لا يخفى على أحد ما أصاب الوسط الفنى منذ انتشار فيروس «كورونا»، وما استتبعه من إجراءات أضرّت بالعاملين به من عمال وفنيين، ولا سيما مع توقُّف تصوير بعض المسلسلات، وتقليل العمالة فى البعض الآخر، ما صعَّب من موقف أهل المهنة الحقيقيين الذين يحملون على عاتقهم الكثير، دون أن تسلط عليهم الأضواء، ودون أن يتقاضوا الملايين، سواء كانوا يقفون أمام الكاميرا، أو خلفها، فالمئات أصبحوا يعانون من البطالة، وأصبحوا مهددين هم وأسرهم من الفقر والحاجة، وبينما يطل علينا النجوم كل ساعة؛ ليعلنوا عن قبولهم «التحدّى» وتكفلهم بعدد من الأسَر ضمن مبادرة اطلقتها إحدى الجمعيات الخيرية، يظل التساؤل مُلحًّا عن سبب عدم توجيههم تلك التبرعات لزملائهم المحتاجين، مما دفع النقابات الفنية الثلاث للانضمام لمؤسّسات الدولة التى كفلت الكثير من موظفيها فى هذه الفترة العصيبة؛ حيث أعلنوا عن قيامهم بتوفير رواتب أو مساعدات لأعضاء كل نقابة منهم، بل مناشدة بعض النجوم أو الأسماء الكبيرة بكل نقابة للمشاركة لدعم زملائهم فى المهنة.
ساعد زميلك
«ليس عيبًا أو شيئًا مُخجلًا أن نطالب أهل مهنة بدعم زملائهم».. كان هذا شعار نقابة الممثلين، وذلك بعد اجتماع عَقده النقيب «د.أشرف زكى»، الذى قرّر من خلاله أنه يجب أن تتكاتف النقابة إدارةً وأعضاءً لمساعدة باقى الأعضاء المقيدين، والذين ليس لهم أى دخل آخر وأعمالهم متوقفة فى الوقت الحالى. وعن هذه المبادرة يقول «زكى»: «وفقًا للظروف التى نَمُرُّ بها وتوقف الأعمال الفنية قررنا الاهتمام بأعضاء النقابة العاملين الذين يتقاضون أجورَهم باليومية أو لا يعملون عملًا آخر سوى الفن، وقمنا بإطلاق مبادرة «ساعد زميلك» لمشاركة النجوم أعضاء النقابة لزملائهم، وفور الإعلان عنها وجدت إقبالًا كبيرًا من الفنانين بالإسهام مع النقابة لمساعدة زملائهم.. ونقوم حاليًا فى النقابة بدراسة الطلبات المقدمة من الأعضاء لاختيار الأشخاص الأنسب للمساعدة وفقًا للشروط المنصوص عليها، وأهمها أن يكون عضوًا عاملًا وليس له دخل شهرى ثابت. مؤكدًا أن تلك المبادرة ليس لها دخل بأى فنان غير مقيد بكشوفات النقابة أو الكومبارسات».
واختتم «زكى» كلامه بأنه عند نجاح تلك المبادرة يمكن تعميمها طوال العام لمساندة الفنانين الذين لا يجدون عملًا فنيّا يتعاقدون عليه.
السينمائيون.. والمساعدة
على غرار الحملات التى أقامتها الدولة بمختلف وزاراتها قامت نقابة المهن السينمائية بإطلاق مبادرة، منها لدعم أعضائها من جميع الفئات السينمائية؛ حيث قالت «د.غادة جُبارة»- وكيل النقابة ونائب رئيس أكاديمية الفنون: «النقابة منذ بداية أزمة فيروس كورونا التزمت بمعايير الأمان التى أقرّتها الدولة، بالإضافة إلى إقامة اجتماعات طارئة لاتخاذ عدد من الإجراءات الهامة، أهمها إرسال مساعدات للمتضررين من وقف أعمالهم من أعضاء النقابة.. ومنذ اليوم الأول من الأزمة قررنا أن ننشئ حسابًا بنكيّا بمبلغ من خزينة النقابة؛ ليكون هذا الحساب خاصّا بأجر مساعد للسينمائيين من أعضاء النقابة العاملين من كل التخصصات، بشرط معرفة إذا كان لديهم دخل شهرى أمْ لا، فإن كانوا من العاملين باليومية أو لم يتقاضوا أجورهم بسبب وقف الأعمال فنحن ندعمهم، واتفقنا على حصر أسماء الأعضاء الأولى بالمساندة وإرسال الدعم المستحق لهم عن طريق مندوبين إلى المنازل منعًا لنزولهم للشارع والاختلاط».
وأضافت «جُبارة» إنه من المؤكد أن يقوم كبار السينمائيين بالمساهمة، رُغم عدم إرسال النقابة لهم طلبًا رسميّا ولكنها تأمل مشاركتهم لكى يصل الدعم لأكبر عدد من أعضائها المستحقين. مؤكدة أنه تم فتح باب تلقى الشكاوَى من الأعضاء المتضررين على موقع النقابة، وتم حصر كشف بأسماء أصحاب المعاشات لإرسال مندوب إليهم فى منازلهم.
الموسيقيون.. والدعم
تُعتبر نقابة الموسيقيين من أوائل النقابات التى اتخذت إجراءً فوريّا لإنقاذ أعضائها؛ خصوصًا أن قرار منع الحفلات الغنائية قد سبق أن وقف تصوير المسلسلات بعدة أسابيع، وقد عَقد الفنان «هانى شاكر»- نقيب الموسيقيين- اجتماعًا طارئًا مع كل أعضاء مجالس إدارات النقابة المختلفة؛ ليضع حلّا لدعم الموسيقيين المتضررين من قرار الوقف؛ حيث أصدرت النقابة بيانًا رسميّا تنص فيه بأنه تقرر صرف إعانة وقتية للأعضاء العاملين غير الموظفين وأصحاب الرواتب الشهرية.
وبالفعل؛ بدأت النقابة فى صرف المستحقات الخاصة بأعضائها بعد اختيارهم بعناية منذ نهاية مارس الماضى عن طريق مكاتب البريد، وعن مساهمة نجوم الغناء الكبار مع النقابة من عدمه؛ حيث قالت الفنانة «نادية مصطفى»- عضو مجلس إدارة النقابة- بأن الدعم كامل من خزينة النقابة، وإذا ساهم معهم أحد النجوم بالماديات سيكون ذلك تطوعًا منه.
وعلمت «روزاليوسف» أن إدارة النقابة رفضت إصدار طلب رسمى للنجوم بضرورة المساهمة. مؤكدين أنه سيتم تقسيم الدعم على الأعضاء بشكل متساوٍ مَهما كانت القيمة المادية قليلة؛ حيث تركوا الأمر لضمير النجوم المقتدرين ماديّا ليساهموا فى دعم زملائهم، كما تم إعفاء المنتسبين من جميع الغرامات حتى مرور هذه الأزمة.
أمّا عن الفرق الموسيقية الخاصة بكبار النجوم والملاهى الليلية والمحال التجارية الخاصة، فهناك عدد كبير من الفنانين وأصحاب المحال أعلنوا عن توليهم مسئولية أعضاء فرقتهم بأنفسهم دون تدخُّل النقابة. ورُغم تولى الموسيقيين المسئولية بالكامل حتى الآن؛ فإن هناك أزمة من المؤكد ستحدث خلال الفترة المقبلة إذا استمرت الإجراءات المتخذه حاليًا قائمة لفترة طويلة؛ لعدم وجود دخل ثابت للنقابة وبالتالى لن تكون هناك أموال كافية لدعم الموسيقيين إلّا بتدخُّل عدد من أعضاء النقابة بالمساهمة معها.
موقف اتحاد النقابات
رُغم تولى مسئولية النقابات الثلاثة لكل العاملين الرسميين بالمجال الفنى؛ فإن هناك عددًا كبيرًا من العمال والفنيين والكومبارسات الذين يعملون بالمهنة ولا توجد لهم نقابة تهتم لشأنهم، بل يعتبرون هم الفئة الأكثر تضررًا من وقف الصناعة، وعن ذلك يقول المخرج «عمر عبدالعزيز»- رئيس اتحاد النقابات الفنية- أنه مع مطلع الأسبوع الجارى سوف يتم تحديد اجتماع طارئ بينه وبين نقابة الممثلين والسينمائيين للوقوف على حل لأزمة العاملين غير المقيدين فى النقابة.
وأضاف قائلًا: «هناك عمال وفنيون يعملون بشكل رسمى ولكنهم غير مقيدين بالنقابة، وهناك مشروع قديم لإنشاء نقابة لعمال المهنة أتمنى أن يتم فى أقرب وقت، وحتى إتمامه سوف أجتمع مع نقابة الممثلين للبحث عن وسيلة لدعمهم، وكذلك الأمر بالنسبة للكومبارس فيجب أن نجد حلّا بالتنسيق مع نقابة الممثلين، أمّا أصحاب المهن الأخرى والذين لا يعملون بترخيص مثل مساعد المصور أو المصور غير المقيد بالنقابة، فهذا يعتبر عملًا مخالفًا ولا يمكن إدراكه فى قائمة المستحقين للدعم المادى.