فى الماضى كان يباع سرا ويستخدم على نطاق ضيق ومن بعض الفئات، أهمها ضباط أمن الدولة فى التعذيب والحصول على الاعترافات، وبنات الأسر الغنية لمواجهة التحرش الجنسى ومحاولة الاغتصاب، أما الآن فقد أصبح أكثر الوسائل الشعبية للدفاع عن النفس حتى إن وجوده فى حقائب الفتيات والسيدات أصبح شيئا عاديا كما يستخدمه البلطجية فى بعض الحالات كوسيلة لإرهاب المواطنين والسرقة بالإكراه.. إنه الصاعق الكهربى الذى أصبح مثل المحمول فى أيدى الجميع. وقد بلغ انتشاره إلى حد أن الباعة الجائلين يجلسون ليبيعوه علنا فى الأسواق من حلوان إلى العتبة ومن مصر القديمة إلى شبرا «مصر» و«الخيمة»، وساعد على انتشاره وبيعه علنا، أن القانون لا يجرمه مثل الأسلحة إلا إذا استخدم فى ارتكاب جريمة وطبعا يقول جميع البائعين ومعهم المواطنون الذين يشترونه أن الصاعق موجود معهم بغرض الدفاع عن النفس ضد البلطجية فقط. وعقب انهيار شرطة وداخلية حبيب العادلى قام عدد من المستوردين باستيراد كميات كبيرة منه من الصين، حيث النسبة الغالبة من الصاعق الموجودة فى الأسواق حاليا صينى وإن كانت هناك أعداد من الصواعق أمريكية الصنع . ويختلف السعر الذى يباع به الصاعق الكهربى على حسب حجمه وقوة الشرارة الكهربية التى يولدها فكلما كان الحجم صغيرا والكهرباء الصادرة منه أعلى فى الفولت وبالتالى قوة ردع الشخص المهاجم كان السعر أعلى لكنه يتراوح فى الغالب بين 250 جنيها و 1000 جنيه.. وهناك أشكال مختلفة منه، فهناك الصاعق الذى يشبه كشاف النور العريض أو الرفيع، وصاعق آخر يشبه قلم الحبر وثالث شبه الموبايل ويصدر عنه تيار كهربى تتراوح قوته بين 250 و 10000 فولت، لذلك يتراوح تأثيره بين إحداث صدمة كهربية للشخص المعتدى تصيبه بآلام مبرحة تجعله يبتعد فورا وقد تشل حركته تماما وتصل إصابته إلى الإغماء المؤقت بسبب توقف عضلات القلب لفترة بسيطة. ونتيجة للغياب الأمنى وزيادة حالات الاعتداء والمشاجرات فى الشارع بالإضافة إلى توافره ورخص سعره مقارنة بالأسلحة النارية انتشر الصاعق الكهربى بين فئات مختلفة من المواطنين. فلم يقتصر استخدامه على البنات فقط .. الأولاد والشباب أصبحوا أيضا يحملون الصاعق للدفاع عن أنفسهم.. وسائقو التاكسى لمواجهة البلطجية وقطاع الطرق الذين يحاولون سرقة سياراتهم على المحور والطريق الدائرى والطرق السريعة وحتى الباعة الجائلين أصبحوا يستخدمون الصاعق الكهربى فى صراعهم مع بعضهم البعض على أماكن البيع المميزة فى الشوارع، فمثلا يشهد ميدان محطة مترو الأنفاق الرئيسى فى حلوان خناقات شبه يومية بين الباعة الجائلين يستخدم فيها الصاعق الكهربى بصورة عادية جدا وكأنه أصبح من مستلزمات مشاجرات الشوارع بين البائعين هذه الأيام! *صاعق الثورة تقول علا حسنين طالبة بالفرقة الثانية بكلية الآداب جامعة القاهرة إنها اشترت صاعقا كهربيا بالفعل ولكن كان ذلك قبل ثورة 25 يناير بعد أن تعرضت لحادث تحرش جنسى من قبل أحد سائقى التاكسى عندما كانت عائدة متأخرة من الكلية فى أحد الأيام واستقلت التاكسى لتذهب لبيتها فى حدائق الأهرام حيث حاول هذا السائق أن يخطفها لولا مرور إحدى دوريات الشرطة فخاف السائق وأنزلنى بسرعة من التاكسى وسارع بالهرب، وخوفا من أن يتعرض لى أحد مرة تانية قمت بشراء هذا الجهاز للدفاع عن نفسى ضد أى تهديد. وطبعا بعد الثورة وحالة الانفلات الأمنى التى تشهدها جميع المناطق لا أمشى إلا والصاعق فى حقيبة يدى .. صحيح أننى لم أستخدمه حتى الآن لكنه يشعرنى بنوع من الأمان خاصة مع تعدد حالات السرقة والتحرش فى الشارع. وتلفت ابتسام عمران طالبة بكلية التجارة جامعة حلوان نظرنا إلى نقطة مهمة، وهى أن انتشار الصاعق الكهربى بين البنات للدفاع عن النفس ضد أى محاولة تحرش أو اعتداء غير مرتبط بالضرورة بالشهور الماضية التى أعقبت حالة الغياب الأمنى وانتشار البلطجية والخارجين عن القانون وزيادة حالات التعرض للفتيات خاصة فى المناطق البعيدة أو الشوارع الخالية من المارة .. فقد كان كثير من الفتيات وطالبات الجامعة والمدارس الثانوية على وجه الخصوص يستخدمنه لكثرة حالات تعرضهن للتحرش ومحاولات الخطف والاغتصاب فى السنوات الأخيرة .. بل إنى أعرف فتيات كن يحملن الصاعق بالإضافة إلى الإسبراى الحارق للوجه والعين عندما كن يخرجن للفسحة فى الأعياد بسبب التحرش الجنسى الجماعى المتكرر فى الأعياد فى السنوات الأخيرة، ولكن لا أنكر أن حالة الإحساس العامة بغياب الأمن التى يشعر بها المصريون الآن جعلت معظم الأسر تحرص على أن يكون فى شنطة يد بناتها صاعق كهربى أو إسبراى لكى يستطعن الدفاع عن أنفسهن وقت الضرورة. ومن الطالبات إلى الموظفات حيث تقول سناء مصطفى موظفة فى وزارة الصحة إنها اضطرت لشراء الصاعق الكهربى بعد أن قام أحد الأشخاص بسرقة حقيبة يدها، وهى تسير بأحد الشوارع الجانبية القريبة من وزارة الصحة فى شهر يوليو الماضى، حيث كان يركب موتوسيكل وحاول خطف الحقيبة منها مستغلا خلو الشارع من المارة وقت الظهيرة بسبب ارتفاع حرارة الجو .. ورغم أننى ظللت أقاومه لفترة بسيطة وأنا ممسكة بالشنطة لكنه استمر فى شدها بقوة بعد أن أوقف الموتوسيكل حتى نزعها منى وفر مسرعا .. فقلت لنفسى لو كان معايا صاعق الكهربا اللى اشتروه عدد من صديقاتى كنت دافعت عن نفسى واستطعت أن أبعد ذلك الحرامى عنى. وتشير إيمان جلال مدرسة ابتدائى إلى أن زوجها هو الذى أقنعها بأن تحمل الصاعق الكهربائى من أجل أن تقدر على حماية نفسها فى أوقات الخطر إذا تعرضت لها عند خروجها من المنزل مؤكدة أن غياب الإحساس بالأمان الذى أصبح معدوما تماما فى الفترة الحالية وانتشار أعمال السلب والبلطجة وفرض المسجلين خطر سطوتهم على المواطنين يجعل المواطنين يفعلون أى شىء لحماية أنفسهم ضد أى تهديد أو شعور بالخطر. ومن البنات للأولاد والشباب حيث يؤكد محمد عبد اللطيف طالب بالفرقة الرابعة بكلية الحقوق عدم رغبته من قبل فى شراء أى سلاح نارى يحميه لأن ذلك خطر ومخالف للقانون رغم امتلاك عدد كبير من المواطنين للأسلحة غير المرخصة هذه الأيام، لكنه قام بشراء أحد الصواعق الكهربائية فهو أولا غير مجرم وثانيا بعد أن تعرض أحد أقربائه لحادث سرقة بالإكراه أثناء خروجه من الكلية حيث قام بعض البلطجية بتهديده بالأسلحة البيضاء وسرقوا ما معه من نقود بالإضافة إلى الهاتف المحمول وذلك أثناء عودته إلى منزله ولولا مرور ميكروباص فى ذلك الوقت وملاحظة ركابه لما تعرض له لكان مصيره القتل حيث قام الركاب بالنزول فورا و الدفاع عنه مما اضطر البلطجية إلى الهروب ولذلك فكر فى شراء أحد الصواعق لحماية نفسه وسأل عددا من أصدقائه عن مكان بيعه فأخبره أحدهم أنه يتم بيعه فى منطقة العتبة حيث يباع هناك على الأرصفة فذهبت إلى هناك وقمت بشرائه من أحد الباعة فى شارع عبد العزيز. * العقوبة وعن الرأى القانونى فى استخدام الصاعق الكهربى سواء للدفاع عن النفس، أو فى أعمال البلطجة وإيذاء الغير وسرقتهم وعن استخدام البعض للصواعق الكهربائية يقول رجائى عطية المحامى المعروف: إن مصر تعانى من حالة انفلات أمنى ومن كثرة البلطجة والعنف حتى اقترب أن تكون البلطجة مهنة والمواطن العادى خائف من أن يقع عليه اعتداء من قبل البلطجية. وهو ذاهب من وإلى العمل أو المنزل ولا يمر يوم إلا وتحمل الصحف أنباء الكثير من أحداث العنف من السرقة إلى الاغتصاب والقتل فى الوقت الذى تعانى فيه الشرطة ورجالها من تقييد يدها فى التحرك والقيام بواجباتها فى مواجهة الخارجين على القانون مخافة أن يتهموا بالقتل أو التعذيب ويحالون إلى المحاكمة، فمبدأ الدفاع الشرعى أصبح معطلا حاليا .. وهو ما ستكون له عواقب وخيمة على المجتمع ككل، فلو هاجمك أو هاجمنى بلطجى وأراد أن يقتحم منزلك أو يقتلك ويهاجم زوجتك هل تبحث عن تليفون تطلب النجدة أم تقوم بالدفاع الشرعى عن نفسك. إذا قمت بقتله فإنك تكون فى حالة الدفاع الشرعى ويجب ألا تتعرض لأية عقوبة. ويضيف رجائى: بنص المادة 245 من قانون العقوبات والتى تنص على أنه لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعى عن نفسه أو ماله أو عن نفس غيره أو ماله، وقد بينت فى المواد التى تتحدث عن الظروف التى ينشأ عنها هذا الحق والقيود التى يرتبط بها. أما بهاء الدين أبو شقة المحامى الشهير فيشير إلى أن الصاعق الكهربى ينطبق عليه قانون10 لسنة 2011 الصادر من المجلس العسكرى و ينص على أنه يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجنى عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أى أذى مادى أو معنوى أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير فى إرادته لفرض السطو عليه ومادة 257مكرر من قانون العقوبات وهى حالة الترويع واستخدام آلات أو حيوانات. ويقول عاطف عبد اللطيف الكرفى المحامى:إن القانون المصرى يحرم أى شىء أو أداة تستخدم للمساس بصحة الجسد أو البدن، ومنها استخدام الصواعق بعد أن كثرت هذه الأيام بشدة، فنجدها فى معظم المناطق الشعبية وحتى الراقية وهى من الأدوات والأشياء التى تستخدمها الشرطة فى تفريق التجمهرات وحالات الشغب بين المواطنين، ولا يجوز للمواطن العادى استخدام مثل هذه الأشياء، وبالتالى استخدام هذه الأدوات يضع المواطن العادى تحت طائلة القانون ورغم وجود القانون الذى يحرم استخدام تلك الأشياء فقد تقاعست الداخلية فى تنفيذ هذا القانون. وبالنسبة لتأثير استخدام مثل هذه الأدوات على المجتمع فيرد قائلا: استخدام هذه الأحداث يمثل تهديدا لأمن المجتمع وأمن وحرية المواطنين، وقد أشيع استخدامه بعد حالات الانفلات الأمنى والأخلاقى التى مرت بها البلد فى الآونة الأخيرة، وقد استغل البعض فرصة الانفلات الأمنى ووجدوها فرصة للتربح والكسب أيا كان مشروعا أو غير مشروع المهم الكسب فقط.