ومصر عارفة وشايفة وبتصبُر لكنها فى خطفِة زمن.. تُعْبُر وتسترد الاسم والعناوين «أنا الثورة» لسان حال ملايين المصريين وهم يسترجعون بذاكرتهم لحظات فارقة فى تاريخ الدولة المصرية، استردوا خلالها «مصر الحرة» من سماسرة الدين والأوطان، ففى الذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو، التى كانت لطيور الظلام كابوسًا، وللمصريين أملًا وحُلمًا، نستعرض حكاية «ثورة الشعب»؛ التى أسقطت جماعة الإخوان الإرهابية للأبد، وكانت حجر الزاوية فى رحلة «إنقاذ الوطن». خلال أيام يحتفل المصريون، بذكرى الثورة التى صحَّحت المسار وأعادت للدولة المصرية تماسكها وهيبتها، وكانت «طوق النجاة» الذى أنقذ البلاد من محاولات تنظيم الإخوان «الإرهابي» اختطافها وبث الكراهية وطمس الهوية، إضافة لتنفيذ مخطط الأخونة، خلال عام دامٍ من حكم المعزول مرسي. 12 شهرًا من حكم الجماعة الإرهابية، كانت فترة كافية لكشف مخططاتهم الخبيثة، التى حاولت تفكيك مفاصل الدولة، وعرضت أمنها القومى للخطر، ودفع خلالها الأبرياء فاتورة دم باهظة، جراء أعمال العنف والاشتباكات الدامية التى شهدتها البلاد. بدأ الحراك الثورى فى مصر منذ بداية حكم مرسي، وتحديدًا بعد مرور 100 يوم على «مشروع الوهم»؛ حيث تردت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتحولت دفة الحكم إلى جماعته من مكتب الإرشاد، الذين عكفوا على تنفيذ مخطط «أخونة الدولة»، بزرع عناصرهم داخل جميع المؤسسات، الأمر الذى لاقى مواجهة شعبية، فمحاولات اختطاف الوطن أشعلت فتيل الثورة داخلهم من جديد، وألهبت الحناجر المحتقنة من إدارة فاشلة لجماعة فاشية، فانطلقت عدة احتجاجات رجت أركان الجماعة المخادعة ومندوبها بالرئاسة محمد مرسي، الذى ادعى العدل «زورًا» فلم يقمه سوى لأهله وعشيرته، الذين استحوذوا على البرلمان ولجنة صياغة الدستور، ليصنعوا دستورًا مفصلًا على مقاس الجماعة، وحينما اعترض الآلاف أمام الاتحادية على الإعلان الدستورى المكمل، الذى يجعل من مرسى فرعونًا لا يحاسب، اعتدى عليهم شباب الجماعة «الإرهابية»، ونشبت اشتباكات عنيفة أودت بحياة نحو 13 شخصًا من بينهم الصحفى الحسينى أبوضيف، وأصيب نحو 600 آخرين، فيما عُرف ب«سلخانة التعذيب»، والتى كانت مسمارًا أخيرًا فى نعش مرسى والجماعة. تزامنًا مع حالة الاحتقان والغضب بالشارع المصري، ظهرت حملة تمرد فى 28 إبريل 2013، يقودها مجموعة من الشباب الثائر قرروا جمع استمارات موقعة من المواطنين، وهدفها كان واضحًا، سحب الثقة من مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقد لاقت استجابة كبيرة من المواطنين فى مختلف المحافظات، وفى أول مؤتمر لها بعد البيان التأسيسى أعلنت الحملة تخطيها 2 مليون توقيع، الأمر الذى دفع المواطنين للمشاركة بشكل أكبر، والأحزاب السياسية لفتح مقراتها بالمحافظات أمام الحملة، بجانب المساهمات الشعبية ميدانيًا، إلى أن نجحت الحملة فى منتصف مايو بجمع ما يفوق ال15 مليون توقيع لإسقاط مرسى، وفى المؤتمر الختامى لتمرد، أعلنت جمعها لما يفوق ال 22 مليون توقيع ، فكانت اللحظة الحاسمة بالإعلان عن تنظيم مليونية يوم 30 يونيو، ودعوة الموقعين للتظاهر فى كافة المحافظات، لإسقاط مرسى بعد جمع التوقيعات اللازمة، أمام ذلك قامت الجماعة «الفاشلة» بإطلاق ما عرف باسم حركة «تجرد»، ولكن حركة الإخوان فشلت كعادتها فى جمع توقيعات لتجديد الثقة «المفقودة»، ومقاومة الغضب الشعبى ضد مرسى وجماعته. الطريق إلى الثورة بدأ تسلسله الزمنى بالعديد من الاحتجاجات الغاضبة قبل شهور من ليلة الحسم، بتنظيم تظاهرة بميدان التحرير فى فبراير 2013، أطلق عليها جمعة الرحيل، للمطالبة بإسقاط محمد مرسى وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، تلاها عدد من المظاهرات، إلا أن الحشد الفعلى للثورة كان فى 28 يونيو فيما عرفت بجمعة «الإنذار الأخير»؛ حيث انطلقت مظاهرات فى محافظات عدة، وأعلن المتظاهرون الاعتصام بالميادين استعدادًا «للثلاثين»، حيث خرج المتظاهرون مشهرين البطاقات الحمراء فى وجه الإخوان، رافعين شعار «الإنذار الأخير»، وبينما كان مرسى «التائه» يردد «الشرعية»، كانت الملايين تتأهب للخروج الكبير لإسقاطه وجماعته. فى محافظة القاهرة، انطلقت مسيرة من جامع الأزهر إلى ميدان التحرير، كما وصلت مسيرة من جامع مصطفى محمود للمشاركة فى التظاهرة، وعلت صيحات المتظاهرين بهتافات تطالب بسقوط حكم الإخوان وأشهروا الكروت الحمراء، كما انطلقت مسيرة من شبرا نحو ميدان التحرير، ضمت الآلاف من المتظاهرين رددوا هتافات «ارحل.. ارحل»، لحقت بهم مسيرة ضخمة من أمام مسجد السيدة زينب. إلا أن الأمر كان أكثر دموية فى محافظة الإسكندرية؛ حيث خرجت مسيرة حاشدة فى سيدى جابر للمطالبة برحيل مرسي، فأطلق عليهم أنصاره والجماعة الإرهابية الخرطوش، ما أدى لسقوط ضحايا ومصابين، الأمر ذاته حدث فى عدة محافظات بالدلتا، ومدن القناة. فى اليوم ذاته، كانت منصة رابعة تعلن لأنصار جماعة الإخوان «الإرهابية» الاعتصام داخل الميدان، وبدأ شباب الإخوان وقياداتهم ترديد كلمة «الشرعية»، وشرعوا فى نصب الخيام واحدة تلو الأخرى، بعدها أعلنت «منصة رابعة» إنشاء مجلس للحرب وذلك لمواجهة الإرادة المصرية، فى ثورة 30 يونيو، وردد المعتصمون «لا سلمية بعد اليوم». 1 3