المخرج (السكندرى) «د. جمال ياقوت» واحد من مخرجى المسرح المتميزين، حيث قدم العديد من الأعمال والتجارب الناجحة..كما شارك فى الكثير من المهرجانات العربية والدولية، ويعتبر «ياقوت» من المتخصصين القلائل فى الشرق الأوسط فى مجال الإنتاج والتسويق المسرحى.. حول قضايا مسرح الدولة والمسرح الخاص..وقصور ونوادى الثقافة.. ومهرجان «مسرح بلا إنتاج» الذى سيقام فى الفترة من 21 وحتى 28 فبراير الجارى بمكتبة الإسكندرية.. وفكرة تطويره وهو ما بدأنا به حوارنا معه فقال: عدت مؤخرًا من الكويت بعد حضور فعاليات مهرجان الكويت المسرحى والذى أقيمت على هامشه فعالية (صناعة المسرح) التى شاركت بها، وهى فعالية تقام فى اليونان منذ 15 عامًا. وتعتمد على إقامة ورش للتدريب بجانب العروض المسرحية. وقد أقيمت فى الكويت بالمشاركة مع مخرج يونانى صاحب مدرسة (مسرح التغير) فى أتينا. ومخرجين مسرحيين من بولندا وأمريكا وقد نجحت الفكرة فى الكويت واشترك فيها حوالى 20 متدربًا كويتيًا، لذلك أخطط لإعادتها فى مصر على هامش مهرجان «مسرح بلا إنتاج»، وسوف يشارك بها مدربون أجانب أيضًا.. ولا توجد أى شروط للمشاركة فى تلك (الورش) لأن الهدف منها هو منح فرص لمحبى المسرح والتمثيل. ومن لا يجدون فرصًا للتدريب، لذلك فالأولوية ستكون للهواة وليس لخريجى المسرح الذين نالوا فرصتهم بالفعل. وستقام الفعاليات بمكتبة الإسكندرية ومسرح بيرم التونسى وقصر ثقافة الأنفوشى، وسيشمل عروضًا مختلفة ومتنوعة من عدة دول مثل كولومبيا والنرويج والسودان وتونس ومصر والجزائر. لماذا أصبح هناك تراجع لدور قصور الثقافة؟ موضوع تراجع قصور الثقافة موضوع كبير جدًا، وقد بدأ منذ 20 أو 25 سنة. ورغم أن مشروع الثقافة الجماهيرية كان هدفه نشر الثقافة والفنون فى أقاليم مصر وأن تكون هناك فرصًا شبه متساوية بين المواطنين فى شتى المحافظات، إلا أن هذا لم يتحقق لأن الاهتمام الأكبر بمحافظة القاهرة ثم الإسكندرية قليلًا، ثم يقل الاهتمام مع باقى الأقاليم. المشاكل تأتى أيضًا من طريقة التفكير فى التطوير، فرغم الإنفاق المادى الكبير الذى يحدث لتطوير وترميم بعض قصور الثقافة فإن هذا التطوير غير مدروس بشكل كافٍ، فمثلا قصر ثقافة الأنفوشى عندما تم ترميمه تكلف 55 مليون جنيه، وكان الأفضل من هذا الترميم الذى اقتصر على (تبليط الرخام) أن يتم منحنا أرضًا وإنشاء مركز كبير مثل (الهناجر) فى أوبرا القاهرة.. وهو المشروع الذى عرضته عام 2011 على محافظ الإسكندرية وقتها «عادل لبيب» وعلي«أحمد مجاهد» رئيس هيئة قصور الثقافة.. أيضًا من ضمن مشاكل الهيئة العامة لقصور الثقافةأن مسارحها عندما ترمم تأخذ فترة زمنية تصل إلي20 عامًا، والدفاع المدنى أغلق كثيرًا من المسارح. فما نحتاجه هو إنشاء قصور ثقافة ومسارح بإمكانيات مادية بسيطة لأماكن بسيطة ومتواضعة، فبدلاً من إنفاق 55 مليونًا بقصر واحد كنا أنشأنا 6 قصور ثقافة. المشكلة الأخرى فى قصور الثقافة ما يسمى «بالإنتاج الصوري» وهو أقرب ل«سبوبة»، عمل أى شيء والحصول على أجر و(خلاص)، ولكن تم إلى حد كبير تدارك تلك المشكلة بعد أن غير «د. صبحى السيد»، مدير الإدارة العامة للمسرح، النظام الإنتاجى. وهو ما يستكمله الآن صديقنا الفنان «عادل حسان». وماذا عن نوادى المسرح والفرق القومية؟ نوادى المسرح بها أزمة ولدى كتاب عن انحراف تجربة نوادى المسرح عن فلسفة تأسيسها، فالهدف من نوادى المسرح كان التثقيف والتدريب فى كل محافظات مصر من خلال ورش ومحاضرات ويكون الناتج عملاً عرضًا مسرحيًا، الآن أصبحت النوادى تقدم عروضًا فقط، وليس هناك تثقيف أو تدريب أو تنمية مهارات، فقط مسابقات للعروض وهذا ليس له علاقة بنوادى المسرح.. أما الفرق القومية، فلديها مشكلة أزلية، ولن تحل إلا بإعادة الهيكلة، وأزمتها أن هناك مجموعة من الأساتذة هم المسيطرون على هذه الفرق، وأنا شخصيًا لديَّ تجربة فشلت بعد 6 شهور من بدايتها لأن العمل يجرى فى بيئة غير صحية، فهيكل الأعضاء إذا وجدوا أن النص غير مناسب يطالبون المخرج باستبداله، وأنا شخصيًا لا أستطيع العمل فى تلك الظروف لأننى أختار النص الذى أومن به. فى النهاية الفرق القومية تحتاج إعادة هيكلة من جديد وضخ دماء جديدة من الشباب لكى تستطيع النجاح. ما الذى قدمته حينما كنت مديرًا لقصر ثقافة سيدى جابر؟ كان لديّ مشروع وقدمته، وكان هدفى أن أحول هذا المكان الصغير إلى قلعة للثقافة والفنون، فأعدت إقامة (صالون الخريف) وهو صالون للفنون التشكيلية كان متوقفًا لفترة طويلة. وأقمت مؤتمرًا دوليًا للثقافة الرقمية وقدمت عروضًا مسرحية وفرقًا موسيقية، وعندما تركت المكان تخيلت أن كل ذلك سيتم استكماله. وهو ما لم يحدث وكل شيء فعلته انهار، إلى أن قامت الحماية المدنية بإغلاق القصر. والآن يتم ترميمه. وأتمنى التوفيق لمديرته الصديقة «داليا شوشة». هل تتابع المسرح الخاص؟ لا يوجد مسرح خاص فى مصر، لقد «مات» ولو عقدنا مقارنة بين المسرح التجارى فى مصر والكويت مثلًا، سنجد أن المسرح التجارى فى مصر لم يعد موجودًا، ولكن مسرح الكويت موجود وبقوة. ما هى الأسباب من وجهة نظرك؟ إن النجوم لا ينظرون للمسرح على أنه فن لابد أن يتم دعمه، فالنجم ينظر إلى المادة فقط وهل هى أعلى فى المسرح أم فى عمل مسلسل، والمسرح التجارى يبحث عن النجم الذى سيجذب الجمهور، فمثلاً أقوم حاليًا بالتحضير لمسرحية «حمام الست» بمسرح الدولة (مسرح بيرم التونسي) وهو يعادل فكرة المسرح التجارى الذى يرتاده الجمهور، وللأسف لا أجد نجمًا لدور البطولة، لأن الجميع يعتذر. وعندما أتواصل مع نجم محب للمسرح يكون شرط قبوله للدور أن يكون فى أوقات تفرغه فقط، فطبيعى أن مثل هذه الظروف تقتل المسرح، لأنه يتطلب الأولوية التى جعلته ينجح فى أوروبا وأمريكا. كيف ترى بعض التجارب المسرحية الخاصة مثل تجربة «مسرح مصر»؟ ربما يكون لدينا بعض التحفظات على المستوى الفنى، ولكن لو فكرنا سنجد أن «أشرف عبدالباقي» أعاد للجمهور الشغف لزيارة المسارح، وهو فنان محترم وحرفى ورجل مسرح من طراز فريد ولقد تعاونت معه فى تجربه مسرحية، وبالإضافة لتجربته فى «مسرح مصر» يقدم أيضًا عملاً مسرحيًا وهو «جريمة فى المعادي» والعرض ناجح جدًا، إذًا الرجل لديه رغبة صادقة فى عمل تطوير وتنمية للمسرح المصرى وهو أيضًا يستفيد، وذلك حقه ودليل نجاح تجربة مسرح مصر استمرارها كل تلك المواسم وهى تجربة من الممكن أن تخضع للدراسة لمن يريدون النقد البناء، ولكنى أرى أنها تجربة بها الكثير من المزايا.. ربما يكون لديّ تحفظات حول تكرار تيمة الضحك، ولكن الأهم أنها تجربة محترمة، وبدلًا من الهجوم عليها، لابد أن ندعمها. كيف يستطيع المسرح أن يحقق دوره كقوة ناعمة؟ المسرح يعد جزءًا من الثقافة والفنون، قادر كغيره أن يغير العقول بهدوء. والفن يحارب كل السلبيات بشرط أن تكون هناك خطة واعية وطويلة الأمد. فى النهاية وبصفتك مخرجًا (سكندريًا)، كيف ترى حال المسرح فى الإسكندرية؟ الإسكندرية منذ القدم رائدة فى فن المسرح ومسرح الجامعة فى العام الماضى قدم 20 عرضًا ومهرجان «مسرح بلا إنتاج» 14 ومهرجان الحرية للإبداع قدم 10 عروض، وأيضًا مهرجان مكتبة الإسكندرية ومهرجان الشوارع الخلفية ومهرجان نسيم الرقص. فالإسكندرية بها الكثير من المهرجانات المسرحية والإنتاج المسرحى، والشباب صنعوا حالة جيدة، خاصة مع وجود وحدة الإسكندرية فى المعهد العالى للفنون المسرحية.. فطوال الوقت لدينا إنتاج مسرحى متميز، وبصمات واضحة فى جميع المهرجانات التى تنظمها مصر. ولقد حصلت فى المهرجان القومى عن مسرحية (القرد كثيف الشعر) على 5 جوائز وعن (بيت الدمية) على ثلاث جوائز وعن (القصة المزدوجة) حصلت على جائزتين. أى أنا فقط حصلت فى المهرجان القومى الذى يتنافس فيه المحترفون وشباب الإسكندرية التابعون للهيئة العامة لقصور الثقافة على 10 جوائز.