تتحرك الدبلوماسية الإقليمية والدولية فى سباقٍ محموم لإنهاء الحرب فى غزة بعد أن نجحت مفاوضات شرم الشيخ فى الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، استجابة إلى خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الجديدة التي تهدف إلى وقف شامل لإطلاق النار وبدء عملية سياسية تقود إلى ما تصفه واشنطن ب«السلام الدائم». وقد دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي نظيره الأمريكى ترامب لحضور مراسم التوقيع على الاتفاق على الأراضى المصرية، حال التوصل إلى صيغة عادلة تضمن السلام الشامل والعادل وتحفظ الأمن القومى المصري. مَحاور الخطة الأمريكية: أربع ركائز أساسية رغم تحفظ واشنطن على الكشف الكامل عن تفاصيل الخطة؛ فإن المؤشرات المتداولة من التصريحات والمداولات تشير إلى أنها تقوم على أربع ركائز مترابطة: 1- وقف إطلاق النار على مراحل: يتضمن تجميد العمليات العسكرية تدريجيًا، وعودة القوات الإسرائيلية إلى ما قبل خطوط التماس، مع نشر مراقبين دوليين لضمان الالتزام بالهدنة. 2- تبادل الرهائن والأسرى: بندٌ جوهرىٌ ينص على إطلاق جميع الرهائن الإسرائيليين (الأحياء والرفات) مقابل الإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين بمن فيهم من تصفهم إسرائيل ب«ذوى الأيدى الملطخة بالدماء». 3- ضمانات أمنية ونزع السلاح الثقيل: تتضمن ترتيبات أمنية بإشراف أمريكى دولى تهدف إلى منع إعادة تسليح الفصائل مع التزام واشنطن بتقديم ضمانات أمنية لإسرائيل مقابل انسحاب تدريجى من القطاع. 4- إدارة انتقالية وإعادة إعمار: تنص على تشكيل إدارة مدنية انتقالية من شخصيات فلسطينية مستقلة (تكنوقراط) تدير شؤون القطاع مؤقتًا تحت إشراف دولى على أن يُفتح لاحقًا مسار لإعادة الإعمار بتمويل عربى ودولى واسع. التطور الجديد اليوم يوم 9 أكتوبر 2025 تم الإعلان رسميًا عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعد مفاوضات مضنية استضافتها القاهرة بمشاركة قطرية وأمريكية. سيدخل الاتفاق حيز التنفيذ عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا بالتوقيت المحلى. يتضمن الاتفاق تبادلًا تدريجيًا للأسرى والرهائن تحت إشراف دولى، على أن تبدأ أولى عمليات التسليم بعد ثلاثة أيام. كما تم الاتفاق على فتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية فورًا، مع بقاء قوات «مصرية- دولية» على مقربة من الحدود لمراقبة الالتزام بالهدنة. وعبّرت الأممالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبى عن ترحيب واسع بالاتفاق، واعتبرته خطوة أولى نحو تهدئة طويلة الأمد تمهد لمسار سياسى أكثر ثباتًا. نقاط الخلاف الجوهرية تعريف نزع السلاح وآليات التحقق: إسرائيل تطالب بتفكيك كامل للبنية العسكرية بينما تقبل حماس بتجميد العمل العسكرى دون تسليم السلاح الثقيل. ضمانات التنفيذ لا تزال طبيعة الضمانات الأمريكية غامضة، وتخشى حماس أن تتحول إلى غطاء لهيمنة أمنية «أمريكية- إسرائيلية» على القطاع. الإدارة الانتقالية لا يزال الجدل قائمًا حول هوية من يدير غزة خلال المرحلة الانتقالية وسط مقترحات بوجود مجلس فلسطينى تكنوقراطى تحت إشراف إقليمى ودولى. الحدود ومحور فلادلفيا يظل هذا الملف الأكثر حساسية؛ حيث تصر القاهرة على عدم المساس بسيادتها أو إدخال أى ترتيبات تمس أمنها القومى فى رفح. السيناريوهات المحتملة للمسار المقبل السيناريو الأول.. اتفاق إطار قيد التنفيذ: وهو السيناريو الأقرب حاليًا بعد إعلانه، ويتضمن وقفًا فعليًا لإطلاق النار وتبادل الأسرى مع تشكيل لجنة متابعة مشترك «مصرية- قطرية- أمريكية» لمراقبة التنفيذ وتحديد الخطوات اللاحقة. السيناريو الثانى.. هدنة إنسانية ممتدة دون تسوية سياسية: من الممكن أن يتحول الاتفاق إلى تهدئة طويلة الأمد تُدخل المساعدات وتعيد الإعمار دون حل جذرى للقضايا السياسية، وهو ما يُبقى احتمالات الانفجار قائمة. السيناريو الثالث.. انهيار المسار التفاوضى: يظل احتمال الفشل قائمًا إذا حدث خرق أمنى أو تصعيد ميدانى أو تعثّر فى تنفيذ بند الأسرَى؛ خصوصًا فى ظل الرفض الداخلى فى إسرائيل وضغوط الشارع فى غزة. عوامل النجاح والفشل 1- الآلية الميدانية للرقابة: من دون لجنة مراقبة محايدة تمتلك أدوات تنفيذ حقيقية سيبقى وقف إطلاق النار هشًّا وعرضة للانهيار. 2- إرادة الأطراف: نجاح الخطة مرهون بقدرة كل طرف على تقديم تنازلات مؤلمة لا شعارات سياسية للاستهلاك الداخلى. 3- الموقف المصري: تبقى مصر الضامن الأساسى لأى اتفاق، وحدودها فى رفح هى مفتاح استقرار غزة. 4- الرأى العام: الحكومتان فى تل أبيب وغزة تواجهان ضغوطًا داخلية لتقديم ما يشبه «الانتصار السياسى»، وهو ما قد يجعل أى اتفاق ناقص مهددًا بالانفجار لاحقًا. أخيرًا: تقدير موقف رغم أن خطة ترامب وما تمخض عنها من اتفاق وقف إطلاق النار؛ تمثل انفراجة أولى فى جدار الأزمة فإنها فى حاجة إلى ضمانات تنفيذ واضحة ويواجه تحديات متشابكة بين الأمن والسياسة والشرعية. غير أن الزخم «المصري- القطرى» والدفع الأمريكى إلى جانب الالتزام الدولى بتنفيذ وقف النار قد يفتح بابًا أمام مرحلة جديدة من التهدئة المرحلية المشروطة بالاستقرار تمهد لاحقًا لتسوية أوسع تشمل الإعمار وإعادة هيكلة الوضع الأمنى والسياسى فى القطاع. إنّ دعوة مصر للرئيس الأمريكى لحضور مراسم التوقيع على الأراضى المصرية تمثل إشارة رمزية قوية إلى استعادة القاهرة دورها التاريخى كضامن للسلام وكشريكٍ رئيسى فى رسم مستقبل الإقليم بما يحمى حقوق الشعب الفلسطينى ويصون الأمن القومى المصري فى توقيت واحد.