عندما نتكلم حول النقد السينمائى يقفز على الفور اسم طارق الشناوى، هو الوحيد فى عالمنا العربى الذى أصبح حضوره مؤثرًا فى الشارع، حتى خارج الحدود، حتى هؤلاء الذين لا يتعاملون مع القراءة يعرفونه لأنهم يتابعونه عبر «الميديا». حصل على العديد من الجوائز كأفضل مقال نقدى، إلا أن الكل أجمع على اعتباره أهم ناقد جماهيرى يتابعه الناس. «طارق الشناوى» ذلك الناقد المثير للجدل، دائمًا فى منافسة مع نفسه، بروح تقهر آلة الزمن، تجده دائمًا يمتلك روح شاب بلياقة العشرين من عمره. ينتقل بين كل المهرجانات المصرية والعربية والعالمية، شغفه للسينما يزداد كلما أخذ منها أراد المزيد. أحب عمله فعشقه القلم، لذلك تجد كلماته لها سحرها ومردودها فى الوسط الفنى، وأحيانًا بسبب صراحته يجد نفسه فى مواجهة قانونية مع بعض الفنانين أمام ساحة القضاء وبسبب القضية الأخيرة كان هذا الحوار. كيف استقبلت خبر القضية المرفوعة ضدك بسبب الفنانة حلا شيحة؟ - أنا مندهش لأن الدعوى -إن صحت- كان يجب أن ترفع ضد والدها الفنان الكبير أحمد شيحة، لأنه قال فى عدد كبير من الفضائيات وعلى الهواء (ابنتى اختُطفت) وكان يبكى بحرقة، فأنا تحدثت عن هذا الموقف، وطبعًا كان يقصد اختطافًا أدبيًا «فكريًا» لابنته، أى أن الواقعة كانت مثارة أمام الرأى العام وهذا لا يُعد انتهاكًا للخصوصية، لأنهم لم يتركوا شيئًا خاصًا، فقد أحالوا الخاص إلى عام ليصبح من حق أى مواطن أن يدلى برأيه، بل إن زوجها معز مسعود تعوّد أن يخاطب زوجته على فيسبوك، وهى ترد عليه أيضًا على فيسبوك، فهو يقدم للجمهور دعوة أن يصبح طرفا، ولم أكن أنا فقط الذى تناول ذلك، بل أيضًا عشرات من الزملاء، لكن أنا الوحيد الذى رُفع ضده دعوى قضائية، رغم إننى كنت أقلهم هجومًا على «معز مسعود»، فالبعض هاجمه بشكل شخصى وقالوا إنه يتنقل بين الجميلات، وأنا تجنبت تمامًا الخوض فيما هو خاص.
حلا شيحة وزوجها معز مسعود
ما أغرب القضايا بينك وبين الفنانين؟ - أغربها «أحمد عدوية» كان ذلك عام 1994، عندما دعانى الموسيقار الراحل «كمال الطويل» لحضور الذكرى الأولى لوفاة «بليغ حمدى» فى مسرح البالون، ووقتها كان أحمد عدوية لا يزال تحت تأثير عملية صعبة قد أجراها، وكان متعثرًا على المسرح لا يستطيع التحرك، مما أساء كثيرًا إلى صورته الذهنية، فكتبت على صفحات روزاليوسف أنه تسرَّع عندما وافق على الغناء قبل اكتمال شفائه، فأقامت زوجته السيدة نوسة قضية ضدى، فتحدث معها «كمال الطويل» لتتنازل لكنها رفضت، فقال لى بالحرف الواحد (سأذهب أمام القاضى وأقول إن هذا ليس رأيك ولكنه رأيى أنا شخصيًا وأنا طلبت منك حبًا فى عدوية أن تكتبه، ولو فيه حكم بالسجن أتسجن أنا)، الغريب أن هذه القضية سقطت دون أن يذهب أحد منا إلى المحكمة ولم أمثل أمام قاض. أيضًا الفنان أشرف زكى أقام دعوى ضدى فى عام 2008، لأنه وقتها أصدر قرارًا كنقيب للممثلين بتحجيم دور النجوم العرب بعمل واحد كل عام. انتقدت هذا القرار على الهواء من خلال برنامج «البيت بيتك»، وقلت إن هذا القرار سيموت إكلينيكيًا وهذا ما حدث بالفعل. أيضًا هاجمت القرار فى برنامج «العاشرة مساء» للإعلامية منى الشاذلى، بعدها أقام دعوى ضدى. الغريب فى الأمر أن الدعوى أقيمت فى 2008 إلا أنه فى عام 2016 اتصلت بى نقابة الصحفيين وقالوا لى أنت مطلوب أمام النيابة، قلت لماذا؟ فقالوا قضية ضدك من «أشرف زكى»، فذهبت أمام النيابة وقلت إننى أمارس حقى وأن هذا قرار خاطئ أصدره النقيب، الغريب فى الأمر أن أشرف زكى نفسه كان قد نسى الأمر، وعندما تحدثت معه لم يتذكر أى شىء، وبناء عليه سحبها. هل سبق أن أقمت دعوى ضد فنان؟ - مرة واحدة فقط، ضد «غادة عبدالرازق»، لأنها تجاوزت فى حقى، وقامت بسبى على صفحاتها على السوشيال ميديا، ثم أنكرت بعد ذلك وبررت أن صفحاتها قد اخترقت، وكتبت بيانًا توضح ذلك من خلاله، وأيضًا أصدرت نقابة الممثلين بيان اعتذار. بما إنك عضو فى اللجنة الاستشارية العليا لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى.. كيف ترى الهجوم على المهرجان كل عام بعد كل التطورات التى شاهدناها؟ - هذا العام هناك هجوم مختلف، لأن هناك إحساسًا لدى البعض أنه العام الأخير لرئيس المهرجان الكاتب والمنتج «محمد حفظى»، فأصبح المهرجان لدى عدد من الدوائر (سبوبة) قد يحصلون على منافع خاصة منها لو أزاحوا حفظى، وهو كما أعلم غير متمسك بالمنصب ولم يسع أبدًا إليه. فأنا أرى أن حفظى أحدث نقلة نوعية فى المهرجان خلال الأربعة أعوام الماضية، طبعًا هناك بعض الأخطاء، إلا أن هناك نجاحات ونقلة نوعية أخرى لأن حفظى لديه علاقات بشركات إنتاج عالمية ومنصات دولية، هذه العلاقات متشابكة، وهناك جانب منها يستغله لصالح المهرجان فى جلب أفلام (عرض أول). كما أنه منتج له تواجده خارج الحدود، فأفلامه جزء كبير منها بشراكة أجنبية، وهذا يعطى له فرص استقطاب أفلام، لكنها ممكن «تفتح عليه أبواب جحيم»، لأن هذه الجهات من الممكن أن تكون هى نفسها تتعاون معه فى إنتاج الأفلام وبالتالى يحدث تشابك، لكن البديل أن تأتى بشخص بعيد عن السينما والإنتاج العالمى. لا أعتقد أنها ستكون فى صالح المهرجان، وسنعود خطوات للخلف. ولا ننسى أنه أصبح يسبق مهرجان القاهرة مهرجان حقق نجاحات ضخمة ألا وهو «مهرجان الجونة»، ويعقبه مهرجان حقق نجاحًا واضحًا منذ دورته الأولى «البحر الأحمر» بالسعودية، فأنت محاصر بين نجاحين كبيرين لا بد وأن تكون على قدر المنافسة. أيضًا «حفظى» ذكى فى اختيار عناصر تؤكد نجاحه، لأنه يعطى فرصًا كبيرة لجيل جديد موهوب من المعاونين، وهذا كله يحسب له.
أحمد عدوية
ما تفسيرك لهجوم البعض على محمد حفظى، على سبيل المثال اختياره لمقدمة حفل الافتتاح وأنه سافر إلى السعودية لحضور مهرجان البحر الأحمر وأنه مستشار له؟ - مؤكد هناك أخطاء واردة، مثل أن يرفع شعار التذاكر جميعها مباعة وندخل دار العرض نكتشف وجود مقاعد خالية، وهو ما يحدث فى المهرجانات العالمية، ويتغلبون عليه بأن يتم إحصاء عدد من هم بالفعل فى القاعة، وقبل العرض بخمس دقائق يدخل الجمهور الذى ينتظر العرض. ورأيى الشخصى أن المذيعة لا تصلح لأن تقدم حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ولا أى مهرجان آخر. كل مجال وله روّاده، قد تقدم برنامجًا ناجحًا (هارد توك) القائم على سخونة الأسئلة، لأنه يشبهها، بينما تقديم حفل افتتاح هذا موضوع آخر. وكان على مخرج الحفل إدراك ذلك فى البروفات، أنا مثلًا كنت أتمنى أن تقدم حفل الافتتاح المذيعة لينا شاكر، التى انتصرت فى حربها ضد السرطان، فضلًا عن كونها مذيعة شاطرة ولها حضور قوى، ولكن لم يؤخذ برأيى، وبالطبع حضور جاسمين طه زكى فى حفل الختام أحد أهم عوامل النجاح، وأكد على أهمية اختيار مقدم الحفل. أغلب النجوم المصريين وأيضًا النقاد والصحفيين - وأنا واحد منهم - سافروا لحضور افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائى، فهى أول دورة وهناك ترقب عالمى كبير، ولهذا أنهى مهرجان القاهرة فعالياته فى 5 ديسمبر، وبعد 24 ساعة انطلق (البحر الأحمر). أما حكاية أن حفظى مستشار لمهرجان البحر الأحمر فأعتقد أنها شائعة، فلم نقرأ أى بيان رسمى من المهرجان يشير إلى ذلك، كما كان الحضور المصرى فى (البحر الأحمر) طاغيًا على كل المستويات، فهناك أفلام مصرية عديدة، وأكبر وفد صحفى وأهم التكريمات أيضًا. ما رأيك فى الدورة الأولى من مهرجان البحر الأحمر المقام بالسعودية واهتمام المملكة بالفن والسينما مؤخرًا؟ - طبعًا كانت هناك أفلام وندوات مهمة، والحضور الشعبى للجمهور السعودى كان واضحًا، فقط يحتاج إلى قدر من التنظيم، لأن هناك وقتًا ضائعًا فى حجز التذاكر يمكن اختصاره، ولكنها تدخل فى إطار أخطاء التجربة الأولى، والمهم أن أهداف المهرجان تحققت، فهو رسالة للعالم كله تؤكد أن السعودية تخطو بقوة وثبات إلى التواجد على الخريطة السينمائية، وفى غضون عام واحد سيصبح لديهم 2000 شاشة، بينما مصر لديها 500 شاشة فقط لا غير، وأتمنى أن نزيد فى مصر من عدد الشاشات. كما أنه كانت هناك أفلام مهمة عرضت وبعضها لأول مرة عربيًا أو خليجيًا أو عالميًا، ففيلم الافتتاح جيد، فضلًا عن التواجد المصرى بأكثر من عمل فنى، وهناك إطلالة قوية على السينما العربية والخليجية، والجزء الكبير من هدف المهرجان «عربى»، وفى نفس الوقت وصلت الرسالة بأن «السعودية تفتح نوافذ الثقافة والحريات»، بدليل أن الأفلام التى عرضت فى المهرجان جريئة، وبعضها لم تستطع الرقابة عندنا عرضه. أيضًا المهرجان لديه رسالة أبعد من الثقافة، «رسالة سياسية» بأن النوافذ مفتوحة وأن البلد يستقبل الجميع من كل الاتجاهات. هل ترى نفسك رئيسًا لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى المستقبل.. ولماذا؟ - المهرجان لا يحتاج إلى ناقد كبير ولا فنان كبير، المهرجان يحتاج إلى تركيبة سينمائية وإدارية على دراية بتفاصيل إنتاج السينما العالمية، حتى يستطيع استقطاب عدد ضخم من الأفلام فى ظل التنافس الحاد الحالى بين المهرجانات الدولية. الذى يصلح أن يكون رئيسًا لمهرجان بحجم مهرجان القاهرة لا بد وأن يكون له علاقة بالإنتاج العالمى، وفكرة أن يرأس المهرجان نجم كبير لا تصلح الآن. فى المهرجانات الكبرى مثل كان وفينسيا وبرلين المدير الفنى يساوى رئيس مهرجان، وبعضهم يستمر فى موقعه 20 عامًا. وبالتالى إذا كان هناك شخص لديه اتصالات أكبر من حفظى يتولى المسئولية، وأنا معلوماتى أن حفظى ليس متمسكًا بإدارة المهرجان لأنه منشغل بحياته وكتاباته وأفلامه. وأذيع لكم سرًّا أننا فى لجنة السينما قبل أربع سنوات، بعد أن تقدمت الناقدة الكبيرة ماجدة واصف باستقالتها من رئاسة مهرجان القاهرة، وكان على اللجنة البحث عن البديل، وبدأت أشعر بأن هناك خطة عند البعض لتصعيد شخصية لا علاقة حقيقية لها بالسينما، سوى أنه سوف يحركه البعض ب«الريموت» لتنفيذ أوامرهم للسيطرة على مقدرات المهرجان، وحتى أتصدى لتلك الخطة الشريرة، رشحت نفسى مع آخرين لرئاسة المهرجان، وحصلت على المركز الأول وجاء حسين فهمى فى المركز الثانى، وتنازلت لحسين، إلا أنه بعد أن أبدى موافقة مبدئية عاد واعتذر، وهنا تدخلت الوزيرة إيناس عبدالدايم ورشحت محمد حفظى بعد تزكية من الراحل الكبير يوسف شريف رزق الله. ما أكثر مؤلفاتك التى تعتز بها؟ - كتاب «زمن تحية كاريوكا» و«فاتن» عن فاتن حمامة، و«أنا والعذاب وأم كلثوم» عن حكاية محمود الشريف وأم كلثوم، وكتاب سعيد مرزوق، و«المضحون الجدد». هل هناك كتب فى الفترة المقبلة؟ - أربعة كتب؛ منها اثنان عن أعمامى الكاتبين والشاعرين الكبيرين مأمون الشناوى، وكامل الشناوى. وكتاب ثالث عن الموسيقار «كمال الطويل»، ودراسة موسعة عن النقد السينمائى فى مصر عبر التاريخ، وإبراز دور الناقد الكبير سامى السلامونى الذى يستحق حفاوة تليق بإنجازه، فمع الأسف لم يأخذ السلامونى حقه فى تاريخنا الصحفى. من أنت فى جملة مفيدة؟ - (أنا من ضيع فى الأفلام والمهرجانات عمره).. ويضحك طارق الشناوى قائلا: وما أجمله من ضياع!