لا تزال الأيادى الصهيونية المغتصبة تعبث بالمقدسات المسيحية والإسلامية فى القدس الشريف. فبعدما منعت قوات الاحتلال الإسرائيلى مسلمى فلسطين من دخول الحرم المقدس امتدت هذه الأيدى القذرة لتعبث بالمقدسات المسيحية، فمنذ ما يزيد علي50 عاما كانت إسرائيل قد استولت على دير السلطان المصرى فى القدسالشرقية، وسلمته إلى الرهبان الأحباش بعد طرد الرهبان المصريين منه بعد حرب يونيو 1967 ورفضت تنفيذ حكم المحكمة العليا الإسرائيلية برد الدير إلى الكنيسة المصرية، وهو ما أثار غضب المسلمين والمسيحيين المصريين. يعد دير السلطان أحد أهم الأماكن العربية المقدسة لمدينة القدسالشرقية، وقد بناه الوالى المصرى منصور التلبانى عام 1092 ميلادية فوق كنيسة القيامة التى تعد أقدم كنيسة فى العالم بترخيص من الوالى العثمانى جلال الدين شاه، وظل الدير منذ نشأته حتى الآن المدخل الوحيد لدخول الحجاج المسيحيين منه إلى كنيسة القيامة، حيث يوجد قبر السيد المسيح. وكان وزير الخارجية المصرى الأسبق أحمد ماهر قد أعلن أن وزارته طالبت السلطات الإسرائيلية بسرعة تنفيذ حكم المحكمة العليا الإسرائيلية لصالح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لإعادة دير السلطان إلى الكنيسة المصرية، لكن سلطات الاحتلال امتنعت عن تنفيذ هذا الحكم، وظل هذا الحكم قيد التنفيذ، وفى يد صاحب الدعوى المصرى المطران الراحل إبراهام مطران القدس من قبل الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، والذى أثار موته العديد من الشبهات خاصة بعد ظهور صورة الراحل وعلى رأسه إصابات واضحة فى الجبهة والأنف وتورم تحت العينين، إضافة إلى أن الجثمان بقى فى ثلاجة المستشفى منذ إعلان وفاته حتى يوم جنازته، وكان من المقرر حسب طقوس الدفن والمراسيم المسيحية أن يعطر ويعرض فى الكنيسة ليلقى الشعب المسيحى عليه نظرة الوداع، لكن تلك المراسيم تم اختصارها، وخرج الجثمان من ثلاجة المستشفى إلى الصلاة عليه مباشرة ثم دفنه. وعدم إقامة هذا الطقس الكنسى عليه، إضافة إلى أنه تم منع الزيارة عن الأنبا إبراهام وهو فى سرير مرضه بالمستشفى فى آخر خمسة أيام قبل وفاته بحجة أنه قد أصيب بالعمى، ولا يستطيع التعرف على زائريه، فهل للأيدى الصهيونية ضلوع فى قتله لتستولى على دير السلطان وتضمه لقائمة المسروقات العربية التى استولت عليها إسرائيل؟ دليل آخر يمسك طرف الخيط، ويظهر أن وفاة مطران القدس المصرى جنائية وليست طبيعية. وهو أن الراحل توفى يوم الأربعاء 25 نوفمبر، وكان الحكم فى قضية تمكين الكنيسة القبطية من دير السلطان صباح اليوم التالى (الخميس)، والمطران الراحل هو المدعى ضد السلطات الإسرائيلية، وبوفاته تعطلت الدعوى، وبالطبع هناك المستفيد من رفض تلك الدعوى وهى سلطات الاحتلال الإسرائيلى ليبقى الحال كما هو عليه. دليل آخر يضاف لما سبق هو كسر البابا لتعليمات البابا الراحل شنودة الثالث، بعدم زيارة القدس، ورفض التطبيع مع إسرائيل.. فلماذا كسر البابا تواضرس تعليمات شنودة وسافر للقدس؟ «روزاليوسف» سألت الأنبا آرميا، رئيس المركز الثقافى القبطى، عن أسباب الوفاة وهل لها علاقة بزيارة البابا المفاجئة التى كسر فيها توجيهات البابا الراحل شنودة الثالث فقال: «فى البداية أحب أن أوضح أن مهمة البابا تواضروس كانت تنحصر فى شقين، الشق الأول هو ترأس صلاة الجنازة بما يليق بقامة الأنبا إبراهام، أما الشق الثانى فهو أن الأنبا إبراهام كان مناضلا سياسيا ضد الاحتلال الإسرائيلى، ولديه الكثير من المستندات والوثائق والمخطوطات بدير السلطان، وذهاب البابا فى هذا التوقيت الحرج هو للتأكد أن جميع هذه المستندات، فى أيدٍ أمينة، وأن يد العبث والتخريب لم تمتد لتراث الأنبا إبراهام الوطنى والكنسى، فالبابا كان فى مهمة وطنية لم يعلن عنها حتى لا تسبقه يد العبث والتخريب، والراحل الأنبا إبراهام، كان زعيمًا دينيًا ووطنيًا ويتمتع بشعبية جارفة بين كل الفلسطينيين نظرًا لمواقفه الوطنية والعروبية، ولو تمت محاولة لاغتيال الرجل لأشعل ذلك ثورة داخل فلسطين». وعلق الأنبا آرميا على الصورة التى ظهر فيها الراحل على رأسه آثار إصابات بقوله: لم أر الصورة، ولم أذهب للقدس كى أرى التقرير الطبى لوفاة الأنبا إبراهام، مضيفا أن الكنيسة لم تمنع الصلاة فى القدس، ولا يمكن للكنيسة أن تمنع الصلاة، لكنها منعت الذهاب إلى الأماكن المقدسة لما يصاحب تلك الزيارات من مظاهر تطبيع من بيع وشراء ونزول فى الفنادق، وهو بالتالى ما تستحيل معه الصلاة فى تلك الأماكن المقدسة، أما عن صلاة البابا فى كنيسة القيامة فكيف نعتبرها تطبيعا؟ هل شارك البابا إسرائيليين فى الصلاة أو هل استقبل أو قابل مسئولين إسرائيليين؟ وهل روج البابا للكيان الصهيوني؟ إضافة إلى أن البابا أقام فى فنادق تتبع الكنيسة الكاثوليكية وهم إخوة لنا، وليسوا أعداءنا كإسرائيل، وما العيب فى الكاثوليك وهم إخوة لنا وهم فصيل وطنى فى القدس لا يمكن إقصاؤه، وقد عرضوا استضافة البابا، ووافق قداسته فى إطار من المحبة التى تجمع الطوائف المسيحية. البابا صلى فقط وصلاته لم يكن لها أى توابع تطبيعية، إذن من حقه أن يصلى فى أى مكان وقتما يشاء، فأين كسر القوانين الكنسية التى يروج لها البعض من أن البابا تواضروس كسر تعليمات البابا الراحل شنودة؟ وإن لم يصل البابا سوف يلام على ذلك، فوظيفة البابا هى الصلاة، إضافة إلى أن الأصل فى موقفنا جميعا هو عدم التطبيع مع إسرائيل وهو قرار نابع من حسنا الوطنى تجاه القضية الفلسطينية، وضميرنا القومى، وأظن أن الضمير المصرى لديه من الوعى ما يكفى لمقاطعة إسرائيل وعدم التطبيع معها بأى شكل من الأشكال».