على الرغم من وجود العديد من التقارير الصادرة من الأجهزة الرقابية فى الدولة لمخالفات تم رصدها لجهات حكومية فى فترة ما قبل ثورة 25 يناير ومازالت مستمرة حتى الآن وتهدد صحة المواطن المصرى وتعرضه للموت، إلا أن حكومات ما قبل وبعد الثورة لا تعير اهتمامًا لهذه المخالفات مما يضع علامات استفهام كثيرة، بل والأدهى والأمر أن برلمان الثورة والذى يمثل السلطة التشريعية والرقابية على أداء الحكومة وأجهزة الدولة لم يتخذ إجراءات لمحاسبة المسئولين المتسببين فى هذه المخالفات الجسيمة التى تتسبب فى إمراض المواطن المصرى وإهدار مال الشعب رغم توثيق هذه المخالفات بالمستندات من قبل أجهزة الدولة الرقابية. ومن أهم التقارير الخطيرة تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات بشأن متابعة وتقويم أداء ترعة الصف بمحافظة الجيزة وعمليات إصلاحها منذ بدء العمل عام 1982 حتى .2011/6/30وطبقًا للتقرير تم إنشاء ترعة الصف بمحافظة الجيزة بطول 52 كيلو مترًا بهدف صرف مياه الصرف الصحى المعالجة الناتجة من محطة صرف جنوبالقاهرة والتى تم إنشاؤها بمنحة من دول السوق الأوروبية المشتركة، والمشكلة أن المصدر الرئيسى لمياه ترعة الصف هو مياه الصرف الصحى الواردة من محطة الصرف الصحى لجنوبالقاهرة، كما أنه لا يمكن التحكم فى كمية تصرفات محطة الصرف الصحى للترعة.
وقد تتطلب إنشاء الترعة نزع ملكية مساحة 1074 فدانا للمنفعة العامة وهى المساحة المطلوبة لمسار الترعة. وبالفعل قامت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة عام 1982 بعمل دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لإنشاء ترعة الصف، ثم قامت بإسناد تنفيذ المشروع بالكامل إلى شركة وادى كوم أمبو لاستصلاح الأراضى، وبلغت تكلفة إنشاء الترعة 180,80 مليون جنيه.
ومن المخالفات التى ذكرها تقرير الجهاز أنه بعد حفر 52 كيلو مترا، وبدأت تجارب بدء التشغيل تم اكتشاف مشكلات وعيوب جسيمة تصميمية وفنية وتنفيذية بالترعة، وأنها لا تصلح ورفضت وزارة الأشغال العامة والموارد المائية استلام ترعة الصف، لاستحالة صلاحيتها للتشغيل بهذا الوضع، وعلى الرغم من وجود هذه المشكلات تم تشغيل محطة الصرف الصحى لجنوبالقاهرة وإطلاق مياه الصرف الصحى المعالجة من هذه المحطة إلى ترعة الصف عام ,1992 وبالتالى فقد تراكمت مشكلات أخرى ظهرت بالترعة. وكان أن تحملت الدولة تكاليف إضافية لتنفيذ عمليات الإصلاح المختلفة بأكثر من تكلفة إنشاء الترعة، حيث بلغت تكاليف إنشاء وإصلاح ترعة الصف حتى 2011/6/30 نحو 779,319 مليون جنيه، وتتمثل تفاصيل بنود هذه التكاليف فى قيمة المنصرف على إنشاء ترعة الصف 180,80 مليون جنيه والمنصرف على الدراسات والأبحاث ونزع الملكية والتصميمات 277,3 مليون جنيه والمنصرف على الدراسة التى قام بها كل من معهد بحوث الصرف ومعهد بحوث المياه الجوفية 695 ألف جنيه والمنصرف على عمليات إصلاح ترعة الصف الممولة من الموازنة الاستثمارية لوزارة الموارد المائية والرى 610,81 مليون جنيه والمنصرف على عمليات إصلاح ترعة الصف الممولة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية 170,11 مليون جنيه وتكاليف مشروعات الصرف المغطى والمكشوف الجارى تنفيذها بمنطقة الصف 472,48 مليون جنيه وتكاليف الإنشاء لمحطة رفع غمازة «أ» ومحطة رفع الصف «ب» 332,26 مليون جنيه والمنصرف على عمليات إنشاء شبكة الصرف الصحى بمنطقة الصف 972,67 مليون جنيه وقيمة إزالة الزراعات المخالفة على ترعة الصرف 71 ألف جنيه.
وبذلك يتبين أن تكاليف إنشاء وإصلاح ترعة الصف بلغ 779,319 مليون جنيه حتى 2011/6/30 أى بزيادة قدرها 599,239 مليون جنيه عن القيمة الأصلية لإنشاء الترعة البالغة 180,80 مليون جنيه، أى بنسبة تجاوز بالزيادة عن التكلفة الأصلية قدرها 8,298٪.
وأضاف التقرير أنه بعد تشغيل الترعة الجديدة تم ظهور مشكلات جديدة تتطلب إجراء عمليات أخرى للإصلاح لترعة الصف الجديدة قامت بها وزارة المواردالمائية والرى بتمويل من موازنتها الاستثمارية، وذلك بهدف استكمال إصلاح عيوب وسلبيات ترعة الصف، ووصل عدد تلك العمليات حتى 2011/6/30 إلى سبع عمليات.
ومن السلبيات التى ضمها تقرير الجهاز أنه على الرغم من ظهور عيوب وأخطاء تصميمية وتنفيذية وفنية يستحيل معها تشغيل الترعة بهذا الوضع، بالإضافة لما يترتب على تشغيلها بهذا الوضع من آثار ضارة بالبيئة والمجتمع، فإنه لم يتم البدء فى استبدال الجزء الذى لا يمكن إصلاحه بالمسافة من ك صفر حتى ك 24 إلا بعد 5 سنوات من إطلاق المياه بالترعة عام 1992 وذلك عندما تم اعتماد 60 مليون جنيه لإنشاء ترعة الصف الجديدة عام ,1997 كما لم يتم البدء فى علاج الجزء المتبقى من الترعة بالمسافة من ك24 حتى ك52 إلا بعد مرور 10 سنوات كاملة من إطلاق المياه بالترعة عندما تم دفع الشيك بمبلغ 11 مليون جنيه من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إلى وزارة الموارد المائية والرى باستلامها للترعة عام .2002
وفيما يخص عملية إنشاء ترعة الصف الجديدة بالمسافة من ك11 وحتى ك24 هو مرور أكثر من 12 سنة من تاريخ البدء المقرر للعملية فى 1999/6/12 حتى 2011/6/30 دون الانتهاء من تنفيذ العملية والتى كان مقررا لها مدة تنفيذ 5,2 سنة فقط ومازال العمل جاريا بها حتى الآن.