(لسه حاعيده من تانى)؟! قالتها ابنتى بنبرة حزينة يائسة امتزج فيها الضيق بالقلق ولم يكن قد مر على ظهور نتيجة الثانوية العامة كمرحلة أولى سوى دقائق.. .. وكأنها أدركت أنه لا وقت للفرح أو الاستمتاع بحصاد ما زرعته طوال عام كامل.. لكنها فقط استشعرت مشقة المرحلة التالية المقبلة عليها وكأن إعلان النتيجة لا يمثل لها سوى بداية رحلة شقاء جديدة حتى يكتمل نصاب سنتين كبيستين متواصلتين تحت ضغط ورعب الثانوية العامة، حيث لا توجد فرصة لالتقاط الأنفاس ولا وقت للاستمتاع بإجازة وأين هى الإجازة ونحن نستعد بعد أيام قليلة لبدء الدروس الخصوصية لعام دراسى جديد سواء فى السناتر أو فى المنازل والكل متوجس خيفة من الجولة التالية سواء الحاصلون على مجموع عال أو أصحاب المجاميع المنخفضِة لذا لم أجد وصفا أفضل ولا أدق من وصف وزير التربية والتعليم نفسه لنظام الثانوية العامة، إذ وصفه فى برنامج تليفزيونى بأنه نظام عقيم!! ولا أدرى يا سيادة الوزير متى سيسقط هذا النظام ومن الذى سيسقطه ويلغيه ليقيم نظاماً جديداً يحترم آدمية أبنائنا الطلاب ولا يتعامل معهم كفئران تجارب، حيث نخضعهم كل بضع سنوات لتجربة نشيع عنها أنها الأفضل ثم تتكشف لنا مساوئها فنستبدل تجربة جديدة أكثر تعقيدا وتشويها مدعين أنها الأعظم. ونظل نتخبط وتتجاذبنا التجارب دون أن تكون هناك استراتيجية واضحة الرؤى والأهداف لا تتغير ولا تتبدل مع تغير الوزراء. فمتى إذا سيتم تغيير النظام الحالى القائم على القهر والتسطيح الذى يفسد أكثر مما يصلح والذى يعد وسيلة عقاب للطلبة وأسرهم ويستنفد أعصابهم وميزانيتهم دون أن يتلقوا تعليما جادا ، بل يتحولون إلى مجرد آلات ناطقة تعيد ما حفظته عن ظهر قلب دون فهم وتكتب بالحرف ما سبق لهم تلقينه بنفس الكلمات وبذات الترتيب والحجة أن المصححين ملتزمون بنماذج إجابة محددة ومن سيخرج عن النص مهدد بنزيف من الدرجات. والدرجة - وما أدراك ما الدرجة - هى الغاية التى يسعى لها الجميع . ومتى لا يقاس تمكن وتميز أى أستاذ للمادة بقدرته على التنشين والتخمين الصحيح لأسئلة الامتحان! فقد اضطرت ابنتى أن تأخذ درسا خصوصيا مع مدرس لغة إنجليزية لا يجيد النطق بها لا لشىء سوى أن أسئلته ماركة مسجلة فى الامتحانات (!!) ومتى تسترد المدرسة مكانتها التى فقدتها بالضربة القاضية أمام السنتر بعد أن تحولت لمجرد مكان مهجور لا يدخله الطلبة إلا لكتابة استمارة الثانوية العامة؟! إنه نظام عقيم بالفعل فهل آن الأوان لإسقاطه وإعلاء قيمة قضية التعليم واعتبارها المشروع القومى لنهضة مصر وشعبها أم سنظل نكتفى بالبكاء على اللبن المسكوب؟!