بدأت أحداث هذه القصة المأساوية في داخل اثنين من (مراكز الأشعة) الأشهر في مصر ولكنها لن تنتهي عندها فكما تقول الشكوي.. ذهبت الأم في أسبوعها التاسع لإجراء صورة للموجات فوق الصوتية للجنين حيث أفاد تقرير الفحص (بانفصال التفاعل الرحمي المشيمي مع تكون تجمع دموي داخل الرحم) إلا أن الطبيب ذاته الذي قام بإجراء فحص (السونار) طمأن الأم عندما ذهبت إليه في أسبوعها العاشر من الحمل وكتب في تقريره (تحسن حالة الانفصال الرحمي المشيمي) وأن الجنين طبيعي وكل مؤشراته الحيوية داخل الرحم طبيعية وبالطبع اطمأنت الأم والأب لهذا الفحص لأن الأمل (في مركز الأشعة) هو الكشف عن أي ضرر أو خطأ أو تشوه أو مرض - هذا هو أصل مراكز الأشعة في كل دول العالم ورجعت الأم وقامت بعمل تصوير ثلاثي الأبعاد للجنين في مركز آخر للأشعة وهو أيضاً من المراكز الشهيرة جداً بمصر الجديدة وعندما وصل حملها إلي الأسبوع (الثامن عشر) وهذه الفحوصات ثلاثية الأبعاد أوضحت أن الحمل والجنين مكتمل اكتماله الطبيعي في مثل هذه الفترة من الحمل ومن ثم تشاء الأقدار أن ينتقل الزوج للعمل في مدينة (ويسكنسن) الأمريكية قبل ولادة الطفل بشهرين لتكون النهاية الطبيعية هي الولادة في أحد المستشفيات الأمريكية وبعد إجراء الفحوصات اللازمة للأم أظهرت (صور الأشعة) (عدم وجود عظمة الطرف العلوي الأيمن وكذلك عدم القدرة علي إظهار واختفاء الطرف العلوي الأيسر بالكامل). بالطبع نزل الخبر كالصاعقة علي والدي الطفل فبدأ الأطباء الأمريكان في تهيئة الأم نفسياً لتقبل وضع جنينها الذي كان مصيره مواجهة الحياة مبتور الطرفين العلويين وفي داخلها قررت ألا تسكت عما حدث لها فبدأت في إجراء الفحوصات الطبية التي أكدت أن هذا العيب الخلقي هو عيب يظهر بوضوح في شهور الحمل الثلاثة الأولي بل وأثبتت الفحوصات أنه كان يجب أن يتم اكتشاف حالة التشوه الخلقي المذكور في كل من الفحص الذي تم في الأسبوع الثامن عشر وفحص أيضاً أجرته الأم في مصر في أسبوعها الثلاثين كما أشار تقرير الطبيب الشرعي والذي تم إصداره من خلال المكتب الفني لكبير الأطباء الشرعيين بمصلحة الطب الشرعي أن تشخيص التشوهات الخلقية بالأطراف باستخدام الموجات فوق الصوتية تصل دقة التشخيص إلي (90%) عند الأسبوع الثامن عشر الرحمي من الحمل. كان من الممكن أن يتدارك أهل الطفل هذه المأساة لو علموا عنها مبكراً عن طريق وسيلتين أولهما الإجهاض الذي حلله الشرع في حالات خاصة جداً أهمها هو ظهور تشوه في الجنين الأمر الذي سيعيش معه حياة صعبة وقاسية أما الوسيلة الأخري فهناك عدة عمليات تم إجراؤها في مصر لإجراء جراحة دقيقة للجنين في شهره السابع الرحمي حتي لايولد مشوه الذراع أو بلا ذراع لكن بالطبع لم يتسن لأم وأب هذا الطفل المعذب أن يتخذ أياً من القرارين بسبب بسيط أنهما لم يعرفا بالحالة إلا في شهور الحمل المتأخرة والتي يصعب معها إجراء أي من هذه الحلول. استقبلنا هذه الشكوي في صباح الخير لننقلها إلي وزير الصحة حاتم الجبلي ونحن نتساءل عن جدية نتائج مراكز الأشعة ومسئولياتها عن حجم الضرر الذي أصيبت به هذه الأسرة التي تحولت الأم فيها وكما كتبت إلينا إلي حطام إنسانة وفقدت كل إحساس بالحياة، فهذا الطفل يحتاج لأم تكرس حياتها لرعاية شئونه وتحتاج إلي طاقة نفسية كبيرة كي تستطيع أن تؤهله نفسياً لقبول هذه الإعاقة.