لست من عشاق البكاء علي الأطلال.. لعنة الحاضر والحديث عن جمال الماضي ورونقه.. إلا أنني أضبط نفسي كثيرا وأنا أردد الله يرحم أيام زمان وأقصد بزمان هنا الستينيات وبداية السبعينيات كانت الدنيا أكثر رونقا كان بالمصريين بصيص من التفاؤل لم تكن الوجوه عابثة مثلما هو حادث لنا منذ سنوات طويلة كان المصري لايزال يحمل بداخله بعض ذرات من الضمير، الضمير الذي يجعله يعمل بتفانٍ مؤمنا بقيمة ما يعمل حتي وإن كان بائعا للجرائد.. وسط هذا كله كان للفن قيمة وللفنان قيمة أكبر.. لم تكن الساحة «سداح مداح» كما هو حادث الآن. كانت هذه المقدمة الطويلة لأدخل في موضوع يطفو علي السطح هذه الأيام وهو انتخابات نقابة الموسيقيين التي لم تعد انتخابات بل تحولت إلي تراشق بالألفاظ واتهامات متبادلة من كل مرشح إلي النقيب السابق منير الوسيمي.. إنها بالفعل معركة تاه فيها معني الفن وقيمته، لم يعد أحد يحاول الإبقاء علي هذه القيمة. أحدث المرشحين هم كل من هشام عباس ومحمد الحلو وإيمان البحر درويش وحقيقة الأمر فإنني فكرت كثيرا لماذا يرشح أي منهم نفسه لهذا المنصب الذي يحتاج إلي صبر وإلي رغبة حقيقية في الخدمة العامة فإنه منصب تطوعي هذا إذا افترضنا حسن النية. المهم أن كلا من محمد الحلو وهشام عباس لا يصلحان لهذه المهمة فالأول معروف عنه أنه لا يجيب عن تليفونات أحد ومواعيده باللغة الدارجة مضروبة أنا عن نفسي لي معه واقعة شهيرة كدت أجن فيها عندما كنت أقدم برنامجا موسيقيا باسم الفن الأول وفي إحدي الحلقات كان ضيفي هو محمد الحلو اتفقنا علي الموعد وتم تأكيده أكثر من مرة إلي أن جاء يوم التصوير فإذا بي أتصل به مرة واثنتين افترضت حسن النية في البداية إلي أن وصلت عدد المحاولات إلي العشرات والعشرات وهو لم يرد اتصلت بصديقه الملحن الكبير أمير عبد المجيد قال لي أنا عاوزه ضروري إلا أنه لا يجيب مر نصف ساعة علي الموعد ثم ساعة وعشرات من الفنيين في الاستديو ينتظرون وصول النجم الذي من المفترض أن له كلمة.. المهم لم يرد محمد الحلو علي محاولاتي ولم يأت بل الأكثر من ذلك أنه فيما بعد لم يعتذر لم ينقذ الموقف سوي وجود صديقي مدحت العدل في مبني ماسبيرو فسجلت معه حلقة جاءني إنقاذا للموقف. مرت السنوات وعلمنا بخبر ترشيح الحلو لنفسه كنقيب للموسيقيين حاولنا الاتصال به لإجراء حوار معه إلا أنه لم يرد. أعود لسؤالي الأول لماذا يرشح نفسه لهذا المنصب الذي لن يجني من ورائه لا شهرة ولا مالا لماذا يرشح نفسه وهو أساسا لا يرد علي تليفونات ولا يحترم الآخرين ويتجاهل من يحاول الحديث معه كيف ستدار النقابة مع نقيب منعزل ولماذ أقدم علي هذه الخطوة؟. إلا إذا كان يبحث عن أضواء ربما تعود إليه بعد أن انفضت الدنيا من حوله ألستم معي في أن ألعن حاضرنا وأبكي علي الزمن الجميل الذي كان الفن في المقام الأول هو احترام الآخرين. • آخر حركة أما هشام عباس فهذه قصة أخري..