أصبح الفساد خلال العقود الثلاثة الأخيرة ظاهرة يجب مقاومتها بكل الوسائل القانونية والاجتماعية بعد أن استشرى فى أرجاء المجتمع، ووصل إلى الطبقات العليا التى تسيطر على مقاليد الحكم من جهة ووصل أيضا إلى الطبقات الفقيرة التى انحدر بعض أفرادها إلى أنواع الفساد من جهة أخرى. وفى محاولة للتعرف على الظواهر التى أدت إلى تحول الفساد من انحرافات فردية إلى بنية مجتمعية أقامت منظمة التضامن الأفريقى الآسيوى ندوة لمناقشة كتاب عن «اقتصاديات الفساد فى مصر وكيف جرى إفساد مصر والمصريين من 1974 إلى 2010» كتبه الأستاذ عبدالخالق فاروق وقدمه الأستاذان محمد رؤوف حامد ونادر فرجانى، وشارك فى هذه الندوة مجموعة من ائتلاف شباب 25 يناير 2011 الذين رحبت بهم اللجنة المصرية للتضامن وأقامت معهم تنظيما مشتركا لمكافحة الفساد. وقد أقر الحاضرون على أن الفساد علاوة على كونه ممارسة من جانب الأثرياء عادة والمتنفذين فى الأجهزة الحكومية والشركات الكبرى محلية كانت أو دولية فهو أيضا ترسيخ لواقع الظلم الاجتماعى، وأداة من أدوات الاستقطاب الاجتماعى والطبقى. وقد أوضح المشاركون بعض المظاهر التى استشرى فيها الفساد، وهى قطاع المقاولات وتخصيص الأراضى وشقق المدن الجديدة والطرق والكبار والبنية الأساسية... عمولات التسليح ووسائل نقله.... وخصخصة وبيع الشركات العامة ونظم تقييم الأصول والممتلكات والأراضى المملوكة لهذه الشركة وتهريب الأموال إلى الخارج عبر القنوات المصرفية الرسمية وشركات توظيف الأموال وما جرى فيها، وتجارة المخدرات واختراق قيادات الأجهزة الأمنية والمؤسسة السياسية... وإفساد الصحافة ومؤسساتها وإفساد الصحفيين عبر وسائل شتى، وتسهيل سبل الارتزاق السرى وغير القانونى لبعض الصحفيين، وما يسمى علاوة الولاء التى تمنح بصورة سرية وبالمخالفة لقواعد المشروعية المالية لكبار قيادات الجيش والأمن. وقد امتد الإفساد إلى عضوية مجلس الشعب، إذ تنص المادة «95» من الدستور المصرى الراهن على أنه لا يجوز لعضو مجلس الشعب أثناء مدة عضويته أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو أن يقاضيها عليه أو أن يبرم مع الدولة عقداً بوصفه ملتزما أومورداً أو مقاولاً. ولم تحترم الحكومة هذا النص الدستورى وقابلت عليه إذ أنه لا يجوز أن يعين عضو مجلس الشعب فى وظائف الحكومة أو القطاع العام وما فى حكمها أو الشركات الأجنبية أثناء مدة عضويته، ولكن الحكومة عينت أعضاء مجلس الشعب أعضاء مجالس إدارة منتدبين فى شركات قطاع الأعمال العام الذى كان يجرى تفتته وبيعه بمشاركتهم فى مأدبة البيع والتصفية؟ أما المادة «30» المضافة بالقرار الجمهورى، فقد نصت على أن يستخرج لكل عضو من أعضاء مجلس الشعب اشتراك للسفر بالدرجة الأولى الممتازة بسكك حديد جمهورية مصر العربية أو إحدى المواصلات العامة الأخرى أو الطائرات من الجهة التى يختارها فى دائرته الانتخابية إلى القاهرة وتبين لائحة المجلس التسهيلات الأخرى التى يقدمها المجلس لأعضائه لتمكينهم من مباشرة مسئولياتهم إلخ. والأخطر من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 34 من أنه لا يجوز لوكيل الوزارة لشئون مجلس الشعب أثناء توليه منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عملا تجاريا أو ماليا أو صناعيا أو أن يشغل وظيفة أخرى أو يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو أن يقاضها عليه «بينما ترك ذلك الأمر حرا وطليقا لبقية أعضاء المجلس؟ وهكذا سلطت الندوة الضوء على جميع الخطوات التى أدت إلى فساد السلطة التنفيذية والتشريعية فى مصر وفرضت علينا محاربة الفساد فى جميع المواقع. حبس الوزير زاهى حواس منذ أسابيع نشرت الصحف خبر الحكم على الدكتور زاهى حواس بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومع ذلك استمر فى منصبه وزيراً فى وزارة الأستاذ عصام شرف وكان ذلك موضع تساؤل من الجميع عما إذا كان ذلك أمرا قانونيا. ودافع البعض عن استمراره فى منصبه بالقول بأنه سوف يقدم نقضا للحكم قد يظهر براءته ولكن نشرت صحيفة الجمهورية يوم 12 يونيو أن محكمة القضاء الإدارى قد أصدرت قراراً برئاسة المستشار حسين سيد عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الدولة برفض الأشكال المقدم من د. زاهى حواس وزير الدولة للآثار الذى طالب فيه بوقف تنفيذ حكم محكمة جنح العجوزة فى الدعويين رقمى 16026 و 19782 لسنة 2010 بحبسه سنة كانت محكمة جنح العجوزة قد قضت بمعاقبة حواس باعتباره أمينا عاما للمجلس الأعلى للآثار قبل توليه الوزارة بالحبس لمدة سنة وكفالة 500 جنيه وعزله من وظيفته وإلزامه بسداد 1000 جنيه تعويضا مؤقتا لمواطن اسمه فريد عطية بسبب امتناعه عن تنفيذ حكم صادر من محكمة القضاء الإدارى لصالحه فى نزاع بين المواطن وهيئة الآثار، إلا أن حواس ماطل فى تنفيذ الحكم وتقدم باستئناف على الحكم وجاء حكم القضاء الإدارى بالتأكيد على أنها غير مختصة سوى بالفصل فى الإشكالات المقدمة لوقف تنفيذ حكم صادر على أنها غير مختصة بالفصل فى وقف أحكام القضاء الإدارى. ويبقى التساؤل قائما عما إذا كان من حق د. زاهى حواس أن يستمر فى منصبه وزيراً أم يغادر الوزارة تنفيذا لحكم القضاء.