفارغ الصبر لإقامة الصلاة بدلا من الغرف المظلمة! وبحسب نادية - أم لأربعة أطفال - يمكن لأطفالنا حفظ القرآن بها، لأن التعليم هو الوسيلة الوحيدة لحمايتهم من الإيديولوجيات المختلفة التى يعيشون بها! متابعة: بعيدا عن قلقى على الأولاد إلا أن بداخلى غضب المرأة المجروحة.. لقد تزوجت منذ خمسة عشر عاما ولكنى وجدت زوجى فجأة يتحول لدرجة أنى أصبحت لا أعرفه.. فقد كان يحب الحياة والأسرة إلى أن بدأ التردد على جماعات يقيمون صلوات غريبة وندوات لمناقشات سلفية، وبعدها عاب على العمل ومخالطة الرجال خلاله، وأصبحت أنا شيطانا وتركنى ليتزوج السلفية! نادية، والتى بدت غاضبة من توجهات زوجها، رغم التزامها الدينى، اصطحبت محررتى لوفيجارو إلى أحد المساجد.. وبعد أن وصلن إلى الحجرة المخصصة للنساء وجدن ثلاث سيدات يقرأن القرآن ويرتدين إما النقاب أو الستار والجلباب - انظر الرسم التوضيحى - وعلى حد وصف المحررتين: تعاملت السيدات معنا بعجرفة ودم بارد، وقلن لنا مهما كانت ديانتنا فإننا ذاهبتان إلى النار لا محالة، وتم طردنا من المسجد.. ولكن ونحن فى طريقنا إلى الخروج أمسكت بنا سيدة أخرى وقالت لمن طردتنا: دعيهما وشأنهما! على مقربة من المسجد صادفنا شابا مسلما وزوجته.. وعندما أردنا التحدث معهما قال لنا الزوج: إنى أريد أن أقول لكما شيئا واحدا، نحن نعيش فى مجتمع فاسد ونعمل مع الذين خدعهم الشيطان، وحين أرادت الزوجة التدخل قال الزوج: المرأة لا يصح أن يعلو صوتها! انتقلنا إلى المحل الذى يبيع الكتب الدينية بجوار المسجد، لكننا لم نستطع الدخول لأن البائع توماس لا يترك المصحف إلا للرد على الملتحين والمنقبات!.. لكننا استطعنا التحدث مع توماس بعد أن خرج من المحل وقال لنا أنه قد نشأ فى أسرة مسيحية متدينة، ولكنه بعد أن قرأ التوراة والإنجيل والقرآن وجد أنه الكتاب الحق.. وبعد إسلامه قاطعته عائلته التى رفضت أن يخرج أحد أفرادها عن دينها. فى النهاية ذهبنا إلى أحد المساجد فى باريس لاستطلاع الرأى، وكانت هناك ردود أفعال متفاوتة وبعض الاحتجاجات، وتحدثنا مع فرانسين وهى غير مسلمة.. فرانسين قالت لنا: منذ ثلاث سنوات تغير كل شىء وأصبح الجو هنا لا يطاق، فكل يوم جمعة يسد المسلمون الشارع من أجل الصلاة، ويمنعون النساء من المرور.. أنا لست ضد الإسلام ولكنى ضد التطرف والإفراط فى ممارسة العقيدة!.. وبعد مغادرة قاعة الصلاة خرج أحد الرجال وقال لنا: إن عدد المسلمين فى تزايد، وإننا سوف نتغلب على الفساد والكفر!