فنانات كثيرات أدين دور الأم فى السينما والدراما، ولعل أبرزهن أمينة رزق، لكن مؤخرًا استطاعت الفنانة نادية رشاد أن تقدم أداء فريدا لدور الأم فى مسلسل الطوفان، الذى لاقى نجاحًا وقبولًا من الجميع. نادية رشاد قالت ل«روزاليوسف» إن أمها عارضت عملها بالفن فى بداية الأمر، لكنها استجابت لرغبتها، وتركتها تعمل للفن فقط. فى البداية.. من هى أم الفنانة «نادية رشاد»؟ -أمى هى الحاجة «صابرين»، كانت نسخة من الحاجة «صفية» التى جسدت دورها فى مسلسل «الطوفان»، لكنها كانت أفضل، لأنها كانت سيدة عاملة، وهى مَثلى الأعلى. وماذا كانت تعمل؟ - كانت واعظة دينية.. كالعديد من النساء مثلها فى تلك الفترة. لماذا لم تسيرى على نهجها؟ - هى لم تطلب مِنّى، أو من إخوتى سوى أن نحافظ على أداء الفروض الخمسة، كما أنها كانت متابعة جيدة لى فى تحركاتى، خصوصًا بعد دخولى مجال التمثيل، وتأكدت أن سلوكى لم يتغير، فلم أدخن، أو أشرب أى شىء، بخلاف «الشاى بلبن» الذى أعشقه. هل تقبلتْ والدتك فكرة التمثيل من البداية؟ - لا، على الإطلاق، بل حزنت جدّا، والسبب كان شعورها بالمسئولية تجاهى.. ففى بادئ الأمر، كانت تعتبر أن فكرة التمثيل بالنسبة لى مجرد هواية، ولم تتوقع أبدًا فكرة الاحتراف.. وعندما قررت الخوض فى هذا المجال بشكل محترف، قالت لى: «لن آمن عليكِ فى الوسط الفنى»، لأن ما يُكتب عنه عادة يثير القلق عند جميع الأمهات، خصوصًا المتحفظات منهن، ومن هنا جاء رفضها، إضافة إلى رغبتها بأن أظل فى مهنتى الأصلية كمعلمة، لكننى قلت لها: «مهنة التمثيل هى تدريس، لكن على مستوى أوسع»، فأنا هنا أخاطب المجتمع كله. طوال مشوارك الفنى تميزتِ بدقة اختيار الأدوار؟ - عاهدتُ أمى أن سلوكى لن يتغير بعد دخولى عالم الفن، وإن وجدتْ أى إشارة تدل على التغيير، فلها كامل الحق أن تتبرأ مِنّى، لكن على المستوى الشخصى، كنتُ أعرف أننى لن أقوم بأى عمل يغضب أمى، وبالفعل ربنا وفقنى بألا أقوم بشىء يخجلها من عملى، والتزمت بوعدى لآخر يوم. ما أهم التعليقات التى قالتها لك بعدما أصبحت ممثلة؟ - اقتنعت بى بعد فترة نظرًا لالتزامى، وبدأت تدعو لى بأن يحفظنى ربى، وأتذكر دعاءها الدائم لى حتى الآن، فكانت تقول: «ربنا يحبب فيكى خلقه»، وأعيش ببركة دعائها.. وتوفيت وهى راضية عنى، كما كنت بجوارها لآخر لحظة، فأمى كانت مسئوليتى أكثر من أولادى. ماذا عن نادية رشاد الأم؟ - أقوم بواجباتى كاملة، فأخلصت لحياتى العملية، وقدمت نفس الجهد والتفانى مع أسرتى وأعاننى الله على تلك المسئوليات، ونجحت فيها. اتجاهك للكتابة أكثر من التمثيل، هل كان بسبب التواجد فى البيت؟ - ميزة الكتابة تكمن فى سهولة إنجازها فى البيت، فيصبح من السهل القيام بعمل البيت بجانب العمل المهنى، أيضًا الكتابة تعوضنى عن قلة الأدوار بسبب تدقيقى فى الاختيارات. وفى حالة عملك بالتمثيل كيف كانت حياتك مع أولادك؟ - كنت أصطحب ابنتى «نجلاء» وهى الآن كاتبة سيناريو و«بسام» الذى أصبح طبيبًا، وهما صغيران معى للمسرح، لعدم قدرتى على تركهما بمفردهما، وأذكر أنه فى إحدى المرَّات حدث موقف طريف، فعندما كان يتواجد مشهد به كثير من الممثلين، كانا يدخلان لخشبة المسرح معهم، فابنى «بسام» كان يدخل فى يد «فاروق نجيب» أحيانًا، ومع هذا لم يشعر ابناى بأننى غائبة عنهما يومًا واحدًا، بل كنت أتعامل معهما فى صغرهما، كأنى صغيرة مثلهما، فكنت ألعب معهما طوال الوقت. ابنتك كاتبة مثلك، هل كان لكِ دور فى هذا؟ - ابنتى تربَّتْ فى بيئة مليئة بكُتب الفن، سواء من ناحيتى، أو من ناحية والدها الفنان «محمود الحدينى»، لذلك تشبعت بالفن منذ صغرها، فى البداية كانت تهوى التمثيل، لكنها اختارت العمل فى التأليف، رغم تشجيعى لها، بأن تخوض تجربة التمثيل. هل يبديان آراءهما فى أدوارك؟ - نعم ابنتى «نجلاء» عندما كبرت زادت تعليقاتها، وفى إحدى المرَّات عندما ارتديت فى إحدى المسرحيات «باروكة» صفراء من أجل الدور، انتقدتنى بشدة، وقالت إنها تجعل شكلى أكبر سِنًّا، وعلى الفور قمت بتغييرها، ومنذ كانت فى الثانية عشرة وهى تقرأ كتاباتى، وتناقشنى وتسألنى حول بعض النقاط، وأستمع لها (فعندى ناقدة كبيرة فى البيت). ما رأيك فى دور (الأم) بشكل عام على مستوى الدراما والسينما، هل تعتقدين أنه أخذ حقه؟ - دور الأم كان مهمشًا فى الدراما المصرية فى أغلب الفترات، فالأم فى أعمال كثيرة تبدو سيدة ليست فاضلة، فقد تجعل بناتها يعملن فى (الدعارة)، أو أمًا يصعب إطلاق عليها مُسمى أم من الأساس، وبالطبع هناك بعض الأدوار التى ظهرت فيها صورة الأم بشكلها المثالى، لكن دورها كان ثانويا، أو صغيرا، لا يترك بصمة فى الأحداث، وهنا يتوقف دورها على (الطبطبة) على نجم العمل الدرامى، ومن النادر أن تشارك الأم فى البطولة مثل باقى الشخصيات، وعادة ما تظهر صورة الأم (المشجعة) على أنها واحدة من ثلاث (مستقوية)، (غبية)، أو هى سبب المشكلة. لكنكِ قدمتِ دور الأم فى مسلسل «الطوفان» وكان لكِ دور كبير؟ - مسلسل «الطوفان» استثناء بالنسبة لى، وهو عودة لأدوار الأم الطيبة، التى لها بصمة فى العمل الدرامى، وأعجبت بالدور جدًّا، ولم أتردد لحظة فى قبوله، نظرًا للرسالة العظيمة التى كان يحملها العمل كله ولم أشترط أى شىء، سواء فى الأجر، أو الملابس، أو غيرهما، فكانت فكرة الدور ورسالته أغلى من أى أموال، الأم هنا كانت لها دور فى التوجيه الأخلاقى والدينى والتربوى. هل ستكتبين عملًا يكون للأم فيه دور البطولة؟ - الأهم من الكتابة، إيجاد شركة إنتاج تتحمس لكتاباتى، هناك أعمال كتبتها بالفعل ولكنها متكدسة فى الأدراج، لعدم وجود إنتاج، فالشركات الآن تسعى فقط وراء العائد المادى. ماذا تقولين للأمهات فى عيدهن؟ - «مهما كان قدر الجهد الذى تبذلينه مع أولادك، استمتعى بكل لحظة تعيشينها معهم، فهم فى أحضانك، ومعك اليوم، لكن غدًا ستكونين ضيفة عندهم، ولن تتمكنى من رؤيتهم يوميّا، لذلك كل لحظة هى متعة حقيقية معهم». رسالة من نجلاء الحدينى إلى ماما نادية رشاد. - «حبيبتى ماما من وأنا صغيرة وأنا منبهرة بيكى.. لما كنتْ بروح معاكى المسرح أتفرج عليكى من الكواليس وأنتى بتمثلى والناس كلها بتصقفلك..وأمّا كبرت شوية وابتديت أقرأ السيناريوهات اللى بتكتبيها واللى حببتنى فى الكتابة واتعلمت منها يعنى إيه دراما ولحد دلوقتى لسّه بسأل نفسى إزاى قدرتى تكونى ممثلة عظيمة وكاتبة متميزة وفى الوقت نفسه أُمّ متفانية فى الاهتمام بينا ورعايتنا ومشاركتنا كل لحظات حياتنا.. باشكرك على كل حاجة وربنا يخليكى ليّا وتفضلى منورة حياتى».