اكتشف بلدك من جديد.. فكرة بدأناها أنا وزملائى بالمجلة.. ولتكن دعوة إلى كل محبى «أم الدنيا» فهى تستحق منا كل الحب لكى نحافظ على كل ما تركه لنا أجدادنا من أجل الأجيال القادمة. هذا الأسبوع سنكتشف مكانين جديدين من أم الدنيا به الغالى من البشر والأثر الأول محافظة القليوبية وعاصمتها «بنها» العسل نسبة إلى شهرتها بإنتاج عسل النحل- كما يقال- وسميت بالقليوبية نسبة إلى مدينة قليوب فى عهد الناصر محمد بن قلاوون والثانية هى: الأقصر التى كانت تحتفل بعيدها القومى أيضا.وأثناء الاحتفال عدنا إلى زمن طيبة من 5 آلاف سنة. مدينة ثقافية تلقيت دعوة من د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة لحضور افتتاح بهيئتى ثقافة الخانكة والقلج بمحافظة القليوبية بعد تطويرهما.. فوافقت على الفور.. فهى فرصة لاكتشاف وزيارة معالم المحافظة وفرصة أخرى لمقابلة المستشار عدلى حسين محافظ القليوبية الذى لم أقابله منذ أكثر من ثلاثين عاماً. ورجع بى الزمان حيث تقابلنا لأول مرة فى سجن القلعة.. كنت ضمن طلبة الجامعة الذين تم القبض عليهم عقب أحداث 18، 19 يناير.. ومنذ أن وطأت قدماى المكان وبدأت أحداث فيلم الكرنك تدور بكل تفاصيلها فى ذهنى حتى تم التحقيق معى فى ساعة متأخرة من الليل، وكان المحقق هو وكيل النيابة عدلى حسين، وبعد الانتهاء من التحقيق سألنى: هل تريدين شيئاً.. قلت ببراءة شديدة: «أنا خايفة أنام لوحدى وبردانة جداً».. فابتسم ابتسامة رقيقة.. ثم أخذنى الحارس لزنزانتى مرة أخرى وأنا أكثر خوفاً، وتذكرت ابتسامة كمال الشناوى فى الفيلم، ولم تمض دقائق حتى جاء الحارس ومعه بطانية وقال لى: «هاتى حاجاتك».. ثم انتقل بى لمكان آخر أفضل وكان فيه فتاة أخرى، فزال الخوف ونمت ولم أشعر بشىء واطمأننت، ولذلك كان لابد من زيارة محافظة القليوبية التى بدأت بافتتاح بيت ثقافة الخانكة ثم بيت ثقافة القلج، وقد عبر المستشار عدلى حسين عن سعادته بهذه الافتتاحات حيث قد شارك من قبل د.أحمد مجاهد فى عدة افتتاحات لبيوت ثقافية بالمحافظة من قبل والتى وصلت إلى 28 موقعاً ثقافياً فى المدن والقرى والنجوع. ثم شكر د. مجاهد فى كلمته المستشار د. عدلى حسين لأنه داعم حقيقى للثقافة، وأن المحافظة تحظى بكثرة المواقع الثقافية، وقال د.مجاهد أن المستشار عدلى يساعدنا دائماً بخبرته الثقافية العالية ومعرفته ويقينه بأن التنمية الشاملة الحقيقية لابد أن تبدأ بالتنمية الثقافية. آثار القليوبية آثار بنها ترجع إلى الأسرة الرابعة الفرعونية، وهى الأسرة التى أسسها الملك «سنفرو» حوالى 2613ق.م ومدينة بنها بالتحديد قامت على الجزء الغربى من مدينة أتريب القديمة التى اختفت على مر الزمن تحت الزراعات والمنشآت البنائية الحديثة، ولم يتبق من أتريب الأثرية سوى أجزاء بسيطة ترتفع عن الأرض على شكل تلال تسمى تلال أتريب، وتوجد فى شمال مدينة بنها العاصمة، ومن أهم المواقع الأثرية بها حمامات أتريب وهى حمامات شبه متكاملة، وكانت تستخدم بجانب الاغتسال كمنتديات تجمع الأهالى وقت الظهيرة للمناقشة، ومن أهم مكونات الحمام صالة الاستقبال وخلع الملابس وصالة الألعاب، كما توجد حجرات تسخين المياه ومواسير لتصريف المياه الباردة والساخنة، وقد بنيت الحمامات بالطوب الأحمر المكسو بطبقات من «الجير والرمل والحمرة». ومن آثار المنطقة أيضاً التابوت الأثرى «بف ثيوامون» وهو تابوت من الحجر الجيرى والذى عثر عليه بأحد الشوارع بأتريب، وهو موجود فى حالة جيدة ويحمل التابوت من جميع جوانبه شريطاً من الكتابة الهيروغليفية التى تلف معظمها بسبب الأحوال الجوية، وصاحب التاوبت هو «تا أم حرامون» وهو المشرف على الحريم الملكى ورئيس الخزانين. قصر محمد على شرع محمد على الكبير فى بناء قصر فى شبرا حيث كانت قرية زراعية وذلك فى سنة 1808، وأشرف على الإنشاء مشيد عمائره «ذو الفقار كتخدا» وجاءت عمارة القصر على نمط جديد لم تعرفه معه حيث ساعدت المساحة الشاسعة للموقع علي اختيار طراز قصور الحدائق الذي شاع في تركيا علي شواطئ البسفور والدردنيل وبحر مرمرة، وبالذات قصر طوبقابي بأسطنبول، قصر حكم سلاطين آل عثمان والذي بنى علي غراره قصر محمد علي بشبرا الخيمة. وقد تم ترميم وإصلاح للقصر بتكلفة قدرها حوالي 50 مليون جنيه أعادت للقصر بهاءه وجماله وأصبح من أهم الأماكن الأثرية من أسرة محمد على. آثار عرب العليقات ومن أشهر المناطق الأثرية بمحافظة القليوبية أيضاً نجد فى مدينة شبين القناطر التابعة للمحافظة آثار تل اليهودية وآثار عرب العليقات.. فتل اليهودية هو من أهم التلال الأثرية ويقع فى الجنوب الشرقى من مدينة شبين القناطر ومازال يحتفظ بالعديد من المميزات الأثرية المتباينة والتى تعود إلى عصور تاريخية مختلفة، وقد أدرك الهكسوس أهمية موقعه مما جعلهم يقيمون لهم حصناً أو معسكراً فى هذا الموقع. أما آثار عرب العليقات فقد كشفت الحفائر عن وجود جبانة لليهود فى هذه المنطقة، وقد استمر استعمال تلك الجبانة خلال العهدين اليونانى والرومانى وهى جبانة منحوتة فى الصخر. آثار إسلامية وقبطية توجد بمحافظة القليوبية كثير من الآثار الإسلامية والقبطية ومنها نجد فى مدينة قليوب جامع الظاهر بيبرس، وقد بنى عام 673ه، ومسجد الشيخ عواض وقد بناه بعد أن تولى القضاء فى المدينة فى فترة حكم السلطان قايتباى. أما مسجد محمد سالم الشواربى فأنشأه شيخ الشواربية عام 1818م، ومن الآثار القبطية نجد بقليوب كنيسة السيدة العذراء، وقد سميت بهذا الاسم لمرور السيدة العذراء بها أثناء رحلتها إلى مصر، ويرجع تاريخ الكنيسة إلى العصور الوسطى المسيحية ويوجد بها مجموعة من الأيقونات النادرة. كما توجد قنطرة وسد يطلق عليه سد أبى المنجا، وهو على ترعة أبى المنجا، والقنطرة أنشأها شاهنشاه وزير الخليفة الفاطمى لتساعد على رى أراضى الدلتا 1113م، وكان فتح القنطرة يتم عقب فيضان النيل باحتفال كبير يحضره الخلفاء. وأما مدينة طوخ بمحافظة القليوبية فتوجد بها آثار إسلامية أخرى مثل مسجد الأوقاف بمشتهر، وقد تم بناؤه فى عهد الخديو إسماعيل عام 1879م. أما مسجد العمرى فقد أقامه الخديو عباس حلمى الثانى عام 1898م، وأما آثار مدينة الخانكة التابعة للمحافظة أيضاً فنجد منها قصر الأميرة نعمت مختار بالمرج ومسجد الأشرف برسباى بالخانكة. الأقصر تحتفل بعيدها وبكارتر وتوت 4 نوفمبر يوم مهم فى تاريخ مدينة الأقصر.. يوم أن اكتشف عالم الآثار الإنجليزى هيواردكارتر مقبرة الملك الذهبى توت عنخ أمون والتى لم يمسها أحد من قبل وذلك فى عام 1922 ولأهمية الحدث جعلت المدينة هذا اليوم عيداً قومياً لها، ومع كل عام تحتفل المدينة بإنجاز جديد يقول للعالم: «مازال الفراعنة وأحفادهم قادرين على العمل والعطاء». كما نكتشف الأثر من جديد نكتشف البشر أيضاً فهناك شخصيات قادرة على العطاء والإنجاز وترك بصماتها فى أى مكان نذهب إليه مهما كان.. والدكتور سمير فرج رئيس المجلس الأعلى للأقصر أحد هذه الشخصيات النادرة، فعندما تولى الشئون المعنوية لقواتنا المسلحة بجانب مهامة عمل لنا أهم فيلم يتحدث ويسجل حرب أكتوبر بالرسوم المتحركة للكبار والصغار، وهذا بشهادة كبار المتخصصين فى المجال العسكرى والفنى، وهو فيلم «وليد المصرى» الذى شارك فى عمله كبار فنانى الكرتون بمصر مصطفى حسين وعلى مهيب، ونتمنى أن يشاهد هذا الفيلم كل أبناء مصر والعالم. ثم انتقل د. فرج ليتولى الأوبرا المصرية وبشهادة الكل وخاصة المهتمين والمثقفين أن فترة إدارته كانت مملوءة بالإنجازات والأعمال المتميزة التى أعادت للأوبرا المصرية مكانتها مرة أخرى بعد أن توقف نشاطها منذ السبعينيات، وأخيراً نجده فى الأقصر يقوم بإنجازات وأعمال تفوق الخيال ويثبت للجميع أن من يريد العمل الجاد الكل يقف بجانبه، ونجد الأقصر تتحول فى فترة زمنية قصيرة إلى أجمل وأنظف مدن مصر بل أنها أخذت مكانة ضمن أفضل مدن العالم ذات الطابع الخاص قديماً وحديثاً. كارتر والكورنيش وفى يوم احتفال الأقصر بعيدها القومى هذا العام احتفلت المدينة بالقديم والحديث.. حيث قام د. سمير فرج رئيس المجلس الأعلى للأقصر والدكتور زاهى حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار بافتتاح استراحة هيوارد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ آمون فى البر الغربى بالأقصر عام 1922، وتكريماً لهذا العالم الإنجليزى جددت استراحته ووضعت فيها مقتنياته الخاصة وصوره، ويعرض فيلم داخل الاستراحة للزائرين يتحدث فيه بنفسه عن اكتشافاته، وحضر الاحتفال بعض أفراد أسرة كارتر وعدد كبير من المهتمين والأثريين فى العالم. أما الإنجاز الثانى فى يوم الاحتفال فكان بداية العمل فى كورنيش الأقصر بعد موافقة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء والمجموعة الوزارية الخاصة بتطوير الأقصر والتى تضم وزراء (الثقافة والسياحة والإسكان والتعاون الدولى والتنمية المحلية) على المقترح الخاص بمشروع تطوير كورنيش النيل بالأقصر بتطوير المسطح السفلى وتوسعته ليكون المسار الرئيسى لحركة المشاة من الأهالى والسائحين وعمل حارة واحدة لعربات الطوارئ و(الحنطور) الذى يعد أهم وسائل الانتقال والترفيه التى تميز الأقصر ويستمتع بها السائحون، كما سيتم إنشاء بازارات ومطاعم ومحلات وجلسات ترفيهية متميزة على طول المسطح. ويضيف الدكتور سمير فرج فى حديثه عن هذا المشروع قائلاً: تم اختيار الشكل العام للكورنيش ليعطى الانطباع بالأصالة والتراث ليتوافق مع الطبيعة التاريخية لمدينة الأقصر الفرعونية، وسيتم التنفيذ بأيد مصرية، فالذى قام بإعداد المشروع (كلية الهندسة جامعة عين شمس) والذى يقوم بالتنفيذ إدارة المشروعات بالقوات المسلحة وبتمويل من صندوق التنمية السياحية، وينتهى المشروع خلال 10 أشهر إن شاء الله.. لتكتمل صورة الأقصرالجديدة بعد التطوير الشامل الذى حدث للأماكن الأثرية وبكل أماكنهاالقديمة والحديثة، وحتى العشوائية، حقا حيث الأقصر مدينة متميزة وفريدة على مستوى العالم، وحق علينا مشاهدتها والفخر بها وبأم الدنيا. كاميليا عتريس