هكذا الرجال دائماً لايعجبهم العجب ودائماً يردون كل مشاكلهم إلي المرأة.. ففي داخل كل رجل يختبئ طفل يرغب في اللعب.. والمرأة هي لعبته القديمة الجديدة، يلفظها ثم يبحث عنها.. يطاردها وبعد أن يمسكها بين يديه يركلها بقدمه، ثم يعود ليؤكد أنها هي المسئولة فلم تكن اللعبة التي أرادها.. المرأة أيضاً مسئولة عن تلك اللعبة ؛فقد أوقفت حياتها عليه :هي لاتشعر بأي قيمة في ذاتها بل قيمتها أن تكون زوجة ناجحة وأما أيضاً.. هكذا ربوها وهكذا أعدوها لذلك اليوم الذي سترتدي فيه فستانا أبيض وطرحة بيضاء من غير سوء، يوم يكون فاصلاً في حياتها.. ما قبله كله إعداد له، فيه تحرر شهادة ميلاد جديدة لدورها الحقيقي في الحياة، تسلم فيه أوراق اعتمادها لأداء هذا الدور في حضرة رجل يشعر أنه اشتراها بعقد تم تحريره بمعرفة مأذون.. وبعد أن تنضم لممتلكاته، ويحدث فيها مايعن له من تغييرات وتحويلات لتوافق هواه والغرض الذي من أجله حرر عقد الزواج، يصرخ :لم تعد هي من اعتمدت أوراقها في وظيفة زوجة.. لقد غشتني وأصبحت أما أيضاً!! لم تعد الفتاة الرقيقة التي حلمت بها زوجة.. ويظل يصرخ :أين ذهبت خصلات شعرها التي كانت حديث الناس، أين راح وميض عينيها الذي كنت أتغني به.. ويرفض أن يفهم أن لكل مرحلة جمالها وأنه هو نفسه قد تغير أيضاً.. وأنه ماكان ليقبل أن تظل زوجته مجرد فتاة جميلة غريرة كتلك التي قابلها أول مرة، وأنها كان لابد وأن تدخل مرحلة النضج، نضج الأنثي بما فيه من تغيرات تحمل جمالاً من نوع خاص أعمق وأشهي !! والواقع أن الرجل الشرقي في الغالب من ذلك النوع الذي كلما كبر اقترب أكثر من صفات المراهقة، وهو لايخجل من الاعتراف بذلك ويري أن من حقه أن تعامله زوجته كهذا المراهق.. ولكنه للعجب لايقبل منها هذا الدور في كل الأوقات.. بل عندما يريد هو، أما في غير هذا فيجب أن تكون السيدة الوقور التي تفرض علي الجميع احترامها، والتي يستطيع أن يقول عنها بفخر :مراتي راجل !!.. وعندما تذهب عنه هذه الحالة، وهي تذهب سريعاً نجده يفضفض شاكياً :كان الله في عوني.. متجوز شاويش ؟؟!! أرأيتم ازدواجية أكثر من ذلك ؟؟.. أما ذلك الهمام الذي رأي أنه أوتي الحكمة ليقول :أريدها أنثي معي، ورجلا صعب المراس مع الأغراب!! فهو يريدها بمليون قناع تخلع الواحد وترتدي الآخر بإشارة من يده، بل وحتي بدون إشارة، إن عليها أن تعرف القناع الذي يريدها أن ترتديه من نظرة عينيه وربما حتي بدون هذه النظرة والويل لها إن أخطأت التقدير أو لم يسعفها الوقت لتغيير القناع.. في حين أن الرجل أي رجل لايتصور أن يتخلي عن رجولته حتي ولو لحظة واحدة.. والمرأة أيضا لاتطلب منه هذا ولاتريده ولو علي سبيل إشعاره أن التجربة مهينة وصعبة.. ولكن الرجل لايقدر ولايريد أن يفعل، فهو لايري سوي مطالبه هو ؛أليس هو المالك بحكم العقد المبرم.. وهو أيضاً من بيده إلغاء الصفقة أو الإبقاء عليها.. !؟ لست ضد الرجال، ولكني ضد المواريث العتيقة التي عاش الرجل في ظلها ولم يحاول مناقشتها وتفنيدها ليريح ويستريح، فالرجل هو أول من يشقي بهذه المواريث لأن الزمن يمر ويثبت فشلها في إرساء مفردات حياة سعيدة يتشارك فيها مع رفيق لاحلبة صراع يلقي فيها كل طرف التهم علي الآخر ويطالبه بما فوق الطاقة. وتعتقد المرأة أن جسدها وجمال وجهها ورشاقة قوامها هو سفيرها المعتمد لدي الرجل دائماً.. فهو سلاحها الذي تكسب به معركتها معه.. وللأسف هو نفس الوتر الذي تلعب عليه شركات الإعلان حين تخاطبها لتبيع لها كريمات ومساحيق تجعل بشرتها أكثر نعومة وتحدثها عن ماسكارا تجعل عيونها كعيون المها وتدرك أن هذا هو الهم الأكبر للنساء، والرجل يسعد بهذا ولكن سعادته هذه.. لاتدوم !! فالمرأة الجميلة، تشعر بجمالها، تفقد عقلها وصوابها أمام كل هذا ولاتهتم بشيء سوي فتنتها الطاغية باعتبار أنها القوة الضاغطة في معركتها الخالدة مع الرجل.. والرجل السوي لابد وأن يمل هذه اللعبة يوماً ما ويدرك أن في الحياة قضايا أهم بكثير، ومثل هذه المرأة تعتقد أن الرجل مجرد قناص عاشق صبابة للشعر الأكثر بريقاً والبشرة الأكثر نعومة.. ولكن هذا غير صحيح علي إطلاقه.. والدليل سخط الرجل الذي يفوز بمثل هذا الجمال بعد فترة وشكواه المرة من انشغال زوجته بالمساحيق وماسكات البشرة وبنس الشعر وبكر الرولو والتي لايطيق صبراً علي تعامل زوجته معها.. إذ أن الجمال يحتاج دائماً إلي العناية به وتنميته بأساليب تفتقر كثيراً إلي الجمال ويكون الزوج هو أول من يضيق بها فهو لايتحمل أن يري وجه زوجته الجميل مختبئاً وراء أنواع العسل اللزج والزبادي المرطب وعصير الخيار وغيرها، وهو أيضاً لايتحمل إنفاقها المستمر لشراء كل جديد من الثياب والإكسسوارات ومستحضرات التجميل، وأيضاً لايطيق أن يراها مشغولة عنه بتجديد جمالها ويري أنه الأحق بهذا الوقت الذي تقضيه أمام مرآتها أو داخل حمامها، وشكوي الرجال من ذلك معروفة بالطبع، فأين هو الرجل الذي لم يشك من طول الفترة التي تقضيها زوجته أمام المرآه ؟؟.. إن الجمال له ثمنه، مفروض أن يدفعه من يستمتع به، وله أيضاً تبعاته، ولكن الأزواج لايريدون حتي المشاركة في تحملها. الرجل الموضوعي المثقف بحق هو ذلك الذي لايطلب من المرأة أكثر مما تستطيع أن تقدمه، فالله لايكلف نفساً إلا وسعها.. وهو الذي يفهم نفسه جيداً ليعرف أي نوع من الرجال هو، فإن كان ممن يحتاج الجمال فليختر الجميلة ويكون مستعداً لدفع تكاليف الجمال وتحمل تبعاته، ولايطالبها أن تكون كل النساء معاً لأنه هو نفسه لايمكنه أن يكون كل الرجال معاً، ومن يحتاج التفاهم العقلي فعليه بمن تماثله فقد خلقنا الله أنواعاً شتي ليجد كلُ بغيته، أما أن تريد كل شيء دون أن تكون علي استعداد لتحمل تبعاته فهذا هو الظلم والشقاء بعينه.