لا نعرف شيئا عن سيناء التى يتغنى بها الإعلام - هكذا تحدث بدو سيناء إلينا - بكل صراحة مؤكدين أن التغييرالوحيد الذى طرأ على سيناء بعد الثورة تمثل فى تكرار ذكرها كثيرا فى الإعلام - على غير العادة - ودون أن يكون لذلك علاقة بمناسبات وطنية بسبب الأزمات الأمنية طبعا! ناصر أبوعكر أحد أبناء سيناء من الشيخ زويد شكا معاناة الأهالى فى شمال سيناء بسبب الافتقار للخدمات الأساسية قائلا: حتى الآن لم نر أى خطة جدية لتنمية سيناء، أما فيما يتعلق بالجهود المبذولة لحل أزمة المياه فذلك ليس جديدا، حيث كان مدرجا ضمن خطة منذ 3 سنوات ولا شىء جديدا مما تعهدوا به.
واصفا الوضع السيناوى بأنه على وشك الانفجار فى ظل شعارات ووعود وهمية لا تبل ريق السيناوى - على حد قوله.
وأضاف : ازدادت الأوضاع سوءا حتى الأجهزة المكلفة بمشروعات التنمية تجتمع بأشخاص لا يمثلون المجتمع السيناوى الحقيقى، ومازال بدو سيناء يعانون من العنصرية عندما تتم معاملتهم بشكل تعسفى بتركهم على كوبرى السلام لساعات قبل تفتيشهم فى ظل الازدحام والحرارة ومعاملتهم وكأنهم غير مصريين.
ورغم المؤتمرات والوعود والأحاديث التليفزيونية والصحفية - فإن سيناء مازالت صحراء قاحلة رغم مرور ما يقرب من 4 عقود على استردادها، رغم وفرة مواردها وأهمها المصادر التعدينية فى الوسط والتى لا تستفيد منها الدولة.
قائلا: أناشد د. مرسى بألا يعتمد على التقارير التى ترفع إليه ولا على الإعلام، لأن المجتمع السيناوى مازال محروما من أدنى احتياجاته وأبسطها التمثيل فى الجمعية التأسيسية للدستور فى أهم منطقة حدودية ذات حساسية كبيرة للوطن، ولديها موارد ثمينة قد تدعم ميزانية الدولة إذا نظر إليها بعين الاعتبار.
أما إبراهيم المنيعى - أحد أبناء سيناء والذى يسكن بالقرب من المنطقة الحدودية بين مصر وإسرائيل - فكشف عن استخدام المواطنين لشبكات المحمول الإسرائيلية بعدما وجدوا أن شبكات المحمول المصرية لا تعمل بشكل جيد فى المنطقة التى يقطنون بها.
قال لنا: لا يعقل أن تتركنا الحكومة نستخدم خدمات الاتصال لدولة أخرى مثل إسرائيل، لا توجد دولة محترمة تقبل بذلك، مشيرا إلى أن إسرائيل تعبث فى سيناء مستغلة الفقر والافتقار للتنمية وعدم إحساس الدولة بمواطنيها حتى فى أبسط الحقوق، فالمستشفيات بلا أطباء والمدارس بلا مدرسين وحتى سيارات الإسعاف بلا مسعفين!
أما فرج أبوسعد - 33 سنة من جنوبسيناء - فقد اعترف لنا بأنه أحد أفراد قبيلة القرارشة التى قامت بعمليات خطف للسياح، وتحدث عن أوضاع البدو فى جنوبسيناء ساخطا بقوله: الحال فى الجنوب لا يختلف عن الشمال، بل أسوأ منه، خاصة نحن محرومون كبدو من موارد السياحة ونشعر بالإهانة والدونية من قبل المسئولين.
واستطرد: حفظنا على الأمن أثناء الثورة بعدما تخلت الداخلية عن دورها ولم تحدث أى وقائع سرقة أو اعتداء، ومع ذلك مازلنا محرومين من المشاركة فى المشروعات التى يأتى أبناء المحافظات الأخرى لإقامتها فى سيناء وكلها للأسف فاشلة.
واعترف: فى 1973 حمى آباؤنا البلد بدافع الانتماء الوطنى، أما نحن الشباب فدفاعنا عن سيناء سيكون من منطلق دينى وليس وطنيا، حتى أطفالنا لا يشعرون بالانتماء الوطنى، فإذا مرض طفل منهم ماذا يفعل أبوه وأقرب مستشفى له فى إسرائيل!
الكاتب السياسى لطفى ناصف - متخصص فى الشأن السيناوى- قال من جانبه: كنت مهتما بقضية سيناء منذ عام 1956 وتوليت رئاسة تحرير جريدة مجلة «سيناء المستقبل» لفترة طويلة وكتبت منذ 15 عاما أن (الفراغ يغرى بالعدوان) وأشرت إلى الحدود الشرقيةلسيناء، حيث التكدس الإسرائيلى الطامع فى الامتداد للداخل.
وأضاف: كان هناك مشروع ضخم فى عهد الرئيس السادات لتعمير وتنمية سيناء يهدف لإقامة حوالى 4 ملايين مواطن فى منطقة وسط سيناء بعد نقلهم إليها وتحفيزهم برفع رواتبهم، بالإضافة إلى استصلاح الأراضى بواسطة ترعة السلام التى تمر من الإسماعيلية إلى أواسط سيناء.
وكانت التوقعات بانتهاء هذا المشروع خلال عام 2017ولكن للأسف كعادة المصريين فى كل شىء تم إهمال المشروع بالتدريج، بعد 10 سنوات من بدء تنفيذه حتى توقف نهائيا، ووصل الأمر لدرجة توقف خط السكك الحديدية عند بئر العبد وسرقة قضبانه.مما أدى إلى إهمال المنطقة خاصة سهل الطينة وبالمثل الشمال والجنوب وعدم تنفيذ خطة إعادة انتشار المصريين فى سيناء للمشاركة فى عملية الإعمار - وكل ذلك تم بمباركة المخلوع مبارك!
وأنهى كلامه: أحد أهم العوامل التى جعلت الوضع يزداد سوءا فى سيناء هو إهدار حقوق مواطنيها ومطاردتهم وتهميشهم.
والآن أصبحت سيناء مأوى للجماعات المتشددة وزراعة المخدرات وتهريب السلاح وبالطبع بيئة خصبة لتمويل عمليات إرهابية، إسرائيل ضالعة بشكل رئيسى فيها.
اللواء عبد الفضيل شوشة - محافظ شمال سيناء السابق - كشف لنا عن معوقات التنمية خلال السنوات الماضية فقال: أساس التنمية فى سيناء كان المشروع القومى لتنمية سيناء، والذى كان يسير بمعدلات مرضية فى البداية حتى توقف نظرا لعدم وجود الاعتمادات المالية التى يتطلبها بمحاوره المتعددة: المحور الزراعى والمحور الصناعى والمحور التعدينى والمحور السياحى، حيث توقف العمل بجميع تلك المحاور وكان المحور الأكثر تضررا المحور الزراعى.
فترعة السلام كان مخططا لها أن تزرع 250 ألف فدان فى سيناء، ولكن هذا لم يحدث نظرا لأن إجمالى المآخذ التى تم إنشاؤها بالترعة وكان من المفترض أن تصل 25 مأخذا لم تستكمل، والآن هى خمسة مآخذ فقط، وهى ضرورية لنقل المياه لزراعة الأراضى بسيناء ولكن المشكلة ترجع للتكلفة المالية العالية.
وفيما يتعلق بإعاقة مشروع التنمية بعد تغيير مسار ترعة السلام أكد أن العقبة الأساسية كانت بسبب عدم استكمال تلك المآخذ لرى مساحات الأراضى مستطردا: أسلوب الرى القديم بالأحواض انتهى والرى الحديث يستخدم تلك المآخذ.
وأكد لنا اللواء شوقي رشوان رئيس جهاز تنمية سيناء أن الجهاز الذى يرأسه ليس جهة تنفيذ وأن مهامه التخطيط لمشروعات التنمية ومتابعة تنفيذها، مشيرا إلى أن الدولة خصصت مبلغ مليار و95 مليون جنيه من ميزانيتها لإقامة المشروعات فى سيناء.. موزعة على 23 وزارة أبرزها الرى والتى ستعمل على استكمال مشروع ترعة السلام، وكذلك الزراعة والتعليم والصحة والإسكان والنقل والداخلية والإدارة المحلية، والجهاز سيكون مسئولا عن مراجعة تلك الخطط والمشروعات ومتابعة المدرج منها فى الميزانية على المشروعات القائمة بالفعل وسيتم تنفيذها، مشددا على أن ميزانية الدولة وحدها لا تكفى لتنمية سيناء التى تحتاج إلى الكثير من الدعم.