بصمة وجه، بصمة إصبع، أرقام، رموز، أشكال هندسية مفهومة وغير مفهومة، وغيرها من الأساليب التى يتفنن بها البعض لقفل هاتفه ليتحول إلى صندوق أسود، وهو ما قد يستفز الطرف الآخر، زوجا كان أو زوجة، للبحث وراء فك هذه الطلاسم عملًا بمبدأ أن كل كلمة السر لا بد أن تخفى وراءها سرًا أكبر! وما إن بدأت بكتابة كلمة «باسوورد» على محرك البحث «جوجل» حتى جاءت عشرات الاقتراحات التى لم تخرج فى مجملها عن «كيف أعرف باسوورد هاتف زوجى»؟ كيف أفتح موبايل زوجى دون أن يعرف، كيفية اختراق بصمة الوجه؟
اقتراحات وأسئلة كثيرة قد تبدو صادمة لعلاقة من المفترض أن يكون قوامها الثقة والأمان، ولكن ما الذى يدفع أحد الشريكين للبحث والتفتيش حول هذا الرقم أو الرمز السرى لفتح هاتف الآخر إلا وقد بدأ رحلة الشك، أو كنوع من التأمين المسبق لطعنة غدر كما هو أصبح شبه شائع اليوم أو ربما لتغير الحال المفاجئ فى علاقتهما مما يدفع طرفًا إلى البحث عن سبب هذا التغيير الذى يبدأ عادة بمسك الهاتف باعتباره أمين السر الذى يلازم هذا الشريك. وجرت الموضة فى السنوات الأخيرة أن يتبادل الخطيبان- بمجرد ارتباطهما - باسوردات تليفون كل منهما مع الآخر كنوع من المصارحة والثقة، أو ينفرد الرجل فقط بهذا الحق ويطالب شريكته بمعرفة جميع كلمات السر المخصصة لهاتفها وبرامجه، وهو من يقرر كل شىء لها، أصدقاءها، علاقاتها بالآخرين حتى من أقاربها الذكور على اعتبار أنه أصبح رجلها وعليها طاعته! ورغم سخافة الفكرة، إلا أن الأمر يتطور بعد الزواج كونه حقا مكتسبا أن يعرف الزوج أى كلمة سر تخصصها زوجته لهاتفها بينما يرفض المساس بهاتفه وخصوصيته، إلا قلة قليلة ممن يجعلون الحياة بينهم صفحة بيضاء بلا أسرار أو غموض، واعين تماما لقيمة الأمان لبناء حياة زوجية سليمة. أزمة ثقة تحكى صفاء سالم مهندسة ديكور عن رفضها التام لوجود ما يسمى خصوصية بين الزوجين، فتقول: «فى البداية أحب أوضحلك إن أنا زوجة من 14 سنة وكان عندى ثقة فى زوجى عمياء، لأنى اتربيت فى بيتنا على فكرة الراجل المحترم أنها شىء أساسى وشفت فعلا والدى وإخواتى الذكور بنفس التربية قمة الاحترام ورعايته لبيته بكل إخلاص وتفان، وبنفس الفكرة تعاملت مع زوجي، حتى اكتشفت بالصدفة فى إحدى المرات التى نسى فيها تليفونه مفتوح على غير العادة - وكان دايما له باسوورد معرفوش ومش مهتمة لثقتى فيه - علاقاته النسائية المتعددة منذ أن تزوجنا، محادثات وشاتات كتيرة لدرجة أنى قعدت مصدومة أكتر من يوم ومش مستوعبة أن ده زوجى، ولما واجهته أنكر طبعا فى البداية ولكن اعترف لما عرف أنى أخدت صور من تليفونه للمحادثات، وطبعا مع اعتذاره وتدخل الأهل رجعت بيتى علشان أولادى لكن فى أزمة ثقة بقت بينا ومستحيل ترجع، لأن على قدر ثقتى فى البداية على قدر صدمتى وانعدام ثقتى دلوقتي، ومش هقدر أقول زى ناس كتير أن الموبايل هو اللى خرب بيوتنا وحياتنا، لأن الحقيقة إننا اللى أسأنا استخدامه، يعنى كان ممكن أفضل «عبيطة» لولا أنى شفت تليفونه صدفة مع العلم إنه كان ناوى يتجوز واحدة عليا، أكبر من والدته. وأنا مش بقول للزوجات يفتشوا ورا أزواجهم لكن متسمحيش بأسرار جوه بيتك لازم كل حاجة مكشوفة ومعروفة للطرفين، وأى تجاوز من أى طرف لازم يتحاسب. بثق فى تربيتها قبل تليفونها يرى محمد عادل طالب جامعى، أن أى شخص من حقه قدر من الحرية والخصوصية، و الموبايل من ضمن المساحة الخاصة لأى إنسان، ومش معنى أنه مقفول أنه يكون فيه حاجة غلط، وكذلك لو أنا متزوج لازم من حقها تتكلم بحرية مع صديقاتها وأهلها مش هراقب كل كلمة وفعل ليها طالما أنا مختارها أساسا من بيت طيب، واللى عاوز يعمل حاجة غلط بيعملها سواء بباسورد أو من غيره، لأن التفتيش معناه شك وطالما فى شك فى العلاقة يبقى تنتهى أفضل لأنها كده ميتة إكلينيكيا ولو استمرت هتبقى بس علشان لو فى أولاد لكن الحقيقة هى بالشكل ده علاقة غير سوية ومش مريحة للطرفين. أعتقد أنى هكون أغرب قصة فى المقال بتاعك، هكذا تحدثت هدى خالد طبيبة أسنان 29 سنة، وأكملت قائلة «أنا متزوجة من خمس سنين ونعيش بمستوى اجتماعى لائق، مشكلتى مع زوجى هو عقليته المزدوجة، كان من بره يبان شيك واوبن mind لكن الحقيقة أن تفكيره رجعى بشكل كبير، والسبب فى ده أهله، وهو بينفذ أفكارهم بالحرف الواحد رغم أنها أفكار كلها غلط، وكان أهم وصية منهم أنك مينفعش مراتك تعرف كل حاجة عنك بس أنت عارف كل تفصيلة ولو صغيرة عنها وعن حياتها وكل ما يخصها بصفته هو الراجل المسيطر ولا يسيطر عليه، وطبعا كل ده بيستخبى فى فترة الخطوبة وبيظهر مع الجواز، وكان أغرب طلب ليه إنه مصمم يعرف باسوورد تليفونى وحسابى وأى شىء ملكى مهما كان تافه، بحجة إننا كتاب مفتوح، ووافقت بعد أن أقنعنى بحبه وخوفه وأنه يثق بى جدا ولكن لا يثق بالناس، المهم وبعد مرور سنة اكتشف عن طريق احدى صديقاتى المقربات أن زوجى يغازلها ويطلب مقابلتها ويرسل لها عشرات الرسائل الصباحية والمسائية المليئة بعبارات الحب، واعتذرت لى أنها فى البداية كانت تعتقد أن الصفحة مسروقة ولكن بعد أن تأكدت من أنه زوجى أرسلت لى كل ما صدر منه من تجاوزات، ولم تكن هى الحالة الوحيدة ولكن فعل ذلك أيضا مع قريبات لى وعندما واجهته بفتح هاتفه ومعرفة الحقيقة رفض تماما وتعلل بنسيانه الرقم السرى، وبعد الضغط وتهديده بفضحه أمام أهله اعترف لى بأفعاله ولم أستطع مسامحته وطلبت الانفصال لأننى لم أعد أحترمه إطلاقا، فقد كان أشبه بواعظ واتفاجئت بهذه الأخلاق المتدنية، كما أنه أصبح سيئ السمعة والسيرة داخل عائلتى بعد انتشار الأمر.
محمد شاكر مدرس لغة عربية، يقول ببساطة المشكلة مش فى باسوورد التليفون، لكن فى كسر الثقة، يعنى لو الزوج كسر حاجز الثقة بينه وبين زوجته هنا بيكون الجحيم، لأنها هتحطه دايما فى دايرة الشك ولن يخرج منها إلا إذا صدق النية والفعل، وعادة الرجل لما بيعمل باسوورد لتليفونه فكده بنسبة كبيرة بيعمل حاجة غلط وفى رجل بيتذاكى ويسيب تليفونه بدون كلمة سر علشان يريح مراته، لكن معاه فى عربيته واحد واتنين وخط تانى وثالت يعمل من خلالهم أى حاجة غلط، علشان كده العبرة مش فتحه أو قفله ولكن فى الضمير، إن الزوج أو الزوجة يكون عندهم ضمير ويخافوا ربنا ويخافوا على بيتهم وأولادهم من لعنة الخيانة وتوابعها اللى دايما أسوأ بكتير من لحظات ممكن يحسوا فيها بسعادة مزيفة، لأن مفيش سعادة فى الحرام، وأحب اقول للزوج اللى عامل نفسه ذكى وبيغير كلمة السر باستمرار أو معاه خط وتليفونات تانية مخبيها صدقنى بلاش علشان لما رصيد سترك هيخلص هتفوق على كوارث لكن متأخر جدا وأقلها الفضيحة وكسرة عينك.
فكرة قد تبدو للبعض مستحيلة ولكن صاحبة الرأى ترى أنها العقل بعينه، فتقول مسك عبد الرحيم 45 «فى الوقت اللى احنا عايشينه الست لازم تعمل غبية، ولا تسأل زوجها عن أى تفاصيل إلا لو هو حكاها بنفسه وطبعا متلحش علشان تعرف باسوورد تليفونه لأنه بنسبة كبيرة بيعرف غيرها وده بسبب التطور الرهيب فى التكنولوجيا والسوشيال ميديا اللى صور للرجل أن كل الستات جميلة ومبهرة ما عدا اللى معاك فى البيت، وكتير من الأزواج بيصدقوا الفكرة وبيقتنعوا بيها تماما مهما حلفتى أن دى برامج وفلاتر برضه هيشوف دايما زوجته أقل واحدة، فعلشان كده بنصح الزوجة تركز مع نفسها وتطور دايما حالها وتركز مع أولادها، أما زوجها لما يتعب من فترات المراهقة دى هيرجع لبيته، ووقتها الزوجة متاخدش الموضوع على كرامتها اوى لأن لازم يكون عندك قناعة بأن كتير من الرجالة للأسف بيحبوا يركزوا مع أى حاجة بره البيت حتى لو فى الحقيقة أقل من زوجته.
احترام الخصوصية يؤكد محمود فتحى مهندس برمجيات، أنا بتجيلى رسايل كتيرة جدا على صفحتى بالفيسبوك، كلها إزاى أقدر أفتح باسوورد تليفون زوجي، بجد السؤال ده وسؤال تهكير التليفون علشان الزوجة تعرف كل خطوة عن زوجها تقريبا يوميا بشوفه، ومش فاهم هل لأن برامج التيك توك ومن على شاكلتها جننت الشباب فأصبح عندهم هوس بهؤلاء الفتيات والتواصل معهن، فعمل للزوجة حالة من الخلل وعدم الثقة بنفسها، ولكن وفقا لتجربتى الشخصية واللى بحكيها لأصدقائى أن أى بيت عماده الثقة فإذا اهتزت انهار البيت على من فيه، يعنى أنا وزوجتى تعاهدنا من يوم جوازنا على الصدق واحترام خصوصية فى بعض الأشياء البسيطة، يعنى ممنوع حد يفتش أو يجرح خصوصية أى طرف، يعنى التليفونات مفتوحة بدون أرقام سرية لكن فى احترام وطبعا مفيش خيانة أو غدر أو أى تجاوزات من أى نوع، وأنا أعرف كل تفاصيل وأرقام كلمات السر الخاصة بها وهى كذلك تعرف باسوورد تليفونى والفيسبوك والبنك وكل حاجة، أصل لو هنخبى ونكذب فليه أصلا اتجوزنا وعملنا بيت وأسرة، لازم نحترم الكيان ده، ولازم يكون الطرفين مقتنعين أن الحياة هتستمر وهتنجح لما كل واحد يكون حريص على إسعاد الآخر بكل طاقته ومفيش مجال للغدر أو الشك لأن ده هيهدم أى حاجة حلوة بينهم. .. ولكن بشروط فى روشتة طبية نفسية حول هذا اللغط الدائر حول أحقية الكشف عن باسوورد الموبايل بين الزوجين وما يتبعه من بحث ومراقبة والانعكاس النفسى لذلك يقول الدكتور نبيل القط استشارى الطب النفسى «طالما نتكلم عن زوجين فنحن نتحدث عن علاقة مشتركة، بمعنى التشارك فى كل شىء حتى فى الحقوق، وبالحديث عن خصوصية الموبايل لأحد الطرفين سواء الزوج أو الزوجة فلابد من أن يتشاركا فى ذلك أيضا فليس على الزوج أن يفرض على زوجته معرفة باسوورد هاتفها ويمنع عنها نفس الحق أن تعرف باسوورد هاتفه، والفكرة هنا ليست بغرض البحث أو التفتيش لأن هذا الأمر هو مضرة للطرفين فلا حياة زوجية طبيعية تبنى على الشك الذى يعد مسارًا مرضيًا للعلاقة، إنما الفكرة فى تشارك الحقوق فليس على الزوج أن يفرض على زوجته معرفة كافة التفاصيل والأرقام السرية لها بينما يفرض حول نفسه هالة من الغموض مدعيا أنه ليس من حقها ذلك، بل بالعكس على الرجل أن يكون أكثر شفافية ووضوحًا إذا أراد إنجاح العلاقة، لأنه بطبيعة الحال اكثر حركة وتنقلاً واحتكاكًا بالآخرين فيكون أكثر عرضة للتفاعل والذى يجعل الزوجة قلقة نوعا ما على زوجها لذلك عليه بطمأنتها بشكل حقيقى بأن يكون صفحة بيضاء بلا كذب أو خداع، بدلا من غلق وتشفير هاتفه، حتى فى الأمور المالية عليه أن يكون واضحًا وصادقًا لأن مثل هذا التعامل يخلق نوعا من الثقة والأمان الذى تحتاجه العلاقة. أما عن الزوج الذى يصمم على غلق هاتفه ويفرض حوله حالة من الضبابية فى الخروج والمكالمات والأصدقاء فهو الخاسر لأنه سيؤثر بالسلب قطعا على زوجته وتبدأ بينهما حالة من الارتياب والشك وهو ما يكسر وينهى أى علاقة مهما كانت تبدو قوية.
وعن الحل للزوجة الواقعة فى حيرة بين ملاحظتها تغير زوجها الواضح تجاهها وأولادها وبين لجوئها للبحث وراءه وخاصة فى هاتفه يقول «القط» صدقا التفتيش وراء زوجها ليس هو الحل لأنه سيؤدى بها إلى مسارات كثيرة غير مرغوبة إنما الحل أنها تصر على حقها فى كل شىء، ولا تسكت أبدا إذا لاحظت تغييرا بزوجها هى تعرف معناه جيدا، وأن تطالب بحقها فى كشف ما يحدث ومعرفة كل ما يدور ويفعله زوجها وتصر وتلاحق ولا تتهاون فى حقها ولا تستسلم مهما استغرقها من محاولات للإصلاح لأن هذا أبسط حقوقها فى حياة زوجية سوية وسليمة.