كتبت - الاء بدري احتفلت إسرائيل بمرور 37 سنة على توقيع اتفاقية السلام مع مصر ولكن بطريقتها الخاصة حيث نشر «الموساد» وثائق سرية قبل توقيع الاتفاق أهمها رسائل خاصة ببريد رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين والرئيس السادات من شاه إيران الأسبق محمد رضا بهلوى كوسيط بينهما لإتمام عملية السلام، ومن ضمن هذه الرسائل رسالة بهلوى إلى كل من الطرفين موضحا بها «إن النزاع لا يحل بالقوة العسكرية والطرق السلمية فقط» وأخرى جاء فيها «إن ما حدث فى الشرق الأوسط بعد زيارة السادات إلى القدس كان من المستحيل تحقيقه لولا توقيع الاتفاق المؤقت بين مصر وإسرائيل».. وذلك كما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.
تكشف الرسائل عن أن الحكومة الإسرائيلية حاولت تعزيز المباحثات مع مصر عبر شاه إيران خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى لطهران فى ديسمبر 1974 بعد أن تلقى رسالة من السادات.. كما أوضحت أن قرار فصل القوات بين مصر وإسرائيل الذى تم الاتفاق عليه فى يناير 1974 فى عهد جولدا مائير كان بمثابة تمهيد لتوقيع الاتفاق المؤقت الذى يعتبر أهم خطوة نحو توقيع اتفاقية كامب ديفيد وتقوية العلاقات السياسية بين الجانبين. كما احتوت الوثائق السرية على رسالة شخصية من الرئيس الأمريكى نيكسون كتبها بنفسه لجولدا مائير (أتمنى لكم ولحكومتكم دراسة المسألة التى عرضتها عليكم وأنى على أمل أن أتلقى ردا إيجابيا منكم يؤدى إلى وقف مبكر لسفك الدماء والعداء بين الجانبين). واجتمعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة جولدا مائير عقب وصول رسالة نيكسون وناقشت المبادرة وتم قبولها بأغلبية الأصوات وعلى الفور استقال بيجن هو ووزراء حزبه (حيروت) موضحا أنه قد سبق وهدد بالانسحاب فى حين الموافقة على المبادرة الأمريكية والانسحاب من الأراضى التى احتلها الجيش الإسرائيلى عام 1967 ورفض المبادرة بشدة وعمل على إفشالها وذلك قبل ثمانى سنوات من توقيع بيجين نفسه المعاهدة. كما أدانت «أحرونوت» الحكومة الإسرائيلية، موضحة أن عدم قبولها لمبادرات السلام التى كانت تعرضها الولاياتالمتحدة هى السبب الأساسى الذى أدى إلى اندلاع حرب أكتوبر 1973 وسفك الدماء وأن جولدا مائير تصر فى كل مرة ترد فيها على الإدارة الأمريكية على أنه من أجل التوصل إلى سلام شامل بين مصر وإسرائيل والدول العربية لابد من وجود مفاوضات مباشرة دون وضع شروط مسبقة. كما أضافت مائير أنها لا تقبل الانسحاب الإسرائيلى من قناة السويس التى تمكن مصر من فتح المجرى الملاحى مرة أخري.. واعترضت على الانسحاب الكامل من سيناء. على صعيد آخر، كما ذكرت الوثائق - أن مصر بقيادة السادات كانت غير مستعدة لمفاوضات مباشرة دون تسوية كاملة ووضع الشرط الأهم الانسحاب الكامل من كل الأراضى التى احتلتها إسرائيل وأن مصر كانت متشبثة (باللاءات الثلاثة) (لا سلام، لا اعتراف، لا مفاوضات مع إسرائيل) التى تم الاتفاق عليها فى القمة العربية فى الخرطوم من جانب القادة العرب. وصرح الرئيس السادات فى خطابه أمام الكنيست الإسرائيلى بأن فكرة السلام ليست بجديدة وأن هدفه هو السلام الشامل، كما سبقت زيارة السادات للقدس بعض من الاتصالات والمقابلات السرية بين مصر وإسرائيل فى المغرب تحت رعاية الملك الحسن الثانى والتقى فيها موشيه ديان وزير الخارجية الإسرائيلى وحسن التهامى نائب رئيس الوزراء برئاسة الجمهورية كخطوة تمهيدية لعملية السلام. وكان إسحاق حوفى حامل الأسرار الأكثر أهمية فى مفاوضات السلام بعد حرب أكتوبر ورجل الموساد الذى لعب دورا مهما مع الملك الحسن الثاني، حيث سافر سرا برفقة رئيس الوزراء إسحاق رابين عام 1977 إلى المغرب لملاقاة الملك الحسن الثانى وهناك تم الاتفاق على أسس المعاهدة بين مصر وإسرائيل. كما أنتج له التليفزيون الإسرائيلى فيلما تسجيليا بعنوان «الشفاة المغلقة» لعرض الدور المهم الذى لعبه حوفى وجهاز المخابرات الإسرائيلى لإتمام المعاهدة كما أظهر الفيلم أنه كان شريكا أساسيا فى كامب ديفيد وحرب أكتوبر. وتعتبر حرب أكتوبر والتغيرات السياسية الداخلية التى طرأت على المجتمع الإسرائيلى من أهم أسباب الضغط على إسرائيل للموافقة على توقيع المعاهدة بعد إصرار جولدا مائير على رفض أى مبادرة مشروطة، وتمثلت هذه التغيرات السياسية فى فوز «حزب الليكود» فى الانتخابات عام 1977 ويمثل الليكود تيارا وسطيا على عكس منافسه (حزب العمل الإسرائيلي) الذى سيطر على السياسة الإسرائيلية منذ مراحل بناء الدولة. كان الليكود غير معارض للانسحاب من أراضى سيناء ولكنه كان رافضا فكرة الانسحاب من الضفة الغربية. وفى النهاية يمكن القول إنه فى الذكرى ال37 لتوقيع اتفاقية السلام لايزال البرود والفتور يخيم على العلاقات السياسية بين البلدين. رغم وجود معاهدة سلام، فلا يوجد تطبيع كامل فى العلاقات ولم يتمكن السفراء الإسرائيليون من تجاوز الحاجز النفسى والسياسى لدى المصريين منذ وجودهم فى القاهرة عام 1979 وحتى يومنا هذا.. ورغم مرور كل هذه السنوات فلاتزال معاهدة السلام محل جدل وخلاف فى الشارع المصرى حيث ينقسم إلى مؤيد للمعاهدة يعتبرها بوابة السلام للعالم العربى أجمع، ومعارض لها يعتبرها الاتفاق الذى حط من هيبة مصر والعرب.