مراسل «القاهرة الإخبارية» من البحيرة يرصد عملية مراقبة لجان الانتخابات البرلمانية    رئيس حزب المؤتمر يتابع أداء غرفة العمليات ميدانيًا لدعم مرشحي الحزب    مدبولي: الشراكة الاستثمارية المصرية - القطرية توفر أكثر من 250 ألف فرصة عمل    الفريق البرهان: مليشيا الدعم السريع يرتكب جرائم حرب في مدينة الفاشر    زيدان يعلن اقتراب عودته للتدريب.. والأنظار تتجه نحو قيادة فرنسا بعد ديشامب    الزمالك يشكو زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر في السوبر    شبورة كثيفة وسقوط أمطار.. الأرصاد تحذر من حالة طقس الأربعاء    عاجل- مدبولي يحذر من التصرفات الفردية السلبية داخل المتحف المصري الكبير ويشيد بالإقبال الكبير    لحاملي بطاقات الصحافة.. المهرجان يتيح الحجز الإلكتروني المبكر لتذاكر عروض القاهرة السينمائي    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    إقبال متزايد في ثاني أيام التصويت بالجيزة.. والشباب يشاركون بقوة إلى جانب المرأة وكبار السن    هل تحاكم السلطة الرابعة الجيش الإسرائيلي؟    التعامل ب البيتكوين.. المزايا والمخاطر!    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط في يومها الثاني    تمكين الشباب وتحقيق التنمية المستدامة.. عادل زيدان يُشيد بدعم الدولة للقطاع الزراعي ودور الرئيس السيسي في نهضة الصعيد    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن جدول أيام الصناعة الكامل في دورته ال46    محافظ المنيا مشيدا بالناخبين: حريصون على المشاركة فى العرس الديمقراطى    مسار يكتسح 15 أغسطس بخماسية في مجموعة الموت بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    الحزن يخيم على أهالي حلايب وشلاتين بعد وفاة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة سموحة في سوبر اليد    فريق طبي بمستشفى العلمين ينجح في إنقاذ حياة شاب بعد اختراق سيخ حديدي لفكه    الجيش الملكي يعلن موعد مباراته أمام الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    «تعثر الشرع أثناء دخوله للبيت الأبيض».. حقيقة الصورة المتداولة    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    «الهولوجرام يعيد الكنوز المنهوبة».. مبادرة مصرية لربط التكنولوجيا بالتراث    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    تقنيات جديدة.. المخرج محمد حمدي يكشف تفاصيل ومفاجآت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46| خاص    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    الحكومة توافق على إزالة صفة النفع العام عن قطعة أرض بمنطقة أثر النبي بالقاهرة    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    معلومات الوزراء يسلط الضوء على جهود الدولة فى ضمان جودة مياه الشرب    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطلاق حرية العقيدة فى مصر مثل منح درجة الدكتوراه لفاشل فى الابتدائية !

بعد طول تردد قرر صديقى أن يتزوج، ودعانا إلى حفل زفافه فى إحدى كنائس مدينة قريبة من القاهرة. كانت العروس سمراء جميلة شديدة الاعتداد بنفسها. بعد عام واحد التقيت بالصديق الذى أعرفه إنسانا طيبا كريما على خلق، فوجدته فى شدة الأسى، يشكو بمرارة من زوجته، وقد وصل إلى قرار حاسم: لابد من الطلاق فورا. وقبل أن أسأله: كيف؟ قال سأغير دينى.
شولا أعرف إذا ما كان قد غير صديقى دينه أو لم يفعل، ولكنى عرفت فيما بعد أنه طلق زوجته بالفعل، ثم أعادها بعد فترة، وباعدت الأيام بيننا فلم أعد أسمع أخبارهما.
بعد سنوات طويلة كنت فى الكنيسة المرقسية بالعباسية لحضور القداس على روح الزميل الراحل سعيد سنبل، وكان البابا شنودة نفسه يلقى القداس، وفجأة حدث هرج ومرج واقتحمت مجموعة من الشبان الكنيسة، وظلوا يهتفون، ورأيت بعضهم يحملون لافتة تقول "خطفوا مراةَ أبونا.. بكره يخطفونا". انتهى القداس بسرعة وتدافع الحاضرون للخروج، وخارج القاعة شاهدت مجموعة من الشبان وقد أغمى عليهم من فرط الغضب والانفعال..!
إن ارتداد شابة واحدة عن المسيحية، و قيل أنه لأسباب عاطفية، تسبب فى إشعال عاصفة من الجدل بين المسلمين والمسيحيين المصريين مازالت أصداؤها تتردد حتى اليوم.
تغيير الدين فى مصر أمر غير مستحب وغير مرحب به من الطرفين. لم نصل بعد إلى الثقافة الاجتماعية التى تؤهلنا، مسلمين وأقباطا، لتقنين حرية تغيير العقيدة. أغلب المتحولين من هذا الدين إلى ذاك، أو من طائفة إلى طائفة داخل الدين نفسه، يفعلونها لأسباب واهية، عاطفية أو مادية، دون أن يدرسوا الدين الآخر جيدا، بل إن أغلبهم لا يعرفون إلا القشور من دينهم الموروث جيدا، والعديد منهم يعودون للدين الأول بعد أن تنقضى أغراضهم.
كل الأنبياء وجدوا عسرا شديدا فى إقناع معاصريهم بالدين الجديد رغم نزول الوحى الإلهى، فالشعوب تصر على أن تظل على دين الآباء، وحتى بعد الإذعان للدين الجديد بعد انتصاره، تتمسك الأغلبية العظمى بالأعراف والأفكار والتقاليد الموروثة، ومازلنا نعانى من ذلك حتى يومنا هذا. أغلب ما ينسب للإسلام ويسىء إليه اليوم لا يمت للعقيدة الأساسية بصلة.
وسؤالى الصعب هو: هل حالنا اليوم أفضل كثيرا من أحوال الشعوب الغابرة؟
قرأت لكثير من المفكرين والكتاب والشعراء الغربيين يشيدون بالإسلام ونبيه الكريم ولكنى لم أعرف أحدا منهم غير دينه إلى الإسلام . كتب جوته أكبر شعراء ألمانيا يشيد بمحمد وردد عبارات مستوحاة من القرآن الكريم فى العديد من قصائده وأسر لأحد أصدقائه بأنه يحلم بكتابة عمل درامى ضخم حول رسول الإسلام، إلا أن المنية وافته دون أن يحقق ذلك الحلم . وأمير الشعراء الروس بوشكين فعل نفس الشىء وكتب قصيدة يقسم فيها بالشفع والوتر، وردد إعجابه اللا محدود بسورة "الأحزاب" وغيرها فى القرآن الكريم، ولكنه لم يغير دينه. والعديد من الباحثين الجادين فى اللاهوت درسوا البوذية واليهودية والمسيحية والإسلام بعمق وأصدروا كتبا ضخمة حول كل دين، ومنهم كاثرين آرمسترونج التى لخصت كتابها فى حلقات بجريدة الأهرام منذ أعوام، وآرثر كوينج الذى زار القاهرة مؤخرا واستضافته الجامعة الأمريكية ودخلنا معه فى جدال حول دعوته إلى الحوار بين الأديان. يومها قلت لكونج إذا كانت المذاهب والطوائف داخل الدين الواحد لم تجد سبيلا إلى الحوار، فهل سيحدث هذا بين الأديان، ومع أى طائفة سيتحاور كل دين، وهل ستقبل الطوائف أو المذاهب الأخرى ما انتهى إليه المتحاورون.. إلخ.
لم يتقدم الوعى الثقافى كثيرا فى بلادنا لكى نتجاهل التاريخ ونزعم أن الزمن تجاوز ما حدث فى الماضى.
نحن شعوب تعيش الماضى وتنتقى من الحاضر ما يتفق معه ولا يخدشه، وتتجاهل المستقبل تماما . وإطلاق حرية العقيدة اليوم ليس سوى منح شخص درجة الدكتوراه بعد أن فشل فى اجتياز امتحان الابتدائية.
حرية العقيدة حق أساسى من حقوق الإنسان، وحرية الاختيار حق آخر ينسحب على كل ما يخص الفرد من أمور ومنها عقيدته الدينية والسياسية. ولما كنا قد ورثنا الدين عن آبائنا فإن حرية التحول من دين إلى آخر أمر بديهى لا يحتمل النقاش. غير أن الدين (الإسلامى أو المسيحى) لن يهتز ولن يتهاوى إذا ما غادرته أفراد أو جماعات، كذلك لن يزيد ثراء ومنعة إذا ما انضم إليه المئات أو الآلاف. لم تعد الزيادة العددية سبيلا إلى التفوق والقوة، فالعبرة بالكيف وليس بالكم. فماذا فعل المليار ونصف المليار مسلم لإنقاذ دينهم من براثن التخلف الذى انقض عليه فى السنوات الماضية ونفَر شعوب الأرض كلها منه؟ والأعداد الهائلة من المسلمين الذين فتحت لهم أوروبا أبوابها عن طيب خاطر وأتاحت لهم فرص العمل والتعلم والحياة الاجتماعية الكريمة لم يحسنوا التصرف وأساءوا إلى الإسلام وأفسدوا العلاقة بين الشرق والغرب بتحولهم فجأة إلى التزمت الدينى والإسلام المظهرى الذى لا يفيد كثيرا.
لم يبذلوا جهدا يذكر لإقناع الغرب بما فى الدين الحنيف من مبادئ سبق بها العالم، وإن لم تطبق بين أبنائه.. مبادئ المساواة التامة بين البشر و"لا إكراه فى الدين" واحترام الآخر "لكم دينكم ولى دين" والإعلاء من شأن المرأة بمنحها الذمة المالية وحق الميراث وحق فسخ الزواج الفاسد (العصمة والخلع) والمشاركة فى كل ما يفيد المجتمع من أنشطة.. إلخ.
كل هذه القيم الرائعة غابت تماما عن المسلمين الذين هاجروا إلى الغرب، نسوا دينهم الحقيقى وتذكروا فقط جرائم الشرف والحجاب والنقاب والصلاة على الأرصفة فى شوارع أوروبا وذبح الأضاحى على قارعة الطريق.. إلخ .
كانت رحلتى الأولى إلى أوروبا عام 9691 أما الأخيرة فكانت فى أغسطس الماضى.. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية سافرت إلى أوروبا وأمريكا العديد من المرات، شهدت خلالها تغيرا جذريا بين المصريين والعرب الذين التقيت بهم. تراجع مظهر المسلمة وأصبحت تميز نفسها بالحجاب والجلباب والنقاب أحيانا، وتباعد المسلمون عن مواطنيهم المسيحيين وتفشت بين المسيحيين نبرة الغضب والتذمر وكثرة النقد لبلادهم و.. ولم ألحظ أبدا تقدما فى المعرفة الدينية أو فهما لمقاصدها بين أى من الطرفين.. وهذا حديث قد أعود إليه ويضيق عنه المقام الآن.
الشرقيون اليوم (وأقصد بهم المسلمين والمسيحيين عربا وغير عرب) ليسوا على استعداد لهذه الخطوة الجبارة.. إطلاق حرية تغيير الدين، ويكفى أن ننظر حولنا إلى النموذج الوحيد الذى يتخيل البعض أنه قد طبق هذه الحرية لنكتشف أن مواطنى تلك الدولة صاروا أكثر تمسكا بمذاهبهم الدينية وطوائفهم وعلى استعداد للذود عنها ضد الطوائف الأخرى سواء كانت من دينهم أو من الأديان الأخرى. الولاء للمذهب أصبح فوق الولاء للوطن، رغم التزاوج بحرية بين جميع المذاهب والأديان.
أما عن المثقفين فحدث ولاحرج، ولنعد قليلا إلى الوراء ونتذكر اللغط الحادث فى السنوات الماضية، لندرك أن غياب الوعى الثقافى سببه الأساسى انعدامه لدى أغلبية ضخمة ممن يتصدون لمخاطبة الناس سواء عن طريق الصحف أو التليفزيون أو مباشرة فى المساجد والندوات والجلسات الخاصة. ولا أشك لحظة أن أعضاء الشعب سيكونون أول من يعارض أى قانون تحاول الحكومة أن تمرره يقضى بإلغاء المادة الثانية من الدستور ويبيح حرية تغيير الدين.
وأكاد أتصور "سيناريو" ما سيحدث يومها: ستنبرى أغلبية ساحقة من أعضاء الحزب الحاكم للدفاع عن "عقيدتنا"، سيغمى على عضو مستقل حزنا على الكفر الذى تفشى فى البلد وسوف يطالب البعض بإقالة رئيس الوزراء ووزير الثقافة الذى لا شك أنه وراء ذلك القانون الشيطانى، وسيلتزم الإخوة الأقباط الصمت، أما الأعضاء من جماعة الإخوان فسيتفرجون صامتين فرحين بما وصلوا إليه من نجاح ساحق.
والحديث لم ينته بعد.. فلنستكمله فى الأسبوع القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.