ضبط 45 طن دواجن ولحوم فاسدة ومخالفة في الجيزة خلال شهر    أمريكا تبحث مع أوكرانيا الانضمام للاتحاد الأوروبى فى 2027    بلدية غزة: الوضع كارثي بشكل غير مسبوق نتيجة المنخفض الجوي العنيف الذي يضرب البلاد    وزير خارجية لبنان: تلقينا تحذيرات باستعداد إسرائيل لشن هجوم واسع    مجلة تايم الأمريكية تختار مهندسى ال AI شخصية عام 2025    مدرب برايتون: أتمنى رؤية صلاح في تشكيلة ليفربول أمامنا    ضبط مدير كيان تعليمى وهمى بمدينة نصر بتهمة النصب على الراغبين فى دورات الإلكترونيات    غياب تام وحضور لا ينطفئ.. عبلة كامل تتصدر التريند بلا حسابات على السوشيال ميديا    الليلة.. كنوز التلاوة وسر 100 أسطوانة للشيخ محمد رفعت في فيلم الوصية الوثائقي    الصحة: «فاكسيرا» تبحث مع شركة e-Finance إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة لخدماتها    طبيب عروس المنوفية: كانت متوفية من ساعتين ورفضت منحهم تصريحا بالدفن    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع بالإسكندرية    أفشة: أعتذر وحزين بسبب كأس العرب.. ولا أتهرب من المسؤولية    محمد هاشم.. الناشر الذي صاغ ملامح جيل كامل ورحل بصمت    موسكو: التعديلات على خطة السلام الأمريكية ليست في صالح روسيا    قائمة السودان - بعد إضافة المحترفين.. استمرار 18 لاعبا من كأس العرب في أمم إفريقيا    سبورت: الأهلي لن يجعل انتقال حمزة عبدالكريم إلى برشلونة مهمة سهلة    226 طن مواد غذائية، قافلة صندوق تحيا مصر تصل بشاير الخير بالإسكندرية    وزارة الصحة ترد على شائعة استخدام المضاد الحيوى لعلاج نزلات البرد    هيئة الرعاية الصحية تكشف حصاد 6 سنوات من التغطية الصحية الشاملة: 105 ملايين خدمة و6 ملايين منتفع حتى 2025    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبور الطريق الصحراوي بالنوبارية    رئيس مياه القناة: الانتهاء من إصلاح جميع كسور الشبكات المفاجئة وإعادة التشغيل    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    بريطانيا تفرض عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بسبب انتهاكات الفاشر    حملات ميدانية فى قطاعات الصحة والتعليم والنظافة ببنى سويف.. اعرف التفاصيل    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    سلوت: أرغب في بقاء محمد صلاح مع ليفربول.. وأنا صاحب تشكيل المباريات    «جينا الفقي»: معرض مخرجات البحوث منصة حيوية لربط العلم بالصناعة    أمطار خفيفة في مناطق متفرقة بالجيزة والقاهرة على فترات متقطعة    ضبط 3 قضايا تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    ياسمين عبد العزيز عن فترة مرضها: شوفت الموت ورجعت    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    نانت «مصطفى محمد» ضيفًا على أنجيه في الدوري الفرنسي    لأسباب صحية.. الخطيب يعتذر عن المشاركة في المؤتمر العربي لجامعة هارفارد الأمريكية    بحضور نائب المحافظ.. افتتاح مسجد "السلام" بمدينة سوهاج الجديدة    عزاء الناشر محمد هاشم فى مسجد عمر مكرم بالتحرير.. الإثنين    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    أمين شُعبة المُصدِّرين: شراكة مصرية هولندية جديدة في التصنيع الزراعي    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    مصر تتوج بفضيتين في الوثب العالي والقرص بدورة الألعاب الأفريقية    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    أكثر المرشحين تقدما حسب نتيجة الحصر ببعض اللجان بدائرة أسيوط (صور)    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رثاء الشعراء فى عبدالناصر.. محبّة من بعد عداء

كان خبر وفاة الزعيم جمال عبدالناصر يوم 28 سبتمبر 1970 حدثًا عالميًا بامتياز، وقد تبارى الكثيرون من داخل الوطن العربى وخارجه فى إبداء انفعالاتهم تجاهه.. لكن كيف كان وقع خبر الوفاة على مُعارضى الزعيم، خاصة من كان منهم فى المعتقلات فترة رئاسة عبدالناصر؟ كان غريبًا أن يمتدح شعراء - كانوا على خلاف مع ناصر ونظامه - هذا الرجل.
رغم الصدام مع العديد من الشعراء الذين هاجموا بضراوة نظام الحكم، فإنّ موته حقّق ما لم يكن متوقعًا، وهو أن تُنظم أبيات رثاء لعبدالناصر.
نزار قباني..
الهرم الرابع
اصطدم قبّانى بالأنظمة العربية وتحديدًا النظام المصرى بعد قصيدته الشهيرة «هوامش على دفتر النكسة» التى هاجم فيها بضراوة وصراحة، الأنظمة العربية بل الشعوب العربية أيضًا، والتى جاءت فيها:
لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان
قلت له يا سيدى السلطان
كلابك المفترسات مزقت ردائى ومُخبروك دائمًا ورائى
عيونهم ورائى.. أنوفهم ورائى.. أقدامهم ورائى
كالقدر المحتوم كالقضاء
القصيدة حملت نقدًا حادًا للذات والتجربة الناصرية والقومية العربية، وأثارت جدلًا واسعًا فى مصر وأثارت غضب المقرّبين من الرئيس جمال عبدالناصر، والمؤيدين له بطبيعة الحال من الكتّاب والصحفيين، لدرجة أنّهم طالبوا بمنع قبّانى من دخول مصر، بل منع أعماله من التداول فى مصر. هذه الهجمة الشرسة ردّ عليها قبانى؛ فقد دفعت تلك الحملة الشاعر إلى كتابة رسالة خاصة للرئيس عبدالناصر يقول فيها: «سيادة الرئيس جمال عبدالناصر، فى هذه الأيام التى أصبحت فيها أعصابنا رمادًا، وطوّقتنا الأحزان من كلّ مكان، يكتب إليك شاعرٌ عربىٌ يتعرّض اليوم لنوع من الظلم لا مثيل له فى تاريخ الظلم».
وتابع القبانى: ومن يكون الشاعر يوم يتحوّل إلى مُهرّج بمسرح أذيال المجتمع وينافق له؟».
آمن قبانى بأنه «رغم ملوحة الكلمات ومرارتها»، إلّا أنه «نقل عن الواقع بأمانة وصدق، ورسم صورة طبق الأصل لوجوهنا الشاحبة والمُرهقة».
وقد أثّرت تلك الكلمات فى جمال عبدالناصر كثيرًا وعادت قصائد نزار تُنشر فى مصر وتتردّد أغانيه فى الإذاعة المصرية مرّة أخرى.
أمّا المفاجأة؛ فكانت بعد وفاة عبدالناصر. على غير المتوقّع خرج نزار قبانى بقصيدة صارخة يرثى فيها الزعيم الراحل كما لم يرثه أحد من مُحبّيه واصفًا إياه ب«الهرم الرابع» وفيها قال:
السيد نام.. السيد نام.. السيد نام
كنوم السيف العائد من إحدى الغزوات
السيد يرقد مثل الطفل الغافى.. فى حضن الغابات
السيد نام.. وكيف أصدّق أن الهرم الرابع مات؟
ولم يكتف نزار بقصيدة رثاء واحدة للزعيم، بل كتب بعدها قصيدة «قتلناك يا آخر الأنبياء» وكأنه يعتذر لروح عبدالناصر عن الهجوم اللاذع الذى وجّهه له فى حياته.
أمل دنقل..
«لا تُصالح» تُشبه ناصر
المُعارضون قبل المؤيّدين، كانوا مؤمنين بإخلاص عبدالناصر لمصر. فبعد أن كانت قصائد شاعر مثل أمل دنقل «أمير شعراء الرفض» التعبير البارز عن المعارضة «الأدبية» إن شئنا القول تجاه سياسات ناصر، كانت النكسة فرصة لدنقل للتعبير عن خيبة الأمل ومنهجه فى نقد الناصرية، حين قال فى مرّة: إنّنى لا أكره عبدالناصر، ولكن فى تقديرى دائمًا أن المناخ الذى يعتقل كاتبًا ومفكّرًا لا يصحّ أن أنتمى إليه أو أدافع عنه.. إن قضيتى ليست عبدالناصر حتى وإن أحببته ولكن قضيتى دائمًا هى الحريّة».
شَعُر دنقل، كغيره من المصريين وكأغلب المثقّفين، بانكسار شديد بهزيمة مصر عام 1967، وعبّر عن ذلك فى قصيدتيه «البكاء بين يدى زرقاء اليمامة»:
أيتها العرّافة المقدّسة
جئتُ إليك.. مثخنًا بالطعنات والدماء
أزحف فى معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَر الجبين والأعضاء
أسأل يا زرقاء
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء…
وها هو دنقل نفسه، فى يوم رحيل عبدالناصر، يخرج فى رثاء الزعيم، رثاءً من نوع خاص فى قصيدة لم يذكر فيها اسمه عنوانها «لا وقت للبكاء»، تقول:
لا وقت للبكاء
فالعَلَم الذى تُنكِّسينه.. على سرادق العزاء.. مُنكّس فى الشاطئ الآخر والأبناء
يستشهدون كى يُقيموه.. على تبة العلم المنسوج
من حلاوة النصر ومن مرارة النكبة
وهذا عكس ما حدث مع الرئيس السادات الذى استمرّ دنقل فى معارضته حتى بعد وفاته، وظلّت رائعته «لا تُصالح» حتى اليوم أيقونة الرفض والثورة والوقوف فى وجه السلطة. وهناك رأيٌ سائد بأن تلك القصيدة تتشابه مع كلمات وخطاب عبدالناصر الرافض للصلح والاعتراف بالكيان الصهيوني.

فؤاد حداد..
رثاء طويل
الشاعر فؤاد حداد الذى أعتقل أكثر من مرة، كانت الأولى من 1953 إلى 1956 لم يتخللها سوى إفراج لمدة شهرين عام 1954، واعتقل مرة أخرى عام 1959 ولمدة 5 سنوات حتى عام 1964، كل ذلك تم فى عهد عبدالناصر ومع هذا عندما مات ناصر كتب فؤاد بحسب كتاب «ثلاثون عامًا مع الشعر والشعراء» لرجاء النقاش، يرثى ناصر فى ديوان بعنوان «استشهاد جمال عبدالناصر». كتب قصيدة رثاء طويلة فى جزءين، الأوّل «مصر وجمال» فى أيام متفرقة من نوفمبر 1970، والثانى «لازم تعيش المقاومة» أتمه فى يناير عام 1971 وقال فيه:
يا حضن مصرى يا طلعة فجر يا ريّس.. مع السلامة يا والد يا أحن شهيد.

عبدالرحمن الأبنودي..
ذمّ مكتوم
عبدالرحمن الأبنودى، الذى لم يكتب قصيدة مدح واحدة فى حياة عبدالناصر، بل لم يكتب قصيدة رثاء له بعد وفاته مباشرة، وإنما انتظر لعقود طويلة حتى يكتب قصيدة من أقوى ما قيل فى رثاء ناصر وفى مدحه.
ورغم أن الخال تعرّض للسجن فى عهد عبدالناصر، عندما انضم لتنظيم شيوعى،
إلا أنه خرج علينا بعد عقود بقصيدة يبكى فيها عبدالناصر، بعنوان «يعيش جمال حتى فى موته» وكأنه ما كان إلا مؤيدًا له ومؤيدًا شرسًا، يقول فيها: يعيش بصوته وأحلامه.. فى قلوب شعوب عبدالناصر
مش ناصرى ولا كنت ف يوم
بالذات فى زمنه وف حينه
لكن العفن وفساد القوم
نسانى حتى زنازينه..
يعيش جمال حتى ف موتُه.. ما هو مات وعاش عبدالناصر!!
وفى لقاء تليفزيونى للأبنودى فى عام 2014، ردّ على سؤال عن رجوعه عن معارضة ناصر: «ساعتها مكنتش ناضج». وأنها كانت «مراهقة سياسية».

أحمد فؤاد نجم..
لاذع فى المديح
أما أحمد فؤاد نجم، فقد كان أحد الشعراء الذين تعرّضوا للسجن فى عهد عبدالناصر. انتقد نجم صراحة وبلهجة لاذعة نظام الحكم فى مصر آنذاك، وما يقوم به من تضييق على الحريّات، مما انتهى به إلى الاعتقال. ولمّا مات عبدالناصر، وبكل آلام السجن، كتب قصيدة مؤثّرة فى رثاء الزعيم، قال فيها:
واحنا نبينا كده.. من ضلعنا نابت
لا من سماهم وقع.. ولا منه مرا شابت …
ولا انخسف له القمر.. ولا النجوم غابت
أبوه صعيدى على قدّنا وعلى المزاج ضابط
فاجومى من جنسنا.. مالوش مرا عابت
فلاح قليل الحيا.. إذا الكلاب سابت
ولا يطاطيش للعدا.. مهما السهام صابت
عمل حاجات معجزة وحاجات كتير خابت
وعاش ومات وسطنا.. على طبعنا ثابت
وإن كان جرح قلبنا.. كل الجراح طابت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.