ما أن تطأ قدماك معرض زهور الربيع بالجيزة، إلا وتجد نفسك تلقائيا تردد أغنية الراحل محمد فوزى «الورد له فى روايحه لغات.. تجمع بين النار والجنة.. حاكم الزهور زى الستات.. لكل لون معنى ومغنى».. وتدندن بكلمات بيرم التونسى التى غنتها أم كلثوم ومحمد عبد المطلب «الورد جميل.. جميل الورد.. الورد جميل وله أوراق.. عليها دليل من الأشواق.. إذا أهداه حبيب لحبيب.. يكون معناه وصاله قريب.. شوف الزهور واتعلم.. بين الحبايب نتكلم».. فالمعرض الذى يستمر 45 يوما، ينتظره المصريون خلال شهرى مارس وأبريل كالعيد. بالألوان المبهجة والروائح الخلابة يواصل المعرض استقبال رواده فى دورته ال85، بحديقة الأورمان أكبر الحدائق النباتية فى العالم.. مقومات الطبيعة جعلت المكان مزارا مفتوحا يتهافت عليه الجميع على مدار 45 يوما.. فى حالة نادرة ومتنوعة من التجمعات والأعمار والطبقات، فالجميع له حظ فى المشاركة وقضاء وقت سعيد بتذكرة لا تتعدى جنيهين. أسعار البيع والشراء للزهور والشتلات فى متناول الجميع، تبدأ من 5 جنيهات، وتصل إلى آلاف الجنيهات.. المكان أشبة بتحفة فنية مزينة بنباتات الزينة والحيوانات وإبداعات المشغولات اليدوية، وسط مسطحات خضراء تتعدى مساحتها 29 ألف متر مربع بين الأشجار النباتية النادرة. «روزاليوسف» تجولت فى المعرض ورصدت تفاصيله وتفاعلات زواره، والذين يستقبلهم من خلال ثلاثة أبواب رئيسية من التاسعة صباحا إلى العاشرة مساء.. أسر بجميع أفرادها حرصت على الحضور.. فنانون ومبدعون وجدوا فى المعرض فرصة لالتقاط صورة تعبر عن جمال الطبيعة وروعتها وسط التزاحم البشرى.. طلاب الجامعات والباحثون كان المعرض وسيلة جديدة للاطلاع والتعرف على الجديد فى عالم النباتات. فى حضن الطبيعة يحرص جميع الزوار على التقاط الصور الفوتوغرافية وسط أحضان الطبيعة الخلابة، بعدما حرص أصحاب نباتات الزينة، والذين يمثلون 165شركة وعارضا فى معرض الزهور على تحويل معروضاتهم للوحات فنية بديعة أبطالها النباتات والزهور، وهو ما دفع الكبار والصغار من الزوار إلى الحرص للحصول على صورة للذكرى، وتنوعت أشكال التصميمات والديكورات المعروضة ما بين زينة القصور من نافورات المياه من الصخور وأشجار الزينة الخاصة بالقصور والفيلات الفخمة والأشجار والشتلات المتنوعة فى الشكل والحجم واللون. محمد صلاح والسيسى بعد الدخول من البوابة الرئيسية لمعرض الزهور، تخطفك لوحات من شجر الزينة للفنان التشكيلى هشام الجلاد، يحرص الزوار على التقاط صور بجانبها، فهذا محمد صلاح مرتدياً الفانلة الحمراء وبجواره كأس العالم وكرة قدم ضخمة، رسمتا بدقة من الشجيرات الصغيرة، فضلا عن صور المشاهير من أشجار الزينة، وصورة ضخمة فى وسط معرض الزهور للرئيس عبد الفتاح السيسى تحمل شعار تحيا مصر. الفنان التشكيلى هشام الجلاد يقول: «منذ أكثر من 15 عاما عندى هواية الرسم بالأشجار، فأنا أول رسام بالأشجار فى مصر، من وحى خيالى، أحب الجلوس بجوار الأشجار والتحدث معها لإخراجها فى أبهى صورها، قمت بتزيين بعض شوارع مصر الجديدة، وأحياء كاملة فى مدينة نصر ومحافظة المنيا، وشاركت فى تزيين الفيلل والقصور بعدد من الدول العربية، والسفارات، حولت الأشجار إلى طيور، وكلمات وصور للمشاهير. يضيف: «أدواتى بسيطة فى التنفيذ.. أقوم بتصميم الشكل أو الصورة أولاً ثم العمل على زراعة الفراغات فى حالة الصور وتهذيبها بأدوات القص والزراعة حتى أصل بها للشكل المطلوب، أما أشكال الأشجار المتنوعة فأتابعها منذ صغرها حتى أحولها للشكل المطلوب. مزرعة الصبار فى منتصف المعرض تتواجد أشكال نادرة للصبار فى لوحة فنية رائعة، تنادى الزوار، فالأسعار تبدأ من 5 جنيهات للصبار، وتحرص إحدى السيدات على أن تكون لوحتها الفنية على أكمل وجه، تقوم بترتيب الصبار وتقلمه وتشرف على حركة البيع والشراء، إنها سيدة الصبار «نوال الريس» معروفة بهوايتها لزراعة الصبار منذ ما يقرب من36 عاما بمساندة زوجها ثروت بدوى. تقول: أشارك فى معرض الزهور منذ 28 عاما لم ننقطع، فأنا وزوجى نحب الصبار والذى كان لغة الحوار بيننا جعلتنا من كبار العارضين فى المجال، فالصبار يعد جزءا من العائلة فبجوار تربيتنا لأبنائنا نقوم بتربية الصبار، حتى أننا استطعنا جمع نصف صبار العالم فى مزرعتنا بالقليوبية. «نحرص كل عام على إضافة نوع جديد من الصبار» .. تكمل نوال الريس تفاصيل عشقها للصبار- «فلدينا أنواع نادرة فى أعمارها وأحجامها فنمتلك صبارا عمره يزيد على 50 عاما، زارنا العديد من المشاهير والمسئولين، فمزرعتنا مفتوحة على مدار العام وليست فى المعرض فقط فى القليوبية ونشاطنا دائم. المشغولات اليدوية المعرض خصص جزءا منه أيضا لعرض الحرف، والمشغولات التى تعبر عن التراث المصرى القديم والحرف اليدوية فقط، حيث تحتل «يدوية»، مكانة مميزة من اهتمامات الزوار- وهى جمعية لجمع التراث اليدوى من كل مكان فى مصر، عمرها 6 سنوات، بها فريق مكون من 4 أشخاص، ومؤسس الجمعية المهندس أسامة الغزالى كان رحالة على مدار سنوات ماضية للبحث عن كل مبدع بالأشغال اليدوية فى مصر للترويج لمنتجاتهم فى المعارض. تقول إحدى القائمات على المعرض: «تجولنا للبحث عن أصحاب التراث فى 26 محافظة لمساندة الجميع فى الحفاظ على تراثنا، دخلنا بيوت البسطاء والمحافظات البعيدة وكان فى مقدمتهم أهل سيناء، حيث حرصت نساء سيناء على المشاركة بالأزياء والعديد من المقتنيات المهمة فى المنزل، وأهالى قنا يشاركون بخشب السرسوع المستخدم فى أوانى الطعام فهو نوع نادر من خشب الأشجار صالح لتناول الطعام فيه، بعد تصنيعه يتم وضعه فى زيت الزيتون لمدة 15 يوما ثم يباع لوضع الطعام به مباشرة دون قلق من أى تفاعل بين الطعام والخشب، وكفر الشيخ تشارك ب «الكليم» من صوف الغنم والجمل من فوة، وأخمين تشارك بالتابلوهات اليدوية للزينة، ويصل عدد المشاركين فى جمعية الحفاظ على التراث ما يقرب من 2000 شخص من جميع محافظات الجمهورية. زراعة حوائط المنزل معرض الزهور متعة لا تتوقف، فإلى جانب الزهور والشجيرات والحرف اليدوية، توجد طرق جديدة للزراعة يحرص العارضون على تقديمها للزوار ومساعدتهم، ومن بينها زراعة حوائط المنزل من أجل توفير احتياجاته من الخضروات وبيع الفائض.. يوضح محمد حمدى المسئول عن مشروع الزراعة على حوائط المنزل، أن المشروع يمكن صاحبه من إخراج 80 كيلو خضار كل شهر ونصف أو شهرين كأقصى مدة لجنى الثمار، من خلال محلول «مغذى»، يستخدم فى الزراعة، باستخدام مواسير طولية من البلاستيك بها فتحات معلقة على الحوائط يضاف لها المحلول المغذى بشكل ثابت فى توقيتات ثابتة من اليوم. وأشار إلى أن تكلفة مشروع لإخراج 80 كيلو خضار كل شهر 2000 جنيه فقط، وكل ما يحتاجه جهاز لرفع الماء و»استاند مثبت» على الحائط «مواسير بلاستيكية»، ويضخ المياه بالمحلول للشجر الصغير كل 3 ساعات ويتم تغيير المياه نفسها كل 21 يوما، موضحا أن معظم المقبلين على زراعة الخضار يفضلون الفلفل والطماطم والخيار، قائلا: «المشروع ناجح ويقبل عليه العديد من الشباب وكذلك ربات البيوت لتوفير المال والحصول على خضار نقى وصحى». السلاحف المهربة طيور الزينة والزواحف والسلاحف البرية والمائية كان لها نصيب أيضا فى معرض الزهور، حيث تفاعل الزوار مع أربعة عارضين عرضوا عدة أنواع من السلاحف البرية لكن بأسعار خيالية، يقول أحد التجار ويدعى محمد: «المفروض الزبون مش يعارض معانا فى سعر السلاحف لأننا نعانى كل عام لإحضارها للمشاركة بها فى معرض الزهور، لأن الطلب عليها يكون كبيرا فضلا على أنها مهربة من ليبيا واليونان». ويضيف: المعرض خال هذا العام من السلاحف الليبية بسبب صعوبة تهريبها عبر الحدود، لذلك اتجهنا لليونان، لكنها قليلة العدد فكل عارض لا يوجد بحوزته أكثر من 5 سلاحف متنوعة الأحجام، وأسعارها تبدأ من 200 جنيه لصغيرة الحجم ويضاف لها قيمة التهريب». 165 عارضا المهندس عادل حافظ محمد المشرف على معرض الزهور، أكد أن المعرض يقام على مساحة 29 ألف متر مربع ويشارك فيه 165 عارضا بزيادة 40 عارضا عن العام الماضى، فضلا على التنوع بين العارضين المختصين فى الزراعة ونباتات الزينة المختلفة، كما يوجد لأول مرة هذا العام مكتب استعلامات به خريطة للزوار للوصول للأماكن المطلوبة بشكل سريع. وعن الرسوم المفروضة على المشاركين قال: نحصل على إيجار60 جنيها للمتر المفتوح و70 جنيها للمتر المغلق، مشيرا إلى أن إقبال الجمهور هذا العام يفوق العام الماضى، وسيتم إجراء حصر له فى نهاية المعرض من خلال عدد التذاكر المباعة.
