ننشر 8 نصوص بقانون الإجراءات الجنائية بعد موافقة النواب استجابة لرئيس الجمهورية..    بالأسماء والأسباب .. تعرف علي قائمة المستبعدين من خوض انتخابات النواب بالقليوبية    يرتدي جلبابا أحمر ويدخن سيجارة.. تصرفات زائر ل مولد السيد البدوي تثير جدلًا (فيديو)    ذروة تاريخية.. ارتفاع سعر الذهب بنحو 2% ليصل إلى 4274 دولارًا للأوقية    إزالة 39 مخالفة بناء على أملاك الدولة والأراضي الزراعية خلال حملات في الشرقية    وزير الاقتصاد الفلسطينى: دمار غزة تجاوز 90%    الهيئة الإنجيلية تشارك في دعم المتضررين في غزة ضمن مبادرة "مسافة السكة"    السفير حسام زكي: قمة شرم الشيخ أنهت حرب الإبادة على قطاع غزة عمليا    جماعة الحوثى تعلن تعيين يوسف المدانى رئيسًا جديدًا لهيئة الأركان العامة    بيع أكثر من مليون تذكرة ل كأس العالم 2026 والكشف عن أكثر 10 دول إقبالا    ترامب يجري اتصال هاتفى مع الرئيس بوتين    حكومة طالبان الأفغانية تلقي باللوم على باكستان في هجومين بطائرات مسيرة على كابول    قائد القوات المسلحة النرويجية: قادرون مع أوروبا على ردع روسيا    منذ قليل .. نهضة بركان المغربي يصل القاهرة لمواجهة بيراميدز في السوبر الأفريقي.. صور    قناة ليبيا الرياضية تعلن إذاعة مباراة الاتحاد الليبي والمصري بالكونفدرالية    فوز أبو قير والقناة وبترول اسيوط وخسارة طنطا بالمحترفين    سيدات يد الأهلي يهزمن فلاورز البنيني في ربع نهائي بطولة أفريقيا    سكك حديد مصر تعلن موعد تطبيق التوقيت الشتوي على الخطوط    النيابة تستمع لأقوال مسن الدقهلية والتحفظ على الباص المتسبب فى سقوطه    حجز قضية اتهام عامل بمحل دواجن بالخانكة بقتل شخص بسكين لحكم الشهر المقبل    طه دسوقى من مهرجان الجونة: ربنا ينصر غزة وفلسطين ويحل السلام الدائم    نائب رئيس مهرجان الموسيقى العربية: آمال ماهر تبرعت بأجرها ورفضت تقاضيه    حسام زكى: العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية السبيل الوحيد لهدوء الأوضاع فى غزة    رئيس الوزراء يطمئن على انتهاء أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير    مسرح المواجهة والتجوال يصل رفح دعمًا لأطفال غزة    وزراء التعليم العالي والرياضة والتربية والتعليم والثقافة يشاركون في احتفالية تكريم الدكتور خالد العناني بجامعة حلوان    الشيخ خالد الجندى: رأينا بأعيننا عواقب مخالفة ولى الأمر (فيديو)    الشيخ خالد الجندي: الله حرم الخمر والخنزير والبعض يبحث عن سبب التحريم    قافلة طبية مجانية بقرية سنرو بالفيوم والكشف على 1362 حالة وتحويل 33 للعمليات    نائب رئيس جامعة الأزهر بأسيوط يشهد انطلاق المؤتمر العلمي الخامس لقسم المخ والأعصاب بالأقصر    رئيس النواب: أتهيأ لأن أضع القلم الذي خدمت به الدستور والقانون    وفد بيراميدز يجري جولة تفقدية لملاعب التدريب في قطر قبل مباريات الإنتركونتيننتال    محامي زيزو ل"اليوم السابع": أدلة مستحقات اللاعب في اتحاد الكرة    رئيس الوزراء: الأمن المائي ليس مجالًا للمساومة.. والنيل بالنسبة لمصر قضية وجود لا تقبل المغامرة    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    مايا دياب ل يسرا: محظوظين بأسطورة مثلك    محمد رجب ينضم لنجوم دراما رمضان 2026 ب«قطر صغنطوط»    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبنى سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    ضبط معمل تحاليل غير مرخص بإحدى قرى سوهاج    سحر نصر: نبدأ مسيرة عطاء جديدة في صرح تشريعي يعكس طموحات أبناء الوطن    وعظ كفرالشيخ يشارك في ندوة توعوية بكلية التربية النوعية    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    في يوم الأغذية العالمي| أطعمة تعيد لشعركِ الحياة والطول والقوة    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    بطلها حسام عبد المجيد.. صفقة تبادلية بين الزمالك وبيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    السيطرة على حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم دون إصابات    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أديب نوبل كان يفضل عدوية على عبدالحليم حافظ


كتب: مؤمن المحمدي
هكذا قرأ محفوظ الشخصية المصرية وهضمها، ثم كتبها بطريقة يستطيع الجميع فهمها.
غير أن قراءات محفوظ لم تكن فقط من خلال رواياته كانت آراؤه ومواقفه فى بعض الأحيان حاسمة، دافعة لظاهرة ما فى اتجاه غير السائد، ليس فقط على مستوى الأدب بل ربما كانت إسهاماته فى مجالات أخرى أوضح وأكثر رسوخا.
وإذا تتبعنا علاقة محفوظ بالأغنية مثلا، أمكننا اكتشاف دور مذهل قام به محفوظ فى دفع تجربتين فى غاية الأهمية، كما أنه اكتشف جوانب متميزة فى موسيقيين معروفين.
وبحسب الباحث مصطفى رشدان فإن علاقة محفوظ بالموسيقى تجاوزت درجة السميع بل إنه يقول: لو لم يكن نجيب محفوظ روائيا لكان من الممكن أن يكون موسيقيا.. هذا الحكم ليس حكما افتراضيا إنما حكم واقعى، فكان فى صباه يهوى الموسيقى والغناء وقد بلغ من حبه لهما أنه التحق بمعهد الموسيقى العربية ودرس فيه لمدة عام كامل.
أما رجاء النقاش فيروى أن محفوظ قال له عن نفسه أنه لو وجد توجيها سليما من أحد، لتغير مسار حياته واختار طريق الموسيقى وليس الأدب، وينقل عنه قوله: أنا لم أفكر يوما فى أن أصبح فنانا تشكيليا رغم حبى للفن التشكيلى ولكن كان ممكنا أن أحترف الموسيقى من شدة افتتانى بها لكن كان للقدر تصاريف أخرى.
لكنه وإن لم يحترف الموسيقى فقد كانت له آراء ناضجة فى الموسيقى وأهلها تجعل منه ناقدا كبيرا مستترا ذلك أن أحدا سواه لم يرسم تلك اللوحات الخالدة عن سيد درويش وزكريا أحمد ومنيرة المهدية ومحمد عبدالوهاب وأسمهان وفريد الأطرش كتلك اللوحات التى رسمها نجيب محفوظ لهذه الرموز الفنية الكبيرة فى تاريخ الغناء والموسيقى العربية.
رسم نجيب محفوظ هذه اللوحات رسما شفهيا فى الحكايات التى رواها لرجاء النقاش فى مقهى على بابا بميدان التحرير، المحل الذى يقع مباشرة بجوار عم رمضان فارس موزع الجرائد الأشهر.
كافيتريا شهيرة متوسطة بين البار الأرستقراطى والمقهى الشعبى، يحمل اسم على بابا يتكون من طابقين وكان محفوظ يجلس فيه يوميا بعد مسيرته المعتادة، حيث واظب على المشى يوميا حتى حادث اغتياله عام .1994
فى هذه الحكايات يرسم محفوظ صورة مثلا للشيخ زكريا أحمد غير التى نعرفها وهى صورة الحكواتى الشعبى الشهير ولكى يقرب محفوظ صورته عن زكريا أحمد كان يقابلها بصورة حكاء آخر هو توفيق الحكيم، صديق محفوظ فيقول إن كليهما إذا جلس فى مجلس يظل ممسكا بناصية الكلام منذ حضوره حتى نهاية الجلسة.
الفارق الوحيد بينهما هو أن الحكيم يتحدث عن نفسه فقط: عن ذكريات أو حوادث وقعت له فى حين يقوم الشيخ زكريا بدور الراوى فيتحدث ربما طوال الليل دون أن يذكر كلمة عن نفسه حتى ليبدو للسامعين أن مؤلف قصص ألف ليلة وليلة والشيخ زكريا أحمد هما من نسيج واحد تجمعهما نفس العقلية.
كانت حكاياته لا تنتهى حكاية تجرك إلى حكاية أخرى فى تسلسل عجيب وترابط مذهل يبدأ فى سرد حكايته الأولى فى التاسعة مساء ويعود إلى نقطة معينة من نفس الحكاية فى الثالثة صباحا، وما بينهما عبارة عن استدراك وملاحظات وتنويعات!
يستمر محفوظ فى حكى شهادته عن زكريا أحمد فيقول: كنا نفاجأ به وهو يسرد الحكاية مندمجا ومنفعلا وفى منتهى التركيز، فإذا به يترك حكايته بدون مقدمات ويمسك عوده ويغنى، وقد يترك العود، ليعود لحكايته من النقطة التى توقف عندها.
لديه القدرة على أن يلحن فى أى وقت ويذكر نجيب محفوظ أن الشيخ زكريا أحمد لحن أغنية حبيبى يسعد أوقاته لأم كلثوم، وهو يجلس معنا وفى مرات عديدة كان يضع لحنين مختلفين لأغنية واحدة ويعرضهما علينا لنختار الأفضل!
أما الموسيقار الكبير هانى شنودة فيروى لنا كيف أن محفوظ كان السبب فى تكوين فرقة المصريين. ويقول شنودة فى شهادته: اشتركت مع مجموعة من الشباب وعزفنا بعض المقطوعات والأغانى الغربية، وتجولنا بهذه الفرقة فى العديد من الدول مثل لبنان وسوريا كنا ندعو من خلالها كبار المطربين لأن ينظروا إلينا ويروا هذه الموهبة وذات يوم حضر إلينا نجيب محفوظ وقتها كان يكتب بمجلة المصور، وسألنى عن الموسيقى والفقرات التى نعزفها.
ويستمر شنودة: كنا وقتها نقدم مجموعة من الأغانى العالمية كالإيطالية والأسبانية والفرنسية وقال لى: لماذا لا تقدم مثل هذه النوعية بالعربية، قلنا له: بالعربى مش عاجبنا فقال لنا من أى ناحية فقلت له المقدمات طويلة والأغنية ليس بها بناء هارمونى وفيها إعادات وزيادات.
قال: اعملوا موسيقاكم بكلمات مصرية، ثم كتب هذا الحوار الذى جعلنا نعيد النظر فى تكويننا.
ومن شهادة شنودة يمكنك أن تعرف إلى أى مدى كان محفوظ مصريا بمعنى حرصه على أن يكتسب الفن صبغة مصرية دائما، هذه المصرية ستقوده يوما إلى أن يسبح ضد التيار، فيمتدح عدوية وقت أن كان يعتبره المثقفون نموذجا للابتذال فى الفن أو كانوا يتجاهلونه فى أفضل الأحوال.
فعندما ظهر عدوية ووزع ألبومه «سهرة مع عدوية» أكثر من مليون نسخة كان ذلك صادما للوسط الفنى الذى تعود على «سهوكة» عبدالحليم، و«سطوة» أم كلثوم ودلع شادية وحنية نجاة لم يكن لخشونة عدوية ولا عبثيته فى أغانيه مكان فى مخيلة المثقفين والفنانين، لكنه فعلها بعفوية وبالمناسبة فإن عدوية كان المطرب المفضل لعدد من المطربين الكبار والسميعة حتى لو كان ذلك سرا، لكننا نعرف أن الراحلة الكبيرة ليلى مراد انحازت له بوضوح منذ ظهوره وأصبح مطربها المفضل.
عدوية نفسه يفتخر بدفاع محفوظ عنه، لكنه فى الوقت نفسه كان يرى أن هذا الدفاع تسبب فى اشتعال الحرب ضده بصورة أكبر فهو يقول: الكاتب الكبير نجيب محفوظ رحمه الله هو من صنع الحروب ضدى حين قال بالنص «إن أغانى عدوية أصدق منكم جميعا» موجها هذه الكلمات إلى أم كلثوم وعبدالحليم وعبدالوهاب لذا كادت الدنيا أن تنقلب ضدى دون أدنى ذنب لى!
ويضيف عدوية: عندما قال محفوظ ما قاله عنى حاول الجميع أن يفهمنى فمثلا السيدة أم كلثوم استضافتنى فى منزلها وكنت متوقعا ثورة منها إلا أن هذا لم يحدث كما أننى وعبدالحليم صارت علاقتنا جيدة بعد أن شاركته الغناء فى إحدى حفلاته فغنيت أنا نار يا حبيبى نار فول بالزيت الحار وغنى العندليب السح الدح امبو وصفق الجمهور لنا بشدة.
كان محفوظ ترمومترا للذائقة المصرية ولهذا كان يحب أم كلثوم حبا عظيما، وربما سمى إحدى ابنتيه أم كلثوم على اسم المطربة الكبيرة فى الوقت نفسه كان يقدر صوت أسمهان القوى المعبر الذى لا يستطيع أن تجد فيه عيبا واحدا، إلا أنه لم يتعاطف مع صوتها كما قال ونشر قوله، تماما كما تلتقى بشخص جميل ولا تميل نفسك إليه رغم جماله وفى تقديرنا أن مصرية محفوظ كانت هى المانع من اعتبار أسمهان قمة الغناء وكان لديه وعى بفكرة شامية الصوت وبطبيعة المنافسة بين البلدين «إذا اعتبرنا الشام بلدا واحدا» فكان يقول كان إحساسى بصوت شقيقها فريد الأطرش هو نفس الإحساس فهو يمثل نوعا من الجمال لا تميل إليه نفسى هذا على الرغم من إعجابى بالغناء الجبلى الشامى، وخاصة أصوات صباح فخرى ووديع الصافى ومن قبلهما فيروز، وصوت فيروز يسحرنى ويترك فى نفسى تأثيراً عميقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.