بعد 74 على صدوره، تصدى البرلمان لتعديل قانون المواريث لتدارك الخطأ الذى وقع فيه المشرع عام 1943 والذى تجاهل وضع عقوبة لمن يمتنع عن تسليم الميراث لمستحقيه، حيث وافق مجلس النواب الأسبوع الماضى على إضافة مادة وحيدة على القانون رقم 77 لسنة 1943 والذى يتكون من 48 مادة، وتجاهل العديد من العقبات التى تواجه تنفيذ القانون. وتنص المادة 49 التى تمت إضافتها للقانون على: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، أو حجب سندًا يؤكد نصيبا للوارث، كما يجوز الصلح فى أية حالة كانت عليها الدعوى، وبعد صيرورة الحكم باتا، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ووقف تنفيذ العقوبة». ورغم الموافقة على القانون فإن الجدل حوله لم يتوقف داخل أروقة البرلمان خلال الأسبوع الماضى، وذلك لحاجة المشروع إلى العديد من التعديلات الأخرى، فضلا على أن العقوبة المقررة غير رادعة، وتجاهل التعديل وضع تقسيم الميراث فى الصعيد والعديد من المناطق القبلية والحدودية، وهو ما دفع عددا من النواب إلى المطالبة بإعادته للمداولة مرة أخرى وإدخال مواد جديدة عليه لضمان وصول الميراث لمستحقيه. عمر حمروش أمين سر لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب قال ل«روزاليوسف» إنه يحسب للبرلمان الحالى أنه تصدى لقانون المواريث الذى لم يقترب منه أحد منذ عام 1943، فرغم أن المواريث فصلها الله عز وجل تفصيلا كاملا فى القرآن الكريم، وحدد لكل وارث نصيبه الشرعى، وأن من يمنع هذا الحق يعرض نفسه لإثم كبير فى الآخرة، إلا أن بعض الناس لا يرتدعون ويمنعون حق الميراث عن مستحقيه، كما انتشرت ظاهرة من يحرمون المرأة من الميراث، فكان لزاما وجود عقوبة لمن يقومون بهذا الفعل. توافق معه فى الرأى إيهاب الطماوى أمين سر لجنة الشئون التشريعية الذى أوضح أن التعديل فى قانون المواريث يتوافق مع مبادئ الشريعة وأحكام الدستور، والحكومة قبل تقديمه إلى البرلمان حصلت على رأى هيئة كبار العلماء ورأى المجلس الأعلى للقضاء، وأبدوا موافقتهم على القانون، وسوف يتم العمل به فور توقيعه من رئيس الجمهورية ونشره بالجريدة الرسمية، مشيرا إلى أن أى نزاع سيعرض على المحاكم سيتم النظر فيه حتى لو كان صاحب التركة متوفيا من سنوات سابقة على صدور القانون. وأكد أن وجود نص عقابى بالقانون لمن يمنع تسليم الورثة لمستحقاتهم يحقق الردع المطلوب لكل من يستولى على الميراث، كما يقضى على ظاهرة حرمان المرأة من حقها بالميراث نافيا أن يكون بند التصالح بالقانون يفتح بابا للتلاعب من جهة المستولى على الميراث، بأن يجعل القضية تأخذ مسارها القانونى لسنوات عديدة يستفيد خلالها من ريع وفوائد الميراث لنفسه، وبعد أن يصدر حكم ضده فى النهاية يقوم بتسليم الورثة لحقوقهم من أصل الميراث فقط.. قائلا أن هذا تنظمه القواعد القانونية العامة والقانون المدنى، حيث يوجد نظرية اسمها نظرية «الإثراء بلا سبب»، وبالتالى يحق لصاحب الحق فى الميراث المطالبة بريع الميراث عن السنوات التى لم يكن خلالها حائزا لحقه فى الميراث. صعوبة التطبيق شكرى الجندى وكيل لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب يرى أن التعديل الأخير فى قانون المواريث جيد، ولكنه يخشى من عدم إمكانية تطبيقه فى الصعيد والمحافظات الحدودية، فقد تخشى المرأة من إقامة دعوى قضائية ضد أخيها، أو قد يقيم أحد الورثة دعوى ضد أخيه أو عمه المستولى على الميراث فيتم حبسه فتنشأ خلافات ونظرا للعصبية قد تنشأ صراعات، معلنا عزمه التقدم للبرلمان بمشروع قانون باعتبار العرف إجراء من إجراءات التقاضى، ويتم تشكيل لجنة عرفية ويتم أخذ الموافقة عليها من الجهات المختصة بالدولة، وبالتالى ستصبح اللجان العرفية معترفا بها قانونا لصدور تشريع يخصها، مما يخفف العبء على المحاكم. وأشار أحمد الطنطاوى عضو مجلس النواب، إلى أنه تقدم بطلب لإعادة المداولة على تعديل قانون المواريث، والذى وافق عليه البرلمان مؤخرا، ووقع عليه عشرون نائبا، وسلمه إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، موضحا أن العقوبات التى تم إقرارها على من يمنع تسليم الورثة لحقوقهم لن تكون رادعة بصورة كافية ضد من يقومون بهذا الفعل، فعندما يتصدى مجلس النواب لهذا القانون بعد 74 سنة منذ صدوره لاستدراك خطأ وقع فيه المشرع آنذاك بعدم وضعه لعقوبة على من لا يلتزم بالقانون ويمنع الميراث من مستحقيه، كان يجب على البرلمان أن يتصدى بعقوبات رادعة على من يقوم بهذا الجرم، والذى بسببه تم تدمير أسر وأصبح يوجد أطفال لا يجدون ما يكفيهم للعيش فى حين أن حقهم فى الميراث كان سيكفيهم لعيشة كريمة. وقال الطنطاوى إن النص الذى وافق عليه البرلمان قرر العقوبة على من يمنع تسليم الميراث لمستحقيه بالحبس ستة شهور وغرامة حدها الأدنى عشرون ألف جنيه والأقصى مائة ألف جنيه، وأجاز التصالح حتى بعد صدور حكم قضائى، وهذا النص لن يحقق الردع المطلوب، فإجراءات التقاضى تستغرق سنوات فى المحاكم، ويمكن أن يماطل المستولى على الميراث طوال هذه السنوات، وأصحاب الحق فى الميراث قد لا يكون لديهم ما يكفى من المال للاستمرار فى التقاضى لهذه السنوات، مما يعطى الفرصة للمستولى على الميراث أن يبتزهم ليرضوا بأى شيء ويتصالحوا. ومن جانبها أكدت غادة صقر عضو مجلس النواب، أنها تقدمت بمشروع قانون لتعديل قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 فى دور الانعقاد الأول، بإضافة ثلاث مواد جديدة للقانون، المادة الأولى: «فرض عقوبة على من يمتنع عن تسليم الميراث لمستحقيه من الورثة، مع إمكانية التصالح فى أى وقت من إجراءات التقاضى فى حالة إذا ما تم تسليم الميراث لمستحقيه»، والمادة الثانية: «الاعتراف بأطفال الزواج السرى غير المعلن والعرفى ليصبحوا ورثة شرعيين»، والمادة الثالثة: «تخصيص دائرة للمواريث داخل محكمة الأسرة»، وأنها بعد نشر تعديل قانون المواريث فى الجريدة الرسمية، سوف تقوم فى دور الانعقاد البرلمانى الحالى بتقديم مشروع قانون لتعديل قانون المواريث مرة أخرى، لإضافة المادتين الأخيريتين اللتين اقترحتهما من قبل، لأن عدم توريث أطفال الزواج السرى والعرفى فيه ظلم كبير لهؤلاء الأطفال، ويهدد كيان المجتمع ويجعل أجيالا ناقمة على المجتمع الذى لم يعطهم حقهم.