الكلام مع وحيد حامد قبل عرض مسلسل «الجماعة» مختلف بالطبع بعدما شاهد الملايين الحلقة الأخيرة، فليس من سمع عن المسلسل قبل عرضه كمن رأي وتابع وتأمل الحلقات من البداية إلي النهاية ليتمكن من إصدار حكم نهائي علي المسلسل الذي دخل تاريخ الدراما العربية من أوسع الأبواب فبينما يتوقف الحديث عن مسلسلات رمضان مع أول أيام العيد، سيظل «الجماعة» الشغل الشاغل للكثيرين خصوصا الذين قرروا إعادة قراءة التاريخ وتقييم الأحداث بناء علي دعوة وحيد حامد الذي نال هجوماً حاداً سواء من الإخوان أو من معارضيهم علي كل كلمة وكل مشهد في المسلسل المثير للجدل. صباح الخير طرحت علي وحيد حامد في مائدته الشهيرة علي النيل العديد من الأسئلة فور انتهاء حلقات المسلسل فيما أكد الكاتب الكبير أن التزامه بالصمت طوال رمضان كان بسبب وعكة صحية تعرض لها وحتي يرد علي كل الأسئلة دفعة واحدة بعد المشهد الأخير. نتفهم بالطبع تصريحاتك الغاضبة من اتهامات الجماعة المحظورة بأن الأمن تدخل في وضع نهاية مختلفة لمسلسل الجماعة، لكن ربما كان تصريحك عن أن النهاية ستكون بمقتل حسن البنا هو السبب في هذا اللغط؟ - نعم قلت أن الجزء الأول سينتهي بهذا المشهد لكن كان ذلك خلال فترة التحضير قبل التصوير، وبعد دراسة لسير الحلقات اكتفينا بأن ينتهي المسلسل بمشهد يعلن فيه البنا ندمه علي كل ما فعل ويتمني العودة بالجماعة لنقطة الصفر من جديد، فهل يعني هذا أن الأمن تدخل، ومن قال أن جنازة حسن البنا كانت ستثير التعاطف معه، فكل حادث اغتيال في المسلسل لم يستغرق علي الشاشة أكثر من دقيقتين، فهل كنا سنخصص الحلقة الأخيرة كلها مثلا لاغتيال وجنازة البنا، أمر غير منطقي، ولا أعرف لماذا يخترع الإخوان المسلمين هذا الكلام، فاذا كان المسلسل مسيئا لهم إلي هذا الحد فلماذا تابعوه مشهداً وراء مشهد، في البداية قالوا أنه صناعة الأمن، ثم قالوا لاحقا أنه يخدم الإخوان، والآن يقولون أن النهاية تغيرت، وهكذا، لماذا لا يوفرون مجهودهم للمسلسل الذي سيقومون بإنتاجه والذي أتمني أن يقولوه فيه كل ما يريدون وهذا حقهم. لكن هناك من رأي أيضا أن المسلسل ساهم في زيادة جماهيرية حسن البنا؟ - قلت قبل المسلسل أن العمل لن يرضي أحدا، لا الإخوان ولا المختلفين معهم، فهناك من يقول أن المسلسل شوه تاريخ الإخوان، وهناك من يقول أن المسلسل رفع أسهم شخصية حسن البنا من جديد، وليس مطلوبا مني كفنان أبحث عن الحقيقة أن أرضي جميع الأطراف، لقد قدمت الشخصية بما لها وما عليها، وردود الفعل المتناقضة خير دليل علي الحيادية، والمسلسل لم يهاجم الإخوان فقط فعندما يقول الملك فاروق أنه ربي «ذئباً» في منزله فهذا اعتراف بأن رجال السياسة استغلوا الجماعة قبل أن يدركوا خطورتها، وفي النهاية خرجت من التجربة بنتيجة واحدة و هي أن الحقيقة ليس لها أصدقاء، فلا أحد مع الحقيقة والكل يريد أن يري علي الشاشة ما يدعم موقفه السياسي فقط لا غير، ثم كيف يقول البعض أن المسلسل حقق التعاطف مع الإخوان فهل هناك عاقل يتعاطف مع قتل الأطفال والأبرياء، المسلسل يقدم لمن عانوا من ويلات الإرهاب في زماننا هذا الجذور التي انطلق منها الإرهاب والتطرف الديني وكيف كان الاغتيال هو الحل من أجل الاستمرار في الحياة السياسية وكيف كانت القضايا القومية مثل تحرير فلسطين يتم استغلالها لأهداف خاصة وسياسية. وكيف ترد علي الاتهام بأنك كنت حريصا علي تجميل صورة رجال الأمن في الحلقات الأولي؟ - أرد من خلال شهادة عصام العريان القيادي البارز في جماعة الإخوان، اسألوه إذا كان تعرض للتعذيب الجسدي عند اعتقاله في السنوات الأخيرة، الناس تريد أن تري الضابط يعذب دائما رغم أن هناك أصنافاً عديدة من التعذيب غير مرتبطة بالعنف الجسدي، وفي فيلم «عمارة يعقوبيان» قدمت نموذجاً لضابط يهوي التعذيب، فلماذا لا يتذكر المهاجمون هذا الأمر، وكل ماأعرفه ومتأكد منه أن منهج التعذيب الجسدي اختفي بشكل كبير داخل أمن الدولة بشهادة الإخوان أنفسهم. لكن المسلسل ظل متهما بأنه مدعوم من الدولة ممثلة في التليفزيون ومن الأمن؟ - التليفزيون اشتري المسلسل دون أن يشارك في الإنتاج، لم تدفع أي جهة في الدولة مليما واحدا في الميزانية التي وصلت إلي 40 مليون جنيه، التليفزيون اشتري العمل لأنه مسلسل ناجح والدليل حصيلة الإعلانات الضخمة، وإذا كان التليفزيون له غرض، فماذا عن قناتي القاهرة والناس وأوربت، كل هذه أقاويل هدفها التشويش علي العمل نفسه، والقول بأن هناك نية مغرضة من ورائه، لو كان ذلك صحيحا لظهر هذا المسلسل منذ سنوات طويلة، كذلك أعيد التأكيد أن الأمن لم يتدخل إطلاقا ولم يطلع أحد علي الحلقات المكتوبة، ولم يتم تصوير أي مشهد داخل جهاز أمن الدولة، فهل يعقل أن جهازاً بهذه الأهمية سيوافق علي ذلك من أجل عمل تليفزيوني، وحتي المشهد الذي يظهر فيه مدخل أمن الدولة من الخارج تم تصويره بحيلة سينمائية، ومن يقول أن المسلسل روج للإخوان أقول له ان الإخوان موجودون في الإعلام والبرلمان قبل المسلسل، وأن الجماعة كان هدفه أن يدعو الناس لقراءة تاريخ بلدهم من جديد، والاطلاع علي كل وجهات النظر وهو ما هدفت منه في مشهد المكتبة عندما قال البائع لوكيل النيابة أنه لو قرأ كتب الإخوان سيعشقهم ولو قرأ الكتب التي ضدهم سيلعنهم فلا أحد يكتب الحقيقة الكاملة. المرشد السابق للإخوان المسلمين محمد مهدي عاطف انتقد أداء سامي مغاوري وقال إنه لم يكن يتكلم بهذه الطريقة؟ - ومن قال أن سامي مغاوري يجسد شخصية محمد مهدي عاكف، ولماذا نحول المسلسل إلي فوازير رمضان لنعرف من يجسد شخصية من؟، وكما قلت الهدف هو التشويش علي العمل لا أكثر ولا أقل؟ لكنك أدخلت المسلسل في معركة جانبية من خلال المشهد الذي تم فيه انتقاد عمرو خالد؟ - أيضا لم أقصد عمرو خالد شخصيا، وإنما الدعاة الذين يتربحون من الدعوة وهم ليسوا أهلا لها، لكن هناك من يريدون افتعال المعارك حول العمل لأهدافهم الخاصة. هل صحيح أن ضيوف الشرف لم يتقاضوا أجورهم؟ - نعم أحمد حلمي ومنة شلبي وكريم عبد العزيز وغيرهم من النجوم الذين ظهروا في مشهد واحد لم يتقاضوا أجورهم وكانوا سعداء للمشاركة في المسلسل، فعندما يكون هناك فرح كبير وضخم الكل يحب أن يكون معزوما فيه. المستوي الفني للمسلسل كان متميزا للغاية بعيدا عن الشأن السياسي، في رأيك لماذا لا تتمتع باقي المسلسلات المصرية بالأمر نفسه؟ - هذا سؤال يوجه للمنتجين الذين يرغبون في الاستسهال والإنتاج الكثيف بعيدا عن الجودة، فما قيمة إنتاج خمسين مسلسلاً لا يوجد بينها إلا مسلسلات قليلة مؤثرة، لماذا لا نقدم عدداً أقل لكي نضمن أن تكون كل المسلسلات جيدة المستوي، وأنا وزملائي في الجماعة فخورون بتقديم عمل درامي يرفع من شأن الدراما المصرية التي يجب أن نرد لها الجميل ونحميها من المنافسة. وماذا يمكن أن نعرف الآن وقد انتهي الجزء الأول عن تفاصيل الجزء الثاني؟ - بصراحة ليس لدي ما أقوله حاليا، الجزء الثاني مازال قيد التنفيذ والتحضير، ولا أستطيع القول أن الجزء الثاني سيعرض في رمضان 2011 كل هذه الأمور سيتم تحديدها بعد إجازة طويلة نتيجة إرهاق فريق العمل بالكامل من المجهود الكبير الذي بذلوه في تصوير الجزء الأول. وهل كان الفنان إياد نصار عند حسن ظنك؟ - أنا فخور للغاية بهذا الممثل الذي اخترته للشخصية دون أن أعرفه وبعد مشاهدته في مسلسل واحد فقط، لكنه أثبت أنه عند حسن ظن الجميع ودفع بالمسلسل إلي أعلي المستويات بأدائه المدهش. ما حقيقة خلافك مع جريدة الدستور بسبب الاعتراض علي نشر خبر مشاركة شريف عرفة في إخراج المسلسل؟ - الخلاف لم يكن لهذا السبب فمعظم العاملين في الجريدة أصدقائي وأنا معروف بعلاقتي الطيبة بكل الصحفيين، لكن عندما تكتب الجريدة في الأيام الأولي من رمضان أن المسلسل لم يحقق نسبة مشاهدة عالية ومتراجع في قائمة الأكثر مشاهدة فهذا تغيير في حقيقة يعلمها الناس جيداً لهذا امتنعت عن التصريح للجريدة التي لم تهتم أيضا بمتابعة يوميات المسلسل كما فعلت مع باقي المسلسلات. لكن بشكل عام كانت هناك حساسية من أسرة المسلسل تجاه النشر عن وجود أكثر من مخرج في الكواليس؟ - لأننا للأسف نتعامل من خلال أكليشيهات محفوظة فوجود أكثر من مخرج أمر طبيعي في الظروف العادية فأحيانا كثيرة نطلب المساعدة من الأصدقاء، فكيف الحال والوقت ضيق وما المشكلة في ذلك إذا كان المخرج نفسه قبل أن يقدم لنا المساعدة، حيث فوجئت أن التناول الصحفي للموضوع يتم من زاوية أن المخرج محمد ياسين غير قادر علي إكمال التصوير بمفرده وهذا ظلم كبير لمخرج أعتقد أنه النجم الحقيقي وراء هذا العمل، والدليل أن المشاهد لا يمكنه أن يفرق علي الإطلاق بين المشاهد التي صورها ياسين وهي الغالبية طبعا وبعض المشاهد التي قدمها شريف عرفة ومروان حامد وتامر محسن، وكلهم جلسوا مع ياسين للتعرف علي وجهة النظر الإخراجية والجميع كان محباً جداً للمشاركة والعمل الناجح ينسب لكل من شاركوا فيه، وأحب هنا الإشادة بالمخرج تامر محسن الذي كان مسئولا عن الوحدة الثانية وشرفت بتحكيم مشروع تخرجه قبل عدة سنوات وأتنبأ له بمستقبل كبير، لكن وسط كل هذا لا يمكن إنكار أن المايسترو الأساسي لهذا العمل هو محمد ياسين الذي يربطني به تفاهم كبير أعتقد أنه ظهر بوضوح في الجماعة بعد سلسلة من الأفلام السينمائية . رغم تألق كل ضيوف الشرف لكن البعض انتقد أداء أحمد الفيشاوي تحديدا لشخصية الملك فاروق؟ - الأمر يعود كما قلت لوجود أكليشيهات محفوظة لدي الجمهور والإعلام، فهناك الكثيرون الذين قدموا الملك فاروق بالتالي الجمهور يقارن بين الفيشاوي وبين بعضهم ولا أحد يتوقف ليتأمل أن كل هؤلاء جسدوا فاروق دون أن يعرفوه وعلي طريقتهم الخاصة، لكن من وجهة نظري وبدون انحياز أعتقد أن الفيشاوي أفضل من جسد فاروق حتي الآن. ولماذا تمت الاستعانة بالممثل محمد أبو داود لأداء شخصية النقراشي باشا رغم أنه أداها قبل ذلك في مسلسل «الملك فاروق»؟ - لا أجد عيبا في ذلك خصوصا أن تناول الشخصية مختلف وأداء محمد أبو داود جاء مناسبا جداً لطبيعة الشخصية وموقفها من الإخوان في مسلسل «الجماعة» وفي الحقيقة كان من المفترض أن يقوم الفنان الكبير يوسف شعبان بأداء الشخصية لكننا بدأنا الاستعداد لها وهو لايزال في سوريا لتصوير مسلسل «كليوباترا» فكان الحل إسناد المهمة لمحمد أبو داود وأعتقد أنه أداها بنجاح كبير. رغم أن المسلسل حقق المركز الأول في جذب الإعلانات لكنك غضبت من هذا الأمر؟ - نعم النجاح الإعلاني لا يعني إغفال حق الجمهور وعرض إعلانات لمدة طويلة تجعل المتفرج ينفصل عن الأحداث التي سبقت والتي تلي الفاصل الإعلاني، كما أن القنوات بدأت تجور علي حقوق العاملين في المسلسل ولا تعرض التترات النهائية رغم أنها تحمل أسماء الممثلين خصوصا ضيوف الشرف، لهذا تكلمت مع الوزير أنس الفقي للحد من هذه الظاهرة واستجاب بإعادة العرض بعد رمضان سيلاحظ المشاهدون العديد من الأمور التي يريد المسلسل التأكيد عليها وتأملها جيدا بعيدا عن زحام رمضان. وما هي القنوات التي اشترت حقوق عرض المسلسل بعد رمضان، أي العرض الثاني؟ - ليس لدي معلومات عن هذا الأمر فهو يخص الشأن الإنتاجي لكن الجميع يوجه لي أسئلة تخص المسلسل ككل رغم أنني مسئول فقط عن المضمون والمشاركة في اختيار بعض الممثلين، لكن الخبر الجيد الذي وصلني منذ قليل أن المسلسل ستتم ترجمته إلي عدة لغات وعرضه علي قنوات أوروبية، وسيكون الإشراف علي الترجمة من اختصاص فريق العمل، أما القنوات التي عرضت المسلسل في رمضان نايل دراما والأولي المصرية والفضائية المصرية والقاهرة والناس وأوربت. ماذا عن عودة وحيد حامد للسينما؟ - العودة ستكون من خلال فيلم «الحشاشون» إخراج مروان حامد والذي يروي نشأة الإرهاب الديني منذ جماعة حسن الصباح وحتي أحداث 11 سبتمبر وسأعلن عن باقي تفاصيل الفيلم في الوقت المناسب لكنني أكتفي بالقول أن الإنتاج سيكون عالمياً. لكنك قدمت جزءاً من سيرة الإخوان المسلمين في مسلسل طويل، فكيف سيستوعب فيلم واحد قصة نشأة التطرف الديني علي مدي سنوات طويلة؟ - الفن اختيار والفنان لا يسير وراء المنطق الذي تفرضه الصحافة، مادامت احسست أن المضمون الذي أريد الوصول به للناس يصلح من خلال فيلم فهذا حقي كما فعلت مع الجماعة الذي كان من الممكن تقديمه كشريط سينمائي لكنني اتجهت للدراما التليفزيونية لأنها الشكل الأقرب لمضمون العمل.