سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 15-6-2025 مع بداية التعاملات    8 قتلى و207 مصابا في هجومين صاروخيين شنتهما إيران على إسرائيل    مسؤول إسرائيلي: استمرار العملية العسكرية ضد إيران أسابيع.. وتُنفذ بموافقة أمريكية    "يخضع لجراحة عاجلة".. مصدر ل"يلا كورة": إمام عاشور تعرض لكسر في الترقوة    تصدى ل8 تسديدات.. قفازات أوستاري تحرم الأهلي من الفوز الأول بكأس العالم للأندية    أول تعليق من ريفيرو على تعادل الأهلي مع إنتر ميامي    بداية الانفراجة، انخفاض بدرجات الحرارة اليوم الأحد في مصر    نقابة الموسيقيين تحذر مطربي المهرجانات والشعبي بسبب الراقصات    «ظلم الأحمر».. خبير يقيم حكم مباراة الأهلي وإنتر ميامي    عودة القطاع الخاص تفتح خزائن الائتمان وتقود نمو محافظ الإقراض    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في بورصة وأسواق الشرقية اليوم الأحد 15 يونيو 2025    إصابات واستهداف منشآت استراتيجية.. الصواريخ الإيرانية تصل حيفا    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    إعلام إسرائيلي: مصرع 5 وأكثر من 100 مصاب جراء القصف الإيراني على تل أبيب    اليوم.. طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة اللغة الإنجليزية    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    ذكريات مؤثرة لهاني عادل: كنت بابكي وإحنا بنسيب البيت    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    احتفالًا برأس السنة الهجرية 1447.. أجمل صور لتصاميم إسلامية تنشر البهجة والروحانية    سبب دمارًا كبيرًا.. شاهد لحظة سقوط صاروخ إيراني في تل أبيب (فيديو)    إمام عاشور يسقط باكيا إمام إنتر ميامي.. وتدخل عاجل يفشل في إعادته للمواجهة    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    "رفقة سواريز".. أول ظهور لميسي قبل مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    أعراض السكتة القلبية، علامات صامتة لا يجب تجاهلها    سوريا تغلق مجالها الجوي أمام حركة الطيران    السفارة الأمريكية في البحرين تدعو موظفيها إلى توخي الحذر عقب الهجوم على إيران    المهرجان القومي للمسرح يعلن عن برنامج ندوات الدورة 18 بالإسكندرية    "العسل المصري".. يارا السكري تبهر متابعيها في أحدث ظهور    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    القانون يحظر رفع أو عرض العلم المصرى تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان    3481 طالب يؤدون امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية    بداية العام الهجري الجديد 1447.. عبارات مميزة لرسائل تهنئة وأجمل الأدعية    ضبط كوكتيل مخدرات وأسلحة آلية.. سقوط عصابة «الكيف» في قبضة مباحث دراو بأسوان    رسميًا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 15 يونيو 2025    كهرباء قنا تفتتح مركزًا جديدًا لخدمة العملاء وشحن العدادات بمنطقة الثانوية بنات    بمشاركة 20 ألف.. مستقبل وطن يُطلق مؤتمر شباب الدلتا بالإسكندرية    شهادة أم وضابطين وتقارير طبية.. قائمة أدلة تُدين المتهم في واقعة مدرسة الوراق (خاص)    بالخطوات.. نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في الجيزة عبر الرابط الرسمي المعتمد    خبير تربوي عن الثانوية العامة 2025: السنة دي فرصة ذهبية لتحقيق نتائج متميزة    إصابة سيدتين وطفل في انقلاب ملاكي على طريق "أسيوط – الخارجة" بالوادي الجديد    «الإصلاح والنهضة» ينظم صالونًا حول المستهدفات الحزبية في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان    نتناولها يوميًا وترفع من نسبة الإصابة بأمراض الكلى.. أخطر طعام على الكلى    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    ضمن مبادرة "100 مليون صحة".. صحة الفيوم تقدم خدمات المبادرات الرئاسية لأكثر من 18 ألف مواطن خلال عيد الأضحى    رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السابق: لا تأثيرات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية على مصر    سر دموع عبد الفتاح الجرينى على الهواء فى "صندوق الذكريات" ب"آخر الأسبوع"    بدأت في القاهرة عام 2020| «سيرة» وانكتبت.. عن شوارع مدن مصر القديمة    كأس العالم للأندية| «ريبيرو» يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي    إصابة 10 أشخاص إثر حادث تصادم 3 سيارات في دمنهور (صور)    أسرار صراع المحتوى «العربي - العبري» في الفضاء الاصطناعي    وزيرة التخطيط تلتقي بمجموعة من طلاب كبرى الجامعات بالمملكة المتحدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    جامعة بدر تفتح باب التقديم المبكر بكافة الكليات لطلاب الثانوية العامة والأزهري والشهادات المعادلة    النيابة تدشن المرحلة الأولى من منصتها الإلكترونية "نبت" للتوعية الرقمية    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    فرصة للراحة والانفصال.. حظ برج الدلو اليوم 15 يونيو    الهلال الأحمر المصرى: تنظيم حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع بالدم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اخناتون هذا الزمان
نشر في صباح الخير يوم 05 - 01 - 2010

عندما تتفجر الذكريات وتسد على النفس كل المسالك وتتدفق حميمية ساخنة تملأ القلب وجعا، وترغم النفس على أن تعود فى نفق الزمن الضارب فى أغوار الماضى البعيد القريب، الذى يرتبط بشخص عزيز حميم مثل شادى عبدالسلام.. أخناتون هذا الزمان.
حدثان فى غاية الأهمية، أعادا إلىَّ ذكريات صداقتى مع شادى.. زيارة المخرج الكبير مارتن سكورسيزى لمصر.. ووقوفه تحت سفح الهرم وعند أقدام أبى الهول، ولقاؤه الثقافى فى مكتبة الإسكندرية، صرح مصر الثقافى المعاصر مع جمهرة من المثقفين والفنانين.. لقد عرفت سكورسيزى جيدا، وعاصرت أزمته الطاحنة فى مهرجان فينسيا فى النصف الأخير من الثمانينيات عندما جاء يعرض فيلمه المثير للجدل حتى الآن رغبات السيد المسيح، فجر يومها غضب الفاتيكان والسلطة البابوية، ووضع إلى جانب اسمه علامة X فى عاصمة السينما الأمريكية، ولم يغفر له تاريخه السينمائى الكبير المبدع منذ قدم أول أعماله سائق التاكسى ومنذ خرج إلى العالم يؤرخ للأوساط السينمائية العالمية مثل الموجة الجديدة فى فرنسا وعلاقاته بإجراء حوارات مبدعة مع طلائعها مثل فرانسوا تريفو، بل يروى تاريخ السينما الأمريكية فى أفلام تسجيلية عرضت فى برلين وكان وفينسيا، طالته لعنة فيلمه رغبات السيد المسيح وطاردته على منصات أكبر جائزة عالمية.. الأوسكار، عاما بعد عام، كان ممثلوه يحصلون على الأوسكار، وتحجب عن هذه الأفلام جائزة أوسكار أحسن مخرج، حتى العام الماضى، فقط عندما منح جائزة الأوسكار، وهو فى سبيله هذا العام، كما تقول ترشيحات جوائز الجولدن جلوب التفاحة الذهبية، إلى أن يحصل على الأوسكار لمجمل أعماله وإبداعاته، وهى جائزة سبقه إليها كثيرون أمثال المخرج الإيطالى الكبير فيدريكو فيللينى.
* سكورسيزى وصاحب المومياء
كنت واحدا ممن شعروا براحة كبيرة، وأنا أتلقى خبر التفات مارتن سكورسيزى إلى شادى عبدالسلام وفيلمه الروائى الوحيد المومياء واختياره له من بين 001 فيلم تمثل تراث السينما العالمية أعاد ترميمها وتصحيح نسخها لكى يعيد إليها الحياة والرونق المبدع والبقاء لمائة سنة قادمة.. وفعل سكورسيزى ما هو أكثر.. حمل المومياء لكى يعرض فى مهرجان كان في دورته الأخيرة فى مايو الماضى، ولم يكتف بهذا، بل حمله أيضا إلى مهرجان فينسيا فى أوائل سبتمبر العام الماضى، ليقدمه إلى عشاق السينما فى العالم.. ويقفز المومياء وصاحبه شادى عبدالسلام إلى الساحة السينمائية العالمية بعد أربعين سنة من عرضه الأول، إذ شاهده الجمهور لأول مرة فى مهرجان سينما الشباب 9691 الذى أقيم فى العاصمة الفرنسية باريس.. ثم انتقل بعد أن صنف بين أحسن عشرة أفلام فى العالم إلى مهرجان لندن السينمائى الدولى الذى يقدم فى نهاية العام أحسن وأكبر الأفلام التى عرضت فى مهرجانات السينما العالمية.
* لا كرامة لنبى فى وطنه
هل كنا فى حاجة لكى ننتظر 04 سنة كاملة لإهداء الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى إلى اسم شادى عبدالسلام، أم جاء هذا فى استغلال ذكى لما قدمه مارتن سكورسيزى لصاحب المومياء فى كان وفينسيا؟!.. عرض المومياء فى هذين المهرجانين وراء إهداء الدورة إلى اسم شادى عبدالسلام والاحتفاء بالمومياء وعرضه لكل رواد المهرجان - فى النسخة التى رمما سكورسيزى، وأعاد إليها الحياة فى ساحة الصوت والضوء عند أقدام أبى الهول، وتقديمها إلى رواد أفلام المهرجان فى عروض خاصة.
وقد أفزعنى بجد، عندما أعلن الصديق الفنان فاروق حسنى فى اجتماع اللجنة الاستشارية العليا للمهرجان إهداء الدورة إلى الراحل الكبير شادى عبدالسلام وهو يتساءل: أين سيناريو فيلم أخناتون الآن؟!
وأجابه هدير من الأصوات: فى وزارة الثقافة يا معالى الوزير.
أعرف أن شادى كان صديقا مقربا من فاروق حسنى، وأذكر أننى كنت ضيفا على أكاديمية الفنون فى روما وهو يرأسها، وكنت فى طريقى لحضور مهرجان فينسيا، وأخبرنى أن شادى عبدالسلام سيجىء إلى الأكاديمية عائدا من رحلة علاجية فى سويسرا، وانتظرت لكى ألتقى بشادى قبل أن أذهب إلى فينسيا، وإحساسى بالوجع القلبى يلازمنى إشفاقا عليه فى مرضه الأخير.
* أنا وشادى والقمر جيران
أذكره، فارعا نبيل الملامح، كفرعون مصرى، خرج من بطن جدارية فرعونية حافلة بالألوان.. لقيته لأول مرة فى مكتب الصديق المخرج الراحل حلمى حليم.. الذى كان له عندى مكانة خاصة، كأب للثقافة السينمائية الواسعة التى حصلتها خلال ما زودنى به من كتب سينمائية وما فتح عقلى وواعيتى من هذه الثقافة، كنا فى النصف الأخير من الخمسينيات، وكان حلمى قد قدم رائعته أيامنا الحلوة واحتل مكانا بارزا بين المخرجين الكبار، كان شادى قد تخرج فى قسم العمارة بالفنون الجميلة، وجذبه إلى الساحة السينمائية أستاذه ولى الدين سامح، مهندس الديكور والسينمائى الكبير وأحد رجال استوديو مصر فى بداية العصر الذهبى للسينما المصرية، فهو مخرج الفيلم التراثى الكبير لعبة الست لنجيب الريحانى وتحية كاريوكا، كانت لحلمى حليم رؤية خاصة تجاه شادى عبدالسلام، وأراد حلمى حليم أن يحوله إلى ممثل فى فيلم ثلاثة رجال وامرأة، لكن شادى لم يكن التمثيل هدفا من أهدافه، وكان يؤمن بأن له رسالة أخرى غير التمثيل واكتفى يومها أن يصمم ديكور الفيلم الذى كان واحدا من بين عدد من الأفلام التى صمم شادى ديكوراتها مثل: الرجل الثانى 9591، طريق الدموع 1691، والضوء الخافت 1691، والخطايا 1691، وموعد فى البرج 2691، وبين القصرين 4691، والسمان والخريف 7691.
فى فترة العطاء، الستينيات وما بعدها، ربطنى مع شادى عبدالسلام تواجد متواصل على الساحة السينمائية، وجمعت بيننا هوايات كثيرة، أهمها الثقافة السينمائية الواسعة والصلة الحميمية مع أستاذه ولى الدين سامح، ومكتب حلمى حليم ومفاجآته بشراء نسخ لنا جميعا من أمهات الكتب السينمائية، وقد وضع ولى الدين سامح تلميذه شادى على مسار آخر رائع، تصميم الملابس للأفلام التاريخية الروائية، وأمده بالكثير من المصادر الوثائقية، جعلت منه صاحب السبق فى هذا المجال، فإذا به يصمم الملابس لأفلام عنتر بن شداد 1691 وأميرة العرب 3691، ورابعة العدوية 3691، وشفيقة القبطية 3691، والناصر صلاح الدين 3691، وتحضرنى هذه الضجة التى أثرتها من خلال نشر اسكتشات ملابس الناصر صلاح الدين بالألوان فى مجلة الكواكب، ومضى شادى فى توجهاته لتصميم الديكور والملابس لأفلام واإسلاماه 1691، وألمظ وعبده الحامولى 2691 وأمير الدهاء 4691.
* سفينة كليوباترا.. تعبر النيل
اختار الصديق الراحل محمد فتحى إبراهيم، ولى الدين سامح وتلميذه النجيب شادى عبدالسلام لتصميم سفينة كليوباترا قبل شهور من انتقال فريق دارين أنوك إلى الإسكندرية لتصوير المشاهد الخارجية للفيلم، ونفذ مشروع السفينة كما وصفت فى كل المراجع التاريخية، وسيرت السفينة إلى الإسكندرية عبر النيل لتصبح عنصرا مهما من عناصر التصوير الخارجى الذى أشرف عليه فتحى إبراهيم كمدير عام لشركة فوكس فى الشرق الأوسط.
* كفاليروفيتش وفرعون الذهبى
المخرج البولندى يورى كفاليروفيتش، كان فى الستينيات عميدا لمخرجى السينما فيما سمى وقتها دول أوروبا الاشتراكية.. التقيته فى بداية الستينيات خلال دورة مهرجان كان السينمائى الدولى، وقد فازت زوجته الممثلة نيتا بجائزة أحسن ممثلة فى كان.. كانت شركة فوكس قد تعاقدت على أن توزع فيلمه فرعون الذهبى الذى يحكى عن فرعون لم يرد ذكره فى التاريخ هو رمسيس الثالث عشر، واختار فتحى إبراهيم المخرج شادى عبدالسلام لكى يعمل مساعدا لكفاليروفتش ومستشارا تاريخيا ومشرفا على الديكور والملابس والإكسسوار فى الفيلم، وكان معنى هذا أن ينقب ويتجول شادى فى حقبات التاريخ المصرى القديم، وأذكر أننى استضفت كفاليروفتش وزوجته فى برنامجى التليفزيونى مجلة التليفزيون، وحدثنى عن شادى عبدالسلام وشغفه بالتاريخ الفرعونى، وأصر على أن يصطحبه إلى بولندا لإكمال تصوير الفيلم فى وارسو، وفى هذه الفترة كانت فكرة المومياء تتبلور وتحتل واعية شادى عبدالسلام وذهنه، وبدأ فى كتابة فيلمه الروائى الطويل الوحيد وشجعه كفاليروفتش على أن يكمل فكرته وينفذ فيلمه. وقبل أن يشرع شادى فى تنفيذ المومياء خاض تجربة أخرى مهمة ومثيرة عندما جاء إلى مصر المخرج الإيطالى الكبير روبرتو روسيللينى لكى يخرج حلقة من مسلسل الصراع من أجل البقاء 7691، عن الحضارة المصرية وعمل شادى معه كمصمم للديكور والملابس.
* ليلة وداع البلابل ل المومياء
فى العام التالى على التوالى شرع شادى عبدالسلام فى تنفيذ سيناريو فيلمه الروائى الطويل الوحيد المومياء، التقط الحادثة من بين دفات التاريخ الفرعونى لمصر، وعاشها بحب وتفان فى مصريته، إلى حد أن أسلمته لمجموعة من الأفلام التسجيلية القصيرة عن تاريخ مصر الفرعونى الفلاح الفصيح 0791، وآفاق تسجيلى طويل 2791، وجيوش الشمس تسجيلى طويل 4791، وكرسى توت عنخ آمون - دراما تسجيلية - 2891، والأهرامات وما قبلها 38- 4891، عن رمسيس الثانى 6891.
وفى الثامن من أكتوبر 6891 فاجأنا شادى عبدالسلام بالرحيل.. وهو لم يحقق حلمه الأخير.. فيلمه الروائى الثانى مأساة البيت الكبير عن أخناتون وعصره، لقد أعطى ثلاثة أعوام كاملة لهذا الحلم، وكتب السيناريو وصمم الديكورات وحول مكتبه - مكتب والده المحامى الكبير فى وسط البلد - إلى ورشة لتصميم الديكورات وصنع الحلى الفرعونية، واعتدنا أن نزوره وسط هذا ونعايشه معه.. كانت ميزانية الفيلم كما وضعها فى هذه الفترة 7791، ترتفع إلى 003 ألف جنيه، وكان يرفض كل عروض التمويل التى جاءته من بلاد عربية مثل العراق أو دول الخليج، فقد كان مصرا على أن يكون فيلمه مصريا حتى النخاع، والمرة الوحيدة التى قبل المناقشة كانت لعرض فرنسى بالتمويل، وقبله لأنه يعرف الشغف الفرنسى بالحضارة المصرية القديمة، لكنه فجأة فوجئ بصاحب العرض يتصل به من تل أبيب ليحدد موعد مجيئه إلى القاهرة لإتمام الاتفاق وألغى العملية كلها.
* يوم قدم لى نفرتيتى!
يوجعنى قلبى كثيرا وهو يستعيد ذكرياتى مع شادى.. كنت أنضم إليه فى مكتبه لأجده غارقا فى كتب التاريخ الفرعونى، وانتزعه بعد لأْىٍ، لنذهب إلى ساحة المسجد الحسينى، لنجلس فى شرفة مطعم يطل على الساحة.. وذات مرة فاجأنى: ألا تريد أن تتعرف على نفرتيتى بطلة أخناتون؟! وانضمت إلينا بعد دقائق الممثلة النجمة سوسن بدر - الوجه الجديد أيامها - بعينيها السوداوين وشعرها الأسود المنسدل على كتفيها وبشرة وجهها تحاكى لون ماء النيل زمن الفيضان.. كنت أعرفها من خلال أزمة تعرضت لها بعد تمثيل فيلم بعنوان موت أميرة كادت تميت طموحاتها، وقال لى: أريدك أن تأخذها غدا إلى سقارة وتلتقط لها بكاميرتك عشرات الصور فى هذا الجو.. ولم أكن لأرفض له هذا المطلب، ولعل الصديقة الفنانة الكبيرة الآن تذكر هذا اليوم البعيد الذى تجولنا فيه بين ربوع سقارة، لننفذ معا لشادى عبدالسلام رغبته فى أن يرى نفرتيتى رأى العين.
هل أصابت لعنة أخناتون وعصره شادى عبدالسلام فرحل قبل أن ينفذ حلمه مأساة العائلة الكبيرة، وهل يجىء من ينفث الحياة ويعيد الحلم إلى صاحبه؟!.. أتمنى هذا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.