وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    اليوم .. بدء القيد بالنقابة العامة لأطباء الأسنان لخريجى الكليات دفعة 2024    فرص عمل فى مشروع الضبعة النووية بمرتبات تصل ل45 ألف جنيه    أسعار الدواجن والبيض اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025    110 جنيهات زيادة في أسعار الذهب محلياً خلال أسبوع    سعر الدولار الأمريكي اليوم الأحد 16نوفمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025    لأعمال الصيانة .. قطع الكهرباء عن 17 قرية وتوابعها بكفر الشيخ    مادورو: المناورات العسكرية الأمريكية مع ترينيداد وتوباجو غير مسئولة    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    البث المباشر لمباراة نيجيريا والكونغو الديمقراطية.. قمة نارية لحسم بطاقة الملحق العالمي لمونديال 2026    متي ينضم محمد صلاح لمعسكر الفراعنة قبل أمم أفريقيا ؟ ليفربول يحدد الموعد    الأرصاد الجوية : الطقس اليوم مائل للبرودة وشبورة وأمطار والعظمى بالقاهرة 25 والصغرى 17    ضبط شخصين تعديا بالضرب بالشوم على شاب في الشارع بالمنيا    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    «حماة الوطن» يعقد مؤتمرًا حاشدًا بالإسماعيلية لدعم مرشحيه    اليوم.. استئناف المتهمين بتجارة المخدرات وغسيل الأموال على حكم سجنهم بعابدين    اليوم.. نظر محاكمة 20 متهما بالهيكل الإدارى بأوسيم    اليوم.. محاكمة مفتش آثار لاتهامه باختلاس 370 قطعة آثار وتهريبها للخارج    نجم مسلسل "الهيبة" السوري يعتنق الديانة المسيحية (فيديو)    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    رئيس هيئة المتحف الكبير: لا صحة لشائعات منع المصريين.. والزيارة بنظام التوقيتات للجميع    تنفيذ مداهمات ضد الهجرة غير الشرعية في مدينة شارلوت الأمريكية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    استقرار أسعار اللحوم في الأسواق المصرية اليوم الأحد    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    القصة أخدت بُعد ديني، حفل محمد عبد الجبار في ذي قار يثير جدلا بالعراق (فيديو)    وزير الاستثمار: نستهدف مضاعفة صادرات الملابس المصرية 3 مرات بحلول 2030    بسبب معاكسة فتاة.. حبس 6 أشخاص في مشاجرة بالمطرية    رئيس قصور الثقافة يتابع حالة طلاب أسوان المصابين في حادث طريق إسنا    وزير الصحة ينفي شائعات نقص الأنسولين: لدينا 3 مصانع واحتياطي استراتيجي يكفي 4 أشهر    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    "دولة التلاوة".. برنامج قرآني يتصدر الترند ويُحيي أصالة الصوت المصري    يومًا للتضامن.. شهادات صادمة تكشف حجم الانتهاكات في الفاشر    أدم محمد صبري: والدي رفض دخولنا نادي الزمالك ب "الواسطة".. وهذه وصيته لنا    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    "ضد الإبادة".. ظهور حمدان والنبريص والدباغ في خسارة فلسطين أمام الباسك    عمرو أديب بعد حادث أحمد سعد: واخد عين.. حوادثنا قاتلة رغم الطفرة غير الطبيعية في الطرق    المستشار ضياء الغمرى يحتفل بحفل زفاف نجله محمد علي الدكتورة ندى    إيران تحذر من تداعيات التحركات العسكرية الأمريكية في منطقة الكاريبي    أهلي جدة يبدأ خطوات الحفاظ على ميندي وتجديد العقد    فيران توريس بعد دخوله نادي العظماء: الطموح لا يتوقف مع الماتادور    بدون إصابات.. السيطرة على حريق في برج سكني بفيصل    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إسرائيل: لا إعادة إعمار لقطاع غزة قبل نزع سلاح حماس.. قتلى وجرحى فى انزلاق أرضى فى جاوة الوسطى بإندونيسيا.. الجيش السودانى يسيطر على منطقتين فى شمال كردفان    تريزيجيه: اتخذت قرار العودة للأهلي في قمة مستواي    اختتام المؤتمر العالمي للسكان.. وزير الصحة يعلن التوصيات ويحدد موعد النسخة الرابعة    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مؤتمر السكان والتنمية.. وزير الصحة يشهد إطلاق الأدلة الإرشادية لمنظومة الترصد المبني على الحدث    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارطة الطريق من يوسف الصديق
نشر في المصريون يوم 29 - 08 - 2010

تعرضنا في الحلقة الأولي من سلسلة ( خارطة الطريق من يوسف الصديق ) الى العنصر الأول وهو : أهمية التخطيط, ثم في الحلقة الثانية الى العنصر الثاني: صفتان لازمتان للقائد , وفيما يلي العنصر الثالث:
3/ عوائق على الطريق
أولا : طول الطريق ومشقته : أظهرت السورة أن طريق الريادة والتمكين شاق ووعر وطويل – فقد بدت القصة مع يوسف في رحلته من الوطن الى الغربة فالعبودية فالغواية الى السجن وصولا الى التمكين, عبر عدة ابتلاءات واختبارات هامة ومؤثرة, مما يقطع الطريق على المتحججين بحجج دون ذلك, فلم يكن لدى يوسف عليه السلام أية مقومات مادية تعاونه, فهو البعيد عن وطنه, المنقطع عن أهله, الفاقد لحريته.
ولم يستسلم يوسف عليه السلام ولم يركن لفقده هذه المقومات, بل قاوم كل عثرات الطريق بالاستقامة والخلق وبذل الجهد, ليضع منهجا لأي داعية من بعده يتمثل في " صلاح نفسه" و" دعوة غيره" .
ثانيا : الانحرافات الأخلاقية
تمثل الانحرافات الاخلاقية واحدة من أهم العوائق التي تعترض طريق المصلحين , وقد أظهرت سورة يوسف بعض االانحرافات الاخلاقية المجتمعية التي تؤدي الى نتائج وخيمة.
فقد تمثل الانحراف الاخلاقي في حسد إخوة يوسف له, وهو خلق ذميم , وهو أول ما عُصي اللهُ به, حسد ابليس لأدم واستنكاره أن يسجد له.
ويعتبر الحسد الدافع لأول جريمة على وجه الأرض ( حسد قابيل لهابيل) , فعندما تقبل الله من أحدهما , ولم يُتقبل من الأخر قال: لأقتلنك, وقتل قابيل هابيل كأول حالة قتل في التاريخ.
وتمثل الخلل المجتمعي البارز كما ظهر في القصة من غواية امرأة العزيز ليوسف , وفي مجالس الغيبة ( وقال نسوة في المدينة ) , وفي شيوع الانحراف ( كما في سلوك نساء المجتمع صوب يوسف للدرجة التي جعلته يدعو ربه بقوله : أن لم تصرف عني كيدهن (, ونرى ذلك الخلل المجتمعي الكبير في ذلك السكوت أو الغياب المذهل لرجال المجتمع في ضبط نسائهن ).
ثالثا : الظم والاستبداد من أكبر المعوقات
إن موقف ملك مصر كان في غاية الروعة والحكمة,فقد رأينا أن الملك قد تقصى الحقائق في قضية يوسف, وجاءت نتيجة التحقيق غير ملفقة, وقد كان من المتصور وفقا لأعراف السلطة والاستبداد أن تميل التحقيقات لصالح سيدة القصر وزوجة المسئول الكبير,لكن التحقيقات جاءت عادلة وغير مزيفة, ولذلك واجه الملك النسوة بصحيفة الاتهام الحقيقية فقال : (ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ), وهذا يعني اتهامهن بشكل مباشر بتلك المراودة , وكان من عدل الملك أنه لم يكتف بالتحقيقات " على صدقها ونزاهتها" لكنه أستدعى النسوة ليقمن بالرد على الاتهام الموجه لهن,فأقررن بالحقيقة, وحينئذٍ علم ببراءة يوسف, فلم يكتف برفع الظلم عن المظلوم باخراجه من السجن فقط, بل قام بتكريمه وادناه منه وولاه منصبا هاما من أرفع مناصب الدولة.
واحسب أن دولة ترفع الظلم عن مواطنيها لجديرة بأن تتحقق فيها الادارة الجيدة لشؤونها, ولعل فضل الله برفع البلاء عن هذه الدولة وانقاذها من المجاعة, بل ومساهمتها في انقاذ الدول المجاورة لها من المجاعة كان ثمرة لتحقيق العدالة ورفع الظلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " - 28/63 - في " رسالة في الحسبة " ما نصه :
فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ عَاقِبَةَ الظُّلْمِ وَخِيمَةٌ وَعَاقِبَةُ الْعَدْلِ كَرِيمَةٌ وَلِهَذَا يُرْوَى : " اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَا يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً " .
وفي موضع أخر في السورة الكريمة, عندما أراد يوسف أن يأخذ أخاه فقال إخوته : قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78)قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ
لم يقل يوسف عليه السلام: معاذ الله أن نأخذ بريئا بجريرة سارق . لأنه كان يعلم أن أخاه ليس بسارق . فعبر أدق تعبير, مؤكدا على نفي الظلم عن نفسه في حكمه .
رابعا : تمهيد الأرض للسير الأمن :
من عوائق الطريق أيضا أن يتم النظر للمستقبل دون تصحيح أخطاء الماضي , ولذلك طلب يوسف انهاء مشكلة الماضي قبل التطلع للمستقبل , وقد تم ذلك بإقرار المخطئين على أنفسهن,وابراء ساحته وتطهير سمعته.
[وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)
خامسا : التشويه
وعلى طريق النهضة والريادة والاصلاح نجد جهد أهل الباطل في تشويه أهل الحق, وتشويه منهججهم , رأيناه في كل عصر ومصر, منذ عهد نوح عليه السلام وهو يقوم باعداد سفينة النجاة فيسخر منه قومه, الى عهد ( وحيد حامد) وهو ينكر عذاب القبر في مسلسل ( العائلة), ويصف الإسلاميين بكل نقيصة في أكثر من عمل, ثم أخيرا في مسلسل " الجماعة", ويبدو أن الحق وأهله لا يمكن أن يكونون بمنأي عن حملات التشويه أبدا, وقد لاحظنا ذلك في سورة يوسف, في وصف أخوته لأبيهم, ‘ذ يصفون نبيا كريما هو يعقوب عليه السلام أنه من الضآلين!!: [ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8)] .
وأوضحها الله بجلاء تام في سورة المطففين: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ (32)
ووجدنا أمراة العزيز تريد إغواء يوسف فيمتنع, فإذا بها تسارع بالصاق التهمة به, ولم تكتف بذلك بل بادرت باصدار الحكم!!, كما قال الله تعالي: [وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25)]
وهذا دأب أهل الباطل , إن لم يجاريهم أهل الحق في باطلهم ألصقوا بهم التهم الباطلة وحكموا عليهم بالأحكام الظالمة, وفي السياق نفسه ووجدنا إخوة يوسف بعد السنوات الطويلة التي مرت على جريمتهم بحق يوسف, إلا أن الكذب لا يزال يجري على السنتهم , و الحقد لا يزال يملأ قلوبهم صوبه, فما إن عرفوا بوجود صواع الملك في متاع أخيهم بادروا : [ قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)].
وهنا تتبدى الدقة في أقوال يوسف حينما حاوره إخوته بقولهم: قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78)قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)
لم يقل يوسف عليه السلام : معاذ الله أن نأخذ إلا من سرق, لأن الحقيقة أن أخاه لم يسرق, فكان دقيقا في قوله: [معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده]..
لذلك أحسب أنه على الدعاة الى الله أن يدركون أنه ما من حق يُصدع به, إلا وباطل يقوم للتصدى له, ولذلك لا يجب أن يحرفهم ذلك عن غاياتهم الكبرى وأهدافهم السامية, دون تجاهل عثرات الطريق ومعوقاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.