لا أحد يستطيع أن ينكر أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لم تنقطع فيها القداسة ولم ينته بها زمن المعجزات ولما لا فهى الكنيسة التى تأسست بيد السيد المسيح ذاته صاحب المعجزات، ولكن على ما يبدو أن زمن الهراطقة لم ينقطع أيضاً من الكنيسة ويسير بالتوازى مع زمن المعجزات داخل الكنيسة، وعجيب الأمر أنه على الرغم من انتشار الثقافة اللاهوتية بين كهنة الكنيسة يظهر علينا فجأة من يخرج عن القطيع ويأتى بما يخالف صحيح العقيدة المتفق عليها بالإجماع من كل الطوائف المسيحية بل يذهب إلى أبعد من ذلك ليحاول فرض هرطقته على الكنيسة وآبائها بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة نحن هنا فى هذا المقام نؤكد احترامنا لرجال الكهنوت والسر المقدس ونزيد فى التأكيد على أن وجود فاسد بين رجال الكهنوت لا يوصمهم بأى عار أو ينال من كرامتهم أو كرامة الكنيسة، ولكن تحقيقنا هذا نهدف من ورائه التأكيد على ما جاء بالكتاب المقدس من تعاليم بخصوص تنقية الكنيسة من المهرطقين والزنادقة كما قال القديس بولس الرسول «اعْزِلُوا الْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ». الأقصر القس «م.ف» ومنذ تاريخ رسامته كاهنا فى 25 إبريل 1993م فى الأقصر وهو لم يتوقف عن مخالفة كل طقوس وعقائد الكنيسة وهو ما دفع أسقف الأقصر إلى أن يطلب من البابا شنودة ترحيل الكاهن عن المدينة لما تسبب فيه من مشكلات وانشقاقات داخل الكنيسة، وعرض البابا شنودة أمر القس على المجمع المقدس طالباً من الآباء الأساقفة أن يلحقه أحدهم ضمن كهنة إيبارشيته، ولكن لأن الكاهن ذاع صيته فى كل الكرازة المرقسية فلم يتحمس له أى من الآباء وكان من ضمن آباء المجمع الأنبا تادرس أسقف بورسعيد وعرف عنه الوداعة وطيبة القلب والتسامح فطلب منه البابا شنودة أن يضم الكاهن إلى إبارشية بورسعيد فوافق الأنبا تادرس. اختلاق المشكلات لم تكد أقدام القس «م.ف» تطأ بورسعيد حتى ضمه أسقفها إلى كهنة إحدى الكنائس التى كانت تحت الإنشاء وقتها فى ضاحية من ضواحى بورسعيد وظن الأنبا تادرس أن القس سوف ينتهز فرصة وجوده فى كنيسة جديدة وشعب جديد ويعدل عن سلوكه إلا أن الطبع يغلب التطبع فلم تمر فترة وجيزة على وجود «م.ف» فى الكنيسة الجديدة حتى انهالت الاستغاثات على أسقف بورسعيد تطالبه بإبعاد الكاهن عن الكنيسة وحاول الأسقف أن يحتوى خلافات ومشاكل الكاهن إلا أن الاستغاثات خرجت من بورسعيد لتصل إلى أسماع البابا شنودة فى القاهرة. راسبوتين الكنيسة اتخذ القس من العرافة والسحر الأسود وسيلة للسيطرة على شعبه من أبناء الكنيسة خاصة النساء والفتيات وعن طريق التنبؤ بالغيب والعرافة بالمستقبل استطاع أن يكون له كثير من المريدين، وأصبح يمارس السحر الأسود مع بعض أفراد شعب الكنيسة لفك عمل أو توسيع رزق أو جلب حبيب وتهادت أخبار القس إلى مسامع الأسقف فقام بالتحقيق معه من خلال مجلس إكليريكى فى بورسعيد المرة تلو الأخرى ومنعه من ممارساته الشيطانية داخل الكنيسة وأخذ التعهد عليه بذلك وكان كل مرة يعود بشراسة عن سابقتها حتى بلغت مرات التحقيق معه طوال السنوات الماضية إلى 11 تحقيقا تم توقيع عقوبات كنسية عليه. سر الاعتراف من أكبر المخالفات التى كان يرتكبها راسبوتين بورسعيد وأدت إلى كوارث هى إفشاء سر الاعتراف، فسر الاعتراف هو من أسرار الكنيسة التى لا يمكن للكاهن أن يفشيها تحت أى ظرف من الظروف بل تحرم الكنيسة ذلك وتجرمه فكعادة شباب الأقباط عند التقدم للارتباط بفتاة يذهب الشاب ويبحث عن أب اعتراف الفتاة ويسترشد برأيه فى زوجة المستقبل والمتبع عند سؤال أب الاعتراف أن ينصح الشاب باختبار الفتاة فى فترة الخطوبة وما إذا كانت تتوافق معه كزوجة من عدمه دون أن يبدى الكاهن أى رأى فى الفتاة، أما راسبوتين وعلى الرغم من أن الفتيات اللائى كان يسأل عنهن هن من المقربان له داخل الكنيسة إلا أنه كان ينصح الشاب قائلاً «ربنا أمر بالستر أنفد بجلدك أنا أب اعترافها وبقولك ما تنفعكش» الأمر الذى خلق حالة من العنوسة بين فتيات تلك الكنيسة دون معرفة سبب لذلك، أما أخطر الجرائم التى ارتكبها راسبوتين فكانت إفشاء سر الاعتراف بإحدى السيدات فى الكنيسة لزوجها مما دفع الزوج إلى تقطيع جسدها وقتلها وأثناء التحقيقات التى أجرتها النيابة اكتشف أمر القس وتم توقيع عقوبة كنسية عليه لفترة طويلة. العقوبات الكنسية من الواضح أن راسبوتين بورسعيد عرف نهاية المدى فى مخالفاته وآمن العقاب فأساء الأدب، والسؤال الذى يطرح نفسه هنا: لماذا لم يقم الأنبا تادرس أسقف بورسعيد بشلح هذا القس من زمن بعيد هل يستحق مثل هذا القس فتح باب التوبة له؟! هذا الباب الذى كلما فتحه له الأسقف أغلقه «بالضبة والمفتاح»، هل طيبة القلب والوداعة من قبل الأسقف يستحقها راسبوتين؟ وهل كانت العقوبات الكنسية التى فرضها الأسقف رادعة؟ لن ننتظر طويلاً لنجيب عن تلك الأسئلة فعلى الرغم من نقاء مسلك الأسقف فإن الكاهن قرر أن يقود انقلابا عليه داخل المدينة وتأليب شعب الكنيسة، خاصة الصفوة وهو ما فشل فيه فما كان من الأسقف إلا أن استدعاه للتحقيق خاصة أن كثيرين من الشعب اتهموا الكاهن بممارساته التى أشرنا إليها غموض المحاكمة إلى هنا توقفت كل المعلومات التى استطعنا الحصول عليها من شعب الكنيسة التى ينتمى إليها راسبوتين وحاولنا استطلاع الأمر داخل المطرانية ببورسعيد ولكننا لم نتلق أى إجابات وتم الاتصال براسبوتين، ولكنه استخف بالموضوع وقطع الاتصال وعندما عاودنا الاتصال به أغلق هاتفه المحمول فما كان منا إلا استطلاع الأمر من مصادرنا داخل الكاتدرائية بالعباسية. مجلس أكليريكى قال لنا مصدر كنسى رفيع المستوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية إن راسبوتين بورسعيد يواجه اتهامات بالخروج عن العقيدة وإفشاء سر الاعتراف وسلوك مسلك يخالف العقيدة الأرثوذكسية، وشق عصا الطاعة على أسقفه وأن الأنبا تادرس أسقف بورسعيد حاول احتواء الأمر إقليميا عن طريق تحقيق داخلى ببورسعيد إلا أن راسبوتين قام بسب الآباء الكهنة أعضاء مجلس التحقيق وتعدى الأمر إلى التبجح على الأسقف وأعلن انشقاقه عليه فما كان من الأسقف إلا إحالة الأمر برمته إلى المجلس الإكليريكى بالقاهرة الذى يرأسه الأنبا دانيال أسقف المعادى، وقد تم إجراء مناقشة مع الكاهن تمهيداً لبدء محاكمته فاستبد فى تلك المناقشة وحذر الجميع من أن لديه علاقة قوية تربطه بقداسة البابا تواضروس والأنبا باخوميوس مطران البحيرة، وأكد لنا المصدر أن تهديدات الكاهن لا تؤثر على سير التحقيقات وأن قداسة البابا لا يتدخل فى عمل المجلس الإكليريكى وأن الكاهن يواجه عقوبة الشلح أى الطرد من الكهنوت، والجدير بالذكر أن تلك هى أول حالة لمحاكمة كاهن فى عهد البابا تواضروس، أما غريب الأمر هنا فعلى الرغم من اختصام راسبوتين لأسقف بورسعيد وصدور قرار بوقف القس عن ممارسة عملة فإن الأنبا تادرس أسقف بورسعيد أصدر قراراً باستمرار صرف كل المستحقات المالية للقس دون اقتطاع أى جزء منها. وهنا يتبقى لنا سؤال يقفز أمامنا رغما عنا وهو لماذا تطيل الكنيسة أحبال المحبة مع كهنتها على الرغم من اقترافهم لكوارث تؤدى إلى جرائم بشعة بينما تقصر الكنيسة تلك الأحبال مع متضرريها من لوائح الأحكام الشخصية الذين كل جرمهم أنهم أساءوا اختيار شريك الحياة فالقائل «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِى» هو أيضاً من قال «مَعَ الطَّاهِرِ تَكُونُ طَاهِرًا، وَمَعَ الأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِيًا.28 وَتُخَلِّصُ الشَّعْبَ الْبَائِسَ».∎