بعد أكثر من عامين من المحاولات المضنية لكسب التأييد، وقبل شهر واحد فقط من اتخاذ القرار النهائى، يسطع نجما طوكيو ومدريد على حساب اسطنبول التى كانت تسعى بكل قدراتها للفوز بتنظيم أوليمبياد 2020 وذلك بعد إخفاقها لأربع مرات فى الفوز بتنظيم هذه الأوليمبياد. وبالرغم من هذه المؤشرات فإن رئيس الوزاراء التركى رجب طيب أردوغان مصمم هذه المرة بالفوز بها فقد طلب رئيس الوزراء التركى من نظيره اليابانى شينزو آبى أن تسحب اليابان عرضها لتستضيف دورة الألعاب الأوليمبية كى تنظمها تركيا فى 2020 .
قال أردوغان مازحاً فى مؤتمر صحفى عقده مع آبى لتوقيع اتفاق لبناء محطة نووية فى تركيا بتكلفة 22 مليار دولار «لقد نظمتم الألعاب من قبل.. اسحبوا عرضكم حتى نتمكن من استضافة الدورة مرة واحدة».
ورفض آبى بأدب طلب أردوغان لكنه قال إنهسيكون أول من يقدم التهنئة لتركيا إذا حصلت على شرف استضافة الألعاب الأوليمبية.
أردوغان الذى يواجه شعبه الآن فى المظاهرات العارمة التى تجتاح اسطنبول مطالبة برحيله، يشعر بأن فوز تركيا بتنظيم أوليمبياد 2020 سيمنحه قبلة الحياة من الشعب التركى الذى يمكن أن يسامحه إذا ما تمكن من الفوز، لذا يسعى أردوغان بكل الطرق السياسية والدبلوماسية لدعمه، حتى إن الجزائر أعلنت رسميا دعمها لتركيا وكانت مصر قد أعلنت قبل ذلك دعمها لتركيا إلا أنها عاودت وتراجعت عن هذا الدعم بعد موقف تركيا المخزى تجاه الأحداث فى مصر.
ومن أهم الأشياء التى يركز عليها أردوغان فى فكرة استضافة أوليمبياد 2020 هى أن تركيا ستكون الدولة المسلمة الأولى التى تحظى بشرف تنظيم هذه البطولة، وهو الشىء الذى لا يبالى به أعضاء اللجنة التى تقرر وتفحص ملفات الدول. فهذه اللجنة تنظر للدولة بمعايير وليس بالدين كما يتاجر أردوغان بها.
وتتنافس هذه المرة على الفوز بالتنظيم طوكيو ومدريدواسطنبول وذلك بعد استبعاد الدوحة. من الوصول إلى القائمة القصيرة للمدن المرشحة لاستضافة أوليمبياد 2020 رغم وضعها المالى القوى. وكان السبب الرئيسى وراء استبعاد قطر هو أنها كانت تخطط لإقامة الحدث فى شهر أكتوبر بدلا من أغسطس المعتاد لتجنب حر الصيف الشديد فى منطقة الخليج.
وقد قدم على باباجان نائب رئيس الوزراء التركى العرض وأكد خلال تقديمه أن الاضطرابات السياسية التى تمر بها تركيا لن تؤثر على فوز تركيا، وركز على أن البنية الأساسية للأوليمبياد ستكون جاهزه تماما قبل 2020 . وأشار إلى أن تركيا تخطط باستثمار 400 مليون دولار فى شكل بنية أساسية على مدار السنوات السبع القادمة، وأن الألعاب الأوليمبية ستمثل أقل من واحد فى المائة من إجمالى هذا الإنفاق.
وقد ركزت اسطنبول على موقعها الجغرافى كنقطة التقاء بين أوروبا وآسيا، وسعيها لأن تصبح أول مدينة فى دولة إسلامية تنظم الألعاب الأوليمبية.
وقال سوات كيليج وزير الرياضة فى تركيا: «يمكننى أن أؤكد لكم أن تنظيم الأوليمبياد جزء من خطة أكبر وضعتها تركيا».
وأضاف: «لدينا الآن القوة المادية اللازمة لاستضافة الألعاب».
وبالرغم من ذلك ذكرت الصحف الإسبانية أن اللجنة الأوليمبية الدولية قللت من شأن الميزانية الضخمة التى تدعم ملف ترشيح تركيا لاستضافة دورة الألعاب الأوروبية 2020، وأكدت اللجنة أن الطريق مازال طويلا أمام تركيا لحين الانتهاء من أعمال البنية التحتية لتهيئة العاصمة اسطنبول لاستضافة هذا الحدث الرياضى الكبير.
وأكدت لجنة التقييم التابعة للجنة الأوليمبية الدولية قبل اختتام زيارتها للعاصمة التركية، أنها لا تعتبر الميزانية الضخمة التى وصلت إلى 19 مليار دولار أحد مميزات الملف التركى، على الرغم من أنه أعلى 4 مرات من ميزانية أوليمبياد طوكيو (9,4 مليار) و10 مرات من ميزانية العاصمة الإسبانية مدريد (9,1 مليار)، المدينتين اللتين تتنافسان أيضا على استضافة الأوليمبياد.
ويتضمن ملف اسطنبول العديد من الرعاة الرسميين بالفعل، من بينهم شركة كوتش القابضة التى تضم 80 ألف موظف وتعمل فى مجالات الطاقة وشركة الهواتف المحمولة «تركسيل» والخطوط الجوية التركية.
من ناحية أخرى، أكدت شركة البناء التركية العملاقة «توكى» أنها مستعدة لإبرام صفقة قيمتها 20 مليار دولار لإعادة هيكلة مدينة اسطنبول فى حال فوزها باستضافة الأوليمبياد.
وتعهد أحمد هالوك كارابل رئيس الشركة بالانتهاء من جميع أعمال البناء فى الوقت المحدد لها، مؤكدا أن توكى تتمتع بخبرة فى بناء الملاعب الرياضية وأن جميع المبانى والملاعب ستبنى وفقا للوائح الجديدة الصارمة لكى تتمكن من الصمود أمام الزلازل.
بالرغم من كل الإمكانيات التى وفرتها تركيا للفوز بالتنظيم فإنفرص نجاحها ضعيفة فضلا «عن فرص نجاح أردوغان شخصيا» فى رئاسة الحكومة التركية وذلك بعد موجة الغضب العارمة التى تصب فى عاتقه وعاتق حكومته، وحتى إذا ما فازت تركيا بتنظيم البطولة ممكن ألا يغفر له شعبه ما قام به ويظل يطالب برحيله. ولكنها فرصة بالنسبة له ممكن أن ترفع من شعبيته حتى ولو بنسبة بسيطة، لذا فهو يراهن بكل إمكانياته على الفوز. حتى أنه تجاهل المحجبات فى اسطنبول وذلك وفقا لما أكده العضو الإسبانى فى اللجنة الأوليمبية من عرض اسطنبول الذى تقدمت به إلى اللجنة الأوليمبية متهما إياها بمحاولة إخفاء النساء المحجبات المنتشرات فى شوارعها. وقال الإسبانى ماريسول كاساد عضو الأولمبية الدولية لوكالة الأنباء الألمانية إن العرض الذى قدمته اسطنبول لم يظهر أى امرأة محجبة.
وأضاف المسئول: نعرف جميعا أنه إذا ذهب المرء إلى اسطنبول، سيرى الكثير من المحجبات، لم يظهر شريط الفيديو ذلك.
من جانب آخر، أكدت الأوليمبية التركية أن حالات تعاطى عدد من الرياضيين الأتراك للمنشطات لن تؤثر على ملف ترشح اسطنبول.
وقال رئيس الأوليمبية التركية أوجور إردينير لوكالة الأناضول للأنباء: إن هذه الحالات تظهر أن تركيا تحارب المنشطات، معتبرا أن الحالات المكتشفة قد يكون لها أثر إيجابى فى المنافسة مع ملفى مدريد وطوكيو.
وتأتى هذه التصريحات على خلفية الإعلان عن اكتشاف تعاطى العشرات من العدائين الأتراك المنشطات قبل دورة ألعاب البحر المتوسط التى احتضنتها مدينة مرسين مؤخرا، بحسب ما ذكرته صحيفة - تليغراف - البريطانية.
ويذكر أنه من المقرر أن تختار اللجنة الأوليمبية الدولية المدينة التى ستستضيف دورة الألعاب الأوليمبية عام 2020 فى السابع من سبتمبر المقبل فى اجتماع الجمعية العمومية للجنة بالعاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس.
وأضاف أحد أعضاء اللجنة الأوليمبية: إن طوكيو تتقدم قليلاعن مدريد ولكن هذا المرة ليس نهائيا.
وجاءت الحملة الدعائية الضعيفة لاسطنبول، بالإضافة إلى اهتزاز صورتها بشدة فى الأسابيع الأخيرة فى أعقاب الاحتجاجات السياسية العنيفة وفضائح المنشطات التى طالت العديد من رياضييها لتقلص فرص المدينة التركية كثيرا فى الحصول على حق التنظيم.
وقد طالب الإعلام التركى بعمل المزيد من أجل تحسين صورة المدينة فى أعقاب المظاهرات التى شهدتها ساحة تقسيم بمدينة اسطنبول واستخدام وسائل القمع العنيفة من قبل حكومة أردوغان للحد من هذه الاحتجاجات.
وبعد تناقص فرص تركيا فى الفوز من المقرر أن تذهب أصواتها إلى مدريد أو طوكيو، وذلك خاصة بعد فشل حفل افتتاح ألعاب المتوسط بسبب غياب الجماهير وهو الحفل الذى كانت تستضيفه مدينة مرسين التركية من 20 إلى 30 يونيو، مما شكل ضربة قاصمة لآمال تركيا فى الفوز بشرف تنظيم الألعاب الأوليمبية .2020
ومن أسباب فشل الحفل أيضا أن الحفل لم ينطلق فى موعده الذى أقره المنظمون، حيث لم يكن يوجد فى الملعب التى تتسع ل25 ألف مقعد، وفشل منظمو الحفل فى إقناع الجماهير فى التجاوب معهم.
ويذكر أن غياب الجماهير يرجع إلى موجة الاحتجاجات التى شهدتها تركيا، لافتا إلى المسيرة المناهضه لسياسة أردوغان التى أقيمت وسط مرسين التى تستضيف الحفل. ويذكر أنه قد سبق وصول أردوغان وضيوف الدرجة الأولى إلى ملعب مرسين تحليق مروحيات فوق الملعب تحسبا لأى طارئ.