«آمال ماهر» واحدة من أهم الأصوات المصرية التى نتباهى بوجودها بيننا مع «شيرين عبدالوهاب» و«أنغام»، فهذا الثلاثى يعتبر من أهم مصادر قوة مصر فى مجال الموسيقى والغناء، ولكن تختلف «آمال ماهر» كثيرًا عن «شيرين عبدالوهاب» التى استطاعت أن تخلق لنفسها شخصية غنائية مستقلة عن باقى المغنيات الأخريات فى الوطن العربى، وقطعًا لن نتحدث عن «أنغام» لأنها فنانة قديرة ومتمكنة واستطاعت أن تظل فى نجاح على مدار أكثر من ربع قرن من الغناء. بدايات «آمال ماهر» مع الفن كانت بمعهد الموسيقى العربية، ومن ثم ظلت فى هذه الفترة تغنى المواويل القديمة والأغانى التراثية لدرجة جعلتها القاسم المشترك فى الاحتفالات والمناسبات الوطنية المهمة والتى يحضرها كبار الشخصيات السياسية والرسمية بالدولة والتى كانت تغنى فيها أشهر أغانى «أم كلثوم»، وظلت «آمال» فى فترة البدايات حبيسة للشريحة الجماهيرية التى تفضل نوعية الأغانى القديمة وغير متجاوبة مع الأغانى العصرية حتى جاءت فى 2006 وقدمت ألبومها المستقل «اسألنى أنا» وكانت نوعية الأغانى المقدمة فى هذا الألبوم لا تختلف عن نوعية الأغانى القديمة التى اشتهرت بغنائها. وفى عام 2011 كانت الانطلاقة الجماهيرية الحقيقية لها فى ألبوم «أعرف منين» والذى وضعها فى صفوف نجوم الموسيقى والغناء فى الوطن العربى بفضل نجاح الألبوم وخاصة أغانى «اتقى ربنا فيا»، و«فيك حتة غرور»، و«من السنة للسنة»، و«مش همنعك»، واستمر نجاحها الجماهيرى فى الألبوم الثالث «ولاد النهاردة» والذى حقق نجاحًا جماهيريًا أيضًا خاصة أغانى «أيام متتعوضش»، و«سكة السلامة». فى الثلاثة ألبومات الأولى نجحت «آمال ماهر» فى تحقيق اتساع لشريحة مستمعيها، ونجحت فى أن تخرج من عباءة غناء الأغانى التراثية القديمة وأن يكون لها أغانٍ مستقلة مصنوعة خصيصًا لها وأن يكون لها أيضًا جمهورها الخاص وهذا تحدٍ كبير نجحت فيه، بينما فشل فيه الكثيرون من الذين مروا بنفس ظروف «آمال» وبدايتها وظلوا حبيسى الأغانى القديمة حتى تم نسيانهم مع الوقت وتوقفوا عن ممارسة الغناء. ولكن يظل التحدى الأهم والأصعب ل«آمال ماهر» فى تكوين شخصيتها الغنائية المستقلة عليه ملاحظات كثيرة، وهذا واضح فى ألبومها الأخير «أصل الإحساس» والذى ضم 16 أغنية، صحيح أن الألبوم به مجموعة من الأغانى الجيدة، ولكنها تظل أغانى جيدة سواء غنتها «آمال» أو قام بغنائها أى مغنٍ آخر، ومثلما حققت نجاحًا مع «آمال» من الممكن أن تحقق نجاحًا مماثلاً مع أى فنان آخر، وهنا تأتى معضلة الشخصية الفنية! الشخصية الفنية التى نتحدث عنها هى التى تجعلنا لا نستطيع تخيل سماع أغنية «سوبر مان» بموضوعها الجرىء وكلماتها المتحدية للثقافة الذكورية العربية إلا بصوت «سميرة سعيد»، وهى التى تجعلنا أيضًا لا نستطيع سماع أغنية «يا ساحر» والتى امتزجت إيقاعاتها بموسيقى ال«دانس هول» مع ال«لاتن روك» كخلطة موسيقية لا تحدث إلا برؤية وصوت «عمرو دياب»، هذه الشخصية الفنية التى تجعل جملة مركبة مثل «هنحب حب عمر قلب حد ماحس بيه هتحكى الناس عليه هيقولوا شوفوا حبوا بعض قد إيه» مستحيل أن يغنيها أى مغنٍ آخر سوى «تامر حسنى»، وأمثلة كثيرة تحتاج لمقالات أكثر لذكرها. أما فى ألبوم «آمال ماهر» الأخير، فنشعر أن هذه الأغانى لم تصنع خصيصًا ل«آمال»، أو بمعنى آخر هى أغانٍ صنعت بالطرق التقليدية وأرسلت لمجموعة من المغنين ودخلت فى مرحلة تفاوض مع أكثر من فنان حتى انتهى بها الحال بحصول «آمال» على التصاريح والتنازلات، كما أن الأغانى عند سماعها لأكثر من مرة جعلتنى أشعر بأنها مجموعة من الأغانى «السينجل» المقدمة فى تجميعة مستقلة باسم ألبوم، ولكنها غير مترابطة مع بعضها البعض ولا يوجد خط أو توجه عام تطرحه «آمال ماهر» فى الألبوم! وفى النهاية يجب أن تعلم «آمال» مهمتها ليست فقط تأدية الأغانى بشكل صحيح، ولكن الدور الأهم والأكبر فى اختيار أو صناعة شكل غنائى يميزها عن باقى الأغانى الموجودة على الساحة الغنائية.