بالهنا والشفا.. ومطرح ما يسرى يمرى، وصحتين وهنا ودايماً عامر! اليوم 81 رمضان نكون قد أنفقنا حوالى 81 مليار جنيه على بند الطعام وحده حسب دراسة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، والتى تشير إلى أن إنفاق المصرى على الطعام بأشكاله وأصنافه وأنواعه يصل إلى مائتى مليار جنيه فى العام، يخص شهر رمضان الكريم منها حوالى ثلاثين مليار جنيه! فى رمضان لا أحد يبيت من غير طعام، ولا أحد يموت من الجوع، فهذا شهر الكرم المؤكد والتكافل الحقيقى- الذى أتمنى أن يمتد لباقى شهور العام- لكن المفزع والخطير ذلك الرقم الذى أوردته الدراسة نفسها وهو ارتفاع نسبة المفقود فى الموائد المصرية خلال هذا الشهر ليصل لنحو 06٪ ويتجاوز ال57٪ فى حال العزومات والولائم العائلية!! ببساطة شديدة هناك حوالى 81 أو 5,22مليار جنيه نلقى بها فى هذا الشهر إلى صناديق القمامة، وهى عبارة عن قيمة طعام زائد عن الحاجة، وغالباً ما لا تتم الاستفادة من هذه الكميات سواء بإعادة تناولها أو منحها للفقراء والغلابة والمحتاجين.. أو حتى موائد الرحمن!! وبمناسبة موائد الرحمن فقد كشف تقرير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن أن عدد موائد الرحمن فى مصر بلغ (00531 مائدة) تصل تكلفتها إلى 615 مليون جنيه، يتردد عليها يومياً حوالى 9,1 مليون مواطن، وتصل تكلفة المائدة الواحدة إلى 9621 جنيها، ومتوسط تكلفة الوجبة الواحدة تسعة جنيهات يومياً!! المهم أن 78٪ من موائد الرحمن يقيمها أفراد و31٪ تقيمها الجمعيات الخيرية والشرعية وكانت الحالة الاقتصادية هى السبب فى تردد 06٪ من الناس على هذه الموائد. ليس المهم خطورة هذه الأرقام- وهى خطيرة بالفعل- بل المهم دلالتها وتأملها ودراستها ومحاولة فهمها وتحليلها بعيداً عن الآراء سابقة التجهيز التى تهاجم وتنقد من مقاعد المتفرجين أو المتعالين ونجوم الفضائيات!! وعندما تقول الدراسة أن نسبة الفاقد أو المفقود من طعامنا تصل إلى 06٪ فى شهر واحد، أى حوالى 81 مليار جنيه، فهنا لابد من وقفة تأمل!! إن أبسط ما يقال هنا كل واحد حر فى فلوسه، وهذا صحيح، ولكن هذا الواحد لا يفعل بهذه المليارات شيئاً مفيداً لنفسه أو لأسرته أو حتى أبناء الحى الذى يسكن فيه!! فهذه المليارات تحولت إلى طعام زائد عن الحاجة وجد طريقه إلى صناديق الزبالة ثم إلى الشوارع ولا تجد من يجمعها فتكدست على النحو الذى نراه فى معظم شوارع القاهرة والجيزة الرئيسية وليس فقط الجانبية!! وإذا كنا ننتقد السلوك الحكومى الخاطئ كل يوم فى الصحافة والفضائيات لكى نكسب التصفيق والبطولة والنجومية، فلا أحد يهاجم أو ينتقد السلوك الشعبى الخاطئ، وفى مقدمته ذلك السفه فى الإنفاق، وذلك الإسراف المجنون!! إن هذا المعنى بالضبط هو الذى جعل الأستاذ الكبير المفكر "أحمد بهاء الدين" يكتب: سألنى زميل عن معنى تعبير سمعة الشعب الذى استخدمته إلى جانب تعبير سمعة الحكم!! قلت له: نتحدث دائماً عن سمعة الحكم وهى أمر مهم طبعاً، وهى لا تحتاج إلى شرح ولكننا لا نتحدث عما سميته "سمعة الشعب" ومعنى ذلك أننا- كشعب- نسقط كل المشاكل والعيوب على السلطة أياً كانت، ولا نتحدث عن دورنا فى هذا المجال. إن كل شعب له سمعة بالمعنى العام وهذا يجعلنا نتفحص عيوبنا، كما نتفحص عيوب السلطة، ونهتم بسمعة الشعب كما نهتم بسمعة الحكم، ولا نتملق صفاتنا الذاتية كمصريين، ونترك ذلك للأغانى وتركة التخلف طيلة قرون جعلتنا لا نشتهر بالنظافة مثلاً- فى حين أن من لا ينظف بيته ليس له الحق فى المطالبة بتنظيف الشارع، ولا بأداء الواجب مهما كان هناك من أسباب الشكوى ولا بالدقة فى المواعيد، ابتداء من موعد لقاء إلى موعد إنجاز عمل.. ومن سماتنا الإسراف المظهرى ونحن لسنا من الشعوب الادخارية، فمن زوايا قياس وأنماط وطبائع الشعوب قياس ميل الشعب إلى الادخار وكلما ارتفعت النسبة فى بلد، كان هذا من علامات النضج الاجتماعى. وبعيداً عما كتبه أستاذنا "بهاء" هل لاحظت معى موائد الطعام فى مسلسلات رمضان سفرة طويلة عريضة بها عشرات الأصناف والأطباق ولا يجلس عليها سوى البيه البطل والست البطلة، وبعد التسبيلات والتنهيدات لا يأكلان شيئاً إلا قليلاً ثم يقول كل منهما للآخر فى وله وعشق: أنا شبعت لما شفتك يا حبيبى!! وبمناسبة المسلسلات أتوقف بالإعجاب والمتعة أمام العبقرى "يحيى الفخرانى" وباقى كتيبة مسلسل "ابن الأرندلى"، دلال عبدالعزيز، معالى زايد، يوسف داود، والمخرجة المتميزة "رشا هشام شربتجى"، أداء الفخرانى خلاصة البساطة والمكر الفنى دون حزق أو شعارات أو نظريات!! أما أغنية نانسى عجرم فى بداية المسلسل ونهايته فهى قمة البهجة والدلع!!؟