كورونا هو الحدث والحديث.. وهو يحاصر العالم كله شرقًا وغربًا. تزايد حالات الوفاة وأيضًا عدد المصابين به أشاع الفزع والخوف على امتداد العالم. ومع طوفان الأرقام والمعلومات (سواء كانت صحيحة أم مضللة) ازدادت حالة الارتباك البشرى فى الدول الصغرى والكبرى على السواء. والكل بجانب مقاومة الوباء وعلاج المصابين ومحاولة تقليل حالات الوفاة يرى أيضًا ضرورة مواجهة شلال الشائعات والأكاذيب التى صاحبت ما يحدث فى العالم وما يقال عن كورونا وانتشاره وأيضًا فيما يخص علاجه والتصدى له. خاصة أن الحابل اختلط بالنابل كما هو الحال عادة فى عصر التواصل الاجتماعى الذى نعيشه ونعانى منه أيضًا. يا علماء وأطباء العالم اتحدوا. هذا هو النداء المتواجد والمتنامى فى بقاع العالم كافة. ففى عصر أصبح فيه السفر والانتقال متوافرًا وميّسرًا ومتكررًا لا مفر من مطاردة الوباء أينما كان. أو هذا هو الأمر المطلوب. فكورونا قد بدأ فى الصين إلا أنه لا يخص الصين.. وإذا كانت بقعة ما من الكرة الأرضية لم يصلها بعد كورونا فإن هذا لا يعنى أن هذه البقعة نجت وإلى الأبد من الإصابة به. فالوقاية خير من العلاج هذا ما يتكرر دائمًا على مسامعنا واتخاذ التدابير الصحية من أجل التصدى للوباء يعد خطوات ضرورية لا بد منها. ومع وصول عدد حالات الوفاة به إلى ألف شخص مع نهاية الأسبوع الأول من شهر فبراير 2020 ذكر أن هذا العدد قد تجاوز حالات الوفاء بوباء سارس خلال عامى 2002 و2003. كورونا هو من أكثر الكلمات تكرارًا فى نشرات الأخبار المرئية والسمعية وأيضًا على صفحات الصحف. كما أن كورونا هو من أكثر الكلمات استخدامًا وبحثًا فى محرك جوجل الشهير. فالكل يريد أن يعرف كيف يمكن تفادى هذا الوباء أينما كان. وصارت اقتصاديات كورونا من الموضوعات المطروحة على الساحات الإعلامية والاقتصادية من أجل حصر وتقييم وتحليل تبعاته على اقتصاد الصين أولا ومن ثم اقتصاديات الدول الأخرى التى ارتبطت بشكل أو آخر باقتصاد العملاق الآسيوى. وذكر فى هذا الصدد قطاع التكنولوجيا وما فيه من إمدادات صينية. خصوصًا إذا طال الأمد هذا الوباء واستمر شهورًا. وبالتأكيد السياحة من وإلى الصين تأثرت وسوف تتأثر أكثر فى الأسابيع والشهور المقبلة بسبب كورونا. وقد لوحظ لمن يراقب انتشار هذا الوباء أن تجارة الكمامات بأشكالها وأنواعها المختلفة أصبحت رائجة للغاية وبالتالى جالبة للأموال على أساس أن الكل يريد أن يحمى روحه أو يقاوم هذا الوباء المخيف بشكل أو آخر. ولا شك أن منظمة الصحة العالمية وكيفية تعاملها مع هذا الوباء يعد اختبارًا جديدًا لقدرة المنظمة على حسن إدارة الأزمة بالتنسيق مع كافة الدول بإمكانياتها العلمية والطبية. • الوباء المعلوماتي؟! ومن ضمن ما ذكر فى التغطية الإعلامية المكثفة والجادة لكورونا أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أن منظمة الصحة العالمية تحارب بجانب وباء فيروس كورونا ما أسمته ب Infodemic الوباء المعلوماتى إذا جاز التعبير. وهذا من خلال اتصالات ومشاورات ومشاركات متواصلة ومستمرة مع عمالقة التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك وتويتر وجوجل من أجل التصدى للمتفشى والمنتشر من الشائعات والأكاذيب عن كورونا. وذكرت الصحيفة أن وفدًا من كبار مسئولى المنظمة توجه إلى معاقل تكنولوجيا المعلومات فى سان فرنسيسكو من أجل تنسيق الجهود ووضع استراتيجيات أكثر فاعلية فى التعامل مع المعلومات الكاذبة أو المفبركة وإمكانية سحبها أو شطبها من الفضاء الافتراضى الذى صار واقعًا يعيشه ويثق فيه ملايين من البشر مهما كان مصدر هذه الأكاذيب!!. إذ صار مرجعًا لاختيارات الناس وأحكامها ومواقفها فى أمور الحياة كافة! ومن الطريف فيما شهدته أمريكا مع ظهور وباء كورونا .. أن شائعات انتشرت وتفشت حول ما يمكن أن يكون له صلة بالبيرة كورونا الشهيرة فى أمريكا.. وهذه الشائعة أخذت بالطبع حيزًا من اهتمام الناس وقلقهم. وكان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد أشار فى لقاء عام له بنيو هامبشاير إلى احتمال انكماش أو تراجع الوباء مع مرور الزمن وازدياد درجات الحرارة بل وذكر شهر أبريل كموعد لهذا التراجع. فى حين يتعامل الأطباء والعلماء بحذر فى تحديد مواعيد أو جدول زمنى لما يمكن أن يحدث فى حالات انتشار أى وباء وتفشيه. التكهنات فى حالات تفشى الأوبئة غالبا لا يمكن العمل بها خاصة أنها بمنطق أو مفهوم غير علمى يتجاهل الواقع وما فيه من تغيرات مستمرة وتقلبات متتالية. وأمام هذه الضجة المثارة والهلع المتفشى بسبب كورونا نجد البعض فى أمريكا يقلل من تبعات هذا الوباء ويقول بصوت عال لا داعى للتهويل.. فالإنفلونزا الآتية مع كل خريف وشتاء سنويا إلى أمريكا أكثر خطورة من كورونا. وذكر مارك سيجل فى صحيفة لوس أنجلوس تايمز بأن الإنفلونزا قد أصابت هذا الموسم ( حسب التقديرات) أكثر من 19 مليونًا من الأمريكيين والأمريكيات. وقد أدت إلى ذهاب نحو 110 آلاف إلى المستشفيات للعلاج.. وقد تسببت فى موت عشرة آلاف شخص!!. وبالتالى ما قد يأتى مع كورونا سيكون بسيطًا مقارنة بما يأتى مع الإنفلونزا.. هذا ما يشدد عليه كاتب المقال. فى كل الأحوال زمن كورونا.. جدير بالالتفات والاهتمام والمتابعة والمراقبة.. ليس كحالة وباء وحالة علاج وصحة. بل كحالة عولمة فزع وهلع اجتاحت العالم ولعبت وسائط التواصل الاجتماعى أدوارًا عديدة فى التهويل منه .. أو التهوين منه. • رقم للتأمل وصل متوسط العمر المتوقع للأمريكى إلى 78.7 سنة فى عام 2018. ويعتبر هذا الرقم زيادة فى العمر المتوقع السائد قبل هذا التاريخ. وهذه الزيادة (نحو شهر تقريبا) هى الأولى من نوعها منذ عام 2014. وفى محاولة تحديد أسباب هذه الزيادة ولو كانت طفيفة فى نظر البعض تم ذكر تراجع أو انخفاض نسب أمراض القلب والسرطان بالإضافة إلى انخفاض بنسبة أربعة فى المائة فى حالات الموت المرتبطة بتعاطى المواد المخدرة بجرعات كبيرة. ونحن فى انتظار تحسن الأوضاع الصحية أكثر فأكثر من أجل عمر أطول!!