صرخة تأتيني من هولندا من أستاذ الأورام بجامعة أوترخت في هولندا وهو مصري د. شريف يوسف يتحدث بمرارة عن والده، لأن كبرياء الأب تحجب شكواه فيكتم الألم بين ضلوعه.. ببساطة د. شريف يوسف هو ابن أديبنا الكبير الناقد د. يوسف الشاروني. يكتب لي د. شريف يوسف "المشكلة تخص والدي ووالدتي، وهما يسكنان شارع السد العالي بالمعادي منذ 94 سنة، ومنذ عامين قرر أصحاب العمارة الصغيرة المكونة من 3 طوابق أي 6 شقق بيعها. والدي يسكن بالإيجار، وخلال العامين، جاء أكثر من مشترٍ وتحدث مع والدي لترك الشقة، وقال والدي إنه قارب التسعين من العمر ووالدتي قاربت الخامسة والثمانين وإنه من الصعب جداً ترك المنزل في هذه السن والذهاب إلي مكان آخر، بالإضافة إلي المكتبة الضخمة التي تضم مئات ومئات الكتب، وأعترف لك أن أكثر من مشترٍ قدر موقف والدي ووالدتي، ورحموا شيخوختهما، إلا أن المشتري الحالي وله الاحترام عضو مجلس الشعب عن دائرة المعادي "المفترض أنه أكثر الناس تقديراً لظروف أسرة صغيرة في دائرته، ورب هذه الأسرة أديب كبير من رموز مصر وليس عنده شقة في التجمع الخامس أو في منتجع مدينتي" المهم يقول د. شريف يوسف الشاروني: زار والدي سمسار من طرف سيادة النائب، عرض علي والدي ووالدتي وطلب منهما أن يتركا الشقة وعرض عليهما شقة تمليك في كارفور واعترض أبي لبعد المكان عن المعادي، ثم عرض شقة أخري علي طريق مصر حلوان الزراعي والمكان مزدحم جداً وسيكون من المستحيل علي أهلي السير فيه، وجاء العرض الثالث من السمسار شقة عند ميدان الحرية في المعادي، وذهبا لمعاينة الشقة فالأسانسير لا يعمل والشقة في الدور الرابع وصعد والدي ووالدتي 19 سلمة وكانت الشقة في حالة يرثي لها وعندما سألنا السمسار من سوف يتحمل الإصلاحات، فكانت الإجابة "اللي بيشتري قميص هوه اللي بيكويه". أريد أن أقول لك إن والدي ووالدتي لا يريدان العزال والانتقال لمكان جديد، إنها ليست مسألة عناد، إنما هي مسألة عدم قدرة وعدم تحمل، والدي قال لي: لماذا لا يصبر أصحاب العمارات حتي نموت.. لقد قاربنا التسعين وما بقي لنا إلا القليل جداً؟ والدي حصل علي جوائز عدة في مجال عمله ككاتب وكصحفي وكناقد وكرم من قبل الرئيس مبارك بحصوله علي جائزة الدولة في الأدب. خطاب شريف يوسف الشاروني وصرخته القادمة من هولندا، أوجههما للسيد فاروق حسني وزير الثقافة والسيد محافظ القاهرة عبدالعظيم وزير والأستاذ محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر. هل مصر بلد يرحم شيخوخة أدبائه وكتابه ونقاده وصحفييه؟!