«ثقافة العنبر» عنوان كتاب، يدور موضوعه حول ثقافة الطبقة العاملة المصرية، تأليف سمير شحاتة الأستاذ بمركز الدراسات العربية بجامعة جورج تاون الأمريكية. وبتعبير أدق عن التكوين الطبقى للعامل المصرى، من خلال الثقافة التى تنتقل إليه فى غمار النشاط اليومى والعملية الإنتاجية والتفاعل مع الآخرين الذين يشاركونه فى مكان العمل. والأكثر إثارة فى النتائج التى توصل إليها الباحث، وأدعى للإعجاب، هو المنهج والأسلوب الذى انتهجه لبحث موضوعه. فالأدوات التقليدية فى مثل هذه الدراسات الأنثروبولوجية، هى توجيه أسئلة عن طريق استمارات و استبيانات لأفراد عينة ثم تحليلها. أما هذا الباحث فقد اختار طريقة، ربما تكون جديدة.. فقد اختار أن يعمل بنفسه، فى مصنعين للغزل والنسيج بالإسكندرية أحدهما قطاع عام والآخر قطاع خاص، لمدة كافية وصلت إلى سنة تقريبا يعيش خلالها حياة العامل، من الألف إلى الياء، ويعتبر الاحتكاك والملاحظة والنقاش والممارسة، هى الوسائل التى يعتمد عليها فى الفهم والتقدير والوصف. وقد اعتادت الدراسات السابقة، فى هذا المجال، أن تكشف عن رحلة التكوين الطبقى وشعور العامل بهويته، من خلال دراسة وتحليل الإضرابات والاعتصامات والتنظيمات العمالية وطابع العمل الجماعى.. إلخ. ولكن سمير شحاتة رأى أن يعايش بنفسه هذه الحياة، عاملا على ماكينة البرم، عامل حقيقى، يصل قبل الثامنة صباحا، ويترك الماكينة، بعد دق جرس الخروج فى الثالثة مساء، ويتناول الإفطار مع زملائه فى المصنع ويعقبه الشاى الذى يصنعونه بأيديهم، ثم شاى الساعة العاشرة، الشاى الثقيل بالسكر زيادة - العمال لا يحبون شاى الفتلة ولا بطاطس الشيبسى كما تأكد - والذى تبدأ طقوسه بصرخة عامل البوفيه : «الشاى يا منايفة يا بهايم»، مشاركا وحاضرا ومنغمسا بجماع نفسه فى هذا العالم. قام بدور العالم، حقيقة، وليس تمثيلا، وإذا كان بعض الممثلين، لكى يتقنوا دورا معينا، يفعلون نفس الشىء، بل إن بعض الممثلين الجادين، يبذلون نفس الوقت والجهد، ولكن فى حالة سمير شحاتة، لم يكن هدفه التقمص أو التركيز على الملامح البارزة، ولكن الهدف معايشة فعلية. وربما كان إنجاز مثل هذه المهمة، كما خطط لها، ممتعا له.. ولكن الجهد والعذاب - عذاب حقيقى - هو فى إقناع المسئولين وغير المسئولين بإجراء البحث، على هذا النهج. أما الحصول على تصريح من الأجهزة المعنية، فتلك قصة وحدها.. وقد تدهش، أو لا تدهش ربما، إنه لم يحصل على تصريح مكتوب أبدا. ولولا مساعدة واقتناع مسئول كبير فى جهاز أمنى ما استطاع إتمام عمله. أما الاندهاش أن يأتى باحث أمريكى من أصل مصرى، من ذوى الياقات البيضاء، وأبناء الأصول، ويلبس الأفرول ويجلس أمام الماكينة ثمانى ساعات، ولا يغادر مكان العمل، قبل تنظيف الآلة بخرقة غير نظيفة طبعا وكنس الأرض، فهو اندهاش لم يفارق الآخرين أبدا. * للإدارة فقط لقد كان عليه فى كل خطوة، أن يقنع المسئول، بدءا من رئيس مجلس إدارة الشركة، حتى العامل الذى يعمل على الماكينة المجاورة له، بطابع بحثه، ويرد على اقتراحاتهم لتسهيل مهمته، أى إراحته شخصيا، بأن أى تعديل، يهدم عمله. ومنذ اللحظة الأولى، التى قابل فيها رئيس الشركة، الذى استدعى كل المديرين لإخطارهم بمهمة الباحث الأمريكى - تعجب من الطريقة التى وقف بها المديرون أمام رئيس الشركة والأسلوب المتسم بالتعالى من جانبه، بل وازدراء المرءوسين - وكانت هذه بداية تعرفه على البيروقراطية المصرية. وسأله الرئيس إنت ساكن فيه ؟ ثم أشار إلى أحد المديرين، هو ساكن جنبك، تجيبه كل يوم بعربيتك. وسارع الباحث إلى القول إنه يفضل أن يحضر بأوتوبيسات العمال. وساد صمت. قبل أن يفهم أنه لا توجد مواصلات للعمال، حيث عليهم أن يأتوا بطريقتهم الخاصة. وهذه اللقطة كانت بداية البحث. ولكن هناك أوتوبيسات للإداريين. وكان الحل أن يحضر مع الإداريين. وكان اليوم الأول له مع الأوتوبيس، تجربة لا تنسى، حرص أن يضمها بحثه، لأنها كشفت له عن «التراتبية» التى تحكم العلاقات بين العاملين فى الشركة. تراتبية صارمة. تحدد لكل فرد مكانه بين من يرأسونه وبين من يرأسهم تحديدا صارما. أين يقف وكيف يقف وطريقة الخطاب. فحين دخل الأوتوبيس، وكانت معظم الكراسى خالية، واختار مكانا فى المنتصف رآه مريحا. ولكن حدثت جلبة وصياح وحوار بين السائق والباقين حوار، يعلو كل لحظة، وفهم بعد وصوله، أن مكان جلوسه فى الكرسى الثالث وراء السائق. وأن الجلوس فى الأوتوبيس محدد، بترتيب المكانة فى الشركة. ومع كل يوم يمر عليه فى ميدان العمل، تفهم هذه التراتبية، التى تحكم النظام وأسلوب العمل فى الشركة بصرامة لا تعرف التهاون. وفى هذه التراتبية، يتربع رئيس الشركة على القمة، بسلطات لا حدود لها، كل الهيئات إلى جانبه، ليس لها أى تأثير، مجلس المديرين ومجلس الإدارة، واللجنة النقابية. هو وحده الذى يملك كل المفاتيح فى يديه، وتعجب من طريقة خطابه للمديرين، وقد سمعه يوما يخاطب أحدهم : إنت حمار. وفى بعض الحالات والمستويات الوظيفية، يستخدم يديه فى الضرب، وأحيانا بالشلوت. وقد سجل فى أوراقه يوما كلمة سمعها من أحد العمال «إحنا شغالين فى عزبة الباشا»، ثم شرح لقارئه دقة هذا التعبير، وكيف أن هذا المصنع والمصانع الأخرى التابعة للشركة هى عزبة الباشا. وحين كان يستعرض الأسماء التى يطلقها العمال، على رؤسائهم فإن لقب رئيس الشركة لديهم هو الباشا. وبالمناسبة هو توقف عند الأسماء والنعوت، التى ينعتها العمال ويتداولونها، عن بعضهم أو رؤسائهم المباشرين ومن فوقهم، كخيط من الخيوط التى تصنع ثوب الهوية الخاص بهم. من قواعد هذه التراتبية أن مشرف الوردية ينادى أى عامل فى العنبر «ياوله» بينما عليهم جميعا مخاطبته باحترام : يا ريس. وقد توقف مطولا عند هذه التراتبية، وحمايتها بالقوانين، وانعدام فعالية المؤسسات الموازية، بما فيها اتحاد العمال، حيث رصد قصة صعود أحد رؤساء اتحاد العمال - السيد راشد - والذى بدأ عاملا فى نفس العنبر الذى كان يعمل فيه سمير. ومع أضرار هذه التراتبية سجل رأى عامل زميل له فى العنبر حولها، «إذا لم توضع مسافة، فإنه لا احترام، لا توفيق، لا أداء للواجب، وفى النهاية لا إنتاج» * الفطار فهذه التراتبية جزء من الثقافة السائدة. إن التكوين الطبقى للعامل، يتشكل من هذه الأنشطة والطقوس اليومية، الإفطار الجماعى ومن طبق واحد، حيث يحمل كل عامل إفطاره معه وزيادة، لصناعة إفطار مشترك. ولما كان الجلوس ممنوعا فى العنبر ولا توجد كراسى يتحايل العمال لصناعة كراسى من البراميل والكراتين وأوعية البلاستيك. وهذا التحايل يشمل قائمة طويلة من تطويع ما تحت يديهم لاستخدامات أخرى. وهى ترتبط بالعمال إلى درجة أنها يسميها ثقافة الاستخدامات البديلة. ويصنعون الشاى الأول بعد الإفطار بأيديهم، وبأجهزة صنعوها من المواد المتاحة. وكل هذا يحدث قبل بداية العمل. ولكن اللقاء الذى يسبق طقس الإفطار، يساهم فى بناء الهوية الطبقية، فهم يلتفون أمام الباب، قبل فتح البوابات، حيث تتاح فرصة للحديث وتبادل الأخبار. وبعد الاندفاع من البوابة، والمرور بالتفتيش، فإن وقوفهم فى انتظار الأسانسيرات وقراءة الإعلانات والتحرك فى دوائر هو فرصة أخرى للقاء يومى مهم. هذه الطقوس اليومية، تخلق تقسيما للوقت خاصا بهم، فعندما يخرج عامل من العنبر، لسبب ما، ثم يعود، لا يسأل عند عودته عن مدة الغياب وساعة خروجه وإنما الأسئلة من نوع : شربتوا الشاى «المشرف مر عليكم، صليتوا الظهر، القبض تحت، الفطار خلص». فالوقت محسوب ومقسم طبقا لنشاطات مشتركة، توقف الباحث عند كل منها بالتحليل العميق، مثلا: صلاة الظهر، إفطار الصباح، شاى الضحى، لحظة قبض الأجور، وهى ليست شهرية، ولكنها تتكرر أكثر من مرة. وليست مصادفة أنه لا توجد ساعة حائط، فى كل المصنع، بأدواره التسعة، فالوقت عندهم له ساعته الخاصة. * لغة الأيدى ولهم لغة الأيدى الخاصة، وإشارات معينة، وأسماء مبتكرة لمختلف المسئولين فعندما يفاجئهم مسئول كبير، للتفتيش على سير العمل، وهو لم يفاجئهم فى الحقيقة، لأنهم بإشارات سريعة، يبلغون كل العاملين فى العنبر، بحيث يراهم المسئولون وكأنهم ملتزمون بقواعد العمل، وحتى لو كانوا جالسين حول أطباق الطعام - هو طبق واحد مشترك - وإن كل شىء يختفى فى لمح البصر. وإذا كان للإدارة كافيتريا ودورة مياه خاصة بهم، فكذلك العمال، ولكن الطابع العمالى هنا واضح فى المكانين. فليس هناك غير دورة مياه للعمال، تجد المترددين عليها، وهم يغسلون أعضاءهم التناسلية، بالماء فى كل مرة، وعن طريق خرطوم المياه فى الحوض. وعلى ذكر هذه النقطة، فإن من المظاهر المتكررة، أن يفرك العامل خصيته ويعدل وضعها، داخل البنطلون، عدة مرات، وبشكل تلقائى . وإذا كانت الملابس تميز العمال فى العنبر، فإن أكثر ما يميزهم هو الصندل. لقد أطال المؤلف الحديث، عن الصندل فى أقدام العمال، كعلامة مميزة، إلى درجة أنه فكر فى شراء صندل واستخدامه، لولا اعتراض الجميع عمالا وإداريين. لقد حاول هذا الباحث القدير، أن يفكك بنية الهوية العمالية، ويحدد كل ما يميزهم عن غيرهم، ويصنع خصوصيتهم، فى الملبس والمأكل والهزار الخشن وباليد وساعات الصفو ولحظات الإجهاد والملل بتأمل وتدقيق، حتى حجم اللقمة فى الفم، توقف عند الفرق بينها وبين غيرهم. وناقش باستفاضة أثر العملية الإنتاجية، فى بناء الهوية الطبقية لدى العامل، من خلال عمله فى المصنع الذى يتبع القطاع العام، والذى تم تأميمه سنة 1961، ويقوم على 500 فدان ويعمل به أحد عشر ألفا من العمال، و المصنع الآخر الأحدث ،المنشأ حديثا ومملوك للقطاع الخاص. وقد استطرد فى توضيح طبيعة العملية الفنية، وتركيب الآلة التى يعملون عليها، وهى عملية معقدة، لم أفهمها بسهولة، وتعجبت كيف تمكن منها هذا الباحث الذى لم تكن لديه خبرة سابقة فى هذا المجال. وناقش أسلوب العمل بالتفصيل، وأسباب الأعطال، وكيف تتم مواجهتها، وكيف يجرى قياس إنتاجية العامل ومحاسبته. ولم تفلت منه - طبعا - ملاحظة إيمان كثيرين، بقدرات المصريين على إصلاح وتعديل أجهزة الخواجات، بمواهب الابتكار والذكاء، بل والتفوق عليهم، وحللها تحليلا دقيقا، ولكنه فى النهاية لم يقتنع بهذا الزهو، وذلك من واقع تجارب عملية، وقال إنه أفضل وأسلم الالتزام بالقواعد وأداء الواجب واستيعاب الكتالوجات. * المقاومة وكانت العملية الإنتاجية مدخلا، لبحث المقاومة التى يمارسها العمال فى مواجهة الإنتاج ورأس المال والإدارة، أى الآخر. وهى ملمح قوى فى بناء الهوية والتكوين الطبقى ومن المعروف أن الفلسفة والأدبيات الماركسية، تحدثت كثيرا عن الصراع الطبقى، ولها فى هذا ترسانة من الدراسات والبحوث، وقف عندها المؤلف طبعا، بل ووافق على بعضها. وقد عرف جوهر هذه المقاومة، من خلال عمله ووقوفه أمام ماكينة البرم. وحرص أن يسجل التجربة العملية التى مر بها بالتفصيل. وألخصها لك. فقد تغيب أحد العمال يوما، وحل محله أمام الماكينة عامل جديد جاء فى اليوم التالى ليقول ببساطة إنه أنجز أمس ست اسطوانات. ولكن العامل الغائب الذى عاد أكد أن هذا غير ممكن، وأصر العامل الشاب على موقفه، وحدث شجار وتخاشن. واضطر سمير شحاتة إلى التدخل قائلا إن هذا ممكن، ورد عليه فتحى - العامل الغائب - بغلظة، وتكهرب الموقف، وتراهن الشاب أنه يستطيع أن يكرر هذا الإنجاز. وزاد الموقف اشتعالا حين قال سمير إنه يستطيع أن ينجز سبعة، ولننتظر للغد. وفى اليوم التالى، بذل فتحى مجهودا خارقا لإفشال الرهان، بل إنه وصل مبكرا وعطل المكنة. وكان يوما عصيبا. وحين استعاد سمير شحاتة الموقف فيما بعد، وجد أنه ليس فتحى وحده الذى حرص على عدم نجاح الرهان، ولكن العنبر كله. وبدت له جلبة الأمر، فإن العمال يستطيعون بالفعل زيادة الإنتاج ولكنهم لا يريدون، حتى وإن كان هذا يعنى زيادة أجورهم. لأن هدفهم الرئيسى هو تقليل الوقت والجهد المبذول. وأنهم يعرفون فى الحقيقة ، أن زيادة الإنتاج، لن تعود عليهم بزيادة الأجور، وأن الوضع الذى يبذلون فيه جهدا أقل ويضيعون وقتا أطول، أضمن وأربح لهم. وقد حسب أشكالا عديدة لتضييع الوقت. وانتهى إلى أنه طالما أن العمل هو سلعة، فإن العمال مضطرون إلى المقاومة. ولم يكن هذا هو الشكل الوحيد للمقاومة، فقد حصر أشكالا كثيرة للمقاومة، منها سرقة الوقت، كما يبدو من المثال السابق، وتخريب المعدات والسرقة الفعلية التى ضرب بها أكثر من مثل، ونقد المسئولين دائما والشكوى والسرقة الفعلية التى ضرب لها أكثر من مثل، والشكوى الدائمة من كثير من الأوضاع الأخرى والتشهير والسخرية ونعت الأسماء المضحكة وإطلاقها على الأطراف الأخرى. وهناك سؤال كان يطن فى أذنى، وأنا أتابع رحلة الباحث المثيرة، كيف نجح باحث أجنبى، رغم أنه من أصول مصرية، فإن تكوينه وثقافته وجنسيته أمريكية، فى النفاذ والتغلغل فى مجال، لا يصل إلى أعماقه إلا واحد من أبناء البلد. * من هو ؟ وكأنه كان يستمع إلى سؤالى، فقد أفرد الفصل الأخير للإجابة عن مثل هذا السؤال ومعتبرا إجابة السؤال وتقديم نفسه جزءا فى البحث، يتناول تحليل مدى كفاءة غير أبناء البلد فى الوصول إلى الحقيقة، والذاتية والموضوعية فى الأبحاث العلمية. وبدأ هذا الفصل الممتع، إنه كان طوال وجوده فى المصنع، عرضة لأسئلة تفصيلية، عن حياته ونشأته ودينه وبحثه وبلده. بعضها مغرق فى الشخصية لدرجة أثارت عجبه مثل هل أنت متزوج ؟ ولماذا لم تتزوج للآن، وهل يمكن أن تتزوج مصرية؟. وكان يجيب عن كل الأسئلة، وشرح أنه من مواليد الإسكندرية، ولكنه هاجر مبكرا، وقضى معظم حياته بين إنجلترا وأمريكا ويجيد العربية. ورغم أصوله المصرية فإن ثقافته وتكوينه أمريكيان. وهوياته المتعددة هذه كأمريكى من أصول مصرية، ذكر، أعزب، باحث أنثربولوجى، يجيد العربية، اسكندرانى الأصل، كانت على تعددها عونا له. وبعضها كان له مزايا وعيوب، فكان يوظف الميزة، فكونه أعزب كان يصعب عليه دخول بيوت العمال، لأنها ضيقة ولوجود الزوجات والبنات. والشىء الأهم أنه كسب ثقة العمال، بعد اختبارات ليست هينة، من جانبهم، حتى يتأكدوا أنه ليس جاسوسا للإدارة، فإنهم يعتقدون - عن حق - أن الشركة تحرص على بث عيونها وسط العمال. وكان يوما واقفا، يتحدث مع زملائه حول مشكلة تواجههم، حين اشترك فى الحديث عامل من عنبر آخر، وقف صامتا مشيرا بعينيه إليهم إلى هذا الغريب، فأجابوه جميعا : إتكلم ده معانا. واكتشف أنه من غير المفيد استخدام جهاز تسجيل أو توزيع استمارات واكتفى بالملاحظة والحوار، وكان يسجل نقاطا فى نوتة أثناء النهار، أحيانا فى دورة المياه. وفى النهاية كتب بحثا يفيض بالحيوية وقوة الفكر والابتكار، يذكر هذا النوع من الدراسات التى بدأت بشائره عندنا على أيدى سيد عويس وحامد عمار.. ولكن يبدو اليوم أن الأجانب وبالذات دار النشر بالجامعة الأمريكية هى التى تتفوق فى نشر روائعه.