العنصر التحكيمى هو واحد من أهم عناصر لعبة كرة القدم، ومع أولى خطوات الألفية الجديدة بدأ يأخذ التحكيم منحى آخر، إذ حفر بعض الحكام أسماءهم فى ذاكرة الجمهور بالسلب أو بالإيجاب كل حسب أهوائه، إلى أن ظهر الإيطالى كولينا الملقب «بالجزار» الحكم الأشهر فى تاريخ كرة القدم الذى روض الكثير من النجوم داخل المستطيل الأخضر بأدائه الرشيق وقراراته الحاسمة ليعد رمزاً للتحكيم فى عالم الساحرة المستديرة العالمية الآن لم يعد الأمر غريباً إذا تردد على مسامعك أن امرأة تحكم مباراة كرة قدم للرجال ولكن الغريب أن تكون أنثى بصفات شيماء منصور أول محكمة مصرية وعربية مطالبة «بتحزيم» المباريات للسيطرة على عناصر اللعبة داخل الملعب أم أن عناصر اللعبة هى المطالبة بالسيطرة على نفسها أمام ملكة جمال العرب.. متى انطلقت الصافرة الأولى ؟ - بدأت مدافع «رخم» ولم يدُم الأمر طويلاً إذ التحقت باختبارات التحكيم وكنت الأولى على دفعتى فى المُحكمات و25 فى الترتيب الكلى رجال وسيدات من أصل 1700 متسابق، ظن بعض من قيادات الاتحاد أن والدى حكم سابق، حيث أصابهم الذهول من إجاباتى النموذجية فى الاختبار التحريرى بعد اجتيازى اختبارات اللياقة البدنية. هل فشلت فى كرة القدم وأجبرت على الذهاب للتحكيم؟ - عندما مارست كرة القدم شعرت أن الحكم هو أهم عنصر داخل المستطيل الأخضر، الحكم رئيس الملعب يجب على كل أطراف اللعبة احترام قراراته بمن فيهم المدير الفنى أو حتى رئيس اتحاد الكرة من لم يمارس اللعبة لن يشعر أنه أثناء المباراة على الحكم إصدار القرارات والعقوبة فى جزء من الثانية. مع الوضع فى الاعتبار أن روح القانون هى المحرك الرئيسى لأى من القرارات بعد إطلاق الصافرة. كيف استوعب متابعو كرة القدم محكمة لكرة القدم الرجالى؟ - كانت البدايات طريفة بعض الشيء، على سبيل المثال مباراة الزمالك والمقاولون تحت 20 عاماً استوقفنى أمن بوابة استاد حلمى زامورا لعدم اقتناعه بأننى حكم اللقاء المزمع انطلاقه فى غضون ساعتين، وجه لى عدة أسئلة بعد أن أظهرت له إثبات الشخصية حتى اقتنع بالأمر، أما الموقف الكارثى فهو عندما منعنى فعلياً أمن استاد الحوامدية من الدخول لعدم استيعابهم أننى حكم لقاء فريقهم الحوامدية أمام الشرطة، وعندما أخرجت بطاقة التعريف الشخصية والمعتمدة من الاتحاد الدولى «الفيفا» طلب منى أى إثبات آخر باللغة العربية قائلاً: «ياخبر أسود» كيف لفتاة أن تحكم لقاء كرة قدم رجال ثم اصطحبنى لمدير الاستاد لعدم قناعته رغم كل البراهين والدلائل أننى حكم دولى معتمد. هل وجهت ضدك أى هتافات من الجماهير أو اللاعبين؟ - لم يحدث قط أن تلفظ لاعب فى وجهى بألفاظ نابية أو هاجمنى الجمهور سوى بعبارة «البت بيضا» قد تكون هذه أقسى جملة من الهتافات الموجهة ضدى، ولهذا طالبت الاتحاد المصرى بفرض العنصر النسائى داخل المستطيل لتهذيب أخلاق اللاعبين واحترامهم للجنس اللطيف سيحول دون أى خروج عن النص. كيف تعبر المحكمة عن غضبها؟ - الصافرة هى صوت الحكم ولها أكثر من دلالة إما أننى أطلقتها لخطأ عابر أو تسلل أو أى من الحالات الاعتيادية أو صافرة تشبه الصراخ وهى دلالة على أن هناك كارثة قد ارتكبت داخل الملعب سواء تدخلا عنيفا أو سوء سلوك من أحد عناصر اللعبة سواء لاعبين أو أعضاء الأجهزة الفنية. ما هى أبرز المواقف الطريفة مع اللاعبين ؟ - قبل واحدة من المبارايات وأثناء عملية الإحماء كان يتبادل أحد اللاعبين حوارا مع زميله بالفريق والمغزى من الحوار هو «التلقيح بالكلام» فى عبارات منوعة مثل ما الذى دفعك لمثل هذه المهنة أنت تصلح للعمل فى المجال الفنى أو موديلز فى إعلانات حتى توقفت عن عملية الإحماء وطلبت منه الاقتراب منى منادية إياه برقم قميصة 18 ما أن اقترب وضحت له أننى أتفهم أن المقصود من كلماته هو أنا وحذرته من الاستمرار فى هذا النهج مما قد يجعلنى أتربص به قبل المباراة ثم أنهيت الحوار بنبرة صوت أقوى أننى هنا لأداء عملى فقط وأتمنى أن تمر المباراة دون أى مناوشات، كما طالبنى أحد اللاعبين بكتابة رقم هاتفى على ظهر الكارت الأصفر أثناء إشهارى إياه بعد ما ارتكب خطأ فى المبارة، لم أشعر أنه استهان بقرار العقوبة ولكن وجودى كامرأة داخل المستطيل يقلل كثيراً من حدة التوتر بين اللاعبين. ما هى أبرز وقائع التحرش التى مررت بها؟ - أرفض لفظ التحرش الأمر مجرد «معاكسة» فى بعض الأحيان يمر وأحياناً هناك بعض اللاعبين يتعمدون إحراجي، كل فتاة تلقى معاكسات طوال الوقت فى الأماكن العامة منها ما يمكن السكوت عنه كأن شيئاً لم يكن ومنها الوقح الذى يتعمد إيذاء مشاعر الفتاة بترديد جمل قد تؤذى مشاعرها أو تتسبب فى وصول التوتر إلى شخصها والشعور بالضيق، فى الملعب كنت أتجاهل بعض المعاكسات وبعضها كنت أحسم الأمر بكروت صفراء وفى بعض الأحيان حمراء. هل اعتدى أحد اللاعبين عليك بالقول أو الفعل؟ - مطلقاً تنفيذ روح القانون يخفف كثيراً من ردة فعل اللاعبين والأمثلة كثيرة فى الحكام الرجال، التعامل مع قوانين التحكيم كنصوص سماوية خطأ وقد يؤدى بالمباراة إلى طريق مسدود أو تختلق فتنة من موقف ما إذا نجح الحكم فى احتوائه من الممكن أن يمر بسلام. هل كانت هناك عوائق فى ترسيخ فكرة حكم من العنصر النسائى لمباراة رجال؟ - رؤيتى لمسيرتى فى عالم التحكيم لم تكن على الهامش، الأمر بمثابة كتابة تاريخ إذ كنت واحدة من أوليات المحكمات فى مصر والوطن العربى ولم يمر أكثر من عامين على تفعيل الأمر فى قارة أوروبا، دوماً كنت أحمل على عاتقى عبء أبناء جنسى من الفتيات، حيث لم يكن هناك سوى خيارين إما أن أنجح فى تثبيت أقدامهن أو أن ينتكسن لفشلى فى أداء مهامى داخل الملعب كمُحكمة، كان الكابتن محمود عثمان رحمه الله كان بمثابة الأب الروحى فى الوسط التحكيمى لم تنقطع اتصالاتى به حتى ليلة وفاته هاتفته فى منتصف الليل ثم وافته المنية فجر اليوم التالى الأمر الذى مر منى ببعض الاكتئاب لفترة من الزمن، كان دائماً ما ينصحنى بالاجتهاد لاستيعاب المجتمع فكرة أنى محكمة امرأة تدير مباراة للرجال خاصة فى مجتمع ذكورى وإلا ستصبح ظاهرة لا وجود لها بمرور الوقت. هل ممارستك لكرة القدم سهلت مهمتك فى التحكيم؟ - نعم لمرة واحدة حصلت على الكارت الأحمر كلاعبة وكنت أعترض أيضاً على قرارات الحكام، فى الواقع كنت أتفهم جيداً أى اللاعبين يقوم بافتعال المشاحنات داخل الملعب وأيهم يقوم بالتمثيل والادعاء ولذلك كنت دائماً ما أقول لهم «ما تصيعوش عليا»، كونى كنت لاعبة يجعلنى قد مررت من هذا الطريق وأعلم جيداُ كيف يفكر اللاعبون سواء كان فريقهم متأخراً أو فى المقدمة لذا على الحكم أيضاً دراسة ملابسات المباريات قبل الذهاب لمقر التحكيم أو قاعة المحكمة. صورة الحكم الإيطالى السابق كولينا رمز للجدية والالتزام داخل الملعب.. هل لهيئة الحكم عامل فى إدارة المباراة؟ - أنا من عشاق الحكم الإيطالى كولينا والجانب الأكثر أهمية فى شخصية هذا الرجل هو تطبيق روح القانون، كان يعنف اللاعبين بنظراته فى بعض الأحيان ودائماً ما كان يراعى أجواء المباراة وكل ما يحيط بها من معطيات ومدى أهمية اللقاء، تلك الأمور التى لن يستشعرها سوى الحكام وفعلياً قوانين التحكيم ليست نصوصا منزلة من السماء، تطبيق روح القانون أولى وأهم من القانون نفسه. ماذا عن لقب ملكة جمال العرب؟ - هاتفتنى رئيسة مهرجان السياحة العربية يتكون قوام الحدث عبارة عن 23 فتاة يمثلن 23 دولة مشاركة فى المهرجان، فى أول مقابلة مع رئيسة المهرجان سألتنى بتعجب لماذا لم أفكر فى خوض سباق ملكة جمال العرب وماذا عن أنشطتى الخيرية، لم أكن أعلم أن إجابتى التى كانت بمثابة الهروب من تفاصيل تحول دون تقدمى لمثل هذه المسابقات تعنينى وحدى لكنها قامت بترشيحى دون علمى وفوجئت فى الصحف أنى واحدة من المرشحات للقب ملكة جمال العرب، تجاوزت الصدمة سريعاً وبدأت التعامل مع الأمر على محمل الجد سافرت كان بفرنسا للاشتراك فى المسابقة، دعنا نتفق أن المرأة التى يغلب عقلها على ملامحها تظل جميلة طوال حياتها، أتممت استعداداتى للمسابقة كما أننى تدربت لمدة شهر على السير «بكعب عالي» أرهقت مصمم الأزياء داغر رحمه الله فى التصميمات والتدرب على طريقة الخروج على المسرح.