كتب : ماجد عطية فى نهاية الشهر الماضى تم تكريم الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى المصرى من قبل البنك والصندوق الدوليين بمناسبة اختياره من قبل المجلة الأمريكية (يورومنى) كأفضل محافظ بنك مركزى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكانت نفس المجلة الأمريكية قد اختارته عام 2007 كأفضل محافظ فى منطقة الشرق الأوسط فقط بالإضافة إلى اختيار سابق من قبل اتحاد البنوك العربية عام 2005. التكريم الأول جاء عقب توقيع السيد المحافظ مذكرة تفاهم مع البنوك الدولية والتى يتم فيها التعهد ببيع بنوك مصر وكان السيد المحافظ قد أعلن فى لقاء مع المصريين فى واشنطن أنه سيتم بيع (جميع بنوك مصر).. الأمر الذى أثار شهية الرأسمالية العربية الساعية إلى السيطرة على اقتصاد مصر على النحو الذى جرى بالفعل بالنسبة للصفقات التى تمت. أما تكريم يورومنى 2007 فقد كانت الحيثيات تركز على صفقات بيع عدد من البنوك وإدماج عدد آخر من البنوك التى قيل إنها خاسرة وفى الحقيقة أنها (مخسرة).. على النحو الذى سيأتى ذكره فى هذا التقرير. وتأتى حيثيات التكريم كأفضل محافظ لعام 2011 استنادا إلى المعايير العالمية وفى مقدمتها الثقة التى بثها المحافظ مع المتعاملين فى الاقتصاد ومع البنوك خلال الفترة التى مرت بها مصر بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن وأدت أيضا إلى استقرار سعر الصرف بالنسبة للجنيه المصرى. حقائق غير معلنة بالنسبة لصفقات بيع البنوك هناك تقارير رافضة لأسلوب البيع والتقييم الذى تمت على أساسه صفقات البيع.. على سبيل المثال : بنك رابح وبلغت قيمة السهم فى البورصة 37 جنيها وأطلقت عليه إشاعة البيع فهبط السهم إلى 26 ثم إلى 16 جنيها. لكن الصفقة عقدت بسعر 11 جنيها فقط للسهم.. المهم فى الأمر أن البنك قبل الخصخصة كان رابحا طوال تاريخه وكان يعد ليكون بنكا لإقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. لكن البنك بعد البيع ومنذ ستة أعوام لا يزال يسجل خسارة سنوية اقتربت فى مجموعها من رأس المال. الحقيقة الثانية حول سعر صرف الجنيه بالنسبة للعملات الأجنبية والدولار بصفة خاصة، فإن سعر الصرف قد سجل خفضا لقيمة الجنيه المصرى بنسبة 15% حتى اقترب من ستة جنيهات. الحقيقة الأخرى حول دمج البنوك والحجة المعلنة أنها بنوك خاسرة.. فى حين أن المركزى هو الجهة التى عينت رؤساء مجالس الإدارات، وأعضاء مجالس الإدارة وبعض من هؤلاء قد دخل السجن.. ولا ذنب للمساهمين الذين فقدوا قيمة مساهماتهم وتحولت الأسهم التى بين أيديهم إلى أوراق لاقيمة لها.. ولا يخجل البنك المركزى من قراره باعتبار الأسهم (صفر).. ولا يمر الأمر هكذا لأن البنك المركزى دعم البنك الجديد الذى أسموه (البنك المتحد) بقيمة أربعة مليارات جنيه ورغم ذلك لايزال البنك يسجل خسائر سنوية. البنوك.. والمدخر الصغير من المفترض أن البنك المركزى رقيب على الجهاز المصرفى.. لكن الذى يحدث فى واقع الأمر يختلف. البنك المركزى نفسه يقترف سياسة معادية للمدخر الصغير فهو منذ أربع سنوات يصر على خفض الفائدة وللمرة السادسة عشرة بالنسبة للمدخرات، حيث تشكل المدخرات العائلية 75% من هذه المدخرات التى بلغت فى نهاية يونيه الماضى 4,965 مليار جنيه. وحجة البنك المركزى أنه يحافظ على السعر المنخفض لصالح المستثمر ولصالح مواجهة عجز الموازنة العامة.. هل صحيح هذا..؟ الصحيح أن متوسط الفائدة على المدخرات لا يتعدى 5,5% فى حين تقدم البنوك القروض الاستثمارية بأسعار تتعدى 16% وتقدم مساهمتها فى أذون وسندات الخزانة بما يقترب من 14%. الحرب على الغلابة شجع ذلك بقية البنوك على الاقتراب من المدخر الصغير.. اقترف البنك المركزى نفسه عند دمج البنوك الأربعة فيما سمى «المتحد» إهدار 300 مليون جنيه مساهمات الأفراد وأسهمهم فى هذه البنوك واعتبارها «صفر» وبعضهم ضاعت عليهم قيمة مساهماتهم من مدخرات العمر. بنك آخر.. إذا سحب المدخر الصغير جزءا من مدخراته أقل من خمسة آلاف جنيه فإنه يدفع رسوما تخصم من المبلغ المسحوب.. بالدقة - وهذه أوراق موجودة - مدخر فى دفتر توفير بالبنك يحصل على أربعة جنيهات فائدة شهرية.. وفى المقابل يخصم منه رسوم شهرية قيمتها 25 جنيها، وعند المراجعة قيل هذا «سيستم» البنك. مساهم يملك ألف سهم مثلا إذا سحبت قيمة الربح على السهم وهو لايزيد على جنيه واحد لكن يخصم منه ثمانون جنيها لأنه أقل من خمسة آلاف جنيه.. لكن إذا سحبت خمسة آلاف جنيه فأكثر فلا تخصم منه أية مبالغ. وهناك بنك كبير آخر إذا سحبت أقل من خمسة آلاف جنيه ستدفع رسوما ثلاثة جنيهات.. لكن إذا سحبت خمسة آلاف جنيه فلا تخصم منك أى رسوم. أين الرقابة؟ من يراقب هذه البنوك ومن يناقش البنك المركزى بالنسبة لسعر الفائدة المنخفض للمدخرات العائلية.. هل هى خطة لضرب الطبقة المتوسطة وهل إهدار معيشة الناس أيضا مخطط ليتم تحت مسميات غريبة.. متوسطة الفائدة 5,5% فى حين يصل التضخم إلى 14%. من أجل هذا يتم تكريم محافظ البنك المركزى.. وهل من أجل هذا التكريم نهدر حقوق المصريين.. بعد أن أهدرنا قيمة البنوك التى بيعت لغير المصريين.. حتى إن المحافظ نفسه أعلن ذلك أنه لا يبيع للمصريين وتم البيع بالفعل لغير المصريين.. وقضايا البيع شائكة ولكن أوراقها موجودة.