«من لم يذهب إلي ميدان التحرير خسر الكثير، ومن ذهب إليه لم يتركه إلا بعد التحرير».. هذه المقولة سمعتها من شباب وبنات كثيرين يد واحدة في جو تسوده الألفة والمحبة بلا تحرش ولا مخالفات بل وجدنا في التحرير فتاة تقدم الطعام للجميع، وشابا ينزع عنه سترته كي يعطيها لفتاة تقيها برد طوبة القارس. ومع الشباب والبنات كانت هناك كيانات كثيرة أخري إلي الميدان لتعبر بصدق عن مشاعرها تجاه ثورة الشباب ذهب أعضاء اتحاد الكتاب في مسيرة من مقر الاتحاد في الزمالك إلي ميدان التحرير وكذلك المحامون وأساتذة الجامعات وأطباء قصر العيني وطلابه والصيادلة والعلميون لمساندة الشباب في ثورتهم المجيدة. التحم كُتاب مصر وأدباؤها مع شباب ميدان التحرير مطالبين بتحقيق كل مطالب الثورة التي فجرها شباب مصر وأعلن الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد الكُتاب في بيان صادر عن الاتحاد وقوف الأدباء والكُتاب والمثقفين مع الشباب ومساندتهم لإسقاط النظام، ومحاكمة المفسدين واسترداد ثروات مصر والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم الشاعر وحيد وصفي عضو الاتحاد والذي اعتقل صباح الخميس الماضي قائلا: قد مضي عهد الاعتقالات بلا رجعة وقد أعلن سلماوي هذا البيان علي جموع الحاضرين من الشباب بعد عدة محاولات لإصلاح «مايك» الصوت وقال سلماوي مداعبا الشباب «الظاهر إن النظام دخل علي الخط». والتقينا بالكاتب الكبير محمد سلماوي فقال لنا جئت لأنقل رسالة كُتاب مصر وأدباء مصر وجاء معي ما لا يقل عن ثلاثة آلاف كاتب وشاعر وأديب من مختلف الأعمار من أعضاء الاتحاد مؤيدين للشباب فالأدباء هم ضمير مصر وعقلها، ولا يليق بالضمير والعقل أن ينفصل عن أي عمل مجيد مثل هذه الثورة التي وقعت يوم 25 يناير وأضاف سلماوي: الثورة أثبتت أن مصر هي قلب الأمة العربية، ولذا قرر أعضاء الاتحاد أن يظل اجتماع المجلس في حالة انعقاد دائم حتي تتحقق مطالب الثورة. وقال سلماوي: قمنا بنقل مقر الاتحاد من الزمالك إلي قلب ميدان التحرير فجميع أعضاء المجلس من كُتاب وأدباء وشعراء بمختلف أعمارهم مع الشباب في الميدان. وسوف يتم عقد اجتماعات المجلس في ميدان التحرير حتي تتحق مطالب الشباب التي هي بالفعل مطالبنا ومطالب كل المصريين. • مكاننا ميدان التحرير والتقيت بشاعر اسمه محمد جورج المصري مشارك الثوار في ميدان التحرير منذ بداية الثورة وقال: في ميدان التحرير عشت مشاعر وأحاسيس وتجارب كان من الصعب أن أشعر بها أو أعيشها ولكن ذلك تحقق بفضل ثورة 25 يناير هذه الثورة التي أعادت لنا الثقة في أنفسنا فبعد أن كنت أري الشباب المصري يائسا ومحبطا وهاربا في قوارب الموت أراه حاليا مفعما بالحيوية والأمل والحب وهذا يجعلني أشعر بالأمل والطمأنينة فالشباب في ميدان التحرير كانوا يقومون بكنس الشوارع ، جمع الزبالة وشباب آخرون يشكلون لجانا شعبية لحفظ الأمن ونشر الأمن وهذا يجعلني أري أن المستقبل يحمل لنا الأفضل في كل شيء بعدما كسرنا حاجز الخوف والتغيير قادم بالتأكيد. وقال اسمح لي ألخص وجهة نظري في قصيدة شعر قلتها في الميدان وقلت فيها: إيه الحكاية كنا واحد اثنين بقينا ثلاثة والعدد كل يوم بيزيد ومكاننا ميدان التحرير مطلبنا واحد.. هو يا سيدي نحاسبك جربت مرة الجوع أو نمت يوم في الشارع شربت مية مجاري أكلت أكل متسرطن طبعا ولا أنت داري.. ملك زمانك متسلطن جربت مرة تتعالج داخل مستشفي حكومي يا عم امشي هتجيب لي الشلل ولا أنت عايز ميلودي تتحدي الملل تحرير أربعين وحلمي لسه أنت عايز تقتل حلمي يا عم امشي أنا مش عايزك مكاننا ميدان التحرير مكاننا ميدان كبير مكاننا ميدان تطهير. أما عنتر أغا كاتب أطفال فيقول: جئت من قرية في حضن الجبل بمحافظة بني سويف هذه القرية مرت بكل مشاكل مصر كان فيها الفساد والظلم وفيها أيضا كل أعضاء المجالس النيابية في هذه الدورة والدورات السابقة مثل باقي القطاعات في البلد هؤلاء زيفوا الواقع من ناحية التعليم تجد ستين طالبا في فصل واحد وهم يقولون عشرين..المستشفيات أصبحت خاوية ولا توجد فيها أجهزة ولا أدوية وعلي الجانب الآخر تري أناسا يتحدثون عن عالم غير موجود لكن الأمل قريب. وأضاف: كتبت مجموعة قصصية للأطفال بعنوان قط وفأر تمثل الصراع بين الخير والشر وفيها أوجه رسالة للأطفال بضرورة الاتحاد والصبر علي المواصلة لأن النصر مع الصبر. • شباب السويس لبوا النداء كان من بين الكيانات الموجودة في قلب الميدان المحامون، ويقول محمد صلاح عجاج محامٍ من السويس وعلامات الصبر والإيمان العميق بمجيء النصر مرسومة علي وجهه: بعد انتهاء مسرحية انتخابات مجلس الشعب شعرت بخيبة أمل لما شاهدته من تزوير وبلطجية ومسجلين خطر هم من المسيطرين علي اللجان الانتخابية حتي ظهرت نتيجة الانتخابات المعروفة فأصابتني حالة من اليأس الشديد ولأول مرة أقول أنا بأكرهك يا مصر لكن بعد أن وصلتني الدعوة لوقفة يوم 25 يناير لقيت نفسي باصرخ بصوت عالي هنلبي نداك يا مصر واجتمع معي عدد كبير من شباب السويس وكلهم بيصرخوا نفس الصرخة «والله هنلبي النداء». ويكمل محمد عجاج بنبرة يملؤها الأسي رأيت اثنين يموتون أمامي بعد الاعتداء علينا بقنابل مسيلة للدموع رصاص مطاطي وخرطوش ومع ذلك أعلام جوبلز المصري حاول كثيرا إخفاء الحقائق عنا، فجئنا إلي الميدان حتي نري الكنتاكي والدولارات لا لقينا كنتاكي ولا دولارات ولا إخوان مسيطرين لكننا وجدنا أحسن ناس كلهم بيحبوا مصر كل واحد بطريقته أيا كان اتجاهه أو توجهه وكله بيشتغل في الميدان وكله يتطوع للخدمة وجدت في الميدان مصر التي نبحث عنها وجدت الحب والألفة والخوف علي بعض وسقطت شعارات مثل «انت مش عارف أنا أبقي مين» وظهر شيء واحد هو إننا كلنا مصريون وكلنا مطلبنا واحد هو سقوط النظام «الشعب يريد إسقاط النظام» وبعد أن كان مطلبنا هو الرحيل ومع العناد تطورت المطالب وأصبح مطلبنا هو البقاء والمحاسبة. • مش هانمشي شباب ميدان التحرير جميعهم أصحاب رأي ووجهة نظر ممدوح فرج الله من الإسماعيلية رفض ممدوح الحديث إلا بهذه المطالب المكتوبة علي صدره والتي يحفظها عن ظهر قلب وكنت عندما أوجه له أي سؤال لا يتكلم إلا بمطالبه وورقة مطالب ممدوح تقول: إذا كانت الأقدار تلعب دورا أساسيا في حياة الناس فهناك أناس تتحمل أقدار الآخرين وأنه لا صوت يعلو فوق صوت الشعب. وقال ممدوح بصوت عال جمع الشباب حوله: مصر دولة سلام.. مصر دولة مؤسسات مصر دولة ديمقراطية وعندما سألته عن سبب وجوده في الميدان قال مطلبنا التنحي عن الحكم مش هانمشي هو يمشي وأضاف بصوته العالي: لازم تشكيل حكومة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر وليست إئتلافية، القوات المسلحة المصرية هي المسئول الامني عن الشعب ومؤسساته طول الفترة الانتقالية وحل مجلسي الشعب والشوري وانتخابات الرئاسة في موعدها المعتاد وعلي الأحزاب المعارضة والإخوان احترام مطالب الشعب والكف عن لعب دور الكومبارس للحكومة والحكومات القادمة ورفض ممدوح الحديث إلا بهذه المطالب التي رددها علي الحاضرين أكثر من مرة وقال كفاية ظلم وفساد لازم نصلح بلدنا حتي نضمن مستقبلا آمنا وحياة كريمة لأولادنا. ومن الكيانات الموجودة في قلب ميدان التحرير الأطباء والصيادلة وهم يطالبون باستمرار الانتفاضة الشعبية السلمية حتي تتحقق مطالب الشعب. وقد تجمع ما يقرب من خمسة آلاف من الأطباء والأساتذة والطلاب بقصر العيني لمساندة الثوار والبحث معهم عن الحرية المفقودة من سنوات طويلة. وقال دكتور عماد الطبيب بقصر العيني إن هذه الثورة أخرجت لنا المعدن المصري الأصيل الذي يكره الظلم والفساد فتكونت اتحادات وكيانات كثيرة من أطباء وأساتذة وغيرهم لمساندة الثوار في ثورتهم الغالية التي رفعت رأس كل المصريين وفيها طالب الثوار بمطالب مشروعة كلنا نتمني أن تتحقق. ويلتقط منه أطراف الحديث طبيب آخر ويقول أنا مؤيد لما يحدث وأضيف إن هناك مجموعة من زملائنا موجودين هنا من يوم الأربعاء المشئوم الذي اعتدي فيه البلطجية بجمالهم وخيولهم علي الثوار الأطهار وكان هنا طبيب صديق لي يعمل في علاج المرضي والمصابين اسمه أحمد عبد المطلب تم الاعتداء عليه بصورة وحشية حتي أصيب بشلل نصفي أعجزه عن الحركة وعندما ذهبنا إلي زيارته طلب منا ألا نترك حقه وأنا أقول لن نترك حق أحمد ولا حق الشهداء والمصابين.