القاف «سيركل» وعليها نقطتين!

فى مسلسل «نيللى وشريهان»، تعبر شخصية نيللى عن فتاة مدللة تعليمها أجنبى ولا تعرف حروف اللغة العربية، فتتذكر القاف على أنها دائرة أو «سيركل وعليها نقطتين»، وتذكر حرف «الظاد» لوجود «الصاد»، وحرف «الزه» لوجود «الره».
والشخصية تعبر عن الكثيرين ممن لا يعرفون أساسيات اللغة العربية لا فى النطق ولا الكتابة، واليوم أصبحت اللغة العربية لغة أجنبية بالنسبة للبعض من العرب، وتواجه اللغة العربية التهميش مع ازدياد الاهتمام باللغات الأجنبية باعتبارها أساسية للتعليم والعمل.
وكشفت بعض الدراسات أن الناطقين بالعربية لديهم صعوبة فى تسمية أو فهم الحروف غير الموجودة فى لهجاتهم العامية، وترجع الصعوبة فى قراءة اللغة العربية إلى وجود فروق كبيرة بين اللغة المحكية واللغة المكتوبة من حيث النطق والكتابة بالشكل الإملائى الصحيح للكلمات وكأنهما لغتان مختلفتان، ويحتاج الإنسان العربى إلى تعلم اللغة الفصحى بشكل ممنهج وكأنه يتعلم لغة أجنبية.
والسؤال: هل المشكلة فى اللغة العربية أم فى الإنسان العربي؟، المشكلة فى أن الإنسان العربى يفكر ويتكلم بلهجة عامية لا يكتبها، ويكتب بلغة فصحى لا يفكر بها ولا يتكلمها، فهو يفهم الفصحى، إلا أنه يجد صعوبة فى قراءتها والتعبير بها بشكل صحيح.
وتعبر اللغة عن ثقافة الأمة، وكلما تقدم الشعب وأسهم فى بناء الحضارة الإنسانية، تتطور لغته لتعبر عن المفاهيم السامية والمعانى الدقيقة فى كل مجالات العلم والمعرفة.
والعبرية كانت لغة طقوسية خاصة بالعبادات فقط، وأصبحت الآن لغة أساسية لملايين الأطفال فى إسرائيل، يتعلمون ويتكلمون ويكتبون بها، حتى إن بعض كلماتها تسربت لبعض اللغات ووصلت للعالمية، لأن أبناءها يبدعون ويبتكرون بها، فالصناعات الإسرائيلية المتقدمة طبياً وتكنولوجياً لها أسماء عبرية.
وكذلك اللغة العربية تحيا بفكر وإبداع الناطقين بها، والدفاع عنها يضمن للأمة استمراريتها ويحفظ لها مكاناً متقدماً بين الأمم الأخرى، وقد لخص ذلك ابن خلدون بقوله: «إن غلبة اللغة بغلبة أهلها، وأن منزلتها بين اللغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم». 