لم يكن استشهاد الضابط محمد أبو سريع، الذى لقى مصرعه أمام وزارة الخارجية يوم الأحد الماضى مفاجئا لأحد ولا لوزارة الداخلية التى ألقت به إلى التهلكة، خاصة أن جماعة الإخوان الإرهابية وضعت اسم الضابط وصوره على مواقع التواصل الاجتماعى، منذ فترة طويلة مطالبة باغتياله لكونه أحد أهم الشهود فى قضية تخابر الرئيس المعزول محمد مرسى. لكن المفاجأة الحقيقية هى ما توصلت له روزاليوسف من معلومات وزارة العدل بأن هناك أكثر من 1200 ضابط شهود فى دعاوى قضائية منهم أكثر من 270 ضابطا شهدوا فى قضايا الإرهاب والتطرف، جميعهم مهدد بالقتل فى أى وقت خاصة ضباط الأمن الوطنى الذين ترصدهم جماعة الإخوان المسلمين وتسجل عناوين عملهم وإقاماتهم بالإضافة إلى معلومات رصدتها عن أنواع السيارات وأرقامها سواء التى يقودونها بأنفسهم أو أرقام سيارات أسرهم مما يجعلهم عرضة للموت فى أى لحظة فى أى عمل إرهابى خسيس. هؤلاء الضباط الذين يواجهون الموت بأنفسهم يمكن أن تحميهم وزارة الداخلية طبقا لقانون حماية الشهود المعمول به فى العالم أجمع والذى نص عليه الدستور المصرى إلا أن وزارة الداخلية تركتهم يواجهون الموت، وكل ما تفعله مع بعض الضباط المهددين بالقتل القيام بنقلهم من إدارة إلى أخرى، لكن أحيانا يكون النقل بطريقة خاطئة مما يسهل عملية اصطياد هؤلاء الضباط، كما حدث مع الضابط (محمد أبو سريع) الذى كان يعمل فى إدارة السجون وتم نقله بعد أن أصبح شاهدا رئيسيا فى قضية وادى النطرون إلى إدارة الفنادق وبعدها تم نقله لإدارة المرافق. وتبين أن المقدم محمد محمود أبوسريع كان يعمل رئيس مباحث ليمان 430 بمنطقة سجون وادى النطرون أثناء أحداث 25 يناير وقد أدلى بشهادته أمام محكمة جنح الإسماعيلية المستأنفة وكان يرأسها فى ذلك الوقت المستشار خالد محجوب وتم الكشف من خلالها عن عملية اقتحام السجون من تنظيم جماعة الإخوان بمعاونة عناصر أجنبية من حماس وحزب الله وكتائب عز الدين القسام. مما أدى إلى هروب قيادات التنظيم، وقدم الضابط الشهيد مائة وخمسا وعشرين صورة فوتوغرافية توضح عملية اقتحام السجون وما حدث لها من عمليات إتلاف، الأمر الذى جعل الجماعات الإرهابية على مختلف انتماءاتها تضعه هدفا رئيسيا لها، وقد تداولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت كل بيانات الضابط أبو سريع وكل تحركاته وجعلته جماعة الإخوان أحد أهم الأهداف حتى تتخلص منه لأنه أحد أهم أدلة الإثبات فى قضية تخابر المعزول. وقد ضمت عمليات اغتيال الضابط عددا من ضباط الشرطة الذين استطاعت هذه الجماعات الوصول إليهم وقتلهم بالفعل، وقد بدأت باغتيال الضابط محمد مبروك ضابط أمن الدولة وأحد الذين قدموا قيادات الإخوان للمحاكمة وكان له الدور الرئيسى فى محاكمة أغلب قيادات الجماعة، كما قامت الجماعة الإرهابية باغتيال الرائد محمد أبو شقرة فى مدينة العريش ثم توالت عمليات الاغتيال لتنال من اللواء محمد سعيد مدير مكتب وزير الداخلية فى الهرم أثناء خروجه من منزله وتوجهه إلى عمله فى وزارة الداخلية ثم العميد محمد زكى فى مدينة 6 أكتوبر والعميد طارق المرجاوى أمام جامعة القاهرة. اغتيال الضابط نصار وفى حلوان وبالتحديد فى 17 يونيو الماضى أمر المستشار طارق أبوزيد المحامى العام الأول لنيابات جنوبالقاهرة بحبس كل من عبدالرحمن عيسى عبدالخالق حاصل على دبلوم صنايع ومقيم بكفر العلو حلوان وعبدالله نادر الشرقاوى 25 سنة حاصل على ليسانس حقوق عين شمس ومحمود بكرى عبدالكريم 49 سنة ومحمد زكريا عبدالرحيم 18 سنة وعمر عبدالرءوف عبداللطيف 20 سنة 15 يوما على ذمة التحقيق بعد أن قامت هذه المجموعة باغتيال الضابط مصطفى نصار ب 6 طلقات فى أحد الكمائن بمنطقة حلوان بعد أن اتهمته جماعة الإخوان الإرهابية بأنه وراء عمليات القبض عليهم أثناء خروجهم فى مظاهرات مسلحة فى حلوان ومطاردتهم فى الشوارع الجانبية حتى أنه استطاع القبض على العقول المدبرة منهم فما كان من جماعة الإخوان إلا أن دعت شبابها إلى قتل هذا الضابط الشجاع بأية وسيلة فقامت هذه المجموعة برصد تحركاته وقاموا بركوب توك توك أثناء مرورهم على الكمين وعندما وصلوا إليه قاموا بفتح نيرانهم على الضابط الذى استشهد فى الحال وأصيب ثلاثة آخرون. والأصعب من ذلك اغتيال الرائد طارق سامح مباشر يوم الثلاثاء 5 أغسطس الماضى والذى كان مشهودا له بالكفاءة والالتزام فى العمل وقامت جماعة الإخوان بترصد تحركاته فى كل مكان، وفى اليوم التالى مباشرة لنقله إلى كمين حلوان انتظرته الأيدى الغادرة لتنال منه فور توليه عمله مباشرة فاستشهد فى الحال مع 4 جنود آخرين، الأمر الذى يؤكد أن ضباط الشرطة فى الداخلية خاصة الشهود فى دعاوى قضائية تم رصدهم بعناية بعد الوصول إلى معلومات كافية للجماعات الإرهابية عن تحركاتهم الأمر الذى يرجح رصد أكثر من 300 ضابط على قوائم الاغتيالات وأصبحوا صيدا سهلا لهذه الجماعات والتى سجلت بياناتهم فى مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك مع انتشار العشرات من الصفحات التى تضع خططا لاستهداف الشرطة . مثل صفحات (سلمية ماتت - هنرعبكم - هندمركم - هنولع فيكم - الشرطة والجيش انقلابيون) وتدعو هذه الصفحات إلى حرق وتدمير سيارات الشرطة وقتل الضباط وأفراد الأمن، وتنشر هذه المواقع والصفحات فيديوهات ترصد أماكن تحركات الأكمنة الثابتة والمتحركة لقوات الشرطة وكيفية استهدافها. كما تنشر أيضا مقاطع فيديو للعمليات التى تمت سواء كانت لإحراق سيارات الشرطة أو استشهاد بعض الضباط، وأيضا فيديوهات لأشخاص ملثمين يحملون السيوف والسلاح الآلى ويهددون باستهداف رجال الشرطة والجيش وأمناء الشرطة والأفراد. وتنشر هذه الصفحات أيضا مقاطع فيديو عن كيفية تصنيع القنابل والمتفجرات وأسماء الضباط المطلوبين وعناوينهم فى العمل وفى المنزل وحتى أرقام سياراتهم وصورا لسيارات هؤلاء الضباط حتى يسهل استهدافهم وقتلهم . لم يتم استهداف هؤلاء - ضباط الحوادث الجنائية - بمفردهم، بل هناك أكثر من ألف ضابط شهود فى حوادث جنائية ضد مسجلين خطر وبلطجية وغيرهم وأصحاب سوابق فى قضايا مختلفة تستعين بهم المحكمة للشهادة فى الوقائع المنظورة أمامها مثل قضايا البلطجى الشهير نخنوخ وغيرها من القضايا المهمة، وهؤلاء الضباط تأتيهم تهديدات بالقتل من أهالى المجرمين ليل نهار ولا ينتبه أحد إلى أن هؤلاء الضباط معرضون للخطر أيضا. وأكد اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية بأن ضباط الشرطة شهود فى العديد من الدعاوى القضائية وأن الوزارة توفر لهم أقصى درجات الأمن، ولكن الحقيقة بعيدا عن تصريحات وزير الداخلية تقول إن هؤلاء الضباط فى حاجة إلى حماية حقيقية. حتى لا يتم استهدافهم بالاغتيال فقد شهدت جلسة محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى فى قضية التخابر يوم الأحد الماضى الذى استشهد فيه المقدم محمد أبو سريع تغييرا فى المواقف، وأكد اللواء أحمد مصطفى عبدالحى الفحام مدير إدارة المعلومات بمصلحة السجون السابق أنه لا يعلم أن هؤلاء المتهمين توجد معلومات عنهم داخل إدارته وعلى المحكمة الرجوع للإدارة، الأمر الذى فسره البعض بأنه تراجع عن شهادته بعد اغتيال عدد من الضباط الأكفاء الذين كانوا شهودا فى هذه القضية وهم مازالوا فى الخدمة. يؤكد ذلك استشهاد بعض الضباط على أيدى الجماعات الإرهابية وبكل سهولة، والرجل قد يكون صادقا فى أقواله لكونه خرج من الخدمة ولا يعلم إن كانت هناك معلومات داخل الإدارة عن دخول هؤلاء السجن أم لا لكن شهادته بهذه الطريقة أثبتت للجميع تراجعا قد يعطى الرئيس المعزول براءة من هذه القضية. الغريب أن الدعاوى القضائية المنظورة أمام المحكمة يذهب إليها الضباط والشهود أحيانا كثيرة بمفردهم وأهالى المتهمين يسبونهم ويهينونهم أمام المحكمة ولا حياة لمن تنادى . يقول اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق إن عمليات التفجير التى تحدث ضد ضباط شرطة متكررة بنفس الطريقة وهى زرع عبوات ناسفة أعلى شجرة لتستهدف قوة تأمين ثابتة بجوار منشأة حيوية ومهمة وهذا يتطلب تمشيط مواقع الكمائن عن طريق خبراء المفرقعات، والتأكد من خلوها من أى متفجرات ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتعين الاستعانة بالكلاب المدربة أثناء قيام أحد أفراد المفرقعات بالكشف على المتفجرات . من ناحية أخرى علمت روزاليوسف أن أجهزة الأمن تقوم بعمليات مراجعة لجميع الضباط الشهود فى قضايا إرهابية وإخفاء المعلومات عن أماكن تواجدهم وعدم عرضها، وتم التشديد على عدم وجود هؤلاء الضباط فى أماكن عامة ونقل بعضهم إلى أماكن أكثر أمنا مع تشديد الإجراءات الأمنية على ضباط الأمن الوطنى.