عندما ذهبنا إلى سيوة اخترقنا أزمنة عديدة مرت بتلك الواحة الجميلة والتى وقفت آثارها شاهدة على ذلك وبعد لحظات من الحلم والخيال صدمنا الواقع على بعد 41 كيلومترا من وسط سيوة حيث وجدنا أنفسنا نسير فوق جسر طينى يفصل ما بين نهرين تماماً وكأننا نعبر كوبرى قصر النيل أو عباس على نهر النيل وبكل براءة صحنا جميعا اللّه ما هذا الجمال هو النيل موجود فى سيوة كمان. فإذا بالإجابة تأتينا على الفور هذه هى كارثة سيوة والنكبة التى ننتظرها فهذه المياه ليست النيل بل هى مياه الصرف الزراعى التى أغرقت «74» ألف فدان من أجود أراضى سيوة الزراعية وهذان النهران إذا ما التقيا عبر هذا الجسر بعد انهياره إذن فهو غرق سيوة كلها، فإذا بالدم يغلى فى العروق وتتحول كلمات الإعجاب والانبهار بجماليات المكان إلى كلمات تعبر عن الحزن والأسى لما ينتظر تلك المنطقة الجميلة ليقفز السؤال فى الحال على لسان الجميع وما هو المصير؟! توجهنا بالسؤال إلى الحاج بلال أحمد بلال - عضو مجلس الشعب عن الدائرة الثانية بمطروح والتى تضم مناطق الحمام والعلمين والضبعة وسيوة - والذى قدم «21» طلب إحاطة على مدار أربع سنوات فى مجلس الشعب عن سيوة ومشكلة الصرف الزراعى وتهديدها بالغرق.. إلا أنه لا حياة لمن تنادى كما يقول هو.. وبدأ بسرد حكاية أول طلب قدمه أيام وزارة د. محمود أبوزيد وزير الرى والموارد المائية السابق الذى وقف فى المجلس مكذباً طلب الإحاطة وقال لا توجد مشكلة فى سيوة ويقول الحاج بلال: بعدها وجهت له الدعوة مرتين لزيارة سيوة إلى أن لبى طلبى وجاء وشاهد بنفسه حجم المشكلة وبعدها وقف بالبرلمان قائلاً بأمانة هناك مشكلة صرف زراعى فى سيوة، لكنها خارجة عن إرادتى لأنها تحتاج إلى «007» مليون جنيه لحلها. فالمياه فى سيوة كثيرة جداً وفائضها كون بحيرات كان حجمها عام 8691 هو خمسة آلاف فدان وحالياً وصلت ل«74» ألف فدان من أجود أراضى سيوة الزراعية وهذه المياه الناتجة عن الصرف الزراعى هى مياه نظيفة لكنها فور أن تنزل إلى البحيرة تتحول إلى مالحة لذلك حلها الوحيد هو استغلالها قبل نزولها البحيرة وذلك عن طريق عمل مواسير على طريق تبغيغ بين مطروح وسيوة لنقل تلك المياه إلى أراضى بعيدة، لكن قالوا لى هانحل المشكلة فى حدود الإمكانيات ومن وقتها لم تحل. ويضيف الحاج بلال قائلاً: وفى إحدى زيارات السيد الرئيس لمطروح تحدثت معه بخصوص سيوة عام 6991 وعلى الفور تحدث مع د. عبدالهادى راضى وزير الرى وقتها وقال له لازم تحل المشكلة فوراً وبالفعل بدأوا مشروع تكلف «681» مليون جنيه، لكنه كان كله صرف فى الهواء لأنهم كانوا بياخدوا المياه من البحيرة الأولى يضيفوها على البحيرة الثانية وكأنهم بيرحلوا المياه من مكان لآخر دون نتيجة. وفى عام «2002» جاء إلى سيوة رئيس الوزراء ومعه ثمانية وزراء منهم الإسكان، السياحة، الاستثمار، الزراعة، الموارد المائية، لعمل تقرير عن سيوة وحل مشكلة الصرف الزراعى فيها وكان مزمع إقامة مؤتمرا عن تنمية سيوة، ولكن لم يتم شىء. وزادت المشكلة كما يقول الحاج بلال بحالة الخلاف والخناق ما بين مصلحة الرى ومصلحة الموارد المائية رغم أنهم تابعون لوزارة واحدة ووزيرهم واحد إلا أن كل منهم يعمل فى اتجاه منفصل ويلقى بالمشكلة على الآخر، فمديرة الرى تقول: إحنا مش غلطانين فى مسألة الصرف الزراعى والموارد المائية هم المسئولون لأنهم حفروا آبارا كثيرة وهيئة الموارد ترد لا هم اللى مواتيرهم كبيرة وهكذا مشاكل باستمرار. لذلك اقترحنا على وزير الرى فى زيارته الأخيرة لسيوة ضرورة ضم الإدارتين فى إدارة واحدة ويرأسهم واحد وقلت لوزير الرى د. نصر علام بعدما بدأت مياه الصرف الزراعى تدخل البيوت والحدائق والمزارع وبعد أن شاهد بنفسه الوضع، أما أن تكتب لسيوة شهادة ميلادها الجديدة وإما أن تكتب لها شهادة وفاة وأنت ماشى. حلول مؤقتة وما هو ناتج زيارة وزير الرى د. نصر علام الأخيرة لسيوة. قال: توصلنا لبعض الحلول المؤقتة وهى غلق الآبار العشوائية وتبطين كل المراوى «التى يستخدمها الأهالى فى رى الزراعة» بطبقة خرسانية لعدم شرب المياه منها، ولكن عدت وقدمت طلب إحاطة للوزير.. منذ أيام.. لأن الحلول التى تم عملها هى حلول مؤقتة وليست جذرية.. وأثناء مناقشة الطلب كان رجال الوزير السيد حسين العطفى ومجموعته زعلانين منى وقالوا لى إحنا مش خلاص اتفقنا والموضوع انتهى! قلت لهم الموضوع لم ينته ولم تقدموا إلى حلول جذرية والاتفاق كان هو خروج المياه خارج سيوة وتدخل السيد عبدالرحيم الغول وقتها فى النقاش وقال لهم النائب مش مقتنع وغير موافق ومن حقه أن يتكلم كما يشاء وعليكم الاستماع له. فقلت لهم سيوة الواحة الخضراء جنة الصحراء بلدى بتغرق وعايزنى اتفرج! ومن وجهة نظرك كيف يمكن حل المشكلة والحكومة ليس لديها من الميزانية ما يكفى لحلها جذرياً. فقال: الحل سهل وقدمته لرئيس الوزراء د. أحمد نظيف وهو بيع الأراضى الصالحة للزراعة وما أكثرها فى سيوة حوالى «003» ألف فدان من أحسن الأراضى فى سيوة. لو تم بيع الفدان ب«0001» جنيه فقط هانحصل ثمن مشروع نقل الصرف الزراعى وزيادة من غير ما نكلف الحكومة، ولكن بشرط أن حصيلة البيع تذهب للمحافظة وليس لخزينة الدولة أو لبطرس غالى ويرجع ويعطينا ال«5» ملايين جنيه الميزانية المخصصة بس، قلت لهم اقفلوا على مطروح من غير ميزانية يكفيها حصيلة بيع أراضيها على البحر وفى الصحراء، لكن ردوا علىَّ أنت عايز تعمل لك جمهورية لوحدك، رغم أن التجربة سبق وعملناها أيام الفريق محمد الشحات المحافظ الأسبق وتم بيع «ثلاثة آلاف فدان للمستثمرين سعر الفدان «006» جنيه وفى خلال عامين تم استصلاحهم وزراعتهم بأفخم أنواع الزيتون «الكلاماته». ويستخدمون فى ذلك الرى بالتنقيط «رى حديث» وليس بالغمر كما تفعل سيوة كلها. وأخيراً.. يقول النائب بلال أحمد بلال.. طرقت كل الأبواب ولا حياة لمن تنادى، ولكن لن أيأس ومعى المحافظ المهموم مثلى بسيوة اللواء أحمد حسين.. حتى ننقذ جميعاً سيوة من الغرق.