«الشعب يريد الغاز القديم» هكذا طالب الثوار بعودة الغاز المسيل للدموع الذي كان يلقي عليهم في الأيام الأولي للثورة، لعله يكون أهون من الغازات القاسية التي تلقي عليهم اليوم في ميدان التحرير وبعض ميادين الجمهورية الأخري! حيث أكد معظم من شاركوا في التظاهرات أن الشرطة تلقي عليهم أنواعا جديدة ومختلفة أكثر فاعلية وأكثر قسوة، حيث أكد بعض أطباء الميدان أنها تسببت في زيادة عدد الشهداء نتيجة الاختناق الشديد الذي تسببه. الغاز المسيل للدموع أو الغاز الدامع هو مركب كيميائي يستخدم لتحفيز أعصاب القرنية في العيون، مما يؤدي إلي إسالة الدموع والإصابة بالآلام والحرقان، وأحيانا يصيب بالعمي والغازات الشائعة المستخدمة لإسالة الدموع هي «سي إس» - سي آر - سي إن - أو إس». تصنع في الغالب من جسم خارجي من الألمونيوم بأعلاه خمسة ثقوب وأسفله ثقب واحد، مغطاة كلها بطبقة من الشمع اللاصق، ويؤدي إطلاق القنبلة المسيلة للدموع إلي ذوبان طبقة الشمع اللاصق وخروج الغاز من القنبلة. وتلزم قوانين الأنظمة الديمقراطية قوات الشرطة بالتدرب جيدا علي استخدام القنابل المسيلة للدموع، وعدم إطلاقها إلا في حالة الضرورة مع مراعاة معايير قانونية محددة لهذا الغرض، لكن هذه المعايير لا يتم الالتفات إليها في كثير من الدول التي تستخدم أجهزتها الأمنية الغازات المسيلة للدموع لتفريق التجمعات الاحتجاجية. تتكون الغازات المسيلة للدموع من جزئيات صلبة متناهية الصغر تتحول عند إطلاقها في الجو إلي غازات، تتسبب في إصابة مستنشقيها بأعراض مختلفة، وتعمل علي تهييج الأغشية المخاطية في العين والأنف والفم والرئتين، مما يسبب البكاء والعطس والسعال وصعوبة التنفس ويمكن أن يتسبب التعرض للغازات المسيلة للدموع لفترات طويلة وفي أماكن سيئة التهوية، في حدوث مشاكل صحية خطيرة، من بينها الجلوكوما المسبب أحيانا للعمي، والحروق من الدرجة الثانية، والموت الناشئ عن حروق كيميائية للرئتين أو البلعوم، وتعريض النساء الحوامل لخطر الإجهاض. تتفاوت تأثيرات الغازات المسيلة للدموع حسب نوعها وكميتها التي يستنشقها الشخص المستهدف، وينتج في العالم من هذه الغازات ما يقارب 15 نوعا .. من أشهرها ثلاثة تختلف فيما بينها وفقا لتأثيراتها وهي: الأقل تأثيرا.. وهو شائع الاستخدام ويصنع من غاز (سي إن) ذي التأثير الوقتي والذي يتلاشي سريعا. المتوسط التأثير.. ويصنع من غاز (سي إس) ويعتبر أكثر فعالية وسمية وإضرارا بالبيئة. - الأقوي تأثيرا.. ومنها غاز (السي آر) وتم إيقاف استخدامه عام 1956 بسبب تأثيراته المسببة لتقيؤ متواصل قد يفضي إلي الوفاة. - ما هي أنواع الغازات التي تلقي علي الثوار في ميدان التحرير؟ أكد الدكتور أحمد فاروق المنسق العام لجمعية أطباء التحرير أن أكثر من 40% من المتواجدين بالميدان يعانون من أعراض هذا الغاز التي تمثلت في تشنجات وقيء وفقدان مؤقت للوعي، مشيرا إلي أنه توافرت لديهم عبوات فارغة للغازات التي يتم إلقاؤها علي المتظاهرين بالميدان تم حصرها في 3 أنواع وفق ما كان مكتوبا علي العبوات وهي «سي إس» C S المنتهي الصلاحية و«سي آر» C R المصنف دوليا كسلاح حرب! بالإضافة إلي نوع ثالث مجهول ليس مكتوبا علي عبوته أي بيانات والذي تشبه رائحته إلي حد كبير غاز الخردل، مشيرا إلي أنه تم أخذ تلك العبوة من قبل أحد الأطباء لتحليلها في أحد المعامل لتبين ما تحتوي عليه تحديدا، مؤكدا أن استخدام هذا النوع المختلف من الغاز هذه المرة بهذا القدر من الكثافة أدي إلي حدوث عدد كبير من الوفيات التي نتجت عن تقلصات شديدة بالجسم نتيجة القيء والاختناق. - سي إس هو الاسم الشائع للمادة الكيميائية «كلوروبنزالمالونونيتريل» يستخدم في تفريق المظاهرات، وهو في الحقيقة ليس غازاً، إنما يوجد علي شكل رذاذ لمادة مذيبة متطايرة مضافا إليها مادة الكلوروبنزالمالونونيتريل (سي إس)، وهي مادة صلبة في درجة حرارة الغرفة. يعتبر غاز سي إس مادة غير قاتلة، وقد اكتشفه أمريكيان هما بن كورسون وروجر ستوتون في كلية ميدلبيري. واشتق اسمه الشائع (سي إس) من الحرفين الأولين من اسمي عائلتي مكتشفيه، طورت مادة سي إس، وأجريت عليها التجارب سراً في حقل تجارب بورتون داون وهو حقل تجارب أجري فيه الجيش البريطاني العديد من التجارب علي الأسلحة الكيماوية، في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، واستخدم في البداية علي الحيوانات، ثم علي متطوعين من جنود الجيش البريطاني، ولوحظ أن تأثير سي إس علي الحيوانات محدود نظراً «لقنواتها الدمعية الأقل تطوراً ولأن وجود الفراء يشكل نوعاً من الحماية» واستخدام السي إس حظي بانتشار أكبر نظراً لآثاره القوية مع انخفاض سميته بالمقارنة بغيره من المواد الكيماوية المماثلة. ويعتمد تأثير السي إس علي كونه في صورة محلول أو علي شكل رذاذ؛ إذ يعتبر حجم قطرات المحلول أو جزيئات الرذاذ من العوامل المحددة لمدي تأثيره علي الجسم البشري. تتفاعل المادة مع الرطوبة الموجودة علي الجلد وفي العينين، مسببة الشعور بالحرقان وإغلاق العينين علي الفور بقوة. وتشمل الآثار عادةً سيلان الدموع من العينين والمخاط من الأنف، والسعال، والشعور بحرقان في الأنف والحلق، وفقدان التركيز، والدوار، وصعوبة التنفس. كما يحدث السي آر حروقاً في الجلد في المناطق المرطبة بالعرق أو في حالة التعرض للشمس الحارقة. وقد يتسبب في حدوث سعال شديد وقيء في حالة استخدامه بجرعات عالية التركيز. وتنتهي جميع الأعراض تقريباً في ظرف دقائق. رغم أن السي إس يصنف كسلاح يستخدم لتفريق الجموع، إلا أن العديد من الدراسات أثارت الشكوك حول هذا التصنيف، فبالإضافة إلي أنه قد يتسبب في أذي شديد للرئتين، فقد يؤثر أيضاً تأثيرات بالغة علي القلب والكبد، حيث نشر البروفيسور أوفي هاينريش دراسة أجراها جون دانفورث - من مكتب الاستشارات الخاصة الأمريكي - حول استخدام سي إس، وخلصت الدراسة إلي أن هناك عاملين يحددان إمكانية حدوث الوفاة نتيجة لاستخدام هذا الغاز هما: استخدام أقنعة الغاز من عدمه، وما إذا كان من يتعرضون للهجوم بالغاز موجودين في منطقة مفتوحة أم مكان مغلق، حيث إنه في وجود المهاجَمين في مكان مغلق يعني أن هناك احتمالا واضحا لأن يساهم غاز سي إس في إحداث الوفاة! ويؤدي السي إس داخل الجسم إلي تكون مادة السيانيد السامة. ويذكر تقرير أصدره مركز الجيش الأمريكي لتحسين الصحة والطب الوقائي أن غاز السي إس يطلق «أبخرة شديدة السمية» عندما يسخن إلي حد التحلل، وأن فيه تركيزات عالية تمثل خطراً عاجلاً علي الحياة. كما ذكر التقرير أيضاً أنه يجب تقديم العلاج الطبي بشكل فوري لمن يتعرض لهذا الغاز. - السي آر أو ثنائي البنزوكسازيبين وهو مادة مسيلة للدموع ومسببة للشلل المؤقت، طورت بواسطة وزارة الدفاع البريطانية لتستخدم في تفريق المظاهرات في أواخر خمسينيات القرن العشرين وبداية الستينيات. مادة سي آر هي مادة بلورية صلبة رائحتها شبيهة برائحة الفلفل. وهو ضعيف الذوبان في الماء ولا ينحل فيه، يوجد عادة علي شكل حبيبات متناهية في الصغر معلق في سائل أساسه مادة البروبيلين جليكول. وعلي عكس ما يبدو من الاسم، فغاز السي آر ليس في الواقع غازاً، بل هو مادة صلبة. وتبلغ قوته من 6 إلي 10 أضعاف قوة السي إس .. ويتسبب في تهيج شديد للجلد، وخاصة حول المناطق الرطبة من الجسم، وتشنج في الجفن ويتسبب في حدوث عمي مؤقت، وسعال وصعوبة في التنفس وهلع، كما يمكن أن ينتج عنه شلل فوري. ويشتبه في كون مادة سي آر مادة مسرطنة.. وهو سام في حالة ابتلاعه والتعرض له علي حد سواء وقد يتسبب في الوفاة في حالة التعرض لكميات كبيرة منه، وهو ما يمكن أن يحدث خاصةً في الأماكن سيئة التهوية، حيث يمكن أن يستنشق الشخص جرعة مميتة منه خلال دقائق معدودة. وسبب الوفاة في هذه الحالات هو إسفكسيا الخنق أو الوذمة الرئوية. يستمر تأثير مادة سي آر لفترات طويلة، وقد يظل علي الأسطح، وخاصة الأسطح المسامية، لمدة تصل إلي 60 يوماً. علي النقيض من غاز سي إس، الذي يمكن إزالة آثاره باستخدام كميات كبيرة من الماء، فإن استخدام الماء في حالة السي آر قد يؤدي إلي تفاقم آثاره. وقد يتسبب غسل البشرة الملوثة بمادة سي آر بالماء في ألم شديد يستمر لمدة 48 ساعة. الإجراءات العلاجية في هذه الحالات هي مجرد إجراءات لتخفيف الأعراض. تنزع الملابس الملوثة، وتغسل العينان والجلد، ويمكن استخدام قطرات العين لتخفيف آلام العينين. في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، استخدم غاز سي آر في بعض مناطق جنوب أفريقيا ليتسبب في حدوث بعض الوفيات، وخاصة بين الأطفال. علمنا من أحد مصادرنا بالداخلية الذي رفض ذكر اسمه أنه تم صرف حوالي 12 مليون دولار بعد الثورة في ظل الأزمة المالية لاستيراد تلك الكمية الموجودة حاليا من قنابل الغاز بعد نفاد الكمية المخزنة في أعقاب ثورة يناير.. ويبلغ سعر القنبلة الواحدة 48 دولارا! - الرصاص المطاطي هي قذائف مطاطية أو مغطاة بالمطاط يمكن إطلاقها من أسلحة نارية عادية، أو من بنادق الشغب. صممت لكي تكون أقل ضررا كبديل عن القذائف المعدنية. وكالقذائف المماثلة الأخري المصنوعة من البلاستيك والشمع والخشب وفي الغالب تستخدم للسيطرة علي الحيوانات، لكنها تستخدم بشكل واسع في أحداث الشغب علي يد قوات مكافحة الشغب. الرصاص المطاطي هو عبارة عن رصاص عادي مصنوع من الفولاذ الصلب ومغطي بطبقة من المطاط (مع العلم أن المطاط لا يقلل من الخطورة) وهو متعدد الأشكال، منه الأسطواني أو الكروي. وهو غير مميت مادام لا يطلق من مسافات أقل من 40 متراً، ولكن هذا لا يمنع أضراره البالغة أو الشلل في حالات الإصابة في أماكن حساسة، كما يؤدي لتشوهات في الجسم وعدم توازن أثناء الحركة وصعوبة في المشي نتيجة الآلام المتسببة في القدم وغيرها من الأضرار الجسدية البالغة والتي تحدث في حال عدم الوفاة. وتكمن خطورة استخدامه في استسهال المجتمع الدولي بشأنه واعتقادهم بقلة ضرره واستباحة استخدامه في أبسط الظروف والمناسبات مع العلم أن الأضرار الناجمة عنه تكون حسب مسافة الإطلاق والتي تحدثنا سابقاً إنها يجب ألا تقل عن 40 مترا أيضاً. اللواء رفعت عبد الحميد أحد الذين تركوا الخدمة في وزارة الداخلية برغبتهم اعتراضا علي سياسات العادلي عام .1998 ومن شهد أيضا بعد الثورة بوجود قناصة بوزارة الداخلية يتحدث لروزاليوسف عن القنابل والرصاص المطاطي قائلا: «القنابل المسيلة للدموع المستخدمة في التحرير هي أمريكية الصنع ويتم استيرادها من أمريكا منذ عام .1974 والكمية التي استخدمت في 25 يناير كانت منتهية الصلاحية لأنها لم تستخدم لحوالي عشر سنوات وفسدت بسبب سوء التخزين وبها نسبة رطوبة عالية ومفعولها لا يتعدي 30% من تأثيرها الحقيقي.. أما القنابل الجديدة التي تم إلقاؤها هذه الأيام فهي قنابل حديثة والكمية الموجودة داخل العبوات من الغاز زيادة عن عبوات 25 يناير لأنها مازالت طازجة وجديدة.. والقنابل عبارة عن كبسولة وفتيل ومن الممكن أن تشتعل عند السقوط ولذلك يجب التقاطها بقماشة مبللة.. ولو سقطت في مكان جاف من الممكن أن تشتعل لأنها ساخنة جدا.. وكثرة التزاحم مع حداثة صنع القنابل تتسبب في قلة الأكسجين في الهواء. اللواء رفعت لا يستبعد استيراد قنابل مسيلة للدموع من إسرائيل ردا علي تساؤلنا حول هذه النقطة بموجب ما تم نشره علي الشبكات الاجتماعية من مجموعة صور للقنابل تحمل كلاما باللغة العبرية.. وقال: «لا يهمني بلد الصنع بقدر ما يهمني محتوي القنبلة هل هو مطابق للمواصفات أم لا؟! والقنابل تستورد من خلال مناقصة وبمواصفات معينة». وأكد أيضا أن كمية الغاز لو دخلت في مكان مغلق أو استنشقه مرضي من الممكن أن تكون له أعراض قوية تؤدي للوفاة، وقال: «وزارة الصحة تحلل الغازات الآن وسنعرف حقيقتها.. وكل شيء وارد وإن كانت هذه الغازات غير مطابقة للمواصفات أو محرمة دوليا فسيكون السبب في ذلك هو سوء نية من بلد المنشأ الذي قام بتصديرها لنا. أما بالنسبة للرصاص المطاطي فهو صناعة أمريكية وإيطالية وجزء منه مصنع في المصانع الحربية المصرية. وهو نوعان: الأول في شكل بلاستيكي، والعلبة بها 15 عبوة دائرية الشكل تشبه الرولمان بلي.. والنوع الثاني وهو الخرطوش عبارة عن عبوة بها 50 حبة صغيرة الحجم دائرية مصنوعة من مادة الرصاص وهي غير قاتلة، شريطة أن تستعمل أسفل الركبة فقط .. وغير مسموح بالضرب بها أعلي الحوض والبطن والصدر والرقبة والوجه أو الضرب في الظهر.. وهذا بموجب قانون 120 لسنة 71 المادة 109 الخاص بتسليح أفراد الشرطة وفض الشغب. وبما أن هناك حالات وفاة بسبب الخرطوش وحالات إصابة بالعمي فهذا يعني أن هناك مسئولية واضحة ومخالفة للقوانين في التعامل مع المتظاهرين، وذلك بالإضافة إلي أن الخرطوش يجب أن يكون آخر الحلول المطروحة لفض المظاهرات بعد استخدام العصا والدرع ثم محدثات الصوت ثم قنابل كرتونية وبعدها الغاز المسيل للدموع وأخيرا الخرطوش! ويتم إطلاق الخرطوش من بندقية سافيدج أمريكاني تسع طلقات ومحظور ضربها علي الأطفال أو السيدات ولا يوجد شيء اسمه إطلاق الخرطوش علي الأعين.. والمشكلة أن الضباط الموجودين في محمد محمود برتبة ملازم وملازم أول، وهم من المفترض أن يكونوا تحت الاختبار، فهم لا يعرفون نوع البندقية التي بأيديهم.. ولا يعرف كيف يفض المظاهرة أو أين يضرب وكيف؟ هذه مهمة الضباط الكبار وليس الصغار وهذا تجاوز أيضا! مستوردو معدات الأمن الصناعي والمستلزمات الطبية قاموا بنشر نوع جديد من واقيات الأدخنة يظهر للمرة الأولي بميدان التحرير، والكمامة الجديدة تشبه كثيرا المستخدمة في عمليات المارينز الخاصة ومزودة بفلتر يقوم بتنقية الهواء ولاقت رواجا كبيرا داخل الميدان. ويقوم البائعون ببيعها للمتظاهرين علي مداخل الميدان وهم يمتلكون محلات لبيع المستلزمات الطبية وقد قاموا باستيراد كميات كبيرة من تلك الكمامات والواقيات أثناء أزمة أنفلونزا الطيور والخنازير ولكنها لم تلق الرواج الكافي!؟