انخفاض أسعار الأضاحي قبل عيد الأضحى في أسواق الماشية المصرية    زراعة الشرقية تنظم ندوة عن التغذية الصحية والسعرات الحرارية    مساعد وزيرة التخطيط: تطور مؤسسي هائل بجنوب سيناء في الخدمات المقدمة للمواطنين وسرعة إنجازها    1300 أكاديمي إسرائيلي يطالبون نتنياهو بإنهاء الحرب على غزة    مشاهد رعب لسكان جنوب إيطاليا بعد وقوع 49 هزة أرضية (فيديو)    إستراليا ونيوزيلندا ترسلان طائرات إلى كاليدونيا الجديدة في ظل الاضطرابات    غدا.. وزير العمل يشارك كلمة في مؤتمر الحوار الأفريقي- الخليجي بالدوحة    محمد صلاح مرشح للتواجد ضمن فريق الموسم بالدوري الإنجليزي    صباح الكورة.. 7 لاعبين مهددون بالرحيل عن الهلال وبنزيما يقرر الرحيل عن اتحاد جدة وميسي يفاجئ تركي آل الشيخ    تعرف على موعد ميلاد هلال ذو الحجة ويوم استطلاع الرؤية    ضبط مستريح المواد الغذائية ببني سويف لقيامه بالنصب والاحتيال على المواطنين    القومي للمسرح يفتح باب الاشتراك في مسابقة المقال النقدي والدراسة، اعرف الشروط    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    وزير الأوقاف: نستهدف اكتشاف الأصوات الشابة المميزة في قراءة القرآن    4 عادات تعرضك للخطر عند الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة.. «ابتعد عنها»    سرطان الدم.. ما هو المرض الذي أصيبت قريبة الرئيس السوري؟    «الداخلية»: شرطة المرور تضبط 20042 مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    سقوط 3 عناصر إجرامية بحوزتهم 50 كيلو حشيش بالقاهرة والقليوبية    أخبار الأهلي : قلق داخل الأهلي قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    لمواليد برج الحمل.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (تفاصيل)    أحمد الفيشاوي يحتفل بالعرض الأول لفيلمه «بنقدر ظروفك»    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة خطف طالب عقب اقتحام مدرسة بالقاهرة    بالتزامن مع فصل الصيف.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة    في يومه العالمي.. طبيب يكشف فوائد الشاي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    جامعة بنها تفوز بتمويل 13 مشروعا لتخرج الطلاب    الهجرة تعقد عددًا من الاجتماعات التنسيقية لوضع ضوابط السفر للفتيات المصريات    الثلاثاء 21 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك اليوم بسوق العبور للجملة    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 21-5-2024 في أسواق محافظة قنا    طلب تحريات حول انتحار فتاة سودانية صماء بعين شمس    محافظ أسوان: توريد 225 ألفًا و427 طنًا من القمح حتى الآن    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لمنطقة أبو غليلة    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    وزير الصحة يوجه بسرعة الانتهاء من تطبيق الميكنة بكافة المنشآت الطبية التابعة للوزارة    مبعوث أممي يدعو إلى استئناف المحادثات بين إسرائيل وحماس    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    حسم اللقب أم اللجوء للمواجهة الثالثة.. موعد قمة الأهلي والزمالك في نهائي دوري اليد    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل مخزن بمنشأة القناطر (صور)    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مارك فوتا يكشف أسباب تراجع أداء اللاعبين المصريين في الوقت الحالي    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    حدث بالفن| حادث عباس أبوالحسن وحالة جلال الزكي وأزمة نانسي عجرم    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلم والنافذة!
نشر في صباح الخير يوم 13 - 04 - 2010

بوسعى الآن أن أتشرب المدينة.. أن أساكنها تحت جلدى، أن أتملاها عن قرب وأن أضعها بين عينىّ كالتميمة.
الرباط مرة أخرى.. الرباط مرة ثانية.. زرتها فى المرة الأولى منذ خمس سنوات.. زرتها مع صوت نعمان لحلو، وصوت عبدالفتاح بنيس وهو يشدو بأغنيات من الطرب الأندلسى، زرتها مع صوت حياة إدريس وهى تغنى بصوتها الحار لكازابلانكا فتمرح الأنغام فى قلبى وفى عروقى، كانت مرتى الأولى فى أحد المهرجانات الغنائية التى أقيمت بقصر التازى فى العاصمة الرباط التى أكدت على ثراء الثقافة المغربية وروافدها ذات الخصوصية حيث تمتزج الموشحات الأندلسية بالأغنية الحديثة بأغنيات فن «العيطة»، والأغنيات الأمازيغية والحسانية، والآن أدخلها بسلام مع نغمات أغنيات شعبية بصوت حسن ديكوك، ونجاة عتابو.. معاً فى أغنيات حوارية حارة وغاضبة.. صاخبة وعاتبة أسمعها من كاسيت السيارة التى انطلقت بى من مطار الملك محمد الخامس من الدار البيضاء إلى الرباط..
ساعة ونصف وأنا أتملى فى صوت حسن ونجاة - وهما فى حوار غنائى - بخصوص الراتب الشهرى للزوجة!، والذى أخذه الزوج فى الأغنية وأنفقه فيما لا يفيد تجسد نجاة عتاب الزوجة، ويجسد حسن غضب الزوج!، ثم أغنية أخرى لنجاة تخاطب فيها الحبيبة غريمتها محاولة أن تستعيد الحبيب!: «مالى أنا ما عندى زِهَّر شوفى غيره
هاى هاى هدى كدبة بينة نجول الحق نموت كاينة» وهى فى الأغنية تشتكى زِهَّرها أو حظها وتدفع غريمتها بعيداً عن حبيبها.
حارة أغانى نجاة عتابو مع حسن ديكوك، حارة تجعل الطريق أقصر والوقت يمضى أسرع.. ابتسمت، آخر ما كنت أتخيله أن توجد أغنيات عن الخناقات الزوجية وراتب الزوجة!.
نتوقف فى الإشارة رغم أن الطريق خالية، الحرص على احترام واتباع الإشارات المرورية علامة حضارية تميز شوارع المدن المغربية، ومن يخالفها تجب عليه الغرامة.
وصلنا إلى أعتاب الرباط عاصمة المغرب المعاصر كما كانت من قبل عاصمة الدولة الموحدية فى القرن الثانى عشر الميلادى «12م»..، عانقتها فى الواحدة والنصف صباحا.. كانت الرباط نائمة وسنانة تنام باكرا كعادتها وأوقظها بأن أفتح شباكى لنسائمها فى فندق «بلير»، فندق فى وسط المدينة يسمح بأن أسير فى شوارعها وأعانق متاجرها ودكاكينها الناعسة من شباكى!.. على ضوء نجمة أو على ضوء مصباحى!.
استيقظى يامدينة الحمام والسلام.. أين حمامك المطوق فى هذا الليل.. أنائم هو فى ميدان المحطة على أغصان الأشجار فإن فتحت شباكى الآن فهل يستيقظ ونرقص معا؟
هل يعزف لحن محبتى وعودتى بعد خمس سنوات لأسير فى نفس الدروب والزنقات وأنزل النهر مرتين، وأشرب من مياه سيدى على من حوض أولماس؟
استيقظى ياحبيبتى فقد جئتك من القاهرة استيقظى ياحبيبتى لأن فى «يدى سلام وفى قلبى سلام وفى عينى سلام».
أحتضن بعينى الشارع الساكن وأعمدة الإنارة والبواكى الحاضنة للدكاكين أسهر عليها من شباكى.. غداً يبدأ موعدى مع المكتبة الوطنية المغربية فى أرقى أحياء الرباط، فى حى أكدال هناك حيث تحتفل المدينة بأعياد النساء تحتفل بمارس المرأة، صحف المدينة فى الصباح أعلنت احتفالياتها مجلة «النجمة» النسائية جعلت عناوينها باسم أعياد النساء، جريدة الحداثة المغربية المستقلة أفردت عنوانا بارزا بصفحتها الأولى باسم «عيد النساء» وتم استقبال السائحات بالورود بمطار أكادير احتفالا باليوم العالمى للمرأة..، بالمكتبة الوطنية سأحضر احتفالات الرباط بالنساء فى مؤتمر بعنوان «المرأة والعولمة»، سافرت بترشيح من المجلس الأعلى للثقافة فى مصر لحضور المهرجان المتوسطى لكتابات المرأة تلبية لدعوة من جمعية «جمع المؤنث» المغربية بالرباط للمشاركة بالبحث والتدارس لإبداع المرأة فى مواجهة العولمة، هذه هى الدورة الثالثة للمهرجان المتوسطى والذى بدأ أولى دوراته عام 2006، أما دورته هذه فقد أسهمت بها عشر دول هى: المغرب، ومصر، وتونس، والسعودية، والأردن، والعراق، وتركيا، واليونان، وإيطاليا، وفرنسا».
الحرف عماد الإنسانية
وشعار جمعية جمع المؤنت شعار جميل هادف وهو: «الحرف عماد الإنسانية والكلمة شاهد إثبات على تطورها».
ترأس الجمعية السيدة حياة دينية وهى واحدة من أهم المثقفات المغربيات التى ألقت كلمة عن أهداف المهرجان قائلة: لقد اخترنا أن يكون قلم المرأة جسراً نمده بين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه تمشيا مع التوجهات الجديدة الواعدة للمغرب التى تؤكد على انتمائه للمحيط الأطلسى والبحر الأبيض المتوسط، وقد بدت معالمها تتجلى بوضوح فى العقد الأخير عن طريق مشاريع ضخمة ترمى إلى فك العزلة عن شمال البلاد وربطه بمحيطه شمالا وجنوبا وجعله بوابة المغرب على البحر الأبيض المتوسط فالتحدى إذن ضخم: قلم المرأة وإنتاجاته، والبحر الأبيض المتوسط وإشكالياته والثقافة والأمل المعقود عليها فى الربط بين الشعوب ونصرة القيم الإنسانية.
وأكدت حياة دينية على أهمية تسليط الضوء على إبداعات النساء وتحقيق الانتشار الضرورى لها كما رحبت بدعم وحضور وإسهام (سالم بن حميش) وزير الثقافة المغربى لهذا المهرجان المتوسطى لكتابات المرأة، وقد ألقى سالم بن حميش وزير الثقافة المغربى كلمة أشار فيها إلى أهمية موضوع المهرجان وهو «المرأة والعولمة» قائلاً: أتذكر كتابا رائعاً قرأته منذ عشر سنوات بعنوان: «الرعب الاقتصادى» الذى يرافق العولمة ويطرح سؤالا جوهريا هل الرجل والمرأة لا يجدان معنى لحياتهما إلا إذا كانا صالحين للربح الذى يسعى إليه الاقتصاد المعولم؟».
إن هذا الرعب الاقتصادى لا تهمه الأخوة والحرية والمساواة ولذا نحن هنا اليوم.. لقد أفرزت العولمة أو تسببت فى ظهور طبقة الفقراء والفقيرات الجدد، لهن أجور شهرية ولكنهم لا يستطيعون العيش بها، ولذا فهم يفكرون بنهاية الشهر بينما يوجد من يفكرون بنهاية العالم.
المرأة بالذات لها قدرة على التنبؤ والتوقع وهى تظهر عند المرأة الباحثة والشاعرة والروائية، وإن كتاب «الإمبراطورية المتفجرة» كان لكاتبة روسية توقعت فيه أن النظام الذى كان يحكم الاتحاد السوفيتى لا يمكن أن يضمن له الدوام، وكانت التنبؤات صحيحة وعميقة، فللمرأة الباحثة والكاتبة حس صادق ومرهف، ومن هنا نؤكد على أهمية كتابات المرأة فى جميع المجالات، وضرورة تقديم الدعم لها وإبراز كتاباتها.
وتحدثت فاطمة بلامين نائبة عمدة الرباط فقالت: «إن مجلس مدينة الرباط يخطط لأن تكون عاصمة الانتعاش الثقافى تخاطب التصور والانفتاح استجابة لمستلزمات القرن الواحد والعشرين، وتحديات العولمة فالثقافة جزء مهم من نشاط المجلس بالتعاون مع الجامعة ومنظمات المجتمع المدنى، وخلق فضاءات للإبداع الفنى والتحفيز عليه ضرورة، وخاصة بالنسبة لإبداع المرأة لما لها من تعبير حر عن حواس وخواطر أفكار مستلهمة من الحياة الاجتماعية، وعلينا أن نمضى للأمام فى دعم القضية النسائية فهى أساسية فى مسألة الديمقراطية، وقد حققت المرأة المغربية تمثيلا يصل إلى نسبة 12% فى المجالس المحلية، وتمثيلاً يصل إلى 10% بالنسبة للبرلمان، وهذه النسب رغم ضآلتها فهى قفزة نوعية على طريق الديمقراطية.
مسيرة المرأة المغربية
وقد ألقت الباحثة ر فيقة الخطيب كلمة مهمة حول مسيرة المرأة المغربية نحو نيل حقوقها فتقول: «التمييز الإيجابى لضمان حضور النساء أمر ضرورى فى هذه اللحظة، نعم لدينا 3400 مستشارة جامعية، وعمدة واحدة، وهناك فى قانون الأحزاب آليات لرفع تمثيل النساء، وتوليهن لمناصب اتخاذ القرار، كما حدثت تطورات مثل مدونة الأسرة وتعديل مهم فى قانون الجنسية «نقل جنسياتهن إلى أبنائهن إلا أن هناك معوقات ثقافية واجتماعية لابد من مواجهتها لتحقيق المساواة الكاملة.
كما تحدثت منى الناصرى عن مؤسسة الإيداع والتدبير عن دعم المؤسسة للأنشطة مثل مهرجان النساء بتطوان، ومهرجان الفيلم النسائى بسلا، ودعم الجمعية المغربية لحماية الطفولة، وجمعيات مناهضة الأمية، ودعم انخراط النساء فى مؤسسات المجتمع المدنى، والمؤسسة تدعم أيضا المساعدات الإنسانية وتقديم الدعم المادى للمطلقات، وأضافت أن المؤسسة تعمل بها أكثر من 60% من النساء.
مجتمع المعرفة
كما تحدث هاشمى إدريس رئيس جمعية ناشرى الصحف عما أنجزته المرأة المغربية فى مجال الصحافة فقال: لقد حققنا المساواة داخل هيئة التحرير فى الجرائد المغربية وفى عدد كبير من الصحف ومؤسسات الإعلام ولكننا لم نحقق ذلك فى بعض الهيئات، وعلينا أن نمضى قدما من أجل تحسين وضع النساء.
وقد صرح عبدالعاطى لحلو نائب مدير المكتبة الوطنية التى ضمت الجلسات العلمية للمهرجان بأن المكتبة الوطنية المغربية تحتفى بهذا الاحتفال المهم إيماناً بقضية المرأة ليكون مجتمع المعرفة الذى لا يمكن أن ينبنى إلا إذا قام على قضاياه الرجال والنساء معا، ورد الاعتبار للمرأة فى كل ما تنتجه كفاعلة فى القضية الثقافية فالمرأة ليست مجرد مستهلكة بل منتجة ولها مكانتها فى الإرث الحضارى ونقل المعرفة التراثية والإنسانية.
وقد لمست اهتمام المؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية فى المغرب بدعم النساء فقد أسهم الجميع فى المهرجان المتوسطى إيمانا بأهمية الحوار والنقاش بين ضفتى المتوسط.
الكتابة الورقية والكتابة الرقمية
وقد تدفقت كتابات وإبداعات النساء من ضفتى المتوسط لتثرى الجلسات العلمية التى استمرت لمدة ثلاثة أيام، ومن أهم ما طرح فى هذه الجلسات العلمية التأكيد على التواصل بالشكل الصحيح مع القراء الذين يستخدمون التكنولوجيا الحديثة وعدم التواصل يعنى أن نعطى ظهرنا للمستقبل، وأن الانتقال من الكتابة العادية للشكل الرقمى سيكون بحق فرصة تضمن حرية الكتابة بصفة عامة، وكتابات النساء بصفة خاصة فوضع كتاباتهن على الشبكة العنكبوتية يكسر ذلك الجدار الذى تضعه دور النشر والناشرين، ويمكنهن من التمرد على القالب النمطى، وأن تصل كتاباتهن إلى عالم آخر ومجتمعات أخرى هناك انقلاب ثورى سيغير عادات القراءة حيث تتطلب القراءة الإلكترونية مستوى معين من التكوين والتعليم، وكذلك كيف نقرأ مضامين ومحتويات الشبكات على الإنترنت.
وقد توالت أوراق المبدعات حول تأثير العولمة على كتابات النساء، وأوراق أخرى حول أهمية الخصوصية الثقافية فى مواجهة العولمة.
قصائد وروايات الموبايل
فقد تحدثت الأديبة العراقية صبيحة شبر (وهى قاصة لها عدة مجموعات قصصية): عن الثورة التكنولوجية التى صاحبت العولمة، وقالت: إن الأدب العربى عاش فترة كبيرة منغلقا على نفسه بسبب تقصير العرب فى ترجمة آدابهم، ودونية النظرة الغربية للأدب العربى، ولكن الآن بإمكان الأديب المبدع أن يكون حرا فى التعبير عن نفسه، وعن المسكوت عنه بل ويمكنه الاتصال بالآخرين دون موانع أو قيود وهذا إنجاز كبير، كما أن التكنولوجيا الحديثة قد أدخلت أنواعا أدبية جديدة مثل القصة القصيرة جداً، وقصائد الموبايل التى راجت بين الشباب بل وانتعاش رواية الموبايل فى اليابان، صحيح إنه تثور بين الحين والآخر أسئلة حول القيمة الفنية لهذه الأشكال الأدبية، ولكن الثابت أن الثورة التكنولوجية أثرت فى القصيدة النثرية والتفعيلية وأفرزت نصاً أدبيا لا مكان للزوائد فيه، كما تحدثت عن تجربتها الأدبية عندما نشر لها ملتقى الصداقة الفلسطينى على الإنترنت روايتها «العُرس».
السلم والنافذة
أما القاصة المغربية فاطمة الزهراء الرغيوى فقد وجدت فى الإنترنت نافذة لتجاوز الحدود فكما استطاعت الجدات أن يكن قاصات بامتياز وأن يوفرن لبناتهن سلما للحكى ونافذة للتواصل فإن الإنترنت الآن هو السلم والنافذة للمرأة المعاصرة فإذا توفرت المرأة على الإنترنت فإنها تمتلك وسائل معرفة ووسائل تواصل هائلة وطرحت تجربتها فى التعامل مع الإنترنت كيف تبلور الحوار وتبلورت الرسائل الإلكترونية بينها وبين الكاتبة الفلسطينية أحلام بشارات التى تعيش الكتابة تحت سقف الاحتلال، واستطاعتا إصدار كتاب مشترك بعنوان: «إذا كنت تراودنى.. فهى مجرد أفكار» وقد صدر الكتاب بالقاهرة عام 2009، وتؤكد فاطمة الزهراء على أن هذه الصداقة التى تناولت كل القضايا المهمة عن الوطن والحب قد هيأت لهما التواصل وتجاوز العالم الافتراضى إلى العالم الحقيقى أو الواقعى، وأوضحت أن السلبيات التى قد تحدث فى التعامل مع الثورة التكنولوجية ليست بسبب الوسيلة نفسها ولكن نتيجة استعمال خاطئ لها.
النشر على الفضاء الإنترنتى
أما الكاتبة السعودية سمر المقرن «وهى أول امرأة ترأس قسم يومى فى جريدة سعودية» فتحدثت عن المعرفة كحجر زاوية فى التطور، وعن الإنترنت كوسيلة، اتصال بالعالم الخارجى قائلة: «إن الوسائل الحديثة كالإنترنت أتاح للمرأة السعودية تبادل الإنتاج والخبرات والتواصل ثقافيا وكسرت حاجز العزلة محليا وعالميا بل وحصلت المرأة المبدعة من خلال الإنترنت على تغذية مرجعية ساعدتها على تطوير إبداعاتها بحيث يمكن القول أن مرحلة تغييب المرأة قد انتهت، وأن المرأة السعودية قد حققت خلال العشرين سنة الأخيرة تقدماً كبيراً، حققت حضورا ثقافياً رغم ما تعانيه ن حصار اجتماعى وثقافى، المرأة عموما والسعودية خصوصا، كما تحدثت عن تأسيس لجان نسائية فى أكثر من 12 نادى أدبى موزعة على المدن السعودية كما أفادت بأن نصف الإنتاج الروائى عام 2006 قامت به سيدات سعوديات، وضربت مثالا للتواصل الثقافى الذى أحرزته المبدعة السعودية من خلال الإنترنت بنشر رواية للكاتبة السعودية وردة عبدالملك فى منتديات دار الندوة ثم نشرها فى دار الساقى بلندن بعد ذلك، كما ألمحت إلى تفوق شاعرات من خلال الفضاء الإنترنتى.
برسا اليونانية وربع قرن مع الأدب العربى
أما الكاتبة الروائية برسا كوموتسى من اليونان والتى تلقت تعليمها العالى فى مصر وترجمت 15 رواية لنجيب محفوظ، كما ترجمت عدة أعمال ليوسف إدريس وللكاتبة اللبنانية هدى بركات، وأنفقت خمسة وعشرين عاما فى قراءة وترجمة الأدب العربى فقد كتبت رواية باليونانية بعنوان: «على ضفاف النيل»، وأخرى باليونانية أيضاً بعنوان: «إسكندرية شارع الأفرنج»، وقد تحدثت برسا كوموتسى فى ورقتها البحثية عن التغيرات والتطورات التى فرضت نفسها على الأدب اليونانى الحديث منذ الثمانينيات مثل التعددية والانفتاح على الآخر، والحاجة للحوار والتواصل والتفاهم بين المجتمعات المختلفة وهى مسألة مهمة فى التاريخ الإنسانى بسبب هجرة أعداد كبيرة من الناس من البلاد الأقل حظاً إلى مجتمعات الوفرة فتحولت المجتمعات الأوروبية إلى مجتمعات، متعددة الأعراق، والألوان والأديان متعددة الثقافات إلا أن المشكلة الحقيقية أننا نزداد تباعداً وتزداد الحركات الانفصالية على المستوى الإثنى والعرقى والدينى وكان لابد أن ينعكس ذلك على الأدب الحديث، وأكدت برسا أنها تلمس وجود مفهوم التعددية الثقافية وتشجيع التنوع فى الأدب اليونانى الحديث وفى الأدب العربى المعاصر أيضاً، وهى ترى الأدب رحلة فى المعرفة ووسيلة قادرة على إذابة الاختلافات فى العقل الإنسانى العالمى.
«اليوم لم أقتل أحداً»!
أما راندة غازى التى قدمت مشاركة إيطاليا فهى قد ولدت فى إيطاليا وتكتب بالإيطالية - وهى من أبوين مصريين - وقد أصدرت راندة غازى كتابها الأول وعمرها 15 سنة وكان بعنوان «حالم بفلسطين» وقد ترجم الكتاب إلى عدة لغات ومنها العربية، أما أحدث رواياتها فهى رواية «اليوم لم أقتل أحداً» والذى تعالج فيه الأفكار المسبقة عن صورة الإسلام والمسلمين بطلتها «ياسمين» المسلمة تعيش فى مجتمع المهاجرين تعانى فيه بين ثقافتين، أما روايتها الثانية فهى تدور عن لقاء فى قطار بين مجموعة من الشباب المهاجرين من الجيل الثانى بعد أحداث 11 سبتمبر وتعالج فيها أيضاً الكثير من الأفكار المسبقة وتقول راندة غازى: «فى الغرب الآن يهتمون اهتماما كبيرا بالجيل الثانى من المهاجرين، ويهتمون بقضاياهم حتى لا يتم رفض أى هوية بل يتم الحوار والرغبة فى التفاعل.
هل تنامين بالحجاب؟!
أما الكاتبة الصحفية عائشة بوهيغلر «من تركيا» فقد أثارت ورقتها البحثية سؤالاً مهما وهو كيف يمكن تغيير الصورة النمطية للمرأة المسلمة وخاصة فى الغرب؟، قالت عائشة: هناك صورة نمطية للمرأة المسلمة فى الغرب بل إن هناك فى الغرب من يعتقدون أن الإسلام مجموعة من القيود المتحركة وهذا بالطبع غير صحيح، ولكن هذه الصورة المسبقة والنمطية هى أكبر عائق يواجه المرأة المسلمة فى الغرب، ولازال الصحفيون فى بعض البلاد يسألون أسئلة غريبة مثل «هل تنامين بالحجاب! » إننا لا يمكن أن نغير هذه الصورة النمطية دون التعرض للعلاقة الاقتصادية والسياسية للعالم الغربى والعالم الإسلامى، لابد من العمل على تجاوز الأفكار المسبقة والتفكير والعمل من أجل ذلك.
الخصوصية والهوية
ومن الأوراق التى تناولت الهوية وضرورة الاهتمام بالإرث الثقافى والخصوصية ما قدمته الكاتبتان خديجة زيزى وزكية العراقى «من المغرب» وقد تحدثتا عن أنطولوجيا تم إعدادها من أربعة أجزاء شملت نصوصا لكاتبات من أفريقيا، وأسهمت بها المغرب ومصر والجزائر وتونس والسودان وموريتانيا وترجمت إلى تسع لغات، وتؤرخ للكتابات النسائية منذ القرن السابع عشر الميلادى، وهو اتجاه يعنى بإبراز الإرث الثقافى والتأكيد على الخصوصية.
أما البحث الذى قدمته ويمثل المشاركة المصرية فى المهرجان فهو بعنوان: «الخصوصية الثقافية للروايات الشفاهية النسائية - دراسة صورة الرجل فى الأدب الحكائى الشعبى للمرأة المصرية» وانطلقت فى البحث من خلال رؤية مؤداها: أن الدخول فى العولمة وتقنياتها وحقولها أمر حتمى ولكن هذا الدخول ينبغى أن يترافق مع إرادة وذاتية مستقلة وخصوصية ووعى بها والإمكانات التى يمكن أن نطورها فيها وتلك التى يمكن أن تحد من تأثيرها فإذا فقدت الجماعة تميزها الثقافى أو مواردها الثقافية فقدت هويتها سواء من خلال تمثل ثقافة أخرى أو بالخضوع العملى لها، ويأتى البحث عن الحفاظ على الخصوصية فى دراسة الأنواع الأدبية الشعبية ركنا من أركان صناعة الثقافة وشكلا من أشكال التمسك بالهوية ولذا اخترت دراسة صورة الرجل فى الحكايات الشعبية للمرأة المصرية وقد حصلت على هذه النماذج التى جمعها الباحث د. خالد أبوالليل فى كتابه «المرأة والحدوتة - دراسة فى الإبداع الحكائى للمرأة المصرية والنماذج التى جمعها تتمثل فى الحواديت والمثلات والسهرايات الشعبية التى ترويها النساء وهى أنواع من السرد الأدبى الشفاهى من قرى محافظة الفيوم: من مراكز وقرى: سنورس، وإطسا، وطامية، وأبشواى، والفيوم، وقد ظهرت صورة الرجل فى هذه الأنواع الأدبية الشفاهية بصورة موضوعية فقد حملت على الرجل بشدة إذا أضيرت المرأة من عنفه زوجا أو أخا أو أباكما أكدت هذه الحكايات والحواديت على إرادة المرأة الحرة خاصة فيما يتعلق بشريك الحياة، وحظيت صورة الأب وسلطته بنسبة كبيرة من المعالجة الفنية فى هذه المأثورات الشعبية حيث ترددت الروايات الشفاهية ما بين إجلال الأب والتعاطف معه وبين الثورة والتمرد عليه.
وقد احتفى المهرجان المتوسطى فى ختامه بإبداعات وكتابات المرأة فكانت هناك أمسية للقراءات القصصية أدارها عبدالعاطى لحلو، وقرأت فيها مورييل أوكرى «من فرنسا»، وأمينة الشرايبى، وملكية شقرون، وفتحية أعرور «من المغرب».
وفى أمسية شعرية خصصها المهرجان المتوسطى صدحت أصوات شعرية عذبة بالشدو والقصائد وأدارها الشاعر المغربى مراد القادرى فقرأت الشاعرة حفصة بكرى العمرانى قصائدها التى كتبتها بالفصحى والإنجليزية والفرنسية، كما ألقت الشاعرات المغربيات قصائدهن وهن: تورية ماجدولين، ورجاء الطالبى، وأمنية بكورى، وعليا إدريسى البوزيدى كما شاركتهن بإلقاء بعض قصائدى.
أما الليلة الختامية للمهرجان المتوسطى فقد شهدت عرضا سينمائياً بعنوان: «استر ما ستر الله» للمخرجة المغربية فريدة باليزيد. وإلى الحلقة القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.